الأخبار

عن أى شرعية يتحدث الدكتور محمد مرسى؟!

 

22

 

 

أعجب وأغرب ما سمعته فى هذا الخطاب العجيب الغريب تماحُك مُلْقيه فى «شرعية» دون أن يرى أى شرعية فى ثورة مصر

كان من أعجب وأغرب ما سمعت، خطاب الدكتور محمد مرسى، عشية انتهاء المهلة العادلة الحكيمة التى أعطتها القوات المسلحة للارتفاع إلى مستوى المسؤولية، وإجابة طلبات الشعب الذى انتفض ثائرًا على ما حاق به، طالبا، فى سلمية لا ينكرها إلا أعمى، إجراء انتخابات رئاسية عاجلة تتيح للوطن، فى تعبير مشروع، أن يعلن عن إرادته فى من يحكمه لفترة قادمة بعد أن أفرز العام المنصرم، ومن قبله مئة يوم لمجلس الشعب المحلول، أداءً أخذ مصر وشعبها إلى هاوية سحيقة بدت بلا قرار!

ومن أعجب وأغرب ما سمعته فى هذا الخطاب العجيب الغريب، الذى طفق يقود مصر إلى حرب أهلية تهون فيها دماء المصريين، الإخوانى وغير الإخوانى، فالدم المصرى مصرى، هو دم الإخوانى وغير الإخوانى، السلفى والعصرى، المسلم والمسيحى، اليمينى واليسارى، الحاكم والمحكوم، الغنى والفقير، الموظف وغير الموظف، العامل والمهنى والفلاح، الذكر والأنثى، الشيخ والشاب، فكل دماء هؤلاء دماء مصرية، يجب الحفاظ عليها وصيانتها، بينما يزين الخطاب العجيب، للسامعين من المضللين من فصيله أنه ما دام هو يضحى بدمه فى سبيل «الشرعية» التى يتماحك فيها، فإن على الجميع من الأتباع المؤيدين، أن يضحوا بدمائهم، وأن يرفعوا راية الجهاد، ليقاتلوا بنى جلدتهم.. شعب مصر التى ينتمون إليها، مهما خادعهم المخادعون عن الأممية الإسلامية والخلافة العامة للمسلمين التى تزول أمامها حدود الأوطان!

وأعجب وأغرب ما سمعته فى هذا الخطاب العجيب الغريب، تماحُك ملقيه، ويعلم الله وحده من كتبوه أو اشتركوا معه فى كتابته، تماحكه فى «شرعية» جعل يرددها مرارًا، دون أن يرى أى شرعية، فى ثورة مصر وانتفاض شعبها فى كل بقاعها.. ويتجاهل فى منطقه هذا العجيب، أنه لا توجد شرعية أبدية، ولا مصادرة على حقوق الشعب الأصيل فى أن يسحبها كما أعطاها، ويتجاهل خطاباته الأولى التى طفق الإعلام يذيعها بنبراته الحماسية، وهو يعلن الولاء للشعب وأن السلطة للشعب صاحب السلطة الأساسى والوحيد، وأنه لا سلطة لأحد سواه.

ولكنه لم يتجاهل ذلك أو يتناساه فحسب، وإنما نسى الإسلام الذى يدعى أنه يتحدث بلسانه.. نسى ما قاله أبو بكر الصديق، فى أول عهده بالخلافة: «إن أنا أحسنت فأعينونى وإن أنا زغت فقومونى»، وقوله حين صعد المنبر يوم مبايعته: «لوددتُ أن هذا الأمر كَفَانِيه غيرى» فلم يتذكر ذلك ولا قول الفاروق عمر بن الخطاب: «أطيعونى ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لى عليكم»، ولا قوله حين انبرى له واحد من الرعية فقال له: «لو رأينا فيك اعوجاجًا لقوَّمْناك بسيوفنا!»، فما تردد عمر أن قال: «حمدًا لله، الذى جعل فى أمة محمد من يقوِّم عُمَرَ بسيفه!»، ولا تذكَّر قول عمر فى أول عهده بالخلافة وفهمه لها على أنها قدرة وصلاحية وأهلية للقيام بأعبائها، فقال: «أيها الناس، إنى قد وليت عليكم، ولولا رجاء أن أكون خيركم لكم، وأقواكم للأمة، وأشدكم استضلاعًا بما ينوب من مهِمِّ أموركم، ما وليت ذلك منكم»، ولا قوله: «لو علمت أن أحدًا أقوى على هذا الأمر منى لكان أن أقدم فتضرب عنقى أحبّ إلىّ من أن أَلِيَه!».

نسى أو تناسى أن الإسلام ليس حُلة يرتديها المرء حين يحب، ويخلعها حين يحب، وإنما هو التزام وولاء دائم للحق، لا يحيد ولا يميل!

عن أى «شرعية» إذن تحدث الدكتور مرسى فى هذا الخطاب التحريضى على حرب أهلية؟!

دعونى أذكره وأذكر نفسى وأذكركم، فى نقاط موجزة، كيف كان العام الذى شغل فيه هذا الموقع الرفيع.. مليئًا بإهدار «الشرعية»، حتى لم يكن يمضى أسبوع دون أن تلاحق مصر والمصريين الإهدارات المتتالية للشرعية، فى قرارات وسلوكيات وتصرفات شملها البطلان، وعدم المشروعية، من كل جانب:

■ تصرف فى اليوم الأول وكأنه رئيس الإخوان، يعبر عن أهله وعشيرته وهم الإخوان، ويتنادى رفاقه والمحبذين له، بأنه ينتمى إلى حزب الأغلبية، وأن هذا حقه وحق الحزب، وتجاهل مثلما تجاهلوا، الفارق بين «الأغلبية» و«الأكثرية» وأن قصارى ما يتساند إليه حزبه، هو «أكثرية» لا أغلبية فى مجلس الشعب الذى حُل، وأن هذه «الأكثرية» لا تترجم عن أى موقع مؤسسى فى بناء الدولة وسلطاتها، يعطيها ويعطيه الحق فى فرض ما يريدون. وكان من ثم ما جرى تحت هذا الشعار المغلوط، إهدارًا صارخًا لكل مبادئ «الشرعية»!

■ إن الانتصار لمجلس الشعب المنحل، ومحاولة ضرب حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 14/6/2012 باعتباره غير قائم، وفرض المجلس بالقوة، هو عمل «غير مشروع» توسل وفصيله إليه بأعمال «غير مشروعة»، أولها المنازعة بلا سند والإصرار على دخول سراى البرلمان بالقوة، وثانيها التحايل لإرسال الحكم الدستورى لمحكمة النقض بدعوى أن هذا من شؤون العضوية، تجاهلا للواقع والحكم أنه قضاء ببطلان تشكيل المجلس النيابى برمته لعدم دستورية القانون الذى جرى تشكيله على أساسه، وثالثها قيام الدكتور مرسى استغلالا غير حميد وغير رشيد وغير مشروع لموقعه، بإصداره فى 8 يوليو 2012 قرارًا جمهوريًا (11/2012). «باطلا» «غير مشروع» حاول فيه إعادة «إيجاد» مجلس الشعب المحلول، ناسيًا أو متناسيًا أنه لا يستطيع أن يعيد للحياة مجلسًا انقضى فعلا بحكم نهائى صادر من المحكمة الدستورية العليا، وأن الله تعالى وحده هو الذى يملك البعث وإحياء الموتى، وكان هذا عملا «غير مشروع»، لا ينتمى إلى «الشرعية» التى يتماحك بها بلا معنى! فى خطابه هذا العجيب!

■ إنه أصدر قرارًا لا يملكه، بالعزل الأول للنائب العام عبد المجيد محمود، وتعيينه هكذا! سفيرا لدى الفاتيكان، وبلا استطلاع موافقة الفاتيكان، خلافًا لكل المبادئ الدستورية، وللإعلان الدستورى 30 مارس، ولدستور 1971 من قبله، التى تقضى بعدم جواز عزله!

■ إن اضطراره إلى التراجع عن هذا القرار الضرير، الباطل «غير المشروع» كان من باب «المناورة» و«الخداع»، لا من باب الرجوع إلى الحق، فظل يضمر سبق الإصرار على عزله، حتى تقيأ ذلك مع الإعلان المسبغ عليه أنه دستورى، الباطل المعدوم، الذى أصدره 21 نوفمبر 2012.

■ إنه أتبع كل هذه الأعمال غير المشروعة..، بإصدار قرار همايونى وُصفَ كذبًا واحتيالا بأنه إعلان دستورى، نسب صدوره فى الجريدة الرسمية إلى 12 أغسطس 2012، ثم تعدل فى اليوم التالى إلى 11 أغسطس، أعطى فيه لنفسه، بلا سند ولا مرجعية، بعمل باطل معدوم «غير مشروع»، سلطة التشريع، بأن يكون هو هو البرلمان الذى يشرع، إلى جانب كونه رئيس السلطة التنفيذية، وهو جمع لا يجوز، فضلا عن انعدام سلطته فى إصدار إعلانات دستورية، وكان ذلك عملا «غير مشروع»، ضمن سلسلة الأعمال والتصرفات والقرارات «غير المشروعة» التى جعل يقذف بها مصر والمصريين!

■ خاصم مع أنه يشغل منصب رئيس الدولة، سلطة من سلطاتها، وهى المحكمة الدستورية العليا، وشن عليها حملة «غير مشروعة»، كان أولها إباءه حلف اليمين الدستورية أمامها وكأنها «سُبّة»، ثم حلفه على مضض، مع بقاء التآمر عليها مضمرًا حتى حصارها فى 2 ديسمبر 2012 ومنعها من الحكم، بل ومنع قضاتها لأيام من دخول المحكمة، وهو مقيم فى موقعه لا يتحرك، ولا يأذن بتحرك لحماية أعلى هيئة قضائية فى البلاد، إلى أن تمكن بفصيله من ضربها ضربة قاصمة فى دستور الإخوان الصادر 25 ديسمبر 2012، دون أن يبالى أو فصيله «بالشرعية» التى يتحدث عنها فى خطابه هذا العجيب!

مالأ حزبه، أو أهله وعشيرته، بإصدار قرار بقانون باطل و«غير مشروع»، هو القرار الجمهورى بالقانون 79 لسنة 2012 الذى أصدره بتاريخ 12 يوليو 2012، بشأن معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية (الثانية)، راميًا به فى خطوة «غير مشروعة» أن يستبقى ما ليس بباق، بأن يعطى الروح لجمعية شكلت تشكيلا باطلا معروض أمرها على القضاء، وكان هذا القرار بقانون عملا غير مشروع، وقضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2/6/2013 بعدم دستوريته، فأين هذه «الشرعية» التى يتحدث عنها هذا الخطاب العجيب الغريب؟!

تحت جناحه، وبسلطانه، قام مجلس الشورى المنذور بحله منذ حكم الدستورية العليا فى 14/6/2012 قام بضرب الصحافة المصرية، وتقويض أركانها ودعائمها، وأخونتها بالأهل والعشيرة، ووصل الأمر إلى حد شغل منصب رئيس مجلس إدارة لإحدى الدور الصحفية القومية، بمتهم فى قضية التمويل الأجنبى، وقضيته متداولة أمام محكمة الجنايات، ويذهب ليقف بقفص الاتهام فى جلساتها، دون أن يبالى والمجلس الباطل العامل تحت جناحه، بشىء من ذلك، ولا بأن المنصب الرفيع الذى دفع «المتهم» إليه، كان يشغله عمالقة الصحافة المصرية، وظل وإدارته، على تجاهلهم للأمر، رغم تكرار النصيحة لهم بأن هذا العمل غير رشيد وغير مشروع، حتى قضت محكمة الجنايات أخيرًا بحبسه سنتين مع النفاذ، ومع ذلك لا يزال اسمه يدرج مطبوعات الدار الصحفية القومية، فأين هى هذه «الشرعية» التى يتحدث عنها؟!

ما كادت حركة ضرب الصحافة المصرية تصدر، حتى ضاق وفصيله بواحد عيّنوه فى رئاسة تحرير إحدى الصحف القومية، فعزله رئيس مجلس الشورى الباطل، والمقضى أخيرًا ببطلانه بحكم الدستورية العليا بجلسة 2/6/2013، عن رئاسة التحرير، ثم لم يحترم ولا احترمت الدولة التى يشغل صاحب الخطاب العجيب رئاستها حكم القضاء، ولا حكم الإدارية العليا، ببطلان عزله، وبإعادته إلى منصبه، ولا يزال الرجل حتى الآن محجوبًا عن منصبه المقضى بحكم نهائى بعودته إليه، دون أن يبالى المتحدث عن «الشرعية»، بأن عودته هى ما تفرضه «الشرعية»، وأن عدم تنفيذ الحكم النهائى بعودته، هو صورة صارخة من ضرب «الشرعية»، و«المشروعية»!

■ ما لبث صاحب الخطاب العجيب الغريب، أن أصدر فى 21 نوفمبر 2012، ما أسبغ عليه كذبًا أنه إعلان دستورى، بينما لا يملك إصدار إعلانات دستورية، وما أسبغه محض قرار جمهورى لا ينتمى إلى فصيلة الإعلانات الدستورية، ولكنه أسبغ كذبًا على قراره هذا الباطل «غير المشروع»، أنه إعلان دستورى، ليدفع به كذبًا إلى دائرة أعمال السيادة تحصينا له، بينما ضمَّنه ثلاث كبائر لم نسمع بها من قبل، أولى هذه الكبائر فحواها: «أنا ربكم الأعلى!»، و«قراراتى محصنة لا يجوز الطعن عليها أمام القضاء!»، وثانى هذه الكبائر تحصين مجلس الشورى، وقد قضت الدستورية العليا فى 2/6/2013 ببطلان وعدم دستورية ما بنى عليه تشكيله، وثالث هذه الكبائر تحصين الجمعية التأسيسية الثانية لوضع الدستور، وقد قضت الدستورية العليا بجلسة 2/6/2013 ببطلان وعدم دستورية القرار بقانون 79/ 2012 الذى أصدره فى 12/7/2012 لبث الروح فيها واستبقائها لإصدار الدستور الأعوج المروم إصداره! ولا ينتمى هذا العبث بالقوانين إلى «الشرعية» و«المشروعية»، بل هو ضرب من ضروب الاعتداء الفادح الصارخ على «الشرعية» التى يتنادى بها فى هذا الخطاب العجيب الغريب!

مظاهرته وأهله وعشيرته، لاستمرار الجمعية التأسيسية الثانية فى القيام بعمل باطل لوضع دستور باطل يوضع فيه ما يشاؤون، رغم بطلان تشكيلها الذى ظهر جليًّا وكشفه حكم الدستورية العليا فى 2/6/2013، ومظاهرته وحزبه وأهله وعشيرته لاستمرار هذه الجمعية التأسيسية رغم الانسحابات والاستقالات التى بلغت ثلث عددهم بينما تلزم المادة (60) من الإعلان الدستورى 30 مارس 2011 بأن لا تقل عن مئة عضو، ثم الإقدام على تطعيمها بأربعة عشر عضوا لا يجوز ضمهم إليها للتعارض بين مناصبهم وعمل الجمعية، منهم وزراء ومحافظون ومساعدون ومستشارون لرئيس الجمهورية، ثم استدعاء أحد عشر شخصًا من القائمة الاحتياطية بلا سند فى الليلة الأخيرة لاستكمال النصاب لإصدار هذا الدستور الملىء بالتعاريج والبطلانات، فى ليلة سوداء، ولم يكن ذلك «مشروعًا» ولا ينتمى إلى «الشرعية» التى يتماحك فيها صاحب هذا الخطاب العجيب الغريب!

■ إصداره قرارات عفو رئاسية متتالية، مليئة بالثقوب والمآرب والأغراض، ختمها بقرار بقانون عفو شامل، تسانُدًا إلى «سلطة التشريع» التى منحها لنفسه فى 11 أغسطس 2012، وهو بدوره ملىء بالثقوب، معيب بالبطلان، ومن كبائره تمديده إلى كل الجرائم، فى ما عدا القتل العمد بالمدونة العقابية، واتساعه إلى جرائم التخابر وأمن الدولة وتجارة السلاح والمخدرات، والأدهى مده إلى مرحلة التحقيق، على خلاف كل المبادئ الدستورية، وسوابق الدولة المصرية، لينكشف الغطاء، ويفتضح المستور، ويستبين أنه يقدم لنفسه وأفراد من عشيرته، هدية مجانية مستقبلية، إذا رامت السلطات القضائية مساءلة من هربوا من سجن وادى النطرون يوم 29/1/2011، واقترن هروبهم بجرائم تخابر وأمن دولة! فعن أى «شرعية» إذن يتحدث الخطاب المشؤوم، العجيب الغريب؟!

تحت جناحه، قام حزبه وأهله وعشيرته، من خلال مجلس الشورى هذا الباطل الذى كشف حكم الدستورية 2/6/2013 عن بطلانه وعدم دستورية ما بنى عليه تشكيله. قاموا بالتآمر على السلطة القضائية، وتقديم مشروعين لضرب السلطة القضائية فى مقتل، بمعزل عنها، ودون إشراكها فى أهم أمورها، لأن الهدف هو ضربها والقضاء على استقلالها، لأنها القوة الباقية التى تتصدى للأعمال «غير المشروعة» الجارية على قدم وساق لهدم بناء الدولة المصرية: الدستورى والقانونى، ومع ذلك لا يستحيى الخطاب العجيب الغريب من التحدث عن «الشرعية» وبذل الدم، دماء المصريين فى حماية مَن لا شرعية له فى الواقع والحقيقة، وأحكام القانون والمبادئ الدستورية!

■ تحت جناحه، أصدرت آلياته، وجمعيته التأسيسية، وأهله وعشيرته، دستورًا خلا مشروعه من 48 توقيعًا من أعضاء الجمعية التأسيسية، ومنسوبًا إلى جمعية غير كاملة العدد وفقًا للمادة (60) من الإعلان الدستورى 30 مارس 2011، وضمت فى عضويتها أربعة عشر عضوا ما بين وزير ومحافظ ومساعد ومستشار للرئيس، لا يجوز للتعارض أن يكونوا فى عضوية جمعية يستلزم عملها المقدس الحياد وخلو الذهن، ثم ضمّوا فى الليلة الأخيرة المشؤومة أحد عشر شخصًا لم يشاركوا ألبتة فى التحضير والدراسة، ليكونوا أصواتًا لإقرار الدستور الذى حملت الجلسة الأخيرة للجمعية التأسيسية على شاشات التليفزيون ما فضح كيف تدار الأمور وتُجمع الأصوات لإقراره ولم يكن هذا رشيدًا ولا مشروعًا، وأسفر عن كبائر فى هذا الدستور الذى لا يليق بمصر.. من هذه الكبائر الغش والتدليس، بالالتفاف الخبيث المدلس على المادة الثانية المتفق على أن تقتصر على «مبادئ الشريعة الإسلامية» بالمادة (219) التى تعطى تأويلا عجيبا لمبادئ الشريعة يمدها إلى الفقه، ويخرج بها عن معناها، ثم كان من كبائره دَسْترة المخالفات الدستورية، بتضمين المادة (231) ذات النظام الانتخابى المقضى من الدستورية العليا 14/6/2013، بعدم دستوريته، ومن قبله ما قضت به أيضا الدستورية العليا فى حكميها: 16/5/1987، 19/5/1990. ثم تضمينه، فى المادة (232) مخالفة دستورية أخرى، بالعودة إلى تقرير العزل السياسى و«دَسْترة» المخالفة الدستورية خلافا للمبادئ الدستورية، وما قضت به المحكمة الدستورية العليا فى حكمها الثانى بجلسة 14/6/2012.. ثم ضرب المحكمة الدستورية العليا، وإعاقتها، بل ونسفها، بحذف ما كان فى المشروع، وفى الإعلان الدستورى 30 مارس، ودستور 1971، من عدم قابلية قضاتها للعزل، وتضمين الدستور تحديدًا لعدد قضاتها، وفرض أن يكون حدهم الأقصى أحد عشر قاضيا، وتسريح الباقين، فى سابقة غير مسبوقة فى الدساتير، فليس من عملها تحديد عدد القضاة، والمرام هو نسف المحكمة الدستورية العليا، وإعاقتها لحين القضاء التام عليها، فتشكيل هيئة المحكمة مكون من سبعة، رئيس وستة أعضاء، فإذا قام أحد الخصوم فى دعوى برد الهيئة، استحال تدبير هيئة أخرى كما يقضى القانون لنظر طلب الرد والفصل فيه، فتتوقف المحكمة توقفًا جبريا عن نظر الدعوى.. ثم السعى بالمادة (236) لتحصين الأعمال الباطلة غير المشروعة التى أصدرها صاحب الخطاب تساندًا لقراريه فى 11 أغسطس 2012 و21 نوفمبر 2012، اللذين أسْبغ على كل منهما كذبًا واحتيالا أنه إعلان دستورى، بينما لا سند ولا مرجعية لمن أصدرهما فى إصدار إعلانات دستورية. والمقصد إسباغ حماية «غير مشروعة» على أعمال وتصرفات وقرارات «غير مشروعة» اتخذت اتكاءً على هذين الإعلانين غير الدستوريين فى الحقيقة والواقع.

وأخيرًا وليس آخرًا، الغش والتدليس فى صياغة ما ورد بالدستور بشأن حصة العمال والفلاحين. فأى «شرعية» إذن يتحدث عنها أو يتماحك بها هذا الخطاب المشؤوم.. العجيب الغريب؟!

■ الإصرار الضرير المتعجرف تحت جناحه وآلياته على استمرار عزل النائب العام الشرعى وحجبه عن منصبه، وفرض البديل، ورغم حكم محكمة الاستئناف العالى دائرة رجال القضاء، ببطلان العزل وبطلان تعيين البديل، والإمعان فى اللجاجة إلى حد رد هيئة المحكمة، وهم من خيرة قضاة مصر، والأدهى أن يقدم على طلب الرد النائب العام البديل، وهو أولا وأخيرا قاضٍ من قضاة مصر، ولم تجر عادة ولا عرف أن يقوم قضاة مصر برد بعضهم البعض عن نظر الدعاوى. ولم يكن ذلك حميدا ولا رشيدا، واستمر إلى أن صدر حكم محكمة النقض، ففرضت «الشرعية» التى أبت الإدارة الحاكمة، تحت جناح سلطة صاحب الخطاب، إلا إهدارها وعدم احترامها. فعن أى «شرعية» إذن يتحدث هذا الخطاب العجيب الغريب؟!

وأخيرا وليس آخراً، فقد كَلَّت يدى وأنا أكتب هذه السطور فى عجالة، فإن صاحب الخطاب تجاهل فى موقفه هذا الأخير، نصوص ذات الدستور الذى وضع تحت جناحه، وفرضه بالأهل والعشيرة، فالمادة الخامسة من ذلك الدستور الذى أصدره هو فى 25 ديسمبر 2012، تنص بصريح اللفظ والعبارة، وهو هو ما ردده فى بدايات توليه السلطة، على أن: «السيادة للشعب يمارسها ويحميها. ويصون الوحدة الوطنية. وهو مصدر السلطات».

فهل فَهِم مضمون ومعنى هذا النص قبل إلقاء الخطاب المشؤوم؟ وهل احترم هو هذا المبدأ الدستورى الذى يوجب عليه أن ينقاد للشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات؟ هل احترم هذه «الشرعية» الواجب احترامها؟! فعن أى «شرعية» إذن كان يتحدث هذا الخطاب المشؤوم.. العجيب الغريب؟!

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى