الأخبار

ضرورات الأمن وسوء السمعة

234

 

 

أثار حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة القاضي بقبول الاستشكال المقدم على الحكم الصادر بعودة الحرس الجامعي، وذلك لتأييده واستمرار تنفيذه من قبل المسؤولين بالدولة، وإلزامها بسرعة تنفيذه، الكثير من الجدل حول هل سيعود الحرس الجامعي بشكله التقليدي التابع لوزارة الداخلية والذي ناضلت الحركات الطلابية عبر تاريخها ضد ممارستها المقيدة للحريات، أم أنه سيعود بشكل جديد بسلطات محددة.

فالحركات الطلابية أكثر حساسية ضد ما يسمى بالحرس الجامعي، نظرًا لممارستها السيئة ضد الطلاب، إذ تعود فكرة إنشائه إلى محمد على باشا، وزير المعارف آنذاك، من أجل حماية المنشأت الجامعية، إلى أن قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بإلغائه أوائل السعينيات من القرن المنصرم، وذلك لإحكام قبضته على الجامعات عبر طلاب الإخوان المسلمين الذي أعطاهم صلاحيات كبيرة، لاسيما عقب أحداث جامعة أسيوط.

لم يستمر غياب الحرس الجامعي عن الجامعات كثيرًا، فعقب المظاهرات القوية التي شهدتها الجامعات والرافضة لاتفاقية «كامب ديفيد»، سارع «السادات» بتضيق الخناق على الطلاب من خلال إصدار اللائحة الطلابية 1979، والتي أقرت عودت الحرس ونقل تبعيته لوزارة الداخلية.

وفي عهد الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، تزايد تجاوزات الحرس الجامعي، عبر حملات الاعتقالات الموسعة ضد الطلاب، وتقييد النشاط السياسي داخل الجامعات، الأمر الذي أدى إلى ظهور الكثير من الحركات المطالبة بإلغائه، كحركة «9 مارس» لأساتذة الجامعات، والتي طالبت باستقلال الجامعة.

واستمرت الحركات الطلابية تناضل ضد الحرس الجامعي ونظام التوريث، إلى أن أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمًا بإلغاء الحرس الجامعى وإنشاء وحدة مستقلة للأمن الجامعى في أكتوبر 2010، ولم ينفذ الحكم، بالعكس ازداد قمع الداخلية ضد الطلاب إلا أن قامت «ثورة 25 يناير»، التي شارك فيها الطلاب بقوة، ورفعوا مطالبهم بإلغاء الحرس الجامعي واستقلال الجامعات وإصدار لائحة طلابية جديدة تطلق العنان للحقوق والحريات، دون تقييد لحقوهم التي حرموا منها لعقود مضت.

وبالفعل تم إلغاء الحرس الجامعي التابع للداخلية، عقب «ثورة يناير»، وتم الاستعانة بالأمن الإداري للتخلص من التدخل الأمني في الجامعات وتقييد الحريات السياسية للطلاب.

أصبحت الجامعة النموذج المصغر لأحداث العنف التي شهدتها الدولة عقب« 30 يونيو» وإزاحة «الإخوان» عن الحكم، ومن ثم تزايدت أحداث العنف وأعمال البلطجة داخل الجامعات ولم يقتصر الأمر على ذلك، وإنما نال الإرهاب من بعض الجامعات لاسيما التفجيرات التي شهدتها جامعة القاهرة مؤخرًا، والتي جعلت الكثير من الأصوات تتعالى للمطالبة بعودة الحرس الجامعي مرة أخرى، لضبط حالة الانفلات الأمني التي تشهدها الجامعة، في حين رأها البعض محاولة أخرى لعودة التدخل الأمني في الجامعات وحرمان الطلاب من حقوقهم التي حاربوا كثيرًا من أجلها.

ويبقى عودة الحرس الجامعي من الأمور المثيرة للجدل عبر التاريخ، بين من يطالبون بعودته نظرًا لوجود ضرورات تستدعي وجوده لاسيما في ما تشهده الجامعة من أعمال عنف وتخريب، وبين من يرفضون رجوعه في ظل الخبرة السيئة له، وفي ظل توافر إمكانية دخول الأمن للجامعات في حال ما استدعى الأمر ذلك، ومن ثم لا حاجة لعودته من جديد، كما تظل عودة الثقة بين الطلاب والإدارة الجامعية متطلب رئيسي.

 

الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى