الأخبار

العيد والحشيش!!

181

 

هربًا من الزحام الشديد، انحنيت يسارا إلى شارع جانبي للوصول إلى المكتب.. كان الشارع الآخر مزدحمًا، حيث بدا أن قادة السيارات هربوا جميعهم من نفس الاتجاه.. كان كل سائق مربوطًا فى عجلة القيادة، ينتظر الفرج من رجال مرور يبدو أنهم أيضا قد ضاقت بهم الشوارع، فتركوا الأمر لعبقرية الشارع المصري فى مثل هذه الأوقات.

كان الشاب الأسمر يقف منتصبًا بجوار عمود الكهرباء، الذى افتقد إلى الكهرباء كعادة معظم الأعمدة.. تسلل فجأة إلى منتصف الشارع، وبثقة مدهشة بدأ يطرق على شبابيك السيارات.. لا تبدو على هيئته ملامح المتسولين، كما أنه لا يرتدي أزياء عمال النظافة، التي اعتادها المتسولون في المناسبات.. حركة الشارع تسير ببطء شديد.. وصلت إليه.. طرق على شباك سيارتي.. فتحت جزءًا من النافذة.. بادرني: حشيش ولا أفيون؟
بعد نقاش مذهل بيني وبين الشاب، عرفت منه أنه كل سنة وأنا طيب وأن العيد فرحة وأن إحدى أدوات الفرحة هى الحشيش أو الأفيون، وأن الأسعار ترتفع في هذه المناسبات للإقبال الشديد على الصنف وأن دولاب المخدرات الذى يعمل في هذا الشارع يعمل بشكل فجائي.. لزوم العيد فقط، وأن كل شيء آمن، ولا داعي للخوف إذا ما كنت أريد أيًّا من النوعين.
مضيت دون أن أفصح عن ضيق أو ضجر أو ملل أو حتى رفض للعرض المقدم إلى غير أني لم أستطع إخفاء دهشتي من تلك الجرأة.. سألت أصدقاءً حول الواقعة، ولأنهم من عشاق الحشيش فإنهم يعلمون دقائق الأمور، فقد انتشر -والعهدة على الرواة – بين الفتيات أكثر من الشباب، وأن الشباب تراجعوا عن تعاطي الحشيش مقابل انغماسهم فيما يندرج تحت عنوان الترامادول وكل مشتقاته.
وقالوا لي، إن الترامادول هو الصنف الذى لم تحدد له هوية حتى الآن، حيث يتعاطاه البلطجية والأفندية ولا يقتصر على فئة بعينها، وأن أسعاره جعلته الصنف الشعبي خصوصًا مع ارتفاع أسعار الحشيش الذي بات القرش منه بمائة وخمسين جنيهًا.. ولكم أن تتصوروا أن قرشًا يساوي مائة وخمسين جنيهًا.. ربما يعني هذا انهيار قيمة العملة المصرية أمام العملة المزاجية، وربما يفسر ذلك هوس الترامادول وأصناف أخرى أكثر دموية يتعاطاها شباب وشيوخ كحبوب شجاعة أو جرأة أو حبوب ستر فى الليالي الحمراء.. هكذا يتصورون.
كان العيد فى زمن الأسرة يعني الالتفاف والاحتواء واللمة وأصبح بقدرة الزحمة والفوضى يعنى البرشام أو الحشيش أو البانجو دون أن يستطيع أي خبير أن يحدد لنا ملامح مستقبل الكيف في مصر، خاصة وأن الحشيش لا يزال أقدم الأصناف وأقواها على المنافسة!!
فيتو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى