الأخبار

«عدم الدستورية» أمل جنينة للنجاة

128

 

328 نائبًا يصوتون لإقرار القرار الجمهورى بقانون فى «30 ثانية» 

– أستاذ قانون دستورى: قانون غير دستورى.. والبرلمان يعانى من انحراف تشريعى وشبهات تزاوج السلطتين التشريعية والتنفيذية تطارد النواب

– تهانى الجبالى: القوانين الصادرة من قبل البرلمان خاضعة لرقابة القضاء.. والطعن عليها وإلغاؤها وارد 

– عصام الإسلامبولى: يتعارض مع نصوص الدستور ويخالف القانون الإدارى 

“موافقون”.. كان هذا لسان حال 328 نائبًا برلمانيًا مساء اليوم الأحد تحت قبة مجلس النواب فى أقل من دقيقة “30 ثانية” لكل قرار صوتوا خلالها إلكترونيًا على 28 قرارًا بقانون، من بينهم القرار الجمهورى الصادر فى يوليو الماضى، الذى يحمل رقم 89 لسنة 2015 الصادر من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترة غياب البرلمان ضمن حزمة القوانين والتشريعات الثمانى والعشرين الصادرة فى الجلسة المسائية الثانية بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، بما يتعارض مع نصوص المادة رقم 216 من الدستور المصرى بشأن تعيينهم وحالات الإعفاء من مناصبهم، التى تنص على أنه لا يجوز أن يُعفى أى منهم من منصبه إلا فى الحالات المحددة بالقانون ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء.

أربعة حالات حددها القانون الجديد توسع من سلطات رئيس الجمهورية بشأن امتلاكه حق عزل رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة، أولها إذا توافرت ضده دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وثانيها إذا فقد الاعتبار والثقة، وإذا أخلّ بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بمصالح الدولة العليا أو أحد أشخاصها الاعتباريين، وصولا بفقدانه أحد شروط الصلاحية للمنصب الذى يشغله لغير الأسباب الصحية.

هذا القانون الذى وصفه البعض بـ”الأزمة” وقت صدوره فى يوليو الماضى، والذى تم إقراره اليوم بغالبية أصوات النواب داخل البرلمان فى وقت قياسى سبق أن أثار موجة من الرفض والجدل السياسى والدستورى حول مدى دستوريته من عدمه، خاصة خلال فترة غضب صاحبت إصدار القرار الجمهورى من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أعلن حينذاك أن “يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين”، ومن ثم كان لا بد من التدخل الفورى لتعديل بعض القوانين لتحقيق العدالة بأسرع وقت، حسب تعبيره، وهو ما وصفه عدد من أساتذة القانون الدستورى بأنه فُصّل على مقاس بعض الأشخاص لمعاقبة رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة التى ليس من سلطته الرئاسية التدخل بعزلهم أو معاقبتهم بسبب بعض نصوص الدستور ذاته ومواد القانون الإدارى الذى يحظر فصل الموظف العام بالدولة إلا بحكم قضائى.

برلمان مُنحرف تشريعيًا
“القانون غير دستورى والبرلمان يعانى من الانحراف التشريعى”.. هكذا علقّ الدكتور داوود الباز، أستاذ القانون الدستورى ورئيس قسم القانون العام بكلية الشريعة والقانون بدمنهور، جامعة الأزهر وأحد أعضاء لجنة الخمسين لتعديل الدستور، الذى أوضح فى تصريحات خاصة أن أى قانون إذا كان يتعرض لمشكلة تتعلق بشخص ما مثل مناقشة راتب رئيس الجامعة أو يتعرض لجهة معينة بشكل عام، ما دام لم يحمل اسمه أو ذاته ينطبق عليه القاعدة الفقهية التى تتطلب ضرورة توافر صفتى “العمومية والتجريد” فى أى قانون صادر حتى لا يُطعن عليه بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا.

وحين تتم الموافقة على قرار رئيس الجمهورية الصادر بشأن عزل رؤساء الأجهزة الرقابية فى أقل من دقيقة لمواجهة حالة معينة أو وضع شخص بعينه بهدف تحقيق مصلحة خاصة من إقراره تحت قبة البرلمان، فهذا يعنى أن هذا المجلس يعانى من أزمة انحراف تشريعى حادة أغفلت المصلحة العامة عند تمرير أى قانون صادر خلال السنوات الماضية ويحمل شبهات عديدة حول تزاوج السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية.

يتعارض مع القانون الإدارى
ومن جانبه أعلن الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى عدم دستورية القانون، لتعارضه مع نصوص الدستور المصرى، الذى تم وضعه فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالمخالفة لبعض النصوص الدستورية والقانون الإدارى الذى يحظر فصل الموظف العام إلا بحكم قضائى، ومن ثم تتم مواجهة ذلك قضائيًا عبر رفع دعاوى قضائية للطعن على هذا القانون أمام مجلس الدولة وهذا ليس القانون الأول أو الأخير الذى يصدر حكم قضائى بعدم دستوريته.

قصور تشريعى
وبدورها اتفقت المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق مع ما ذكره الإسلامبولى بشأن إمكانية الطعن على القانون بعدم الدستورية، خاصة أنه مثار حوله الجدل منذ فترة إصداره رغم توافر قاعدة العمومية والتجريد القائمة فى حقه، حيث إنه يشمل كل الأجهزة والهيئات الرقابية المستقلة، لكن يبقى مدى تطابقه مع نصوص الدستور والمادة 215 منه تجعله محل نظر أمام المحكمة الدستورية العليا.

وحول الوقت القياسى الذى تم إقرار القانون فيه داخل مجلس النواب أعلنت الجبالى أن أى استعجال فى التشريع أو وجود شكل من أشكال التسرع فى إقرار القوانين وخصوصية وسرية مناقشته يُنظر إليها باعتباره نوعًا من أنواع القصور التشريعى، موضحة أن أى قانون مؤثر بهذه الصورة لا بد أن يستغرق وقتًا أطول للحديث حول فلسفة القانون ذاته ومبرراته والمذكرات الإيضاحية التى تشرح ماهيته، وبالتالى فمن الوارد أن يشتمل هذا القانون وغيره من القوانين التى تم إقرارها خلال الفترة التى تزاوجت فيه السلطتان التشريعية والتنفيذية فى ظل غياب البرلمان.

وأضافت أن هذا القانون كان من الممكن أن لا يتم طرحه خلال فترة الـ15 يومًا الأولى من عمر البرلمان، لكنهم أخذوه بالتفسير الضيق للنص باعتباره جزءًا من حزمة التشريعات الصادرة خلال عهدى الرئيسين المستشار عدلى منصور وعبدالفتاح السيسى.

قانون على مقاس «جنينة» 
أى شكل من أشكال استدعاء القانون فى ظل أزمة أو قضية ما تثير حوله الشبهات حول مدى ارتباطها بالقانون الصادر “على مقاسها”، حسب تعبير رئيس المحكمة الدستورية الأسبق فى الإشارة إلى ما يتعرض له المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات بعد اتهامه بالتضليل وعدم المصداقية من قبل “لجنة الرئيس” لتقصى الحقائق إثر تصريحاته بوصول فاتورة الفساد فى مصر إلى 600 مليار جنيه، وهو ما يمثل نوعًا من أنواع الانحراف التشريعى والمحكمة الدستورية تراقب كل ذلك، فضلًا عن كل القوانين الصادرة من قبل السلطة التنفيذية “القرارات الجمهورية” وكذلك التى يتم إقرارها من قبل السلطة التشريعية “مجلس النواب” تكون هى الأخرى خاضعة لرقابة القضاء، ووارد أن يتم الطعن عليها بعد ساعات من إقرارها وتمريرها عبر مجلس النواب.

 

التحرير

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى