الأخبار

معديات الموت في «الوراق»

 

219

 

في صورة من صور الإهمال الحكومي الفج تكاد تتكرر مأساة إنسانية حدثت العام الماضي في الوراق حيث أدت الحمولة الزائدة لإحدى المعديات التي يستعملها الأهالي إلى وفاة 36 شخصًا، وهو ما ينذر باحتمال حدوثه مرة أخرى، لاسيما تكرار نفس المأساة بعيدا عن إشراف الحكومة، فظلت الحمولة الزائدة عن قدرة المعدية الحقيقية كما هي، مستغلة حاجة الأهالي الشديدة.
كارثة تهدد حياة عشرات الآلاف من المواطنين
 وحاولنا بدورنا التحدث مع الأهالي ورصد الأمر؛ وكانت المفاجأة هو تخوف الأهالي من الحديث، لخوفهم من بلطجة أصحاب المعديات الذين يمنعون أي أحد من التحدث، إضافة إن الأهالي لا يجدون حلا لمشكلتهم حيث يعتمدون اعتمادا كليا على المعدية الوحيدة خاصة لعدم وجود وحدات صحية قريبة، كما يدفعهم للصمت
وأمام بلطجة أصحاب المعدية وتجاهل الحكومة وحاجة الأهالي الملحة فإننا نجد أنفسنا أمام مشكلة إنسانية تهدد أرواح المواطنين؛ لذا فإننا نقرع أجراس الخطر محذرين من حدوث نفس الكارثة.
حوادث مستمرة دون حل جذري
وعلى الرغم من تعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1956 والمعدل رقم 57 لسنة 1962 بشأن الملاحة الداخلية، والذي تم تعديله عقب حادث غرق مركب الوراق، الذي وقع في شهر يوليو لعام 2015، إلا أن عام 2016 كانت بدايته غرق معدية بقرية سنديون بكفر الشيخ، راح ضحيتها نحو 15 فردًا، ولا تزال الحوادث مستمرة من حين لآخر، دون حل جذري.
لا تصلح للاستخدام الآدمي
وقامت «الفجر» بجولة بين المعدية التي تربط منطقة «جزيرة الوراق» والتي تسمى بـ«الجزارين»، حيث لوحظ حالة التردي الشديدة التي تحيط بتلك المعدية من «موتور» متهالك، ومقاعد لا تصلح للجلوس، فضلاً عن المياه التي تدخل إلى المعدية، وصدأ المعدية ذاته.
وأبدى عدد من المواطنين استياءهم الشديد من حال تلك المعديات، مؤكدين أنها لا تصلح للاستخدام الآدمي، ومن المتوقع أن يقع حادث آخر في أي وقت، في ظل الحالة السيئة التي تحيط بتلك المعدية، لافتين إلى أهمية بناء كوبري يربط بين «جزيرة الوراق» والمدينة، لسلامة أرواحهم وسلامة أطفالهم.
خطر على الأطفال والمرضى
في البداية تقول «سمية عبد العال»، ربة منزل ومن أحد أهالي المنطقة، بخوف شديد من أصحاب المعدية وحارسيها: « وجود المعديات خطر علينا خاصة الأطفال، والناس بتغرق فيها كل يوم، وصعب حد يتكلم، لأن أصحاب المعدية مش هتسيبهم في حالهم »، وترى أن وجود «كوبري» هو الأفضل، راويةٍ حالها وهي تنظر يمينًا ويساراً تخوفًا من أن يؤذيها أحد حينما يعلم أنها كشفت عن كارثة تلك المعدية: «زوجي كان مريض مرض مزمن ومعرفتش انقذه وأعدي بيه بالليل لأن المعدية آخرها الساعة 11، وانتظرت للصبح لحين طلوع المعدية لإنقاذ زوجي، ودا حال الكل هنا».
لا يوجد رقابة.. والحل يكمن في إنشاء «كوبري»
فيما قال «سعد عبد الجواد»، موظف، إن الجزيرة ليس لها مخارج غير المعدية، موضحًا أنهم يضطرون لهذا لتحمل مأساتها رغم خطورتها الفجة.
 وبسؤاله عن الرقابة من قبيل الحكومة، قال: «لا يوجد رقابة ولا شوفنا لا المحافظ ولا حد من الحكومة بيتابع إحنا عايشين ولا ميتيتن، واتعودنا على كده»، مشيرًا إلى أن البديل هو إنشاء «كوبري» لأن لا يوجد مخرج غيره، مشيرًا إلى زيادة الكتلة السكانية عن الفترات السابقة؛ لذا لابد من إيجاد حل ملموس خوفًا من حدوث كارثة مرة أخرى.
غياب الأمان.. والرقابة
وفي هذا الصدد أوضح «علي محمود»، عامل، أن الوضع غير آمن على أرواح المواطنين، ناهيك عن الحمولة الزائدة ليست في المواطنين فقط إنما في أحمال زائدة «دراجات بخارية، وخضروات بكميات كبيرة» دون فرق بين بشر أو حيوانات، فهي تنقل الجميع وتتعامل بمبدأ الزبون أو الراكب الذي يدفع أجرة تلك العبارة، متسائلا فكيف لهذه الأحمال مع المواطنين تعبر بر الأمان؟!.
تهالك المعدية.. وعدم توفر وسائل الإنقاذ
وأردف «محمد يسري»، أحد أهالي المنطقة، أن المعدية متهالكة ولا يتوفر بها معايير الأمان، فعبور نهر النيل يستغرق 10دقائق حتي النزول على الشاطئ الآخر، وفي منتصف اليوم عند رجوع الموظفين والطلاب تحمل المعدية على متنها قرابة 70 فردا تقريبًا، ولا يتوفر فيها وسائل إنقاذ، والفريق الذي يعمل عليها مكون من ثلاثة أفراد فقط من بينهم طفل لا يتجاوز الحادية عشر عامًا، وهذا مخالف للقانون، ويعرض حياة أهل الجزيرة للخطر.
نكتفي بمشاية لا نحلم بالكوبري
«عاوزين مشاية بس تعدينا » بهذه الكلمات عبر «إبراهيم السيد» عن استيائه من حال المعديات وحال الجزيرة المتردي لما هو عليه قائلا: «عاوزين كوبري نمشي عليه يعدي مريض أو امرأة مُسنة، خاصة المرضى في حين عدم وجود مستشفى تهتم بهم في الجزيرة، إضافة لمريض الربو بيموت مرتين مرة من ريحة الشط لما يحويه ومن البرد في الشتاء؛ كل اللي حصل في كوبري بعيد ليس له أي نازلة ولا بيفيدنا ومن ساعة ما وعينا على الدنيا والمعديات هي الطريق، ولا حد سئل فينا لا معبرينا كأننا من شر ما خلق».
واستطردت «هبة الله »طالبة جامعية حديثها قائلاً، إنه يتم نقلنا في عبارة غير آدمية، ولو تأخرت بالليل لا يمكن أن اركبها بمفردي، لأن القائمين عليها بلطجية، ولذا أطالب المسئولين بالنظر لأحوالنا وعمل كوبري يرحمنا من هذا العذاب.
تسلق المعدية
 بينما «رضا شعبان» كانت كل أحلامه أن أطفاله يحضرون طابور الصباح بل الحصة الأولى، وذلك بسبب تأخرهم يوميًا لازدحام المعدية، موضحًا أن لديه ثلاثة أطفال بالمرحلة الابتدائية ويوميا يذهبون إلى المدرسة متأخر رغم استيقاظهم مبكرًا لم يستطيعوا الوصول في موعدهم ما يضطرهم لتسلق المعدية أحيانًا للعبور إلى الضفة الأخرى لاسيما أثناء الاختبارات؛ مما يمثل خطرًا شديدًا على أرواهم.
رفض التحدث خوفًا من فقد مصدر رزقه
على صعيد آخر نفى «محمد حامد» صاحب المعدية وجود مشاكل أو عدم وجود صيانة، قائلاً: «معندناش أي مشاكل والصيانة دورية، رافضًا التحدث خوفا من فقد مصدر رزقه، موضحا أن حالة المعديات جيدة ولا توجد بها أي مشاكل، وما يقال من قبل المواطنين عاري من الصحة.
حالات تنزف دمًا يوميًا
وهو ما أثار غضب بعض المواطنين، الذين أكدوا:« هناك حالات كثيرة غرقت بسبب تلك العبارة»، وقال أحدهم، إنه فقد ابن عمه في العام الماضي حيث اختل توازنه عند ركوب العبارة وتم انتشال جثته من النيل، وآخر يروي: «كنت هنا من يومين وجاء رجل يحمل بعض بضائعه وهو يتسلق المعدية تزحلق بالنيل ومات غرقَا».
وأخيرًا يتساءل الأهالي الذين تواصلوا معنا سرا، ونتساءل بدورنا ونوجه سؤالنا للحكومة هل أصبحت أرواح المواطنين لعبة لهذه الدرجة؟ هل وصل الإهمال لهذا الحد الذي نتهاون فيه بأبسط حقوق الناس الإنسانية في وجود مواصلة آمنة تنقل أبناءهم إلى مدارسهم ومرضاهم إلى مستشفياتهم وموظفيهم وعمالهم إلى أعمالهم .
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)
في حضور «البلطجية» وغياب «المسؤولين».. معديات الموت في «الوراق» ناقوس خطر يدق من جديد..(فيديو وصور)

الفجر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى