الأخبار

تشريعات «على مقاس» الأهل والعشيرة

45

 

بدأ عهد الرئيس محمد مرسى فى ظل فراغ تشريعى، فحينما اعتلى كرسى الرئاسة فى 30 يونيو من العام الماضى، كان مجلس الشعب قد تم حله قبلها بأيام، ولم يبق هناك سوى مجلس الشورى ذى الصلاحيات شبه المنعدمة، الا أن سرعان ما باغت مرسى الاوساط السياسية بإعلانه الدستورى الشهير فى نوفمبر 2012، الذى حصن من خلاله قراراته والجمعية التأسيسية للدستور، كما حصن مجلس الشورى حتى لا يحل كما حدث مع مجلس الشعب، وجاء ذلك الإعلان ليكون أول أداة قمع واضحة لمرسى وحدت صفوف المعارضة ضده، خاصة أنه أصدره بعد اجتماعه مع عدد من القوى السياسية التى أكدت عدم علمها بصدور هذا الإعلان.

كان من ضمن التشريعات الشائكة خلال هذا العام وأكثرها خطرا وإثارة للجدل هو الدستور المصرى الذى تمت صياغته من جانب اللجنة التأسيسية للدستور (اللجنة الثانية بعد أن قررت المحكمة الدستورية حل اللجنة الأولى فى أبريل 2012)، والتى تضمنت عددا من أعضاء مجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى وممثلى تيارات مختلفة، وان كانت التيارات المدنية والمرأة ضعيفة التمثيل بها، وفى ذروة احتدام الصراع قررت اللجنة التأسيسية الانتهاء من الدستور فقررت التصويت على مواده خلال 24 ساعة يوم 29 نوفمبر 2012 ثم أرسله حسام الغريانى رئيس «التأسيسية» لمرسى ليطرحه للاستفاء، ويعتمد كدستور للبلاد فى 25 ديسمبر 2012.

وتضمن الدستور فى باب المواد الانتقالية مادة تمنح مجلس الشورى حق التشريع حتى الانتهاء من انتخابات مجلس النواب، وذلك حتى لا يحدث فراغ تشريعى فى البلاد، وبعد إقرار الدستور أصدر مرسى قرارا بتعيين 90 عضوا بمجلس الشورى طبقا للدستور الجديد، وبدأ مجلس الشورى يمارس دوره التشريعى بالعمل على قانونى «مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب» إلا أن القانونين رفضتهما المحكمة الدستورية نظرا لانعدام وجود توزيع عادل للدوائر الانتخابية ومخالفتهما الدستور فى مواد تغيير الصفة الحزبية وكوتة المرأة، وعاد القانون مرة أخرى إلى مجلس الشورى الذى توسع فى سلطات التشريع رغم كون سلطاته التشريعية مؤقتة وبدأ وضع تشريعات فى مجالات مختلفة كان من المفترض أن تترك لمجلس النواب، ومن التشريعات التى أثارت الكثير من اللغط حولها قانون الصكوك الإسلامية وقانون العمل الأهلى وقانون التظاهر وقانون ضربية الدخل وضريبة الدمغة.

واستخدم «الشورى» سلطاته ليبدأ معركته مع القضاة من خلال مشروع القانون الذى تقدم به حزباً «الوسط» و«الحرية والعدالة» لتعديل قانون «السلطة القضائية»، والذى أثار حفيظة القضاة والمعارضة داخل الشورى وخارجه، وتم تمرير القانون من الجلسة العامة دون مناقشته من جانب الأعضاء، فى وقت تعالت فيه أصوات نواب التيار المدنى بهتاف «باطل.. باطل» ضد القانون وهم يرتدون أوشحة مكتوباً عليها «إجراء باطل لقانون باطل»، كما ناقش مجلس الشورى موازنة الدولة للعام المالى 2012 – 2013 فى جلسة عامة وما زالت اللجان النوعية تناقش الموازنة فيما يخص كل لجنة.

أما المعارضة داخل الشورى فتمثلت فى عدد من الأحزاب المدنية وبعض المستقلين الذين لم يتم الالتفات لآرائهم داخل المجلس إلا قليلا، وأدى التضييق على المعارضة فى نهاية الأمر إلى اتحاد نوابها فى كيان واحد تحت قبة البرلمان باسم «التيار المدنى بالشورى» يضم ما يقرب من 70 نائبا يحاولون بلورة مواقف موحدة حول القوانين التى يتم طرحها فى الشورى.

أما أحدث المفاجآت فجاءت مؤخرا من طرف المحكمة الدستورية التى حكمت بحل مجلس الشورى وإن ارجأت تنفيذ هذا الحكم إلى ما بعد انعقاد مجلس النواب، وهو ما يعنى أن «الشورى» ما زال مستمرا فى أداء دوره التشريعى حتى ذلك الحين.

ولتقييم مسيرة السلطة التشريعية خلال العام الأول لولاية مرسى، قال الدكتور يسرى العزباوى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والخبير بالشئون البرلمانية، إن أبرز ما تم من تشريعات وأكثرها خطورة خلال هذا العام كان الدستور الذى خرج بصورة لا تعبر عن طموح المصريين وتنوعهم، وذلك باعتراف الدستوريين والإخوان أنفسهم، كما صرح بذلك العريان، وهذا يؤكد لنا أن الدستور تم «طبخه» لصالح جماعتهم وليس لصالح البلاد.

وأضاف العزباوى أن التشريعات الخاصة بالعملية الانتخابية ومباشرة الحقوق السياسية تحتاج لمراجعة كاملة، رغم أنه من المفروض أن يمارس «الشورى» سن القوانين فى أضيق الحدود، لكنه أنجز العديد من التشريعات التى تم توجيهها لخدمة الاخوان المسلمين مثل قانون العمل الأهلى الذى توجد به مشاكل لا حصر لها.

فى المقابل، فان «الشورى» لم يبد أى اهتمام بالتشريعات الخاصة بالعدالة الاجتماعية والتى تخص المواطن واحتياجاته، كما لم يهتم باصدار قانون لانشاء الهيئة المستقلة للإعلام، فى مقابل ذلك انصب تركيزه على قانون السلطة القضائية، وهو على أهميته إلا أنه يحتاج لمجلس النواب لمناقشته.

من جهته، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الباحث فى الشئون البرلمانية، إن مجلس الشورى – الذى تم إسناد مهمة التشريع له بعد 4 أشهر من بداية حكم مرسى – مارس نوعا من التوغل فى سلطة التشريع، بينما كان من المفروض تأجيل مناقشة العديد من القوانين إلى مجلس نواب حقيقى، فـ«الشورى» ليس جهة تشريع فى الأساس، وإنما هو مجلس استشارى، ولم ينتخبه أكثر من %12.75 من جموع الشعب المصرى، وبالتالى فان الحديث عن تمثيله للشعب ليس دقيقاً على الإطلاق، ومع ذلك ناقش «الشورى» تشريعات لم يكن له أن يناقشها مثل قوانين الصكوك والتظاهر وكادر الأطباء والمجتمع المدنى.

المال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى