الأخبار

في جامعة الأزهر.. ”التسمم” لا يزال مستمراً !

azhar

 

كتبت – يسرا سلامة ودعاء الفولي:

كانت ”الكافتيريا” مكتظة بالطلبة؛ إذ أصبح العدد الموجود فيها ضعف العدد الذي تستوعبه. طوابير الطلبة الراغبين في الحصول على طعامهم كانت تمتد فتصل المدة التي قد ينتظرها الطالب إلى ساعة تقريبا ليحصل على غذاءه، أما الطعام فلا عزاء له؛ فجودته لم تتغير منذ الحادثة الأولى التي اُصيب على إثرها أكثر من خمسمائة طالب بجامعة الأزهر بالتسمم.

ولم تكد نتائج الحادثة الأولى تنتهي حتى لحقتها الثانية و الثالثة التي اُصيب فيها طلبة آخرون بالتسمم على الرغم من عدم تناولهم أي لحوم ، وكأن التسمم أصبح جزءاً لا يتجزأ من دراستهم ومعيشتهم.

”فارس”.. ضحية التسمم والصدفة

”فارس” طالب في السنة الرابعة بكلية الطب جامعة الأزهر روى تفاصيل أكثر عن حادثة التسمم الأولى التي كان هو أحد ضحاياها بالصدفة؛ فقال: ”كان يوم الإتنين، المفروض اليوم دة بيبقى فيه فراخ للثلاثة قطاعات الموجودة بمدينة الطلبة بالأزهر وهما مدينة نصر أ ومدينة نصر ب ومدينة البنات، مدينة نصر ب ومدينة البنات مرضيوش ياخدوا الفراخ، مدينة نصر أ هما اللي قبلوها وهي المكان اللي حصل فيه التسمم، وانا من المدينة ب لكن اليوم دة أكلت مع أصحابي في أ بالصدفة كده” .

”الأعراض بدأت تظهر على الطلبة بعد خمس ساعات من الأكل تقريبا، على الساعة سبعة ونص كنا كلنا عندنا أعراض زي المغص والقيء والإسهال مع بعض فالناس عرفت إن فيه حاجة مش مظبوطة، بدأت عربيات الإسعاف تيجي تاخد الطلبة على كل المستشفيات اللي تقدر تساعهم، ابتداءا من مستشفى الحميات والدمرداش ومستشفى اليوم الواحد”، قال ”فارس” الذي علت وجهه ابتسامة ساخرة عندما أكد أن احتياطي الإسعاف المصري كان قد قارب على الإنتهاء تقريبا بسبب وجود أكثر من 44 سيارة إسعاف تنقل المصابين حتى قاربت الساعة على الثانية صباحا من يوم الثلاثاء.

وفي المستشفيات كان الأطباء يحاولون معالجة الأعداد الكبيرة المتوافدة عليهم؛ حيث أوضح ”فارس” أنهم ”كنا بيتعلق لنا محلول وبناخد الدوا واللي بيقدر يروح بعد كدة بيروح، لكن الغريب إنهم كانوا بيدونا الدواء عبارة عن حبوب، وأحد أعراض التسمم هو القيء، طب إزاي؟”، مؤكدا أنه بحلول اليوم الثاني كان معظم الطلبة قد ذهبت عنهم أعراض التسمم وبقى من بقى في المستشفيات ليكمل علاجه.

يبدو أن الحادثة لم تغير الكثير في طريقة إدارة الوضع داخل المدينة الجامعية على حد قول ”فارس” فمشكلة الطلبة لم تصبح في التسمم فقط، فالمعلبات التي يحصل عليها الطلاب غير جيدة الطعم مثل الزبادي كما أن الخبز لم يخرج أيضا عن قائمة الطعام السيء. وأشار ”فارس” إلى النشويات مثل الأرز والمعكرونة نوعها جيد لكن طريقة طهيها سيئة جدا.

المصاريف التي يدفعها طالب الأزهر سنويا للسكن في المدينة الجامعية تعتبر أموالا زهيدة نسبة إلى ما سوف يدفعه في أي سكن خارجي في الشهر الواحد، فعلى حد تعبير ”فارس” ”احنا معندناش مشكلة ندفع في السنة 1000 جنية ولا نبقى في الأوضة عشرة، بس الأكل يبقى أفضل”.

شكاوي طلبة الأزهر بدأت قبل حادثتا التسمم بفترة، حيث قُدمت شكاوي للإدارة أكثر من مرة لتحسين الوضع فهم ”احنا كل ما كنا نروح نشتكي في إدارة الجامعة يقولوا لنا المشكلة عند إدارة المدينة نروح المدينة يقولوا العكس ومبقيناش عارفين نعمل ايه، وكمان اللي غلط لسه متحاسبش”.

عدد الطلبة الموجودين في قطاعي مدينة الطلبة بالأزهر يصل لحوالي خمسة عشر ألف طالب حيث يسكن كل قطاع سبعة آلاف طالب تقريبا ولأن مطعم المدينة أ مغلق الآن بسبب الحادثة فكل الضغط يصبح على المدينة ب حيث يتم التبديل بين طلاب المدينة أ وب في التناوب على الأكل، ففي اليوم الذي يتم تقديم اللحوم فيه للمدينة أ تأكل المدينة ب المعلبات ثم يحدث العكس في اليوم التالي لأن سعة العاملين في المطبخ لن تتحمل تقديم وجبات مطهية لأكثر من 7000 طالب في اليوم الواحد.

”محمد عيسى”.. مسموماً بالغذاء والإهمال

”محمد عيسى” طالب بالفرقة الأولى بكلية الهندسة بجامعة الأزهر، كان قدره أنه تناول وجبة الغذاء بعد يوم دراسي شاق فى الرابعة عصراَ، ثم شعر فى الثامنة مساء يوم الأثنين بألم حاد في معدته، سرعان ما شعر أن كثير من زملائه يشاركوه في الألم بعد تناول نفس الوجبة.

ويستغرب ”محمد” وقوع التسمم له لأنه لم يتناول أى لحوم، بعد أن تم منعها فى المدينة بعد الحادثة الأولى؛ فقد تناول فى ذلك اليوم أرز وفاصوليا متجنبا التونة فى الوجبة، ومع ذلك أصيب بالتسمم؛ يقول ”محمد”: ”كل زملائى اللى أصيبوا بالتسمم فى هذا اليوم بسبب الغذاء لم يصابوا بالتسمم من قبل، وذلك لأن اللى بيتسمم لا يأكل من المدينة مرة أخرى”.

يوم وليلة قضاها ”محمد” مع أربعة من زملائه فى غرفة بمستشفى السيد جلال بمنطقة باب الشعرية، بعد حقنة عاجلة من طبيب المدينة، وبعد أن تحمل مشقة الطريق داخل عربة إسعاف غير مجهزة وأشبه بالميكروباص -كما قال -، لينتقل بعدها إلى المستشفى وقد فقد ”محمد” زميل له فى الهندسة فى تلك الحادثة بسبب الإهمال الطبى فى عربة الإسعاف.

يختتم ”محمد” حديثه قائلا ”مفيش حد عبرنا من المسئولين”؛ حيث يشعر ”محمد” ان ”يمكن تكون مدبرة عشان يكون هو أحسن من غيره بالنسبة لنا، ويمكن تكون مدبرة للإطاحة بشيخ الازهر أحمد الطيب”.

”كمال”.. ”أعقاب سجائر” وقمامة في وجبة غذائه

لم يشعر ”كمال” الطالب بالسنة الرابعة بطب الأزهر بتحسن جذري فى مستوى الخدمة فى وجبات الغذاء ومستوى الخدمة في المدينة الجامعية التي يقيم فيها قائلا: ”للأسف بسبب رخص تكلفة الإقامة في المدينة الجامعية، فيعتبر هذا ذريعة للإهمال من العاملين في المدينة لإننا ندفع حوالى 550 جنيه في السنة، ولذا كنا نرى في العيش المقدم في الوجبات أعقاب سجائر وأوراق قمامة”، خوفاً من تكرار الازمة”، وتم الاكتفاء باللحوم والتونة فقط.

”للأسف لا يوجد نظافة أو تعقيم للسرفيس المقدم فيه الطعام لنا، وهو عكس ما يحدث فى باقى المطابخ فى كل الجامعات وهذا الأمر يدفعنا لشراء أغذية من خارج المدينة، لأننا نريد أن نشعر بالأمان ونحن نتناول غذائنا داخل المدينة”؛ بهذه الكلمات وصف ”كمال” أحوال الوجبات الغذائية المقدمة من المدينة.

واقعة التسمم الأولى التي أصيب فيها حوالى 580 شخص والثانية التي اُصيب فيها 90 شخص تقريبا بالمدينة الجامعية لم تكونا الواقعتان الوحيدتان اللتان ظهر فيهكا فساد الطعام وإن لم تخلف الوقائع التي قبلهما ضحايا؛ هما فقط كانا الاكثر جللاً بسبب العدد الضخم من المصابين، فحدث من قبل أن وجد الطلبة داخل وجبة البازلاء ديدان حية؛ الأمر الذى قرروا على إثره إقامة إضراب بينهم والامتناع عن استلام الوجبة من المدينة احتجاجاً على عدم صلاحية الغذاء.

”لا حياة لمن تنادى”؛ كانت تلك الجملة هي المعبر عن رد المسئولين في الجامعة بعد الإضراب بين الطلبة، فأكد ”كمال” ”بعد أن امتنعنا جميعاً عن استلام الوجبة، كان رد مدير المدينة الجامعية للإعلام أن المطاعم جيدة والطعام جيد” موضحا أن الوضع تحسن شكليا وليس جذريا.

”محمد مصطفى” طالب بطب الأزهر، تملكه الاستياء من تكرار أزمة التسمم التي تحدث بين الطلاب، فثلاث حوادث تسمم في أقل من شهر تكفى لغضبهم، لتبدأ من سلسلة ينضم لهم يوم أمس 25 طالب بالتسمم من مبنى نصر أ، بعد تناول وجبات الغذاء.

”واضح أننا بندفع ثمن تصفية حسابات سياسية مع شيخ الأزهر”.. لم يجد ”مصطفى” سوى تلك الكلمات عن تفاقم تلك الأزمة للمرة الثالثة، ويقول :”هل الحل أن الشيخ يخلى مسئوليته ؟ ولا يتنازل عن موضوع الصكوك؟ ..احنا تعبنا وعملنا وقفات، ولا يوجد نتيجة لأى وقفة ..وللأسف احنا مشغولين في امتحاناتنا جداً..هنفضل لغاية امتى ندفع الثمن؟!”.

 

مصراوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى