الأخبار

كيف سيهتف المصريون للرئيس السيسى ؟!

92

 

المصريون على مر تاريخهم موعودون بأن يتولى حكمهم مجموعة من الكاركترات، يحبهم المصريون أحياناً، ويلعنون سلسفيل جدودهم أحياناً أخرى، لأن جميعهم تفننوا فى إبهار المصريين بأدائهم، فجمال عبدالناصر فضل أن يتذكره المصريون بفكرة الديكتاتور العادل، فخلدوه بهذه الصورة، لدرجة جعلت غالبية الشعب وقتها، يحفظ خطاباته، ويرددها، ولكنهم فى نفس الوقت لم يتراجعوا عن نقده والسخرية منه ومن الدولة البوليسية التى أوجدها عقب هزيمة 67، ويكفى أنهم خلدوا الكلمة البذيئة المكونة من حرفى «أ، ح»، عندما قرروا أن يمنعوه من الرحيل عن الحكم عقب خطاب تنحيه الشهير، وقالوا فيه هتافهم الشهير «أ……. لا تتنحى»، المصريون وقتها كانوا لا يطالبون ناصر بالتراجع عن التنحى حباً فيه، ولكن إيمانا منهم بأن من عكها يصلحها عقب هزيمة يونيو، وهو ما يفسر وضعهم للكلمة البذيئة فى مطالبته بعدم التنحى، التى جاءت اعتراضية بلغة المصريين الشهيرة على قرار تنحيه، ولو لم يحمل المصريون هزيمة يونيو لناصر لكانوا قالوا له فى هتافهم الشهير «أرجوك لا تتنحى» وهو ما لم يحدث! ولكنهم ظلوا يحبونه ويحترمونه ويقدرونه، ولم يعرف الكره طريقاً لقلوبهم نحوه، لأنهم لم ينسوا للحظة أنه رئيس شريف لم يمت وثروته متضخمة، بل على العكس مات وهو مدين للدولة بسلفة من راتبه !، وجاء بعده الرئيس السادات، كاراكتر مختلف تماماً عن عبدالناصر، يبدو مقارنة به، شبه أراجوز سياسى، جلده المصريون بسخريتهم، وبالتحديد فى الفترة التى سبقت حرب أكتوبر، ولكن بعد الحرب، الموضوع اختلف، وتحول السادات، لزعيم، ولكنهم عاودوا السخرية منه عقب انتفاضة 77، وبالطبع وقتها خرج الهتاف الشهير «يا جيهان قولى للبيه، كيلوا اللحمة بقى بجنيه»، وجاء موقف المصريين من الرئيس مبارك، مغايراً تماماً لما اعتادوا عليه مع سابقيه، واستقبلوه بكرباجهم الساخر من اللحظة الأولى، فصنعوا منه «بقرة ضحوك» لا يتركون مناسبة أو حدث يمر دون إطلاق النكات عليه وعلى زوجته سوزان مبارك، أو ابنيه علاء وجمال، ويبدو أن السنوات الطويلة التى قضاها فى الحكم، صنعت بينه وبين الشعب عشرة طويلة، جعلت الكثير يقتنع أن مبارك من أساسيات الحياة، كالماء والهواء والفول والطعمية بالنسبة للمصريين، فارتفع سقف سخريتهم منه لدرجة شديدة البذاءة، وخرج الهتاف الشهير لشعب بورسعيد العظيم «يا علاء قول لأبوك البورسعيدية هيأن أنوك» – وخلى الصفحة تعدى ومشيها يأن أنوك – وخرج هذا الهتاف، عقب إلغاء مبارك المنطقة الحرة بالمدينة، وبعدها واصل المصريون سخريتهم من غباء مبارك وعدم إدراكه أنه خلل فى الحكم، وهو ما جعل ثوار 25 يناير يصرخون فى ميادين مصر مرددين «يا اللى ما بتفهمشى، ارحل يعنى امشى» وبالطبع أنا على يقين أن مبارك لم يفهم معنى ارحل الذى يعنيه الشعب !، وجاء المشير طنطاوى فى فترة حكم انتقالية، عقب إزاحة مبارك، ولكن الراجل ما طولش، ولم ينبه من المصريين سوى هتافهم الشهير، «تلبس بدلة تلبس بوكسر، يسقط يسقط حكم العسكر»، وجاء هذا الهتاف عقب نزول المشير لشوارع القاهرة وهو يرتدى بدلة مدنية لأول وآخر مرة فى حياته، فهذا النداء العظيم جعل سيادة المشير ينام ببدلته العسكرية خوفاً من مطاردة هذا الهتاف له فى منامه، وجاء موعد المصريين مع عبقرى عصره وزمانه الرئيس مرسى، فاستقبله المصريون بالسخرية من قبل توليه الحكم، فأطلقوا عليه فى حملته الانتخابية «الاستبن» وتطورت بعد ذلك السخرية بنفس معدل سقوطه فى الحكم، فتنافس مع مبارك على التشبيهات الحيوانية، وحصد لقب «الخروف» بجدارة، وكان هتاف المصريين لإسقاطه فى 30 يونيو، «ارحل ارحل.. يا ابن سنية» وهى المرة الأولى التى يذكر فيها المصريون والدة رئيس فى هتافهم ضده، وربما حدث ذلك للمرارة الزائدة التى شعر بها الشعب نتيجة خيبة أملهم فى أول رئيس منتخب بعد ثورة، فالمصريون لا يعرفون اليأس، ولا يوجد أحد فوق نقدهم وسخريتهم، وكل ما يشغل بالى حالياً هو التفكير فى الهتاف الذى سيستقبل به المصريون المشير عبدالفتاح السيسى إذا ما قرر التحول للرئيس السيسى!

الفجر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى