الأخبار

جريمة قتل سنيمائية في مدينة السلام

137

 

 

إنها ليست جريمة قتل عادية.. لم يتعظ المتهم من 25 عامًا قضاها خلف القضبان في حكم قضائي صدر ضده، فعاد مرة أخرى سجينًا، في واقعة هزت مدينة السلام بالقاهرة.. لم يُصدق سكان الشارع ما شاهدوه من قتل وتمثيل بالجثة، وكأنهم يُتابعون فيلم ”الأرض لو عطشانة”.. لكن ارتاح بالهم، حينما ألقت أجهزة الأمن القبض على الجُناة، لتقديمهم للعدالة.. الواقعة بالتفصيل في السطور التالية:

على مقهى بلدي بأحد شوارع مدينة السلام.. تحديدًا في دائرة السلام ثان، وفق التقسيم الجغرافي لأجهزة الأمن بالقاهرة.. جلس ”يحيى” بعد خروجه من السجن، عقب فترة قضاها بلغت 25 عامًا، بعد إدانته في جريمة.. الأصدقاء والجيران كانوا يُسارعون لتهنئته بالعودة من ”قبر الحياة” كما يصف السجناء محابسهم.

سلام، وعناق، وأحاديث عن الماضي كانت تدور على هذا المقهى.. ذكريات من الطفولة.. وأخرى من تلك السنوات القاسية التي قضاها خلف القضبان.. الجلسة لم تكن كافية ليحكي كل الذكريات عن ربع قرن في السجن، لكنه ذكر أهم مواقفه هناك.. وفجأة توقف الحديث، وتغيرت الملامح، وفار الدم في عروق ”يحيى” عندما شاهد شخصًا يقترب منه، ليُهنئه بحريته.. لم يفهم المُحيطون به السبب.. لكنهم فسروا هذا الغضب بعد أن اقترب منهم هذا الشخص.

”يحيى” لم يرد التحية كالعادة.. قام منفعلًا.. بلهجة حادة وجه كلمات بصوت عالٍ لهذا الشخص، متهمًا إياه بأنه لم يأتِ ليُبارك.. إنما جاء شامتًا منه.. وأنه السبب في وضعه بالسجن 25 عامًا.. حاول الشخص الآخر نفي ما ذكره ”يحيى” لكن الأخير أصر على كلامه، فنشبت مشادة بينهم، فتطورت لمشاجرة، تلقى خلالها يحيى صفعة على وجهه.. وتمكن الأهالي من فضها.. ورحل هذا الشخص، لكن لم يهدأ بال يحيى.. وقرر الانتقام منه.

انطلق ”يحيى” نحو أسرته التي تقطن بمنطقة الشرابية.. واستعان بـ 3 من أشقاؤه، ولحقت به والدتهم، وانطلقوا إلى منزل ذلك الشخص الذي صفعه، واقتحموا عليه شقته، وقاموا بتوثيقه، واقتادوه إلى الشارع، قائلين إنهم سيقتلونه في نفس المكان الذي صفع شقيقهم فيه.. هناك على نفس المقهى، وكان أشقاء يحيى الثلاثة يحملون أسلحة نارية ”خرطوش” بينما حمل ”يحيى” سلاح أبيض كبير ”سنجة”، وأثناء نزولهم الشارع، حاول المقاومة، فأطلقوا عيار على قدمه، وأصابوه، فسقط على الأرض، ثم جروه وهو ينزف.

الأهالي ظنوا أنهم يُشاهدون فيلم ”الأرض لو عطشانة” للفنان محمود المليجي.. نفس المشهد، ونفس الدماء تنزف في الشارع، ونفس المحاولات البائسة للنجاة، والتشبث في الشارع بالإمساك بالأرض.. لعلها تُنجيه.. لكنها لحظات صعبة كانت تمر، وتقترب المسافة نحو المقهى المقصود.. المارة توقفوا في رعب، ينتظرون ماذا يجري.. والسكان كان بعضهم ينظر من الشرفات، وأخرون لم يقدروا على ذلك من رهبة الموقف.

دقائق، وكان الضحية قد وصل إلى المقهى الذي شهد المشاجرة بينه وبين يحيى، فقام الجُناة بصلبه وجعلوه هدفًا لهم.. ابتعدوا عنه، وأخذوا يُصوبها نحوه.. كأنهم يتعلمون الرماية فيه.. أطلقوا نيرانهم نحوه، فأصابته طلقات الخرطوش، لكنه مازال على قيد الحياة.. فجاء دور ”يحيى” ليُمثل المشهد الأخير، وانطلق نحوه بسلاح الأبيض، وأمسكه بكلتا يديه، ورفعه إلى أعلى مستوى، ثم نزل به على رأسه، ففلقها نصفين، مؤكدًا نهايته.. وأبت الأم أن ترحل دون أن تضع بصمتها في الجريمة، فأخذت تُغرق يديها من دماء الضحية، ثم تبصم على جُدران الشارع، قائلة إن من يصفع ابنها في مكان.. يُقتل فيه!.

تلك المشاهد القاسية، لم تأخذ سوى دقائق، وكانت أجهزة الأمن بالقاهرة، قد علمت بالواقعة، فأمر اللواء محمد قاسم، مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة، بتشكيل فريق لسرعة ضبط الجُناة وتقديمهم للعدالة، ووضع الخطة لذلك، فتولى اللواء محمد توفيق، مدير المباحث، والعقيد محمد فتحي، مفتش قطاع السلام، والرائد مصطفى طه، رئيس مباحث السلام ثان، والنقيب عبد القادر ممدوح، معاون المباحث، تولوا المهمة لضبط الجُناة، وبجمع المعلومات، ووضع الأكمنة اللازمة، تمكنوا من الإيقاع بالأشقاء الأربعة ووالدتهم، وبحوزتهم الأسلحة المستخدمة في الجريمة، واتخاذ الإجراءات القانونية نحوهم، وإحالتهم للنيابة العامة التي قررت حبسهم على ذمة القضية.

 

 

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى