منوعات

«فرخة بكشك» عند أصحاب الأعمال:

 

يحمل الصغير الذى لم يتخطَ عمره 11 عاماً، عدة حقائب بلاستيكية ممتلئة عن آخرها بأدوات وسلع منزلية مختلفة، يتحرّك فى اتجاه عمارة سكنية، ثم يغيب ليظهر إلى الشارع من جديد: «دى شغلانتى كل يوم، باجيب حاجات البيت من الأسواق والمحلات، وأوصلها للسكان، وباخد اللى فيه النصيب». مهنة ورثها عن والديه وهو دون العاشرة من عمره، أكثر من عام ونصف العام مرت على وتيرة واحدة لم تختلف فيها أيام «محمد رضا»، الذى لم يلتحق بالتعليم إلا سنة دراسية واحدة بالمرحلة الابتدائية، ثم ترك المدرسة، ليُساعد والديه، إلى أن قررا الاعتماد عليه بصورة رئيسية: «بيدخل لى فى اليوم حوالى 30 جنيه، ولىّ اتنين إخوات، واحد شغال زيى فى خدمة البيوت، والتانى فى جراج عربيات، لكن كبار، أنا الصغير».

خبيرة فى مركز البحوث: أصحاب الأعمال المتوسطة يُفضّلون «صغار السن»

تعتبر الخدمة المنزلية واحدة من صور عمالة الأطفال واسعة الانتشار، رغم تجريمها كبقية أنواع العمالة فى قانون الطفل الصادر 1996م، الذى ينص على رعاية الطفل العامل الذى لم يبلغ من العمر (18) عاماً، ويحظر فيه تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن الـ14 عاماً ميلادية كاملة، كما يحظر تدريبهم قبل بلوغهم 12 سنة. د. عزة كريم، خبيرة الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، قالت إن الخدمة فى المنازل واحدة من أكثر أنواع عمالة الأطفال انتشاراً، وغالبية العاملين بها يتعرّضون للإهمال والفقر والحرمان من الرعاية الأسرية، ويتعرّضون أيضاً لمعاملة سلبية تؤثر على صحتهم النفسية، «البعض بيشوف أن الشغل المنزلى لا يمثل خطورة على الطفل، لكن هذا غير صحيح، وإنما يمثل خطراً كبيراً، لا سيما على صحته النفسية، وأحياناً جسمانياً أيضاً لأنه يعمل لعدد ساعات طويلة وغير محدّدة، ويضطر أحياناً إلى بذل مجهود مضاعف لإرضاء السكان».

دراسات كثيرة حول عمالة الأطفال حذّرت من التأثيرات السلبية من الظاهرة التى يُستغل فيها صغار السن، منها دراسة أعدتها «عزة» أوضحت أن الكثير من أصحاب الأعمال المتوسطة والصغيرة تحديداً، يُفضّلون عمالة الأطفال لأسباب كثيرة، أولها أنها عمالة رخيصة ومطيعة، بالإضافة إلى أنهم أكفأ فى القيام بالأعمال اليدوية والنظام وخدمة العاملين، إلى جانب أنها تعفى صاحب المنشأة من الشروط والالتزامات المتمثلة فى التأمين الاجتماعى والضرائب وغيرها: «علشان كده، كتير بيفضّلوا يشغلوا أطفال، خصوصاً المنشآت أو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبيكون عمل غير مقنن، بيدفع صاحب المكان مرتب ضعيف فى مقابل خدمة كبيرة ومجهود وطاعة وتهرّب من كل التزامات العمل الأساسية».

لا يجد «محمد»، الطفل الصغير الذى يعمل فى خدمة المنازل بأحد المربعات السكنية فى حى أول مدينة نصر، فرصة أخرى تعفيه من المجهود اليومى الذى يبذله: «هاروح فين، إخواتى اشتغلوا وهم فى سنى برضه، وخلاص أنا بقيت متعوّد على الشقا». فى المساء يعود إلى منزله ليعطى الجزء الأكبر من النقود التى تحصّل عليها، إلى والديه، فيما يحتفظ لنفسه بجزء صغير.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى