الأخبار

أمهات تحت حصار الرعب

179

وسط الحديث عن تحسن تدريجى فى الحالة الأمنية بالبلاد، انتشرت حالات خطف الأطفال مقابل فدية مالية من أهالى الطفل، أو خطف الأطفال لاستغلالهم فى أعمال التسول فى الشوارع والميادين.

مع بدء دخول المدارس، بالنسبة للمرحلتين الابتدائية والإعدادية، تزايدت تخوفات الأهالى على أبنائهم، وإن بنسب متفاوتة، لكن الهواجس لا تزال تؤرق أسرا يصعب حصرها، أفضت إلى حالة من الخوف المرضى لبعض الأهالى على أبنائهم، خاصة بعد تدفق الكتابات والصور على موقع «فيس بوك» عن الأطفال المختطفين وأرقام الهواتف التى تترجى «فاعلى الخير» بإخبارهم عن أى معلومات عن أبنائهم المخطوفين.

«الشروق» قابلت العديد من الأسر التى تعرض أبناؤها لحالات اختطاف، وتبين أن حلقات عديدة مفقودة فى توفير الأمان لأبنائهم، بإهمالهم أو تركهم للعب بمفردهم أو بصحبة أطفال فى نفس أعمارهم أمام المنازل أو فى النوادى، كما تبين أن حلقات أكثر مفقودة بتوفير الأمن فى الشارع، وسرعة استجابة وزارة الداخلية لحالات الاختطاف والاهتمام بالتصدى لها وتعقبها، فى بعض الحالات.

• بلطجية خطفوا عمرو من «مدينتى» وطلبوا 3 ملايين جنيه فدية

في ليلة الاثنين الأول من سبتمبر الماضي، خرج عمرو للعب أمام منزلهم فى مدينة «مدينتى»، الساعة لم تتجاوز التاسعة، دقائق ولم يعثر الأب محمد على ابنه أمام المنزل، بحث عنه فى كل مكان داخل «مدينتى» ولم يجده، والأمن الخاص بالمدينة أخبره بأنه لم يشاهده يخرج من المدينة.

ساعتان مرتا وفوجئت الأم بهاتفها المحمول يدق وصوت ابنها «ماما الحقينى»، بعدها هاتفها أحد الأشخاص مخبرا إياها بضرورة توفير مبلغ 3 ملايين جنيه لاسترداد عمرو. تقول مروة، خالة عمرو: «انهارت الأم ومعها الأب، وأدركنا وقتها أن عمرو مخطوف وليس تائها كما تخيلنا».

الطفل عمرو قبل اختطافه

وتروى عن تجربة اختطافه لـ «الشروق»: أخبرها الخاطف أنهم سيقتلون عمرو إذا ما أبلغوا الشرطة، حاول الأب والأم التزام بعض الهدوء للتفكير فيما سيفعلانه، وكان الحل هو الاتصال بالشرطة سرا وإخبارهم بما حدث، «بالفعل جاء نائب مدير الأمن وفحصوا العمارة والمكان الذى كان يلعب فيه عمرو قبل اختطافه»، وفقا لخالته.

مكالمات عديدة جرت بين العائلة والخاطفين عن طريق هاتف الأم، الذى وضعته الشرطة تحت المراقبة المؤقتة حتى عودة عمرو، وعن طريقه تم تحديد مكان الخاطفين، وهو طريق العين السخنة، وهو ما حاولت الأم التأكد منه عندما كان يحدثها عمرو من هاتف الخاطفين «إحنا فى تاكسى وفيه عندنا بحر»، محاولات بين العائلة والخاطفين لتخفيض المبلغ حتى وصل إلى 60 ألف جنيه بدلا من 3 ملايين جنيه، وتحديد مكان للقاء والد عمرو والمبلغ معه وعنده يستطيع أن يسترد ابنه.

تستكمل مروة، خالة الطفل: «بالفعل قامت إدارة مدينتى بتجهيز المبلغ وذهب به الأب صباح اليوم التالى إلى المكان المحدد بعد إعداد أكمنة من الشرطة للقبض على الخاطفين بعد تسليم عمرو لوالده، وهو ما تطلب وضع جهاز تتبع داخل شنطة النقود، لتتبع الجناة بعد تسليم عمرو».

وصل الأب إلى المكان المحدد وسلم الجناة شنطة النقود، وكانوا 3 ملثمين أحدهم يحمل سلاحا آليا وآخر يحمل سكينا كبيرا، واستلم عمرو وانطلق بعيدا بسيارته، وفجأة بدأت الشرطة فى تنفيذ خطتها ومطاردة الجناة الذين بادلوها بإطلاق الأعيرة النارية، حيث سقط أحدهم قتيلا وسلم الآخرين أنفسهم للشرطة بعد انتهاء الذخيرة التى كانت معهم.

عمرو لحظة تحريره من أيدى خاطفيه

18 ساعة قضاها عمرو مخطوفا، حكى أنه بعد نزوله للعب سحبه 3 أشخاص لداخل تاكسى وخرجوا به من مدينتى دون أن يشعر بهم أحد واتجهوا ناحية العين السخنة، وطلبوا منه تبليغهم برقم هاتف أحد والديه لطلب الفدية، «كان فيهم واحد على طول بيهددنى أنه هيموتنى لو مابطلتش عياط»، وكان الآخر يحاول منع زميله من تخويف عمرو بالسكين، وقتها فكر عمرو فى حيلة صغيرة يمنع بها الخاطفين من تهدديه بالسكين «انا عيان وعندى حالة نفسية لما بشوف سكين أو دم بيغمى عليا»، ودخلت الحيلة على الخاطفين وأخفوا السكين عن وجه عمر حتى سلموه إلى والده قبل مطاردة الشرطة لهم.

الأثر الذى خلفه الحادث على عمرو كان كبيرا على تحمل طفل فى الحادية عشرة له، وظل لأيام طويلة يبكى ويستيقظ من النوم مفزوعا، وهو ما اضطر والده ووالدته لمنع الكلام عن الحادث مرة ثانية أمامه حتى ينسى عمرو ما حدث له.

• فى رحلة بحث محمد عن ابنه يوسف: الشرطة أجبرتنى على التوقيع على محضر غرق ابنى بعد مداخلة فى أحد البرامج

جمعت الأقدار بين يوسف ومؤمن بعوامل مختلفة، فمكان اختطاف يوسف هو جنوب منزل مؤمن بقنطرة النعناعية أشمون فى ذات المحافظة، وتم اختطافه يوم السبت الموافق 19 من يوليو الماضى، فى الواحدة ظهرا من أمام منزل جده، ولم يتصل أحد لطلب فدية، ما قد يدل على أن الخاطف استخدم الطفل فى التسول. ولم تختلف معها استجابة القوات الأمنية والتعامل مع حالة الخطف.

يقول محمد صلاح، والد يوسف، إن القوات الأمنية رفضت تحرير محضر بالخطف فى البداية، وأخبره رئيس المباحث بقوله: «أنا عندى جريمة قتل مش فاضيلك.. عدى على بكرة» رافضا تحرير محضر له.

وأضاف أن القوات الأمنية بعد 13 يوما من اختطافه أجبرته على تحرير محضر غرق بسبب قرب المنزل من النيل، مؤكدا أن وزير الداخلية علم بخطف ابنه بعد مداخلة هاتفية لأحد البرامج ووعد بإرجاعه لكنه زار مديرية أمن شبين الكوم وغادر المحافظة دون فعل شيء.

الطفل يوسف

وتابع الأب أنه تردد على قسم الشرطة التابع له أكثر من مرة وفى أيام مختلفة لمتابعة حالة خطف ابنه وأثناء تواجده فى يوم من الأيام اقترب منه أحد أفراد الشرطة «مخبر» قائلا «فيه واحدة اسمها بطة قاعدة فى «طلب عدم نشر المكان» ومعاها عيال كتير شوف ابنك فيهم».

شعر الأب بفرح شديد وتوجه للمكان الذى أخبره به فرد الشرطة على أمل أن يجد طفله وبالفعل وجد أطفالا كثيرين ووجد سيدة تجلس والأطفال يتسولون من حولها، وعند عدم العثور على ابنه سأل السيدة عن ملامحه وهل تعرف مكانه، وسبقها بأنه جاء من طرف فرد الشرطة، فجاءت الإجابة أغرب من السؤال قائلة: «أنا مش بخطف أولاد أنا بخطف بنات بس»، ودلته على أماكن أخرى من الممكن أن يعثر فيها على طفله.

أشار الوالد إلى أنه ذهب لأماكن كثيرة منها منطقة شبرا الخيمة، وتحديدا فى المؤسسة وشارع كريستال عصفور، و7 قرى فى منطقة السنبلاوين وطهواى بالدقهلية، وشارع جامعة الدول العربية، خاصة بجوار وأمام مسجد مصطفى محمود، ومنطقة الزرايب بعين شمس، لكنه لم يعثر على ابنه.

وطالب الأب القوات الأمنية بشن حملات على تلك المناطق والقبض على المتسولين وإحضار الاطفال ونشر صورهم على الأقسام ومواقع التواصل الاجتماعى، مؤكدا أن أغلب هؤلاء الأطفال مخطوفون وهناك من يبحث عنهم بالتأكيد.

• رانيا منعت الخروجات فى الأماكن العامة.. وصفاء علمت طفلها الاستغاثة

تعدد حوادث خطف الأطفال أحدث نوع من حالات الفزع لدى الكثير من الأمهات والآباء خوفا على أبنائهم.

رانيا، أم لطفلين، أحمد وعاليا، متابعتها لحوادث خطف الأطفال التى تنتشر بشكل شبه يومى جعلها تعيش فى حالة ترقب وخوف على صغيرها، منعت جميع الخروجات فى الأماكن العامة خاصة المزدحمة مثل الحدائق أو الحفلات الغنائية، فرفضت الخروج مع شقيقتها لحضور فاعليات مهرجان القلعة للموسيقى العربية الذى أقيم فى أغسطس الماضى، خوفا على صغيريها من أن تكون هناك أى مخاطر على الأطفال فى ظل الزحام الشديد.

الأمر لم يصل إلى الخروجات فى المناطق العامة المزدحمة فقط بل زاد إلى الخوف من أن تترك طفليها للذهاب بصحبة حارس العمارة إلى المدرسة، الواقعة على أول الشارع الذى تسكن فيه رانيا على بعد 30 مترا من المنزل، خوفا من أن يغافل ابنها الحارس، فقررت أن تصطحب عاليا يوميا إلى مدرستها الذى يتزامن مواعيدها مع موعد نزول رانيا لعملها، أما أحمد فيكون من نصيب والده الذى يأخذه إلى المدرسة وهو منصرف إلى عمله.

صفاء، أم سيف، الذى لم يتجاوز الثلاثة أعوام، منعت الخروج فى أى مكان سواء مزدحم أو هادئ، إلا مرات قليلة وعلى فترات متباعدة للذهاب إلى النادى، مع تحديد وقت عودتها وسيف للمنزل فى السابعة والنصف مساء حتى لا تتحرك فى الشوارع بصحبة طفلها ليلا.

حالة الرعب التى تعيشها صفاء بعد انتشار حالات خطف الأطفال حاولت توصيلها بدرجة ما إلى سيف، فقالت له «ماتبعدش عنى ولو حد قالك تعالى معايا اصرخ بصوت عالى ونادى عليا»، وقتها شعر سيف بشيء غريب وتساءل عن السبب فأجابته صفاء «عشان محدش ياخدك منى»، شعور الخوف وصل بالفعل إلى سيف الذى بدا عليه أنه أصبح مترددا كثيرا عند محاولته ركوب «الاسكوتر» الخاص به واللعب على بعد خطوات قليلة جدا من والدته.

عشرات البوستات على «فيس بوك» تحذر من محاولات خطف أطفال اكتشفها الأهل بسرعة قبل وقوع الحادث، وبوستات أخرى عن أطفال يبحث عنهم آباؤهم.

• طبيب: ابنى اختطف وتركوا لي فردة حذائه فقط

يروى الدكتور إسلام والد مؤمن حادثة اختطاف ابنه، بأنه كان يلعب أمام المنزل بقرية المصالحة التابعة لمركز شبين الكوم بالمنوفية يوم السبت الموافق 14 من يونيو الماضي في الساعة الواحدة والنصف ظهرا، مع الأطفال الموجودين بالشارع وأقارب لهم، وأن طفلا قريبا له دخل المنزل لإحضار طعام وترك مؤمن البالغ من العمر 3 سنين ونصف السنة وحده، ولم يستغرق الأمر أكثر من دقيقتين.

خرج الطبيب من المنزل ولم يجد مؤمن.. فقط وجد حذاءه ملقى على الأرض، فأخبر المتواجدين بالمنزل بفزع، عدم العثور على مؤمن، وحاول الأهالي البحث عن الطفل وسؤال الجيران، ولكن أحدا منهم لم يكن يعلم شيئا سوى أن سائق «توك توك» قال إنه “شاهد الطفل مع سيدتين لم يرهما بالمنطقة من قبل”.

تابع والد الطفل المختطف بتوتر بالغ: «لم يتركوا لى من ابنى إلا فردة حذائه.. الكفرة.. حررت محضرا فى قسم الشرطة التابع لمنطقتى»، على حد قوله.

وأضاف: طالبت بسماع شهادة سائق «التوك توك»، إلا أن قسم الشرطة، وعلى وجه التحديد أحد أمناء الشرطة الذى حرر المحضر أخبرنى بأن الخاطفين سيطلبون منى أموالا كفدية خاصة وأننى طبيب وكنت عائدا من السعودية لتوى، وقد يكون هذا هو الدافع الأساسى من الخطف».

مؤمن يؤدى الحج مع والده قبل اختطافه

حاول والد الطفل أن يقنع المتواجدين بالقسم بسماع شهادة السائق، إلا أنهم يستمعون له، وأنتظر ولكن الانتظار طال ولم يتصل به أحد، بدأ فى نشر صور طفله على مواقع التواصل الاجتماعى للبحث عنه، وعرض مكافأة مالية 100 ألف جنيه لمن يدلى عنه أو يعثر عليه، وأتى الإعلان بنتيجة فأخبره أحد المشاركين بالصفحة أنه شاهد نجله بمنطقة شبرا الخيمة يتسول بصحبة آخرين، فتوجه لقسم الشرطة وأخبرهم بما حدث.

استدعت الشرطة سائق التوك توك بعد مرور 28 يوما من الخطف، كما استدعت خبيرا لرسم ملامح الخاطفين، وتم توزيع رسم المتهمتين على الأقسام، وتوالت مشاهدات الطفل بمنطقة شبرا الخيمة لدرجة أن أحد الأشخاص صور الطفل بالمنطقة وأرسل الصورة لوالده، وتأكدت «الشروق» من الصورة بعد أن اطلعت عليها، وأكد أنها فى منطقة شبرا ولكنه لم يستطع تصوير المتسول خوفا على حياته.

دب الأمل من جديد فى قلب والد الطفل، وأبلغ الشرطة على أمل مداهمة المنطقة بعد معرفة مكان اختطافه، وعرض الصورة على خبير وجوه للتأكد من أنه طفله، وأفاد الخبير بمطابقة الصورة لطفله، لكن الشرطة حتى هذه اللحظة لم تتحرك.

توجه والد الطفل لمنطقة شبرا الخيمة، وظل يبحث عن طفله وسط المتسولين، ويقول: فتشت كثيرا جدا على مدى أيام فى وجوه الأطفال المتسولين.. جلست على المقاهى وفتشت فى الحوارى والشوارع لعلى أصل إليه دون جدوى.. الآن يعيش ابنى بين المتسولين والخاطفين.

البلطجية والأقارب والجيران.. بوابة العبور للطفل المخطوف

«صورة أرشيفية»

فى استطلاع لـ«الشروق» أجرته مع 15 أسرة فقدت أبناءها في حوادث اختطاف متفرقة، تبين أن كثيرا من حالات الخطف وقعت على أيدى جيران أو أقارب لأسر الأطفال المختطفين، أو أشخاص اطلعوا على الطبيعة المادية لتلك الأسر، ففي القاهرة، وبالتحديد فى منطقة حدائق القبة مثلا، شهدت جريمة خطف طفل يبلغ 5 أعوام وطلب فدية من شخص مجهول مقابل الحصول على أموال لاستعادة الطفل مرة أخرى، حاول الأهالى بكل الطرق معرفة الخاطف والتوصل إليه، إلا أن محاولاتهم فى البحث عن نجلهم باءت بالفشل.

وكانت المفاجأة من خلال تحريات القوات الأمنية اتضح أن جارهم الذى كان يشارك فى البحث عن الطفل مع الأهالى هو الذى اختطفه، بعد مداهمة قوة أمنية لمنزله وجد الطفل موثقا بحبل بكرسى بعد 5 أيام من تاريخ اختطافه، واعترف المتهم بأنه أراد الحصول على أموال من أهالى الطفل.

وفى الشرقية تجد صدى مقتل الطفلة اليتيمة حبيبة، 4 سنوات، على يد أحد أقاربها ما زال يدوى فى المحافظة، فبعد تحرير محضر وبمرور أكثر من 5 أيام على البحث عن حبيبة تبين أن وراء قتلها شقيق زوج خالتها، لسرقة قرط بأذنها، والذى انهمر فى البحث مع جدها عليها.

ــ حسب مصدر رسمى بخط نجدة الطفل ــ فإن محافظة القاهرة هى أكبر المحافظات التى يتعرض فيها الأطفال لعمليات الخطف، يليها محافظة الجيزة، ثم تتدرج الأرقام فى الانخفاض للقليوبية وسوهاج والشرقية والإسكندرية، مشيرا إلى أن خط نجدة الطفل تلقى أكثر من 2 مليون بلاغ منذ إنشائه، تباينت ما بين بلاغات خطف وأطفال شوراع وإساءة معاملة وغيرها.

وأضاف المصدر، الذى فضل عدم نشر اسمه، أن الخط تلقى فى 3 أيام من شهر أغسطس الماضى فقط، ما يقرب من 47 بلاغا بخطف أطفال، مشيرا إلى أن بلاغات الخطف منذ عام 2005 الذى وصلت للخط حوالى 350 بلاغا.

واستدرك أن نسبة 50% من تلك البلاغات تلاقها الخط فى الفترة الأخيرة عقب ثورة 25 يناير، مؤكدا أن أغلبية حالات الخطف سواء عادت أم لا، تتواصل مع خط نجدة الطفل، وأنهم تابعوا حالات كثيرة تعرضت للخطف والعودة، ولم يتلق الخط أى اتصال من أولياء أمورهم.

وعن الإجراءات التى يتخذها الخط بتلقيه بلاغات الخطف، قال إن الخط لا يعتبر جهة ضبط، وإنما يتم تعميم صورة الطفل على مراكز والأماكن الخاصة بدور الأيتام والتابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، ويحرر بلاغ لتقديمه للنائب العام، لاتخاذ الإجراءات القانونية. وأضاف أن الفئة العمرية المهدده بكثرة بالخطف من سن عام وحتى 6 أعوام.

إلا أن أسرة منكوبة أدلت بروايتها لـ«الشروق» عن إهمال خط نجدة الطفل لأسرتهم. فيقول «ع.ع»، إن “ابنة اخته تعرضت لعملية اختطاف منذ أسبوعين، وأبلغوا خط نجدة الطفل الذى طلب منهم إرسال صورة لها، ولم يتحرك، ثم وجدت أسرتها الطفلة بعد أن تعرضت لعملية اغتصاب على يد صبى يعانى الإعاقة الذهنية، واتصلوا مجددا بخط النجدة لتقديم المعونة النفسية والبدنية للطفلة البالغة ثمانى سنوات، إلا أنهم لم يجدوا استجابة من الخط.

10 نصائح ضرورية لمنع حوادث الاختطاف من المدارس والمولات وأمام المنازل

«صورة أرشيفية»

خلال إجراء التحقيق تبين أن هناك مجموعة من الأخطاء التى ارتكبها آباء الأطفال المخطوفين من دون قصد، أدت لاختطاف أبنائهم؛ لذا تنشر «الشروق» 10 نصائح قد تمنع حوادث الاختطاف إذا التزم أولياء الأمور بها:

1 ــ عدم ترك الأطفال بمفردهم أبدا حتى ولو فى مكان مغلق «نادٍ أو مطعم أو ملعب» مثلا.

2 ــ الدخول مع الطفل دورات المياه وعدم تركه بمفرده، مع مراعاة أن الأطفال المستهدفين خطفهم ما بين 3 أعوام و7.

3 ــ فى حالة الذهاب لأماكن مزدحمة مثل المولات أو السوبر ماركت أو محلات الملابس ضرورة وجود الطفل مع الأم أو الأب ووجوده بشكل دائم أمام عينيه.

4 ــ ضرورة التنبيه على الطفل بعدم التحدث مع الغرباء أو الذهاب معهم لأى مكان أو تناول أطعمه منهم.

5 ــ فى حال لاحظ الآباء شخصا يتودد إليك أو لطفلك بشكل مفاجئ أو مثير للشك يرجى ضرورة أخذ الحذر منه وعدم ترك الطفل معه.

6 ــ محاولة منع الأطفال اللعب فى الشارع حتى ولا فى النهار بدون رقابة دائمة عليهم.

7 ــ توصيل الطفل وإحضاره من المدرسة بشخص الأم أو الأب وعدم السماح لأحد إحضاره مهما كانت درجة القرابة حتى لا يتعود الطفل على أن يصطحبه للمنزل أى شخص.

8 ــ التنبيه على الطفل عدم مغادرة المدرسة إلا أثناء وصول الأب أو الأم، ويفضل الاشتراك فى «باص» خاص بالمدرسة وتكون عليه مشرفة مسئولة عن إحضار الطفل.

9 ــ الحرص على ألا تجعلى طفلتك ترتدى أقراطا أو سلسلة أو قطع ذهبية ثمينة كلما أمكن.

10 ــ لا تترك الطفل مع أى شخص حتى ولو للضرورة القصوى، واصطحابه معك.

خبراء نفسيون: الطفل المخطوف يتعرض للاكتئاب ويحمل رغبة فى الانتقام من المجتمع

الطب النفسى قد يمنح دعما ومساندة للأطفال الذين تعرضوا لتجارب اختطاف. هذا ما يظهر بوضوح من كلام أساتذة الطب النفسى الذين تحدثت «الشروق» معهم، مؤكدين أن هناك عدة خطوات وإجراءات يجب اتباعها، فى حال تعرض الأطفال لتجارب اختطاف.

الدكتور هاشم بحرى، رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر، ركز على أن تأثر الأطفال بحوادث الخطف التى يتعرضون لها يكون له أثر على المستوى القريب وأثر آخر على المستوى البعيد، وهو ما يهدد حياة الطفل بالكامل عندما يكبر ويتعامل مع المجتمع بمفرده.

وأضاف بحري: إذا كان الخاطف له علاقة بأسرة الطفل، سواء زميل عمل أو جار أو أحد الأقارب، وهو الأغلب فى حوادث الخطف، يؤدى بالطفل إلى حالة من القلق الشديد والاكتئاب وهى الأعراض العادية التى يتعرض لها أى طفل مختطف، لكن تلك الأعراض تتزايد خاصة مع حالات الخطف من أفراد لهم علاقة بالأسرة، فتكون حالات القلق والاكتئاب شديد، بالإضافة لفقدان الطفل للثقة وعدم الإحساس بالأمان بدافع أن من كان عليه الدفاع عن الطفل وحمايته هو من عرضه للأذى، ويفقد الطفل الشعور بالأمان حتى مع أقرب الناس إليه.

أما الأثر النفسى الذى يتعرض له الطفل المختطف على المدى البعيد، كما يوضح بحرى، هو حدوث أزمة نفسية يتعرض لها الطفل بعد كل فترة توتر عصبى أو حادث ما أو أزمة حياتية عادية، فيحدث للشاب أو الرجل الذى يعانى من آثار نفسية نتيجة تعرضه للاختطاف فى صغره، اضطرابات نفسية شديدة وأعراض خوف شديدة جدا، ويشعر بأنه تعرض لظلم كبير وقد يفكر فى كونه الوحيد الذى تعرض لهذا الظلم، خاصة لو كان الخطف مصاحبا باعتداء جنسى، فيبدأ الشخص فى التفكير فى الانتقام والاعتداء على آخرين حتى يكون الكل متساويا فى الظلم ويفرغ هذا الشخص الطاقة السلبية بداخله تجاه أطفال جدد انتقاما من المجتمع.

وأشار بحرى إلى أنه على الأب والأم اللذين تعرض طفلهما لاختطاف بأن يقوما بزيارة العيادات النفسية المتخصصة للأطفال الذين تعرضوا لمشاكل الخطف أو ما شابه، لأن العلاج يكون مزدوجا، علاجا فرديا وعلاجا مجتمعيا، والأهالى لن يستطيعوا وحدهم التعامل مع حالة الطفل، ولابد من تأهيل الأب والأم يساعدهما على طريقة التعامل مع الطفل؛ حتى يشفى من الألم النفسى الذى تعرض له حتى لا تتفاقم المشكلة وتصبح أكثر تعقيدا.

وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن حوادث الخطف تترك أثرا بالغا فى نفوس الأطفال من تعرضهم للضرب أو التعذيب على أيدى الخاطفين، خاصة صغيرى السن، مشيرة إلى أن أولياء الأمور يقع على عاتقهم مسئولية كبيرة فى الخروج بالطفل من أزمة الخطف والآثار الناتجة عنها.

وتابعت أنه فى حالة خطف الطفل يستخدم الخاطفين أساليب لترهيبه ومنعه من الصراخ أو الاستغاثة وهددوه بالقتل أو الضرب أو المنع من الأكل، لذا يبدأ عن الطفل شعور الخوف ويتغذى على أفكاره ومخيلته بأنهم سيقتلونه أو يلحق به الأذى خاصة مع عدم رؤيته لأحد من أهله حتى يطمئن، وتزيد تلك الأفكار بتزايد تواجده مع الخاطفين إلى أن يصبح شعورا دائما.

وبمجرد تحرير الطفل من أيدى خاطفيه، يكون قد اتسمت شخصيته بمجموعة من المشاعر السلبية والأساليب العدائية منها الخوف الدائم من كل شيء والذهول، وإمكانية التحول لإنسان جبان، فضلا عن أنه يبدأ فى البكاء من أى شيء، ويتحول نومه لكوابيس تطارده ليصبح النوم بشكل متقطع.

وأضافت أنه يحاول الابتعاد عن أشقائه وأصدقائه والانفراد بنفسه، وغالبا ما تمثل غرفته السجن الذى يلجأ إليه، مكونا لديه جزء سوداوى من الشخصية التى تحقد على الآخرين.

ووضعت أستاذ علم الاجتماع مجموعة من الحلول للخروج بالطفل من الأزمة والتى ترتكز أولها بعدم ذكر أى تفاصيل عن واقعة الخطف امام الطفل مرة أخرى أو محاولة إرهابه من النزول للشارع بل تتم محاولة إدراجه وعودته للمجتمع مرة أخرى بتشكيل أصدقاء له والاشتراك فى مجموعة من الألعاب القتالية ليولد لديه الشعور بالقوة ومعرفة الدفاع عن نفسه، والاشتراك فى ألعاب تقوم فى الجانب الأول على المجموعات لتعزيز الجانب الاجتماعى لديه.

وأشارت إلى أنه على الأسرة دائما محاولة تحويل الطفل لإنسان ناجح بإبداء السعادة والجوائز له حال فوزه بلعبة أو تحصيل درجات عالية بالمدرسة حتى يترك حادث الخطف بآثاره السلبية وراء ظهره.



الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى