الأخبار

عقبات على طريق «تقسيم الدوائر»

76

المحكمة تحدثت عن استحالة التساوى الحسابى بين الدوائر.. وألزمت باتباع «وزن نسبى محدد».. ولم تحدد نسبة الانحراف المقبولة

قالت مصادر حكومية ذات صلة بملف الدوائر الانتخابية إنه تم رصد عدد من العقبات فى حكم المحكمة الدستورية العليا ستقف حائلا أمام سهولة تعديل تقسيم الدوائر، وذلك بعد دراسة الحيثيات التى نشرتها الجريدة الرسمية أمس الأول، أبرزها عدم تحديد المعدل المقبول للانحراف عن الوزن النسبى للناخبين.

وأضافت المصادر لـ«الشروق» أن الحكم أكد صحة المعيار الحسابى الذى وضعته لجنة تقسيم الدوائر منذ بداية عملها لتحقيق النص الدستورى الملزم بـ«التمثيل العادل للسكان والمحافظات والمتكافئ للناخبين» وهو أن يكون متوسط عدد المواطنين الذين يمثلهم النائب الواحد بالبرلمان عبارة عن حاصل قسمة (عدد سكان الجمهورية + عدد الناخبين مقسوما على اثنين) على عدد المقاعد المخصصة للنظام الفردى وهو 420 مقعدا، وهو ما يعرف بـ«المعيار المزدوج» الذى يجمع بين عدد السكان والناخبين معا، وليس الناخبين فقط.

وأوضحت المصادر أن العقبة الأولى هى أن الحكم أكد فى بداية حيثياته على القواعد التى وضعتها المحكمة الدستورية العليا فى أحكامها السابقة، على أن «التكافؤ والمساواة بين التمثيل النيابى للناخبين فى مختلف الدوائر لا يعنى التساوى الحسابى المطلق بين أعداد من يمثلهم النائب فى كل دائرة، لاستحالة تحقق ذلك عمليا» مما يعنى الاعتراف بضرورة وجود انحراف فى الدوائر التى يستحيل تطبيق الوزن النسبى الموحد عليها.

غير أن الحكم عاد فى نهاية حيثياته وأورد أنه «يجب أن يضمن التنظيم التشريعى للدوائر الانتخابية أن يكون لصوت الناخب فى دائرة معينة «الوزن النسبى ذاته» الذى يكون لصوت غيره من الناخبين فى الدوائر الانتخابية الأخرى وبرر ذلك بأن «مصـادرة أو إهدار أو إضعاف هذا الوزن النسبى لهم فى دائرة انتخابية معينة، بالمقارنة بدائرة أخرى، يكون مخالفا لمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة فى ممارسة حق الانتخاب».

وأشارت المصادر إلى أن لجنة تقسيم الدوائر التى عادت للاجتماع ستبحث هاتين الفقرتين من الحكم بشكل خاص، حتى تتأكد من تطابق معايير الحكم على القانون الجديد، مع الأخذ بمعدل انحراف محدود لا يؤثر على التمثيل النيابى.

وأكدت المصادر أن العقبة الثانية هى «عدم تطرق المحكمة إلى مسألة الانحراف من الأساس، وعدم التفات الحكم للخلاف الواسع الذى دار بين تقرير مفوضى المحكمة ومذكرة الحكومة فى هذه القضية، حول معدل الانحراف المقبول عن الوزن النسبى».

وارتأى تقرير المفوضين أنه «من المقبول وجود فوارق فى حدود 25% بالزيادة أو النقصان بين أعداد الناخبين فى الدوائر المختلف، بحسبان ذلك هذا هو الحد الأقصى المتعارف عليه فى غالب الدول الديمقراطية» كما استند إلى حكم من المحكمة العليا الأمريكية عام 1973 والذى سمح بمخالفة المساواة الحسابية الدقيقة بين الدوائر بنسبة 16.%.

وذكر التقرير أن «التناسب لا يعنى المساواة التامة، وإنما مساواة تقبل قدرا من الانحراف المحدود بحيث يكون ثمة تفاوت قليل بين الأوزان النسبية للمقاعد» وأضاف فى موضع آخر أنه «لا يوجد ما يمنع من الناحية الدستورية من السماح بقدر من الانحراف عن قاعدة المساواة العددية طالما توافرت المبررات الموضوعية كالرغبة فى المحافظة على الحدود الجغرافية لمناطق معينة أو تحقيق التلاصق بين المناطق المتصلة جغرافيا».

بينما اعتبرت مذكرة الحكومة الحكم ذاته الصادر من «العليا الأمريكية» سندا لزيادة معدل الانحراف، استنادا إلى أن الدستور الأمريكى يلزم بالمساواة الكاملة فى التمثيل النيابى، وليس بـ«التمثيل العادل أو المتكافئ» كما ينص الدستور المصرى، فضلا عن أن هذا الحكم أخذ فى الاعتبار «المجهود الصادق والعناية الواجبة التى يبذلها المشرع لتحقيق المساواة» وأنها تعتبر سندا لدستورية التقسيم حال تعذر ذلك واقعيا.

وسردت المذكرة أمثلة لمعدلات الانحراف حول العالم، ففى كندا كان يسمح بوجود فوارق بين الدوائر حتى 25%، لكن منذ عام 1968 سمح المشرع بتجاوز هذه النسبة لظروف استثنائية، وفى ألمانيا لا يجوز أن تتخطى نسبة الانحراف 25% وإذا تجاوزت 33% فيجب إعادة رسم الدائرة الانتخابية، وفى المملكة المتحدة تم تحديد القاعدة الأساسية فى تقسيم الدوائر الانتخابية عام 1944 بعدم تجاوز الانحراف نسبة 25%، ثم تم تغييرها لتصبح القاعدة أن تكون الدوائر «متساوية بقدر الإمكان».

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى