الأخبار

ليت دليلة تعرف أن جدها صعد.. لم يمت

47

 

 

في إحدى بنايات شارع هادئ بالمقطم بهو دافئ، تفصله بوابة كبيرة نسبيًّا عن حديقة صغيرة بالدور الأرضي، هناك أريكتان على اليسار، أمامهما طاولة تتسع لمشروبات، تسالي تلائم سهرة رائقة، ودردشة عائلية حتى منتصف الليل، بينما هواء منعش يتسلل عبر البوابة المواربة، غير أن اللوحة المعلقة في مواجهة الجلسة، رسمها الفنان المعروف صلاح عناني قبل سنوات طويلة، لشخص، ربما لا يليق به كل هذا الهدوء؛ لأن يحيى الطاهر عبد الله كان أشبه برأس حربة، وطوفان هائج غير قابل للسيطرة، إلا من قليلين، بحسب حكايات الأصدقاء.

بين حين وآخر، تمر “دليلة”، الابنة الوحيدة لأسماء يحيى الطاهر وزوجها التشكيلي الجميل محمود حمدي، وأنت تتساءل، عن أي علاقة بين الحفيدة واللوحة المعلقة للرجل، الذي لا تصدق أنت أنه جدّ؛ لأن الأجداد لا بد وأن تشاهدهم متقدمين في العمر، إلا أن يحيى ذهب شابًا في أول الأربعينيات.

سألت أسماء لو تحب أن تقول كلمتين في ذكرى يحيى الـ34، التي مرت أمس، كتبت كلامًا عفويًّا صادقًا أفهمه تمامًا، سوف أدعك معه دون أي تدخل في الصياغة:

«كل ذكرى لوفاة أو ميلاد بابا أبقى قلقانة من فكرة الكتابة عنه.

إيه اللي ممكن يتقال جديد وما يبقاش مستهلك ومتعاد وكأني أكرر مشاعري وحزني زي الآلة المسجلة، لما طلب مني الصديق هشام أصلان إني أكتب عن بابا، وبنتلكم عن إيه المداخل المختلفة اللي ممكن نكتب بيها عنه في ذكرى وفاته الـ34 السنة دي، جت سيرة دليلة بنتي حفيدته اللي شبهي وأنا شبهه، يعني هي شبهه هو كمان.

وفكرت إزاي عندي مشكلة مع دليلة، إنها تعرف جدها اللي ما شافتهوش، أوصفه لها ازاي إذا كنت أنا كمان تقريبًا ما شفتهوش، وما عشتوش، وذكرياتي عنه حبة حكاوي من أصحابه على كتاباته وبس.

هل دليلة هتفهم يعني إيه هي حفيدة يحيى الطاهر عبد الله؟ هل هتفهم معنى الدموع في عيون أصحابه لما يشوفوني ويشوفوها؟ هل حتقدر تكوَن أي رابط بيه؟ طيب لو صحيح زي ما بيقولوا إن العبقرية بتنط جيل وتظهر في الجيل اللي بعده، هل ده معناه إن دليلة هي اللي حتكون زيه ومنه أكتر مني؟

طيب أنا عندي شحنة حب كبيرة من بابا اللي ما كانش بيفارقني، وكان حريص يعمل مخزون من الحب زي ما يكون كان عارف إن عمرنا مع بعض مش طويل، هل الحب ده ممكن يتوصل ويوصل لدليلة بشكل ما؟ يا ترى يا دليلة هتكوني أنت اللي هتحيي “يحيى” بالشكل اللي ما قدرتش أعمله أنا؟

أتمنى يكون بابا اللي ساكن جوايا يكون سكنها هي كمان، يمكن أشوف فيها بابا اللي ماشوفتوش وأعرف بيها بابا اللي ماعرفتوش.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى