الأخبار

فلسطينيون: نشر الجزيرة خريطة باسم إسرائيل محل فلسطين خطة قطرية

19

استنكر عدد من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين، قيام قناة الجزيرة “القطرية” بوضع اسم إسرائيل محل “فلسطين”، على إحدى الخرائط التي بثت صورها على شاشتها. معتبرين ذلك الفعل تجسيدا لخطة قطر والكيان الصهيونى والولايات المتحدة والإخوان لتصفية القضية الفلسطينية.

وكان عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا لقطة من بثّ «الجزيرة» تحتوي على وجه قائد «ألوية الفرقان» محمد الخطيب، متحدثاً عبر «سكايب» من الحدود السورية ـــ الأردنية، وإلى يسار الشاشة خريطة يحتل فيها اسم «إسرائيل» مكان فلسطين!

من جهتها أشارت المترجمة والناقدة الفلسطينية أماني أبو رحمة إلى أنه “في سياق مواز لما تقوم به الجزيرة من عمل دءوب ومتواصل وفج وصريح لتأجيج النعرات الطائفية والعرقية والدينية في العالم العربي، تقوم هذه الخبيثة بدس سموم فكرية بطريقة أقل صخبا وأكثر دهاء وأشد تأثيرا”.

وتابعت أبو رحمة، في تصريحاتها لـ”البداية”، بعد كل فاجعة أو كارثة أو مجزرة، تبث الجزيرة وأخواتها معلومات متواصلة ولكن تدفق المعلومات يصعق الفرد الذي يتلقى معلومات متضاربة وغير مفهومة حين تقسم شاشتها الباهتة إلى نصفيين متساويين فيتساوى بعدها كل شيء.. الضحية والجلاد، الصدق والكذب، المؤامرة والنضال الحقيقي. وهي لا تبث المعلومات والعواطف والأفكار فحسب, ولكنها تؤطرها وتشوه حقيقتها حين تخضها لرقيب خفي وتغلفها ـ ببراعة ـ بسحر زائف حتى لا يعود بإمكاننا التفريق بين الحقيقة والخيال.

وقالت: أما البث المباشر فلم يعد مباشرا بحال, لأن المعلومات المباشرة لا يمكن التنبؤ بعواقبها, وتبعا لذلك فإنها قد تشكل خطرا على المجتمع, لذلك فإنها توظف زوايا مختلفة كفيلة بخلق سحر يمر بخفة تستعصي ملاحظتها وتقصيها. فنحصل بالضرورة على مشاعر مزيفة وباردة عادة ما تكون في شكل (سخط متخثر ومدار بدقة) يحل محل المشاعر الحقيقية في الوجدان الجمعي. والنتيجة هي ردود أفعال محسوبة، لا تصل بحال إلى الفوران الجمعي التلقائي الذي ينتج قوة جمعية.

وأوضحت مؤلفة “الفضاءات القادمة”، أن فضائيات العار لا تسمح بالعاطفة التلقائية، لأنها لا تتمكن من السيطرة عليها أو التنبؤ بها. لقد أخضعت العواطف للتنظيم: كل إعلان أو حديث أو خطاب مثقل بالأفكار وكل كلمة تقال بطريقة معينة لإحداث تأثير متوقع يسهل التنبؤ به والسيطرة عليه. عندها يتخم الفرد بالمشاعر والعواطف لدرجة أنه لا يعود يشعر بأنه هناك شيئا يمكن القيام به أو ينبغي القيام به. يترك الفرد فريسة للقلق: إنه يعرف أن هناك خطأ ولكنه لا يعرف ما هو. إنه مثقل بالقضايا ويشعر بقلق دائم حيالها لكنه عاجز تماما عن الفعل.

وبينت أبو رحمة، في حديثها، أن عرض ما تدعيه الجزيرة ( وجهات نظر ، أو الرأي والرأي الآخر ) يندرج في إطار فكري بالغ الخطورة يحمل مصطلح (فكر ما بعد الأضحوية) الذي يرى بوقاحة إن منح ما بعد الحداثة المهمشين والمستضعفين وضحايا الاستعمار السابق مساحات واسعة من التعاطف والاهتمام قاد إلى ما يمكن أن يطلق عليه التمرد والاستياء المر المتسم بالحقد لدرجة أنهم (الضعفاء والضحايا من غير البيض طبعا) تطاولوا (!!) على أسيادهم في المركز وبدءوا بمهاجمته في عقر داره، الأمر الذي قاد الفكر اليميني المتطرف والعنصري إلى التفكير بإعادة صياغة العلاقة بين المركز والهامش . لذلك نادي هذا الفكر بحوار لاـ أُضحوي non-victimary dialogue)) يدعي انه سيخفف (الأحقاد) في العالم.

وأفادت أن الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية تحديدا، أعلنا حرباً شعواء على الأطراف (منذ منتصف التسعينيات الماضية تقريبا) التي طالما ادعت دعمها وقرر منظروها العمل على استحداث نظام للعدالة لا مكان فيه للضحايا على الإطلاق. أما مزاعم الضحايا فلن تهملها نظرية (ما بعد الأُضحوية) ولكنها ستتعامل معها بوصفها أطروحات قابلة للتفاوض. وربما يمكننا هذا التفسير من تفهم هيمنة مصطلح المفاوضات اقتصادياً وسياسياً وثقافياً على المشهد الكوني منذ أواخر القرن الماضي.

واختتمت تصريحاتها قائلة: الجزيرة (وأخواتها طبعا) هي أهم أدوات الفكر الغربي ووسائله في تدجين الشعوب وتحويلها إلى مادة لتطبيق أطروحات الفكر الغربي عليها بطريقة سلسة ناعمة ولكنها أكيدة ومضمونة وفاعلة، وحلت إسرائيل محل فلسطين التاريخية والمفاوضات بديل الكفاح المسلح، والجزيرة ليست هي من فعل ذلك، لا طبعا ولكنها من طبّع ودجّن الشعوب ومرر هذه المصطلحات والأفعال بسلاسة ودون صخب أو ضجيج.

من جهة ثانية، قال الكاتب الفلسطيني عادل سمارةـ لـ”البداية”، “إن الأمر يرجع برمته لعلاقة قطر بالكيان الصهيوني وبالولايات المتحدة وبالإخوان المسلمين، هذا الثلاثي الذي يشكل العمود الفقري للثورة المضادة في الوطن العربي ضد القومية العربية ولتصفية القضية الفلسطينية.

وتابع: بالطبع، كانت قطر موقع انطلاقاته إلى القطريات العربية وعودته للاستراحة هناك. وخلال تلك الانطلاقات، وزع ذات مرة بيانا سريا من حوالي ثلاثين صفحة (وصلني من صديق كما وصلني ما هو ملحق أدناه) على عدد محدود من المثقفين العرب لتشكيل تيار عربي، كان واضحا منه أن لا مشكلة في محتواه مع الكيان الصهيوني وكان جوهره كذلك لبراليا، لا يمت إلى المسألة القومية بصلة. ولاحقا، شكل محاولة بديل لمنظمة التحرير مع منير شفيق وبلال الحسن انتهى إلى لا شيء.

فيما أشار الصحفي مصطفى مصطفى، من القدس، في تقرير لـ”الأخبار اللبنانية”، إلى ان الحادثة ليست الأولى من نوعها، ففي “ديسمبر” 2011، أثارت قطر غضب الكثير من العرب، وخصوصاً الفلسطينيين، ببترها لخريطة فلسطين واقتصارها على الضفة الغربية وقطاع غزّة (حوالى 20 في المئة من الخريطة الكاملة فقط) أثناء افتتاح دورة الألعاب العربية الثانية عشرة التي استضافتها.

وتابع مصطفى: رأى المتابعون في هذه الخطوة اعترافاً صريحاً بالكيان الغاصب، وتنفيذاً لمخطط أميركا في الشرق الأوسط، فيما ذهب آخرون إلى اتهام قطر مباشرة بالمشاركة في تقسيم المنطقة، معتبرين ما أقدمت عليه «خيانة موصوفة» تهدّد الوحدة العربية. كما لفت يومها أحدهم إلى أنّ موقع «الجزيرة» الإخباري حذف جميع التعليقات (المؤيدة والمستنكرة) المتعلقة بالحدث.

الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى