الأخبار

لعاشق السامبا في مصر…

244

يحظى منتخب البرازيل أو “لاعبو السامبا” باعجاب يكاد يصل لحد الشغف من عشاق الساحرة المستديرة في مصر حتى يحق القول بأن السامبا شغف العاشق للساحرة الستديرة في أرض الكنانة غير أن هذا العشق في واقع الحال لايحتكره المصريون وإنما هي ظاهرة عالمية إلى حد كبير. وفي سياق المونديال الحالي صدرت عدة كتب جديدة بالانجليزية عن الكرة البرازيلية وأساطير السامبا من بينها كتاب بعنوان دال هو :”البرازيل الفظيعة” لفيرناندو ديوراتي وكتاب “تاريخ كرة القدم البرازيلية” لدافيد جولدبلات . وبالتأكيد فان مدرب السامبا فيليبي سكولاري يعيش الآن تحت ضغوط عصبية هائلة جراء التوقعات التي تراهن على فوز لاعبيه ببطولة كأس العالم المقامة في بلادهم وهي توقعات يسهم فيها الكثير من المصريين الذين يعشقون الكرة البرازيلية ويتابعون باهتمام أخبار وأحوال جوليو سيزارومارسيلو وفرناندينو ودانيل الفيس ومايكون وجيفرسون وماكسويل وتياجو سيلفا وديفيد لويز ودانتي وانريكي واوسكار وباولينيو وراميريز. ويردد المصريون عشاق السامبا في المونديال اسماء المهاجمين البرازيليين نيمار و برنارد وفريد وجو وهالك كما رددوا في المونديال السابق أسماء لاعبي “امبراطورية ر ” البرازيلية : رونالدو ورونالدينيو وريفالدو. وأفضل من كتب عن منتخب البرازيل وكرة القدم عموما أو حسب الوصف الطريف “بيليه الكتابة الكروية” ليس بكاتب برازيلي وإنما هو الكاتب ادواردو جاليانو ابن اورجواي المجاورة والتي فازت مرتين بكأس العالم لكرة القدم فيما يعتبر عشاق السامبا كتابه “كرة القدم في الشمس والظل” بمثابة المرجع الذهبي في عالم الساحرة المستديرة. وإذا كانت صيحات الاعجاب التى اطلقها المصريون مرارا تشهد على أنبهارهم بأداء فرق البرازيل او لاعبى السامبا فان رجل الشارع مثلا في جنوب أفريقيا التي استضافت مونديال 2010 يعيش بدوره قصة عشق وعلاقة خاصة للغاية مع الكرة البرازيلية. ومن هنا فان عشاق السامبا في مصر ليسوا وحدهم الذين قد يشعرون بالحزن وهم يسمعون عن إصابة المهاجم البرازيلي “هالك” في الفخذ وخروجه من تدريب فريقه الذي يستعد للقاء منتخب المكسيك غدا “الثلاثاء” في الجولة الثانية من مباريات المجموعة الأولى لمونديال-2014. ووفقا لنتائج استطلاع رأى أجرى في جنوب أفريقيا أثناء استضافة هذا البلد لمونديال 2010 فانه اذا خرج منتخب هذه الدولة المضيفة للمونديال من الأدوار الأولى للبطولة او من أية جولات لاحقة سيمنح شعب جنوب أفريقيا تشجيعه وتأييده في الملاعب لمنتخب البرازيل الذى فاز من قبل ببطولة كأس العالم لكرة القدم 5مرات. وتعيد نتائج هذا الاستطلاع في جنوب افريقيا للأذهان مشاهد توالت فى المونديال ال17 للشباب فى عام 2019على أرض الكنانة عندما حظى منتخب البرازيل بتشجيع الجماهير المصرية في تعبيرعن حالة الولع الشعبي المصري بلاعبي السامبا على امتداد أجيال واجيال فيما فاز منتخب غانا الملقب “ببرازيل افريقيا” بهذه البطولة العالمية الشبابية. وبدأ منتخب البرازيل مسيرته في البطولة ال20 لكأس العالم بمباراة افتتاحية يوم الثاني عشر من شهر يونيو الجارى بفوزها على منتخب كرواتيا بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد فيما يتصدر مجموعته ويستعد للقاء المكسيك غدا. وتشبها بلاعبى السامبا الافذاذ يرتدى لاعبو جنوب افريقيا او “الأولاد” القمصان الصفراء وهو اللون الدال على منتخب البرازيل ويبدو أن ذلك اللون الذي عرف به أيضا فريق النادي الاسماعيلى كان من بين الأسباب التى منحت “الدراويش” لقبهم الشهير “برازيل مصر”. وأجرت شركة مستقلة ومتخصصة في أبحاث ودراسات الرأى العام تحمل اسم “سبورت انفو” استطلاع رأي كشف عن أسباب الشعبية غير العادية للاعبى السامبا فى جنوب افريقيا وهي أسباب تكاد تتطابق مع أسباب إعجاب المصريين بهؤلاء اللاعبين. فالتعليقات التى وردت مع إعلان نتائج هذا الاستطلاع تدور حول محور رئيسى هو “حب الطريقة التي يلعب بها منتخب البرازيل وتفرد لاعبو السامبا بأسلوب فى اللعب كبصمة لاتتكرر مع اى فريق اخر”. إن البرازيل التى أنجبت أسطورة الكرة الخالدة بيليه وقدمت الموهوب حتى النخاع جارينشا يلعب الآن فى صفوف منتخبها الوطنى نجوم ساطعة تثبت أن هذا البلد مصنع الموهوبين فى كرة القدم ، حيث توالت اسماء مثل ريكاردو كاكا ولويس فابيانو وصولا للموهوب نيمار. ومع أن مونديال 2014 بمنتخباته ال32 يضم العديد من الأسماء المضيئة حقا فى كرة القدم مثل البرتغالى رونالدو والارجنتينى ميسى والهولندي روبن فان بيرسي والايطالي بالوتيلي والشيلي سانشيز فان أحد الاسئلة الكبيرة فى هذا المونديال هو:”هل يمكن للعرس الكروي العالمي في البرازيل أن يشهد صعود نجم لمكانة بيليه أم أن هذا البرازيلى سيبقى محتفظا بلقبه كأفضل لاعب فى تاريخ كرة القدم وسيظل نسيجا وحده ليحلق للابد فى مدار لن يصل إليه ابدا أى لاعب اخر على المستطيل الأخضر”؟. وشأنهم شأن المصريين فان العديد من عشاق الساحرة المستديرة في شتى أنحاء العالم يحرصون على مشاهدة تسجيلات واشرطة فيديو للمباريات القديمة لبيليه كمتعة هائلة لدى عشاق الساحرة المستديرة فيما يعد بيليه أو “الجوهرة السوداء” اللاعب الوحيد فى العالم الذى قاد بإبداعه فريقا للفوز ثلاث مرات بلقب بطل المونديال وذلك فى أعوام 1958 و1962 و1970 . كما أن بيليه هو أصغر لاعب في تاريخ بطولات كأس العالم لكرة القدم إذ شارك في نهائيات البطولة العالمية لأول مرة وعمره أقل من 18 عاما وهو أيضا صاحب الهدفين اللذين هزا شباك مرمى منتخب السويد ليمنح البرازيل مجد الفوز بالمونديال لأول مرة. وباعتباره أحد أعظم صانعى المزاج الكروي في تاريخ الساحرة المستديرة” يحظى بيليه بمكانة خاصة لدى المصريين الذين عرفوا بولعهم بمتابعة النجوم الكبار في عالم الكرة البرازيلية منذ بيليه وجارينشا وحتى زيكو وروماريو ورونالدو ورونالدينو وصولا لنيمار . ومثلما عانى أبناء جنوب أفريقيا وبقية منطقة الجنوب الإفريقى من أنظمة التمييز والعنصري حتى أسقطوا هذه الأنظمة فان أصحاب البشرة السمراء في البرازيل -مثل بيليه- والذين يشكلون كتلة سكانية كبيرة وترجع جذورهم للقارة الإفريقية عانوا بدورهم من مظالم عنصرية عبر تاريخ هذه الدولة. فمن القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر-كانت البرازيل ضمن أهم مقاصد تجار الرقيق الذين نقلوا لها عبر المحيط الأطلنطى هؤلاء الأفارقة ممن كتب عليهم الوقوع في قبضة تجار الشر وسدنة الظلم. ويقول انطونيو موللر الباحث بجامعة تكساس إن كرة القدم في البرازيل ليست مجرد لعبة وإنما هي طريقة حياة لملايين البرازيليين وتؤثر بشدة في نسيج المجتمع ، موضحا في دراسة نشرتها “سبورت جورنال” أن تاريخ الكرة البرازيلية ارتبط بصورة وثيقة للغاية بتاريخ الشعب والتطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فى هذا المجتمع. وإذا كان العديد من البرازيليين هم أحفاد وأبناء مهاجرون لهذا البلد من أرض الله الواسعة فان الإنجليزى شارلز ميللرهو الذى ادخل كرة القدم لهذا البلد عام 1885 ليمارسها في البداية أبناء الصفوة بأنديتهم الخاصة. غير أن “الساحرة المستديرة” كلعبة ديمقراطية بطبيعتها ولا تعرف التمييز والتقسيمات الظالمة سرعان ما شقت طريقها إلى الجماهير العريضة فيما كان للتاريخ أن يشهد على أن اللاعبين البرازيليين المنحدرين من أصول أفريقية هم الذين منحوا الكرة البرازيلية مجدها وشهرتها العالمية بفضل لياقتهم البدنية العالية ومهاراتهم الفردية الرائعة. وإذا كان عشق السامبا ليس حكرا على المصريين فمع توالي أيام وليالي العرس الكروي العالمي ربما يحق التساؤل : هل يكون منتخب البرازيل في مونديال 2014 على مستوى كل هذا العشق المصري والعالمي؟

المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى