الأخبار

هل تغلق السعودية ملف زواج الأطفال

70

 

هل تغلق السعودية ملف زواج الأطفال.. وتحدد حد أدنى لسن الزواج؟

زواج الأطفال في السعودية

قبل ثلاث سنوات بيعت فاطمة التي كانت تبلغ من العمر 12 سنة إلى رجل يكبرها بأربعة أضعاف سنها من أجل الزواج به، وقد باعها والدها العاطل عن العمل والمدمن على المخدرات، مقابل أكثر من عشرة آلاف دولار، من أجل أن يبتاع لنفسه سيارة، وقد يسأل المرء نفسه: كيف يمكن أن يحصل ذلك؟.. والجواب يكمن في واقع أن السعودية ليس فيها تعيين لحد أدنى لسن الزواج.

لكن فاطمة لم تستسلم، وبمساعدة جمعية “المساواة الآن”، وعمها، وآخرين في السعودية، تمكنت من التغلب على الصعاب مطلع العام الجاري، وضمنت لنفسها ما يعتقد البعض أنه “ضرب من الخيال”، بسبب الأعراف الثقافية، وهو الحصول على الطلاق.

ومع الخطوات الجديدة التي قد تؤدي إلى وضع قوانين تمنع زواج من هم دون سن 16 سنة، تبدو السعودية في طريقها أخيراً إلى اتخاذ الخطوات الضرورية التي تكفل لأطفال مثل فاطمة، عدم الوقوع في مرارة تجارب مماثلة.

فبعد سنوات من الجدل، وضعت وزارة الداخلية السعودية مسودة قانون يحظر زواج من هم دون سن 16 عاماً، وإذا كانت الفتاة دون تلك السن يتوجب الحصول على موافقة والدتها، كما قد يحال الأمر إلى محكمة خاصة من أجل منح الترخيص لذلك، إلى جانب ضرورة أن تكون الفتاة جاهزة نفسياً وبدنياً للزواج، وألا يعرضها الزواج “لأي مخاطر”، وإن كانت هذه النقطة بحاجة للمزيد من التوضيح.

ومن المقرر أن تطرح المسودة أمام مجلس الشورى لمناقشتها، على أن تنتقل بعد ذلك إلى مجلس الوزراء ومؤسسات حكومية أخرى لبحثها، دون تحديد جدول زمني واضح حول التاريخ المتوقع لإقرارها.

المسودة ستساعد الحكومة السعودية على تطبيق التزاماتها الخاصة بحقوق الإنسان، والمتعلقة بإنهاء زواج الأطفال، وهو أمر يجب أن يتحقق دون تأخير، ولكن يجب على المملكة مواصلة السعي إلى تحقيق المعايير الدولية التي تحظر زواج من هم دون 18 سنة.

للأسف، فإن السعودية ليست الدولة الوحيدة التي تهمش حقوق الأطفال، فزواج القاصرات متواصل في العديد من الدول، رغم الأدلة الواضحة على الآثار السلبية التي يخلّفها على التطور الجسدي والنفسي والجنسي والعقلي للأطفال، وتقدر منظمة الصحة العالمية أنه بحلول العقد المقبل فإن مائة مليون فتاة حول العالم سيرتبطن بعقود زواج قبل بلوغهن سن 18 سنة.

التداعيات النفسية السلبية لهذا النوع من الزيجات واضحة للغاية، إذ أن الزواج المبكر ينتهك حق الفتيات في اختيار شريك حياتهن والوقت المناسب للارتباط، أما على الصعيد الصحي، فإن الأمر لا يقل خطورة، إذ ترتبط الفتيات بعلاقات جنسية مفاجئة عند الزواج المبكر مع أشخاص غرباء وأكبر سناً منهن على الأغلب، كما يؤدي الحمل المبكر إلى مشاكل عديدة، وهو من بين أبرز أسباب وفاة المراهقات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاما حول العالم.

لقد تقدمت السعودية دون شك خطوة نحو الأمام، وأظهرت التزامها المتزايد بمعالجة المشاكل الخاصة بالتعامل مع النساء والفتيات، ويجب رؤية مشروع القانون كما هو على الحقيقة، خطوة نحو معالجة أشمل لقضية ولاية الذكور على المرأة، إلا أنه يجب تشجيع السلطات السعودية على التخلي عن التمييز ضد النساء والفتيات في قطاعات التعليم والعمل، وكذلك في النظام القضائي.

يجب أن يتاح للسعوديات – كما سائر النساء- القدرة على تحديد الخيارات في حياتهن، ولن تؤدي إقامة العدل والمساواة في الحقوق والفرص إلى إلحاق الضرر بأحد. إن توفير الفرص المتكافئة للنساء والفتيات يسمح للسعودية بتحقيق مكاسب كبيرة على الصعد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل لدى قادة المملكة الرغبة في مواصلة السير قدما؟

بقلم: سعاد أبو دية

استشارية شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجمعية “المساواة الآن” التي تطالب بإنهاء العنف والتمييز ضد النساء والفتيات في العالم، وهو يعبر بشكل حصري عن رأيها الشخصي.

الدستور الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى