الأخبار

مصر تستعد للمرحلة الأسوأ

 

26

 

 

بينما تمتلئ الشوارع مجدداً حرصاً من المحتجين على الإطاحة بالرئيس، وعزماً من الإسلاميين على استمراره فى السلطة، يستعد المصريون للأسوأ، فأيام أو أسابيع من الاضطرابات فى المناطق الحضرية يمكن أن تحول بعض الأحياء إلى ساحات معارك.

الأسر التى تعانى فعليا من انقطاعات فى التيار الكهربائى ونقص فى الوقود وارتفاع فى الأسعار، لجأت إلى تخزين السلع فى حال طال أمد المظاهرات، و الأعمال القريبة من مواقع الاحتجاجات أغلقت إلى حين تراجع الحشود، وأقيمت أسوار وحواجز وجدران بالقرب من المنازل والمبانى الرئيسية، وبدأت المجتمعات المحلية فى تجهيز مواطنين للقيام بدوريات فى حال انهيار الأمن.

وللمرة الثانية منذ تولى الرئيس محمد مرسى السلطة العام الماضى، من المقرر أن يصبح قصره الرئاسى فى حى مصر الجديدة الراقى بالقاهرة محطا للإحباط الشعبى إزاء حكمه. بعض الاحتجاجات خارج العاصمة تحولت بالفعل إلى أعمال عنف، وانتشرت الأسلحة – بينها قنابل حارقة – بشكل أكثر وضوحاً مما كانت عليه الحال فى الماضى.

“نحن قلقون مثل كل المصريين من قدوم حشود ضخمة وتحول الأمر إلى أوضاع دموية”، حسبما قال مجدى عز، مالك متجر ملابس رجال على الجانب الآخر من القصر المحاط بالجدران، وهو مزيج من العمارة الشرق أوسطية والكلاسيكية.

وتابع قائلا، “فقط نأمل أن تكون سلمية، لكنها قد تكون ثورة ثانية، إذا طالت، سيتوجب علينا إبقاء المتجر مغلقا، لكن العمل لم يعد مزدهرا هنا على أية حال، خاصة منذ المشكلات التى حدثت العام الماضى”.

الشتاء الماضى، شهد محيط القصر الرئاسى بعض أكثر أعمال عنف الشوارع دموية منذ انتفاضة العام 2011، حيث هاجم إسلاميون اعتصاما وألقى فوضويون قنابل حارقة وضربت الشرطة محتجين بوحشية.

ويهدف معارضو مرسى إلى الخروج فى حشود ضخمة بدءا من الأحد، متعللين بأن البلاد فاض بها الكيل مع سوء حكم الإسلاميين الذين تركوا الاقتصاد فى حالة تخبط والأمن فى حالة فوضى، ويقولون إنهم جمعوا خمسة عشر مليون توقيع – بما يزيد بحوالى مليونين عن عدد الأصوات التى حصل عليها مرسى فى الانتخابات – تدعوه إلى التنحى، ويأملون أن يدفعه هذا الإقبال إلى تنفيذ المطالب.

بينما يقول حلفاء مرسى الإسلاميون إنهم سيدافعون عن شرعية أول رئيس منتخب فى انتخابات حرة، وبعضهم قال “بالروح وبالدم” إذا استدعت الضرورة، فيما توعد متشددون بـ”سحق” المحتجين.

ويوم الجمعة، نظم الآلاف من أنصار مرسى مظاهرة مضادة، وقرر بعض المشاركين بها الاستمرار فى اعتصام مفتوح عند مسجد قريب من القصر الرئاسى، مبتغى المسيرة الاحتجاجية الرئيسية الأحد.

ويقول كلا المعسكرين إنهم سلميون، لكن المظاهرات قد تتحول سريعا إلى أعمال عنف، خاصة إذا تقابل الطرفان.

وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها مرسى مقتل خمسة من أعضائها فى اشتباكات مع المحتجين فى محافظات الدلتا خلال الأيام القليلة الماضية. وأمس الجمعة، قتل شخصان فى اشتباكات بمدينة الإسكندرية الساحلية واحترقت خمسة مكاتب على الأقل لجماعة الإخوان، فيما حذرت أعلى مؤسسة دينية إسلامية فى البلاد، الأزهر، من “حرب أهلية”.

وفى المقر الرئيسى للإخوان بمنطقة المقطم فى القاهرة، أضاف عمال طبقة من الأسمنت على جدار من الطوب يعلوه حاجز معدنى لتعزيز البوابة الرئيسة، ويخشى البعض قيام محتجين بالصعود إلى المنطقة لمهاجمة المقر، كما حدث الربيع الماضى، حينما خاض مؤيدون ومعارضون اشتباكات شوارع دامية أسفرت عن إصابة مائتى شخص.

هادى سعد، مصمم يعيش بالقرب من مقر الإخوان، قال “على الشرطة تأمين هذا المكان، هذه مهمتها وأنا متأكد أنها ستقوم بها، المظاهرات ستكون كبيرة للغاية فى أنحاء البلاد، وبغض الطرف عما إذا كان (مرسى) سيبقى أو سيرحل، يجب علينا أن نكون مستعدين هنا أيضا”.

وقال جار آخر، إنهم لا يتوقعون تكرار العنف فى المنطقة، التى هى عبارة عن تل يطل على باقى المدينة. وقام عدد قليل من رجال الشرطة بدوريات فى المنطقة قبيل احتجاجات عطلة نهاية الأسبوع، وذلك لحماية صف من نحو مائة سيارة أمام محطة غاز على الطريق الرئيس.

المهندس حسن فرج، أيضا من جيران المقر، قال إن السكان “يتطلعون إلى الأفضل”. ومع ذلك، بدأ البعض يكرهون وجود الإخوان، وتداولت عريضة تطالب بإبعاد المقر عن المنطقة.

وقال سعد “الحى منقسم، البعض يمانع فى أن يكون المقر هنا، وآخرون لا يبالون”.

أما التأمين فتضاعف عند القصر الرئاسى فى مصر الجديدة، فالجدران التى أقيمت العام الماضى لا تزال تعوق بعض حركة المرور، والألواح الخرسانية المصممة لمنع تسلق القصر تستخدم حاليا بحماية البوابات الرئيسة، وبينما تراصت حاويات الشحن حول القصر، طوقت المبانى السكنية المجاورة بالأسلاك الشائكة حول الشوارع الجانبية وأماكن انتظار السيارات. وأمس الجمعة، بنت السلطات جدارا جديدا من الطوب والخرسانة حول القصر.

بيتر سليمان، وهو يدرس الاتصالات ويعيش قرب القصر، قال إن معظم السكان لا يعرفون ما يمكن توقعه، وتابع قائلا، “بالطبع، الآباء قلقون على أبنائهم من الخروج للتظاهر عند القصر، خاصة إذا ظهر الإخوان هناك.. الناس خائفون من تحول الأمور إلى عنف ومن انقسام البلاد”، وأعلن سكان آخرون ومنظمو احتجاجات فى مصر الجديدة أنه تم بالفعل تشكيل مجموعات لمراقبة الحى.

وفى وسط المدينة، استمرت الجدران الخرسانية فى غلق محيط وزارة الداخلية والمداخل الجنوبية لميدان التحرير، محور الانتفاضة التى أطاحت بالزعيم الاستبدادى حسنى مبارك، وبدأ المحتجون فى التجمع بالميدان حتى قبل الاحتجاجات الضخمة المقررة.

أما فندق سميراميس المجاور فقد هيأ نفسه تأمينيا، رغم أن التحرير يتوقع أن يكون مجرد جانب من مسيرات الأحد المتجهة نحو القصر. وكان موقع الفندق مسرحا لاشتباكات متكررة بين الشبان الذين يقذفون بالحجارة والشرطة خلال العام الماضى، وقد انتهى الفندق الفاخر لتوه من تحصين نفسه بسياج معدنى مرتفع تحيطه شفرات حادة.

وإلى الجنوب، فى حى جاردن سيتى الراقى، الذى شهد فى بعض الأحيان عنفا متسربا من ميدان التحرير، قام بعض السكان بتأمين منازلهم، واستخدم الحداد “سامح الحداد” جهاز اللحام لوضع اللمسات النهائية على بوابة حديدة جديدة لمبنى سكنى، وقال “لفترة من الوقت، كان العمل هائلا”.

 

ا ب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى