الأخبار

قريبا ستعلن إيران عن تضحيتها لبشار الأسد

 

168

 

عد عام من سقوط الموصل على يد تنظيم داعش الإرهابى ، وما اعقب ذلك من تطورات احالت المشهد فى سوريا و العراق إلى اقتتال طائقى وتناحر عرقى ، تنامت وطأته مع تآكل فرص التسوية السياسية وزيادة حجم التدخلات العسكرية والمخابرتية غير العربية ، الأمر الذى يجعل من سوريا والعراق كرات اللهب التى تضرم النار فى الأمن والاستقرار العربى ، وتفتح المجال واسعا لتدخلات أصحاب المصالح الذين يتخذون من المنطقة العربية معبرا للوصول إلى أهدافهم المعادية للوطن العربى .
ومن جانب آخر يمثل اتفاق لوزان بين السداسية الدولية وإيران حول برنامجهها النووى وما ينطلى عليه من تقارب إيرانى أمريكى ، أهم واخطر العوامل التى ستعيد تشكيل المنطقة العربية وترهن كثير من الملفات الشائكة المطروحة على الأجندة العربية بما سيسفر عنه الاتفاق النهائى المزمع نهاية يونية الجارى .
كما تثار أسئلة عديدة عن جدوى التحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة مدعية الحرب على الإرهاب وفق معايير انتقائية لا تشتمل على كل التنظيمات الإرهابية بما فى ذلك الإخوان ” المسلمين ” ، فى الوقت الذى يصارع فيه الجيش المصرى والسورى وحدهما العديد من التنظيمات الإرهابية تحت مسميات مختلفة مقدم لها شتى أشكال الدعم اللوجستى والعسكرى ، الأمر الذى يحيل ما يسمى بالحرب الأمريكية على الإرهاب إلى اكذوبة تضاف إلى سلسلة أكاذيبها التى ادعتها ، تارة لتحقيق الديمقراطية فى العراق ، وتارة للقضاء على تنظيم القاعدة ، فى حين أن الواقع يفضح تلك الأكاذيب المدعاة ،حيث تخلق من تنظيم القاعدة العشرات من التنظيمات الإرهابية الأخرى ، كما استحال العراق العريق إلى فريسة مسجاة تحت عجلات الطائفية والدماء ،
وبعد عام من اجتياح تنظيم داعش الإرهابى سوريا والعراق ، والذى بدأ فى أعقاب الانتخابات الرئاسية المصرية التى أسفرت عن فوز الرئيس السيسى و احالت الجماعة الإرهابية إلى سلة مهملات التاريخ ، نجد سوريا والعراق وقد أوشك التقسيم أن ينال منهما ليسجل نجاحا للمختطات المعادية للأمن القومىالعربى .
الفجر التقت عددا من الخبراء العسكريين لقراءة المشهد فى العراق وسوريا فى هذه المناسبة المأساوية فى تاريخ الأمة العربية.
فى هذا الشأن ، قال الفريق محمد على بلال قائد القوات المصرية فى حرب الخليج ، أن تطورات الوضع فى سوريا دلالة على أن الترتيبات الخاصة بتقسيم الدولة إلى دويلات عرقية ودينية دخلت مرحلة متقدمة وذلك على ضوء التقارب الإيرانى الأمريكى وبالتزامن مع التوقيع النهائى على البرنامج النووى الإيرانى.
واضاف قائد القوات المصرية ، إيران لا تدعم بشار الأسد كما يظن الكثيرون ، وإنما تدعم نفوذها فى سوريا ، ومن ثم فإن إيران لا تمانع عقد صفقة مع الجانب الأمريكى للتخلص من الأسد طالما أن ذلك لن يؤثر على مصالحها فى سوريا كمنطقة نفوذ أساسية ، موضحا أن الولايات المتحدة فى المقابل لديها رغبة قوية لتصعيد إيران ومساعدتها فى تقوية نفوذها فى المنطقة العربية ، وذلك فى اطار خطة صهيونية وضعت معالمها الأساسية عقب الانتصار المصرى الساحق فى حرب اكتوبر وتعتمد هذه الخطة على تصعيد اطراف اقليمية غير عربية وهم إيران وتركيا للعب أدوار محددة فى المنطقة العربية واعادة ترتيبها وفقا للمصالح الأمريكية ولاجهاض الدور المصرى ، الأمر الذى يخلق أرضية صلبة من المصالح المشتركة والمتبادلة بين إيران والولايات المتحدة تجعل تضحية إيران ببشار الأسد مسألة مطروحة طالما أن تغيير رأس النظام السورى لن يغير من طبيعة المشهد فى سوريا ولن يؤثر على النفوذ الإيرانى .
واكد الفريق بلال أن الرئيس بشار الأسد لم يعد مقبولا والتفاوض بشأن الاطاحة به باتت ضرورة ملحة لايجاد نقطة التقاء بين إيران والولايات المتحدة ، مع الحفاظ على النظام السورى و النفوذ الإيرانى ، مشيرا إلى أن التقدم الملحوظ فى مفاوضات جنيف حول البرنامج النووى الإيران مع السداسية الدولية ، يقتضى الاتفاق على حلول وسط مقبولة.
كما أشار إلى أن اللقاء الأخير الذى جمع دول الخليج و اوباما والذى عقد بكامب ديفيد مؤخرا ، كشف عن التغير الكبير فى الموقف الأمريكى حيال الأزمة السورية حيث اعلن اوباما تبنيه الحل السياسى فى سوريا ، ومن جانب آخر هناك تغير ملحوظ فى لهجة إيران حيال بشار الأسد بما يعنى أن كلا الطرفين تراجعا خطوة للوراء للالتقاء فى منطقة وسط تحقق مصالح الجميع ، وقد كشف المؤتمر أيضا مراعاة الجانب الأمريكى قدر من المصالح الخليجية بالتخلص من شخص بشار الأسد كنوع من الموائمة السياسية بين الأطراف الثلاث وإن كان اوباما فشل فى طمأنة الخليج فيمايتعلق بمخاوفهم من تنامى النفوذ الإيرانى .
وحول ما اعلنته الادارة الأمريكية عن تدريب المعارضة السورية ” المعتدلة بحجة مواجهة تنظيم داعش الإرهابى ” اكد الفريق بلال أن داعش استنفز أغراضه فى سوريا ، وجاء وقت التخلص منه لتحل المعارضة السورية ” المعتدلة ” محله ولتقوم بنفس الدور الذى كان منوطا بداعش القيام به ، وهو الاقتتال الطائفى والعرقى تمهيدا لتقسيم سوريا ، كما اكد أن الولايات المتحدة حريصة على تسليح كل اطراف النزاع فى سوريا والعراق وهم البشمركة الكردية وجبهة النصرة والجيش الحر وداعش مع الحفاظ على موازين القوى بينهم للحيلولة دون انتصار طرف على الآخر ، وبذلك يبقى القتال محتدما ويظل الجميع فى نزاع مع الجميع ، الأمر الذى يطيل أمد المعركة مما يعزز ويثرى كروت التفاوض بين إيران و الولايات المتحدة كما يخلق البيئة الدافعة لشراء السلاح الأمريكى .
وطالب الفريق بلال بعض الدول العربية لم يسمها ، بتغيير موقفها حيال الرئيس بشار الأسد والتوقف عن دعم الموقف الأمريكى إزاء سوريا ، وذلك من أجل الحفاظ على الدولة السورية التى اوشكت على السقوط مثلما حدث مع العراق و السودان ، مختتما قائلا : لانملك رفاهية الاختلاف فالعدو الإيرانى يطبق بأنيابه على عدد غير قليل من الدول العربية ، وإن لم يتوحد العالم العربى خلف القيادة المصرية وينحى كل الخلافات البينية حتى تلك المتعلقة بشخص الرئيس بشار الأسد ، فنحن مقبلون على كارثة مدوية ستعيشها أجيال بعد أجيال و ستجهض تماما وحدة وسلامة جسد الأمة العربية وستجعل المنطقة فريسة مسجاة تحت عجلات المصالح المعادية للوطن العربى .
من جانب آخر قال اللواء نصر محمد سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق أنه عقب الثورة الشعبيةالشعبية فى ٣٠ يونية و فوز الرئيس السيسى فى الانتخابات الرئاسية ، حدث تمدد بشكل غير عادى وغير مسبوق لتنظيم داعش الإرهابى حيث استولى فجأة على محافظة الأنبار اكبر محافظات العراق وتوالت اجتياحاته ليستقطع مساحات من سوريا ، موضحا أن الولايات المتحدة صعدت داعش كسيناريو بديل للإخوان الإرهابيين ، كما أوضح أن الولايات المتحدة اعتقدت أن إيران أصابها الخيلاء بسبب تنامى نفوذها فى العراق مما استجوب تصعيد داعش لتحجيم المارد الإيرانى.
واضاف رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق أنه يوجد فى العراق حاليا ثلاثة ميليشيات مسلحة بخلاف الجيش الوطنى وهم قوات البشمركة الكردية والعشائر السنية وقوات الحشد الشعبى ، فى المقابل يوجد فى سوريا ثلاثة ميليشيات مسلحة بخلاف الجيش الوطنى وذلك على غرار العراق وهم قوات داعش فى الشرق السورى مع العراق وجبهة النصرة فى الجنوب السورى عند تجمعات الدروز علاوة على الاكراد فى الشمال السورى مع تركيا ، مؤكدا أن هناك مخطط أمريكى للتضحية بداعش فى سوريا لأنه استنفز أغراضه واستبداله بالمعارضة السورية المعتدلة التى سيكون منوطا بها ثلاثة مهام رئيسية وفقا لمختطات الادارة الأمريكية وهى القضاء على داعش وتهيئة المناخ فى سوريا لعملية التقسيم العرقى والمذهبى ، علاوة على انهاك الجيش الوطنى السورى تمهيدا للقضاء عليه، أما فى العراق فستكون مهمة داعش هى خلق بيئة الاقتتال بين ومع الجميع ضده مع الحفاظ على توازن القوى بين كل اطراف النزاع لاطالة أمد المعركة ولتعزيز فكرة الاقتتال على المعيار الطائفى والعرقى مما يعزز تقسيم العراق إلى أربع دويلات .
كما اكد اللواء سالم أن السبب الوحيد الذى يجعل إيران تدعم الرئيس بشار الأسد هو أنه يمثل بالنسبة إليها الحبل السرى بينها وبين حزب اللة اللبنانى ، ومن ثم فإيران لديها الاستعداد للتخلص من الأسد شريطة التوصل إلى تسوية تضمن نفوذها فى سوريا وتحافظ على قدرتها على التواصل ودعم حزب اللة ، مختتما قائلا : بعد عام على اجتياح داعش للعراق وسوريا نجد داعش وقد ازداد قوة فى أحضان قوات التحالف الدولى ، الأمر الذى يعصف تماما بالادعاءات الأمريكية حول جهودها لمحاربة الإرهاب ويعرى أهدافها الحقيقية فى تقسيم سوريا والعراق ، وبكل أسف نجحت تلك المختطات واصبح شبح انهيار الدولتين قاب قوسين أو ادنى .

 

 

الفجر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى