الأخبار

طبيبه د.حسن البنا: أخفى إصابته بالعمى

124

ربطته منذ بداية التسعينات علاقة وطيدة بالنجم الراحل أحمد زكى، وظل يلازمه بشكل دائم حتى آخر لحظات حياته، هو حسن البنا طبيب أحمد زكى الخاص، والذى تحدث لـ«الوطن» فى ذكرى رحيل أحمد زكى العاشرة، متذكراً أدق تفاصيل الأحداث التى جرت فى العديد من المواقف واللحظات الحرجة فى حياة النجم الراحل، وكأنها حدثت بالأمس فقط ولم يمر عليها أكثر من 10 سنوات.

فى البداية، يتحدث دكتور حسن البنا عن نمط حياة أحمد زكى قائلاً: «كانت حياة أقرب إلى الفوضى، عاش حياة «متلخبطة» قبل بها وأحبها بهذا الشكل، وربما كانت تلك الطريقة هى السبب وراء عدم زواجه للمرة الثانية، فبجانب كونه شخصية صعبة المراس كان أسلوب حياته غير نمطى، وكان لا يعترف بذلك أمام الناس».

وعن علاقته بالمرض، قال البنا: «كان يشعر بخوف شديد من المرض، حتى إن كانت أدوار برد عابرة، وأذكر أنه أصيب بحمى وارتفعت درجة حرارته، فأصر على إقامتى معه فى الفندق، رغم أن الحالة لا تستدعى وجود طبيب معه، إلا أن أى عرض مرضى مهما كانت درجة بساطته كان يشعره بالقلق الشديد ويضطرب معه، وكان فوضوياً فى التعامل مع مواعيد أكله ولا يتبع نظاماً غذائياً صحياً محدداً، مواقف مرضه جميعها كانت لحظات ضعف بالنسبة له، وكان دائم يرفض الظهور أمام الناس بمظهر الضعيف».

وعن ظروف استقباله لخبر مرضه بالسرطان يتذكر «البنا» قائلاً: «استقباله للخبر كان من أصعب المواقف التى مرت عليّ، لأنى كنت مكلفاً بإبلاغه وكنت أفضل اختيار شخص آخر ليتولى هذه المهمة المرعبة فى رأيى، فاجتمعت باثنين من أقرب الشخصيات إليه، محمد وطنى مدير أعماله، وصديقه الفنان ممدوح وافى، وطلبت منهما وضع برنامج خاص بالخطوات المقبلة للتعامل مع الوضع، فكلفت «وافى» بإبلاغ «أحمد» بعد إصرارنا على ضرورة علمه بأمر المرض حتى لا يفاجأ به، وطلبت منهم تركى للتفرغ لكل ما يتعلق بأمر العلاج والتفاصيل الخاصة به سواء فى الداخل أو فى الخارج، وإنهاء الإجراءات واختيار المكان المناسب للعلاج، والتعامل مع الإعلام والدولة، فأصدرنا خطاباً من المستشفى ضم تقريراً للحالة المرضية، ونتائج التحليلات الأخيرة، واستشارات كبار الأطباء وآراءهم فى اختيار أماكن العلاج فى الخارج، وأبلغنا مؤسسات الدولة المتمثلة فى وزارات الثقافة والإعلام والصحة، وأمين عام مجلس الوزراء، كما أبلغتهم بترشيحاتى للأطباء الذين يجب أن يتولوا علاجه سواء هنا أو فى الخارج، وأثناء جلوس «وافى» معه ليخبره بمرضه وجدته يقول: «أدى حسن أهو هيقولك إنت عندك إيه»، فاخترعت مصطلح «خلايا نشطة» لأتجنب إبلاغه بإصابته بالسرطان بشكل مباشر، حتى لا يشعر بالخوف، وقمت بتبسيط موضوع المرض والعلاج وأساليبه، فكان رد فعله عنيفاً، وقال: «دى جاتلى منين.. إيه المصيبة اللى أنا فيها دى»، وفى وقتها كان يعانى من مياه شديدة على الرئة بدأ يشفى منها وارتاح فخفت الأعراض التى كان يعانيها، فخف عبء المرض مع عبء المعرفة، وبعد عودتنا من فرنسا كانت حالته العامة جيدة فطالبته بالبدء فى تصوير «حليم» ليعلى ذلك روحه المعنوية ويشغله عن المرض، ولكن تأخر التصوير لمدة 6 أشهر جعل المرض يشتد عليه».

وتابع البنا: «فى الآونة الأخيرة عندما بدأ المرض ينتشر فى أماكن أخرى كالكبد والمخ، عانى أحمد زكى من فقدان جزئى فى البصر، بعد أن ضغط الورم على أجزاء من عصب البصر، وجعل مجال الرؤية غير كامل، فكان لا يرى الصورة كاملة عند الحواف، فمن يتحدث معه يجب أن يقف أمامه مباشرة ليراه، وكان يدارى الأمر على من حوله، ولم يظهر لهم ذلك، فقد كان طوال فترة مرضه متماسكاً، وكانت له جملة شهيرة حتى من قبل المرض كان يرددها على سبيل التندر، ولكن بعد المرض أصبح يقولها كطلبه ممن حوله حيث كان يقول: «ما تسيبونيش أتبهدل»، فكان لا يرغب أن يشعر بالعجز الشديد أو أن يدخل فى مرحلة يتحول فيها لعبء على من حوله، وهو ما لم يحدث، لأن الفترة التى اشتد عليه المرض فيها كان فى غيبوبة».

ويروى د.البنا مضمون مكالمة الرئيس الأسبق «مبارك» لأحمد زكى الذى قال له فيها: «يا أحمد سافر فرنسا واتعالج وارتاح نفسياً وما تشغلش بالك»، وبعد المكالمة قال لى: «إنها المرة الأولى التى أشعر فيها أن هناك شخصاً مسئولاً عنى، فدائماً أكون مسئولاً عمن حولى حتى أصدقائى» وهو ما أشعره بالارتياح وجعله يوافق على السفر.

– زيارة «هيكل»:

ويروى «البنا» أيضاً تفاصيل زيارة الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل له خلال فترة مرضه، وقال إن «هيكل» حكى لـ«زكى»، أنه كان مصاباً بورم سرطانى فوق الكلية، وشفى منه بشكل كامل بعد جلسات علاج فى ألمانيا، قام بها وابتعد عن كل شىء يرهقه وقتها، وطالبه هيكل بالابتعاد عن العمل والناس والتفكير فى نفسه وفى المستقبل.

– تسجيل مذكراته:

وقال البنا: إن عماد الدين أديب حاول تسجيل مذكرات أحمد زكى بعد رجوعه من فرنسا، حيث اتفق «أديب» معه على إنتاج مجموعة من الأفلام ليقوم ببطولتها، واقترح عليه تقديم برنامج يتحدث فيه عن مراحل حياته الفنية المختلفة، من خلال تسجيل 4 أو 5 حوارات كل حوار مدته ساعتان ليعرض فى برنامج 20 حلقة، يتضمن عدداً من المشاهد السينمائية بإنتاج ضخم، كما عرض عليه «أديب» مبلغاً كبيراً لتحفيزه لتسجيل البرنامج قبل الفيلم، وترتيب غرفة فى المستشفى وإجراءات طبية صارمة، ولكنه رفض بعدها بشكل مفاجئ، وقال: «هو إنتوا بتنعونى قبل ما أموت» واعتذر للناس بأنه مريض ومجهد.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى