الأخبار

“ناصر” الفقراء ومحفز مشاعر القومية العربية

120

 

 

 

تمر اليوم الأحد الذكرى ال(44) على رحيل الرئيس جمال عبد الناصر, ثاني رئيس لمصر بعد ثورة 23 يوليو, والذي ارتبطت تجربته منذ بدايتها بالسعي الحثيث نحو تحقيق العدالة الاجتماعية, وإزالة الفوارق الطبقية والاقتصادية الكبيرة بين طبقات الشعب, وإصدار قانون الإصلاح الزراعي, وإلغاء الإقطاع لشعوره بمعاناة الفقراء, والقضاء على السيطرة الرأسمالية بمجالات الإنتاج الزراعي والصناعي, وإقرار مجانية التعليم العام والعالي, وتأميم التجارة والصناعة التي استأثر بها الأجانب. 

ذكرى وفاة ناصر تعيد للشعب المصري الجمع العقلي للمطالب التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير 2011 عندما رفع المتظاهرون صورة باحثين عن الأمل من خلال تحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية, حيث تبنى ناصر المفهوم الواسع للعدالة الاجتماعية منذ قيامه ورفاقه بثورة 1952 التي رسمت توجها جديدا من اليوم الأول لها اتسق مع رؤاها بشأن التنمية المستقلة والمشروعات الوطنية العملاقة وحتمية التصنيع ودور الدولة الضخم فيه, وامتدت آليات العمل لتوفير حقوق من صميم العدالة الاجتماعية, كالحق في التعليم والصحة والمسكن والملبس المناسب. 

لن يرى العالم مرة أخرى خمسة ملايين من الناس يبكون معا مثلما حدث عند سمعهم نبأ وفاة جمال عبد الناصر التي جاءت إثر أزمة قلبية بعد انتهاء القمة العربية يوم 28 سبتمبر 1970, وكان السبب المرجح لوفاة عبد الناصر هو الإرهاق الزائد وتصلب الشرايين ومضاعفات مرض السكر, وبعد الإعلان عن وفاته, عمت حالة من الصدمة في مصر والوطن العربي, بسبب قدرته على تحفيز المشاعر القومية, وبكى الرجال والنساء, والأطفال, وكان رد الفعل العربي عامة هو الحداد, وتدفق الآلاف من الناس في شوارع المدن الرئيسية في جميع أنحاء الوطن العربي غير مصدقين خسارتهم في زعيم الأمة العربية. 

وشيعت جنازته في القاهرة في الأول من أكتوبر عام 1970 بحضور من خمسة إلى سبعة ملايين مشيع, وحضرها أغلب ملوك ورؤساء الدول العربية, وفيها بكى الملك حسين ملك الأردن وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية علنا, فيما أغمى على العقيد الليبي الراحل معمر القذافي من الاضطراب العاطفي مرتين وكان المقصد النهائي لموكب جنازته المهيب هو مسجد النصر, الذي تم تغيير اسمه فيما بعد ليصبح مسجد عبد الناصر, حيث دفن عبد الناصر. 

قضية العدالة الاجتماعية كانت من أولويات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر, حيث نفذ عملية الإصلاح الزراعي في 9 مارس 1952 بعد أن استلم السلطة, ثم رفع أجور العمال والتأمين الصحي وتمثيلهم في المجالس النيابية, وهذه الإجراءات رفع بها البناء الاقتصادي للخمسينيات والستينات وتأسيس الترسانة الصناعية التي شكلت عصب القطاع العام المصري. 

جمال عبد الناصر أول من نفذ مجانية التعليم في مصر, على مراحل مختلفة انتهت بتعميم تلك المجانية على التعليم بمختلف مراحل التعليم, وخطة التنمية الطموحة لعبد الناصر جعلت مجانية التعليم ذات عائد قوي وحقيقي على المجتمع في تلك الفترة, مما أتاح تكافؤ الفرص, وكان وقتها مكتب التنسيق المعيار الذي حقق العدالة بين الطلاب. 

وفي ظل الخطة الخمسية الأولى أنشأت مصر السد العالي, وشركة الحديد والصلب, ومجمع الألومنيوم في نجع حمادي, وغيرها الكثير, وشهدت فترة عبد الناصر قرارات اشتراكية, غيرت شكل النظامين الاجتماعي والاقتصادي لدول كثيرة, حيث كان مفهوم التنمية الشاملة وربطها بقضية العدالة الاجتماعية مفهوما أساسيا لدى الدولة المصرية في تلك الفترة. 

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى