الأخبار

نهر النيل ليس منحة لـ«مصر أو إثيوبيا»

 

 

101

 

تأتى زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبى فى إطار عمل مكتب تنسيق العلاقات المصرية الإثيوبية وقرب اكتمال تشكيل هيئته من الجانبين، الذى جاء كإحدى نتائج زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إثيوبيا فى مارس الماضى، كون هذا المكتب يمثل آلية للتواصل المباشر على المستوى الشعبى، ومن المنتظر أن تسهم تلك الآلية فى الارتقاء بأطر ومجالات التعاون بين البلدين فى كافة المجالات، والمساهمة فى تقريب وجهات نظر البلدين بشأن ملف سد النهضة

«الوطن»، حاورت ممثلتى وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبى، نائب رئيس جامعة «أديس أبابا»، هيروت ولد ماريام، والرئيسة السابقة لغرفة تجارة «أديس أبابا» مولو سولومون، اللتين، أكدتا، أن لقاءهما مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووزير الخارجية المصرى سامح شكرى، شهد مناقشة العديد من النقاط، من بينها إطلاق مبادرة على المستوى الشعبى لبدء عهد جديد بين الشعبين المصرى والإثيوبى، ومحاولة تقريب الشعبين للعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية والتكامل وتعزيز التفاهم بين البلدين على المستويين الشعبى، والرسمى، وأشارت هيروت ولد ماريام، إلى وجود فرص هائلة للشركات المصرية للعمل فى إثيوبيا، وأنه تم الاتفاق مع المسئولين المصريين على تنفيذ العديد من المشروعات المشتركة خلال الفترة المقبلة.

ممثلتا وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبى: نسعى لأن يكون «سد النهضة» منطقة تكامل اقتصادى وليس «خلافات»

من جانبها، قالت مولو سولومون، الرئيسة السابقة لغرفة تجارة «أديس أبابا»، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى ساهمت كثيراً فى تعزيز العلاقات بين البلدين، كما أنها كانت زيارة «تاريخية»، وأشارت «سولومون» إلى أن المواطنين الإثيوبيين لا يمكن أن يقبلوا بأى شكل المساس بحقوق مصر فى مياه النيل بسبب سد النهضة، فنحن نسعى إلى أن يكون سد النهضة منطقة تكامل اقتصادى وليس منطقة خلافات.

زيارة «السيسى» التاريخية إلى «أديس أبابا» عززت العلاقة بين البلدين.. وأطلقنا المبادرة الشعبية لبدء عهد جديد بين الشعبين

■ نبدأ بالسيدة «مولو»، بعد لقائكم الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الخارجية سامح شكرى، ما أبرز الموضوعات التى تمت مناقشتها؟

– «مولو»: لقد ناقشنا العديد من النقاط، منها إطلاق مبادرة على المستوى الشعبى لبدء عهد جديد بين الشعبين المصرى والإثيوبى، ثم العمل معاً للتقريب بين الشعبين لتحقيق التنمية الاقتصادية والتكامل، كما نسعى لتعزيز التفاهم بين البلدين ليس فقط على المستوى الرسمى وإنما على المستوى الشعبى، حتى يستطيع الشعب الإثيوبى فهم المواقف المصرية والعكس، وكل ذلك يصب فى إطار بناء الثقة، وعندما يحدث ذلك نستطيع إيجاد صيغة للتفاهم والتعايش السلمى بين البلدين، فالبلدان يرتبطان بعلاقات منذ قديم الأزل، فمصر وإثيوبيا من أبناء النيل، ونحن نعتقد أن بيننا نوعاً من التفاهم فنحن شعبان شقيقان، نعمل من أجل خلق نوع من التفاهم، وفى النهاية لن يكون أحد الشعبين سعيداً بمشكلات وشقاء الشعب الآخر، فلا يوجد أحد فى مصر أو إثيوبيا يمكن أن ينعم بالحياة فى الوقت الذى يعانى فيه الآخر من الجوع أو العطش، وهذا لا ينطبق على بلدينا فحسب، فإذا كانت هناك مشكلة فى اليابان أو بنجلاديش لا تستطيع كإنسان أن تدير ظهرك لهم، ويجب المساهمة المادية لحل مشكلات العالم المختلفة، تلك المشكلات التى لم تتسبب بها الطبيعة بل هى من عمل الإنسان، فالسياسيون تسببوا فى خلق العديد من المشكلات فى العالم، والعالم أصبح كياناً واحداً يتأثر ببعضه وقد خلقنا الله لنحيا فى عالم آمن ومسالم وخال من القلق وهذا من حق الجميع، وإلا فكلنا سنتحمل النتائج.

■ سيدة «ولد ماريام»، هل هناك فرصة لتعزيز التعاون مع مصر فى مجالات معينة مثل الاستيراد والتصدير من أجل تحقيق التنمية المشتركة بين البلدين بعيداً عن أى الخلافات؟

– «ولد ماريام»: بالطبع هناك فرصة لذلك، فهناك العديد من المجالات التى يمكن للشركات المصرية العمل فيها فى إثيوبيا ولا يشترط مجالات معينة مثل البناء والتعمير، فهناك شركات صينية وآسيوية أخرى، إضافة إلى أن الأوروبيين يستثمرون فى إثيوبيا فى مجالات متعددة مثل التعدين، فالبلاد لديها مخزون من الفحم والحديد والذهب والأحجار الكريمة، إضافة إلى الصناعات التحويلية، حيث يمثل هذا القطاع نحو 4% من الاقتصاد الكلى.

■ كيف ترين الارتباط بين الشعبين المصرى والإثيوبى؟

– «ولد ماريام» يعود الارتباط بين مصر وإثيوبيا لأكثر من ألف عام، فقد دخلت المسيحية إلى إثيوبيا فى القرن الرابع الميلادى على يد القديس فرومنتيوس الذى كان مسقط رأسه الإسكندرية، ورُسم مطراناً على الحبشة، ومن هنا حدث تلاق بين اللغة الحبشية واللغة القبطية عن طريق 9 رهبان ذهبوا إلى الحبشة لتعليم الأحباش العقيدة الأرثوذكسية، حيث نقلوا الأسفار المقدسة وكتب الطقوس وغيرها إلى اللغة الحبشية لفهم الدين وأداء العبادات، ويدرس هذا التاريخ فى المدارس الإثيوبية، ومن هنا نجد أن مصر تمثل ما هو جميل بالنسبة للأطفال.

اتفاق على مشروعات مشتركة بين البلدين والمجال مفتوح لاستثمارات الشركات المصرية فى «أديس أبابا»

■ ما قائمة المشروعات التعاونية التى اتفقتم عليها مع المسئولين المصريين لبدء العمل فيها؟

– «ولد ماريام»: ليس لدىَّ أجندة أو توقيت تلك المشروعات، لكننى أعلم أنه اُتفق على عدد من مشروعات فى إطار استراتيجية التعاون بين البلدين.

■ سيدة «مولو»، هل صحيح أن بناء سد النهضة سينتهى عام 2017؟

– «مولو»: لا نستطيع تأكيد أو نفى ذلك، لأن الأمور الفنية لها لجان متخصصة تستطيع الحديث عن ذلك باستفاضة ودقة.

ما تداولته الصحف عن تصريحات إثيوبية مسيئة لمصر «كلام فارغ».. ووسائل الإعلام مطالبة بـ«الدقة» حتى لا تتضرر العلاقات

■ هل من الممكن أن نشهد قريباً الإعداد لزيارة جديدة للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إثيوبيا أو زيارة لرئيس الوزراء الإثيوبى إلى مصر؟

– «مولو»: ليست لدينا معلومات، ولكن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إثيوبيا جاءت بعد طول غياب، وكانت زيارة تاريخية بحق، حيث حققت نتائج مهمة، منها تعزيز العلاقات بين البلدين وتبادل زيارات وفود الدبلوماسية الشعبية وزيادة التنسيق بين البلدين، وربما نرى زيارة مماثلة من رئيس الوزراء الإثيوبى ليتحدث إلى البرلمان المصرى كما فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى وترك انطباعاً جيداً ومؤثراً، خاصة عندما ذكر بدء عهد جديد بين البلدين قائم على الود والاحترام، كما أن كلمات الرئيس السيسى أمام البرلمان الإثيوبى كانت ملهمة، وأسهمت فى بناء الثقة على المستويين الرسمى والشعبى، حيث أشار الرئيس السيسى إلى بدء عهد جديد بين البلدين يميزه التعاون والإخاء لتحقيق المصالح المشتركة للشعبين المصرى والإثيوبى، وهذا ما شعرنا به جميعاً، حيث كانت هناك رغبة صادقة للتعاون وحل المشكلات العالقة.

■ هل هناك نوع من الضمان ألا يؤثر سد النهضة على حصة مصر المائية من نهر النيل؟

– «مولو»: لا نستطيع أن نعطى رأياً فنياً، ولكن ما نستطيع أن نؤكده هو أنه لا يمكننا كمواطنين إثيوبيين أن نقبل بإلحاق أى ضرر بمصر بسبب بناء سد النهضة، فنحن نرغب فى التعاون بين البلدين ونخطط لخلق مجالات للتكامل بين البلدين بما يحقق الخير للجميع، ولن نسمح بأى ضرر يحدث لمصر أو أى دولة من دول حوض النيل الذى نسعى أن يكون منطقة متكاملة اقتصادياً وليس منطقة خلافات.

■ قبل أيام، نقلت بعض المواقع الإخبارية مؤخراً تصريحات منسوبة لمسئولين إثيوبيين مسيئة لمصر، ومنها أن مصر لا تستطيع أن تخوض حروباً حالياً نظراً لما تعانيه من مشكلات اقتصادية إضافة إلى الحرب ضد الإرهاب فى سيناء، فكيف ترين هذا الأمر؟

– «مولو»: اسمح لنا، هذا «كلام فارغ» ولم نسمع بهذا، ولا يمكن أن يصرح أى إثيوبى سواء مسئول أو حتى على المستوى الشعبى بمثل هذه التصريحات والتعليقات، وهذا الكلام تتناقله وسائل الإعلام دون تدقيق، ولهذا نرى أن الحوار المتبادل بين مصر وإثيوبيا مهم للغاية حتى لا يتم ترويج شائعات ونسبتها إلى أى طرف، كما أن الصحف ووسائل الإعلام مطالبة بالتأكد مما تنشره حتى لا يتسبب ذلك فى إلحاق أى ضرر فى العلاقات بين البلدين، ويجب علينا التأكد من صحة الأخبار والتصريحات المتداولة وألا نتناولها وكأنها من المسلمات.

■ تواردت فى الآونة الأخيرة أنباء عن وساطة إماراتية مكثفة لتحريك المياه الراكدة بين البلدين، ما صحة ذلك؟

– «مولو»: فى الواقع لا نعلم تفاصيل تلك المبادرة الإماراتية، لكننا نرى أن المبادرات يجب أن تدعمها إرادة من الشعبين المصرى والإثيوبى، فمهما كثر عدد المبادرات أو قلت، فإن التأثير الأقوى يرجع للرغبات الصادقة من الشعبين حتى يمكن أن تؤتى تلك المبادرات ثمارها الملموسة، ودورنا كوفد دبلوماسية شعبية هو دعم التواصل على المستوى الشعبى وعدم قصره على المستويات الرسمية، فقد تتغير الأنظمة والحكومات ويبقى التواصل بين الشعوب قائماً دون تغيير.

■ كيف ترين الحلول المقترحة التى يمكن من خلالها التفاهم بين البلدين؟

– «مولو»: أولاً وقبل كل شىء، يجب علينا التفكير كأشقاء ويجب على الشركات من البلدين الاستثمار فى المجالات المختلفة، وستكون هذه فرصة للتبادل الثقافى وتحقيق التفاهم، كما يجب التعاون فى مجالات مثل التعليم الجامعى والمنظمات النسائية، ومن المسائل المهمة أيضاً أنه يجب علينا وضع استراتيجية من الجانبين يتحدد فيها: «ماذا نفعل؟ ومن أين نبدأ؟ ومن سيشارك؟»، وبعد ذلك يجب العمل على مختلف القضايا العالقة بين البلدين، ويتم التدرج فى ذلك على كل الأصعدة والمستويات، وبهذا يصبح إنجاز الأعمال الكبيرة أمراً سهلاً مع التأكيد على الالتزام، وكدبلوماسية شعبية نستطيع أن نقترب من رجل الشارع لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الشعبين.

■ كيف استقبلكم الرئيس عبدالفتاح السيسى؟ وماذا ناقش معكم؟

– «مولو»: لقد عبر الرئيس عبدالفتاح السيسى عن دعمه لنا، وأكد لنا أنه من الضرورى البدء فوراً فى تنفيذ استراتيجية وبرنامج على المدى الطويل للتنمية وتطوير العلاقات ليمتد من مصر وإثيوبيا إلى بلاد حوض النيل كافة ثم للقارة الأفريقية ومن بعدها إلى العالم كله، وربما يستغرق ذلك وقتاً ولكن يجب العمل على ذلك فوراً، ويجب علينا العمل معاً فى أى مسائل عالقة بين الجانبين، وأن نجلس معاً ونناقش ما يتردد من تصريحات من الجانبين، ومن صرح بذلك؟ ولماذا؟ ومن المهم التأكيد أن هناك من يختلق تصريحات وأخباراً لا أساس لها ويروجها، ولهذا نحتاج إلى أن نثق ببعضنا ونجلس معاً فى إطار علاقة المنفعة للجميع، حيث إن نهر النيل ليس منحة لإثيوبيا أو مصر، وإنما منحة للجميع لكى نتشارك فيه ونستفيد منه، وبالطبع العمل المشترك سيحل أى مشكلات عالقة، وسوياً سنكون أقوى وأكبر من أى مشكلات، ونستطيع التغلب على أى تحديات وإنجاز أصعب المهام.

الشعب الإثيوبى لا يرضى بأن تتضرر مصر من «سد النهضة».. والرغبة الصادقة فى حل الأزمة المثارة حالياً هى المؤثر الأقوى حتى تأتى بنتائج ملموسة للعودة بالعلاقات الجيدة التى كانت بين البلدين

■ كيف يمكننا أن نتواصل بشكل أكبر لفهم المخاوف المتبادلة بين البلدين؟

– «مولو»: يجب علينا الجلوس معاً كى نستمع إلى بعضنا البعض وفهم المخاوف المتبادلة، وإذا أمكننا الوصول إلى تلك المرحلة نستطيع التأسيس لاستراتيجية تراعى أن تكون المكاسب للجميع، وهذا ليس منة من طرف معين، بل هو حق الجميع، وكل ما يتطلبه الأمر هو الإنصات والفهم، ومن الغباء أن يظن المرء أنه قد يستطيع العيش بينما يعانى إخوته من المشكلات، ويجب على كل طرف أن يضع نفسه مكان الآخر، وهكذا يستطيع المرء أن يقرر ما يتخذه من قرارات بموضوعية، وهذا هو سبب مناقشتها وهو تحديد كيفية العمل معاً لحل المشكلات، والأهم هو العمل من أجل خلق مناخ إيجابى بين الأجيال الجديدة، وسنعمل أيضاً مع الأجيال الحالية لكنها تحتفظ بأفكار من عهود سابقة منها الشك والطاقة السلبية وقد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى يمكن تغيير طريقة تفكير الأجيال الحالية، وبالطبع سنؤدى واجبنا نحوها، لكن الشىء الأهم هو العمل على الأجيال المقبلة التى لا تتعصب لأيديولوجية معينة، ولهذا يجب اعتماد استراتيجية «ضع نفسك مكانى» فى كل شىء، وستستطيع تلك الأفكار أن تغير واقعاً فى العهد الجديد بين البلدين ولكن يجب علينا التفكير بطريقة مختلفة عن الماضى وطرح حلول من خارج الصندوق، فنحن الآن فى ظروف مختلفة وعالم مختلف، وقد أصبحت فرص الحياة والاستثمار كبيرة، وأصبح العالم وكأنه دولة واحدة وبإمكان مصر وإثيوبيا إطعام العالم إذا اهتمت كل منهما بمواردها الطبيعية، وباستخدام التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة قد لا نحتاج لنفس كميات المياه التى نستخدمها فى الوقت الحالى، وسوياً نستطيع إنجاز العديد من الابتكارات والحلول إذا قررنا أن نسير معاً فى اتجاه واحد ونحل مشكلاتنا سوياً مع الحب والإخاء المتبادل يمكن تحقيق ذلك فعلياً.

■ وهل ترون دوراً لوسائل الإعلام فى محاولة الوصول إلى أقصى درجات التفاهم بين البلدين بهدف حل أزمة «سد النهضة»؟

– «مولو»: بالطبع نحن نحتاج إلى مشاركة الجميع، ومنها وسائل الإعلام، لتحقيق ذلك بدلاً من الترويج لأناس ينشرون معلومات مغلوطة للتفريق بيننا والترويج لنظريات المؤامرة، فالكلمة لها قوة وسحر وتأثير كبير.

«سولومون» و«ولدماريام» تتحدثان لـ«الوطن»

 

«سولومون» خلال حوارها لـ«الوطن»

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى