الأخبار

ملامح مبادرة «شرطة لشعب مصر»

 

155

 

 

علياء حامد

فى محاولة لسد الخلل الوظيفى فى جهاز الشرطة فى مصر، تقدم فريق عمل المبادرة الوطنية لإعادة بناء «شرطة لشعب مصر» بالإصدار الرابع من هذه المبادرة لرئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى، بالإضافة إلى عدد من المبادرات ذات الصلة والمتعلقة بالعدالة الانتقالية.

وحصلت «الشروق» على نسخة من المبادرة التى عمل عليها عدد من ضباط الشرطة أنفسهم، بالإضافة إلى محامين وأساتذة قانون ونشطاء سياسيين ورجال أعمال.

ويحمل الباب الأول من المبادرة عنوان «إجراءات التطهير والمحاسبة والتعامل مع الجرائم والانتهاكات التى قامت بها الشرطة فى الماضى»، ولتحقيق هذا الهدف تتبنى المبادرة مسارين متوازيين ومتكاملين كحد أدنى للتعامل مع الجرائم والانتهاكات التى قامت بها الشرطة فى الماضى؛ الأول يتناول الجانب الجنائى، وفيه عدد من الخطوات الخاصة بالعدالة الانتقالية والوارد بعضها فى مشروع قانون العدالة الانتقالية الثورية الذى أوصت به لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصى الحقائق المشكلة بالقرار الجمهورى رقم 10 لسنة 2012.

أما المسار الثانى، فيتناول إنشاء آلية لفحص سجلات ضباط وأفراد الشرطة، واتخاذ قرارات إدارية بشأن استمرارهم فى الخدمة أو إنهاء خدمتهم أو النقل أو تغيير طبيعة العمل.

وبحسب المبادرة فإن المقصود بالعدالة الانتقالية الثورة المذكورة فى المسار الجنائى، هو نظام قضائى طبيعى يختص بجرائم النظام البائد، وتضمن انتقال مصر لتأسيس دولة الحرية والكرامة والإنسانية والعدالة الاجتماعية وفى ذات الوقت قائمة على ضمان حقوق أذناب النظام البائد فى محاكمة عادلة ومنصفة.

كما حددت المبادرة واجب أجهزة الدولة التنفيذية والأمنية تجاه هيئات نظام العدالة الثورية، وتشمل إتاحة جميع المعلومات والوثائق المتعلقة بالانتهاكات الموجودة لدى أجهزة الدولة المختلفة، وكذلك المعلومات التى يحتفظ بها الموظفون والمسئولون بالدولة، حال طلبها، وعدم التدخل فى عمل هذه الهيئات وضمان استقلالها الإدارى والمالى، وضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن هذه الهيئات.

وتقوم النيابة العامة بإحالة جميع القضايا والتحقيقات المنظورة أمامها أو أى جهة أخرى المتعلقة بجرائم النظام السابق سواء المتعلقة بنهب أموال الشعب، والفساد الاقتصادى أو جرائم بحقوق المصريين إلى الهيئات والمحاكم المنصوص عليها فى هذا القانون، التى لها أن تضيف بعض التهم أو تعيد التحقيق فى بعض الأمور التى تم تجاهلها فى التحقيقات السابقة، ولها أن تتخذ ما تراه من إجراءات تحفظية واحترازية لضمان عدم التأثير على الشهود أو العبث بالأدلة.

أما عن المسار الإدارى «آلية فحص السجلات أو الغربلة»، فتوضح المبادرة أنه يجب البدء فورا فى إعداد تشريع لإنشاء آلية لفحص سجلات ضباط وأفراد الشرطة، واتخاذ قرارات بشأن استمرارهم فى الخدمة أو إنهاء خدمتهم أو النقل أو تغيير طبيعة العمل.

وبحسب المبادرة فإن الهدف من عملية فحص السجلات هو تقييم أداء رجال الأمن طبقا لمعيارين رئيسيين وهما الكفاءة (التعليم والخبرة والقدرات الفردية)، والاستقامة (السلوك واللياقة والالتزام بحقوق الإنسان والاستقامة المالية)، واتخاذ قرارات متعلقة بإعادة تنظيم جهاز الشرطة على مستوى الضباط والأفراد بناء على هذا التقييم.

أما الباب الثانى من المبادرة فحمل عنوان «إجراءات الإصلاح المؤسسى» التى تشمل التطوير المؤسسى والإجراءات الهيكلية من خلال مراجعة التوصيف الوظيفى لدور الشرطة فى المجتمع، وإسناد منصب وزير الداخلية إلى «وزير سياسى» من خارج هيئة الشرطة، لكى يتم التعامل مع القضايا الأمنية بمنظور مجتمعى وسياسى، ويقيد وزارة الداخلية بأجندة المجتمع وأولوياته الأمنية، بدلا من أن تفرض الوزارة رؤيتها وأولوياتها الأمنية على المجتمع.

كما تدعو المبادرة فى هذا الإطار إلى تحول جهاز الأمن من المركزية الشديدة إلى المحلية، بحيث يكون لكل محافظة جهاز شرطتها الخاص التابع للمحافظ تنفيذيا والتابع لوزارة الداخلية فنيا وإداريا؛ مع تفعيل ذلك بتبنى نظام انتخاب المحافظين، ليصبح مؤشر «الارتفاع بمستوى الخدمات الأمنية» أحد عناصر البرنامج الانتخابى لتقييم المرشحين لمنصب المحافظ، الأمر الذى يساهم فى تحفيز أى محافظ نحو توجيه جهاز الأمن لخدمة المواطنين وليس خدمة السلطة المركزية.

كذلك تدعو المبادرة إلى إلغاء نظام ندب المجندين بالقوات المسلحة لأداء التجنيد بوزارة الداخلية، موضحة أن هذا النظام يرسخ الصفة العسكرية لجهاز الشرطة بالمخالفة للدستور ومواثيق منظمة العمل الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، كما تقترح المبادرة إلغاء قطاع الامن المركزى وقطاع قوات الأمن واستبدالهما بتشكيلات للتدخل السريع وفض الشغب.

وشددت المبادرة على ضرورة فصل قطاع الأمن الوطنى عن الداخلية، موضحة أنه حيث ثبت من واقع الممارسات السابقة أن استمرار هذا الجهاز داخل جسد وزارة الداخلية يؤدى إلى الانحراف بمهمة الوزارة؛ فتستمر فى تغليب الاهتمام بالأمن السياسى على حساب الأمن الجنائى؛ ومن ثم تستمر فى تجنيد معظم إمكانيات جهاز الشرطة لحماية أمن النظام على حساب أمن المواطنين.

كما تشمل إجراءات الإصلاح المؤسسى تغيير طبيعة الإدارة العامة للانتخابات بوزارة الداخلية إلى «إدارة تأمين الانتخابات والاستفتاءات»، بالإضافة إلى معالجة التضخم التنظيمى لوزارة الداخلية إما من خلال تقسيم الوزارة إلى وزارتين إحداهما للأمن والأخرى للشئون الداخلية غير الأمنية، أو أن يتم توزيع الوظائف غير الأمنية على وزارات أخرى.

وتشمل الإجراءات أيضا تقليص الدور الأمنى فى الترخيص والتصريح بالأنشطة المدنية المختلفة، والتعديل الجذرى فى نظام الدراسة بكليات الشرطة ومعاهدها بما يكرس الطبيعة المدنية والخدمية للجهاز ويرفع من كفاءته ويستأصل منه الصبغة العسكرية أو شبه العسكرية.

أما القسم الثانى من إجراءات الإصلاح المؤسسى فيختص بآليات الشفافية والرقابة والمحاسبة لكى تنضبط علاقة الشرطة بالشعب وتصبح فعلا «شرطة لشعب مصر»، وذلك من خلال أجهزة الدولة التى تمثل سلطات الشعب التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكذلك من خلال المجتمع المدنى والتنظيمات المحلية.

كما تشمل المبادرة فى بابها الثانى قسما عن برامج تغيير الصورة الذهنية عن الشرطة فى المجتمع، وذلك من خلال عدد من الإجراءات تترافق مع تحقيق التقدم على جميع المحاور المذكورة.

ولتحقيق كل ما جاء فى المبادرة، وضعت فى الباب الثالث منها التعديلات التشريعية المطلوبة على عدد من القوانين القائمة، بالإضافة إلى استحداث بعض التشريعات.

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى