آخر ضحايا «الاكتئاب المميت»
جاء خبر انتحار نجم هوليوود الشهير «روبن ويليامز»، الحائز على جائزة الأوسكار، كالصاعقة على كل محبيه داخل أمريكا وخارجها؛ فهو الكوميديان الذى طالما أدخل السعادة والبهجة فى نفوس جماهير الفن السابع الذين أصابتهم الدهشة بعد سماع الخبر بالرغم من أنه قال فى أكثر من مناسبة إنه فى مرحلة صعبة حيث يعانى من اكتئاب شديد ويحاول محاربته. ووفقاً لأحدث الإحصائيات، فهناك ملايين من البالغين فى الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من الاكتئاب الشديد، وغالباً ما تساعد الأدوية والعلاج النفسى فى تحسين الحالة المزاجية والقضاء على المرض لكن فى حالات أخرى تتغلب حدة الاكتئاب على العلاج، وتؤكد الإحصائيات وقوع نحو ٣٩ ألف حالة انتحار كل عام فى الولايات المتحدة والكثير منها ينتج عن الإصابة بالاكتئاب أو القلق الشديد أو الذهان.
ومن هنا تثار التساؤلات حول ما الذى يجعل هذا المرض مدمراً لحد الانتحار لبعض المصابين به، وهل هناك علامات تحذيرية محددة تساعد البعض على منع الوصول لقرار الانتحار؟
يقول «لون شنايدر»، أستاذ الطب النفسى والأمراض العصبية وعلم الشيخوخة فى كلية «كيك» للطب فى جامعة جنوب كاليفورنيا: «إنها مسألة حياة أو موت للبعض ونحن حتى الآن لا نعرف أسباب تفاقم هذا المرض لكن عبارة أن المريض يصارع الاكتئاب صحيحة تماماً». ويضيف أن الاكتئاب مرض معقد ويمكن أن يأخذ منحنيات وأشكالاً كثيرة فعلى سبيل المثال مريض الاكتئاب المزمن قد يكون فى حالة اكتئاب دائمة تتراوح حدتها من طفيفة إلى شديدة، أما مريض الاكتئاب الذى يعانى من نوبات متكررة من الاكتئاب فقد يتعافى من نوبة اكتئاب وتستقر حالته ويتحسن مزاجه ثم بعد فترة يعانى مجدداً من نوبة أخرى من الاكتئاب، والكثير من الأشخاص يعانون من هذا النوع من الاكتئاب الذى يأتى على شكل نوبات متكررة.
ويؤكد «شنايدر» أن تناول المشروبات الكحولية أو المخدرات يزيد أيضاً من حدة الاكتئاب، ومن المعروف أن «ويليامز» كان يحارب إدمانه لتناول الكحوليات والمخدرات وكان صريحاً جداً فى تصريحه بهذا الشأن وقد زار على الأقل مركزين للعلاج حتى إنه قام بذلك قريباً هذا الصيف، ويضيف: إن الكثير من حالات الاكتئاب تكون جزءاً من الاضطراب ثنائى القطب وهو مرض يتميز بأنه يجعل المريض يمر بتحولات متغيرة بشدة فى المزاج والطاقة والنشاط، ومرضى الاضطراب ثنائى القطب يعانون من نوبات اكتئاب شديدة ولم يكن معروفاً ما إذا كان «ويليامز» مصاباً بهذا الاضطراب أم لا.
ويرى «سكوت كراكور»، نائب رئيس وحدة الطب النفسى فى مستشفى زوكر هيلسايد، أن الاكتئاب مرض يصعب علاجه لأن له عوامل وراثية وضغوطات بيئية والعوامل الوراثية غير مفهومة حتى الآن. ويضيف أن الأشخاص الذين يتمتعون بالشهرة والقوة والنجاح لا يملكون المناعة الكافية التى تقيهم من الإصابة بالمرض فيمكن لأى شخص أياً كان أن يصاب بالاكتئاب مهما بلغت درجة نجاحه أو قوته وغناه، ويوضح أنه توجد عوامل كثيرة قد تؤدى إلى الإصابة بالاكتئاب مثل الأمراض الجسدية خاصة الأمراض المزمنة التى تستمر مدى الحياة فتلك الأمراض تزيد من حدة الاكتئاب، وقد أجرى «ويليامز» عملية جراحية فى القلب عام ٢٠٠٩ ولكن لا أحد يستطيع التأكد مما إذا كان ذلك أثر سلبياً على معاناته مع الاكتئاب أم لا.
الوطن
