الأخبار

«حزب الله» وحيدًا في معارضة «عاصفة الحزم»

96

بدا حزب الله اللبناني وحيدًا في معارضة «عاصفة الحزم» بعد نأي حلفائه بأنفسهم عن الملف، وتأكيدهم على ضرورة الحوار السياسي في اليمن، وهو ما يعد موقفًا متمايزًا عن موقفه تجاه الأزمة اليمنية، في حين تواصلت الردود المنددة بتصريحات الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، وصولا إلى وصفها بـ«الهذيان»، كما قال عضو كتلة المستقبل محمد كبارة.

وأقر نصر الله، في خطاب له، أول من أمس، بتمايز مواقف حلفائه عن موقف حزب الله، بقوله: «إننا نتفهم أي موقف من مواقف حلفائنا»، كما كرر تأكيده أن رأيه «غير ملزم لا لحليف ولا لصديق ولا لحبيب».

وبدت كتلة «التغيير والإصلاح»، التي يتزعمها النائب ميشال عون، وهو أبرز حليف مسيحي لحزب الله، أنها تنأى بنفسها عن الأزمة اليمنية، كون الحدث لا يرتبط مباشرة بلبنان. وقال عضو الكتلة النائب فريد الخازن لـ«الشرق الأوسط»، إن اليمن {بحالة حرب، والمؤسف أنها قد تتحول إلى ساحة حرب داخلية بين كل المكونات، بالإضافة إلى تدخل خارجي من جميع الأطراف فيها»، مؤكدًا أن هذا الملف «لا علاقة له بلبنان».

وأشار إلى أن التصريحات الصادرة عن اللبنانيين بخصوص الملف اليمني «تعكس مواقف أطراف لبنانية لها امتدادات خارجية، مثل تيار المستقبل وحزب الله».

وأعرب الخازن عن اعتقاده بأن الانقسام حول الملف اليمني بين حزب الله وتيار «المستقبل»: «لن يؤثر على حوارهما، بالنظر إلى وجود إرادة بفصل بين ما يحصل باليمن وغيرها خلال جلسات الحوار».

وكان عضو كتلة التغيير والإصلاح حكمت ديب، رأى أن «مواقف نصر الله لا تحرجنا»، مشيرًا في حديث تلفزيوني إلى أننا «نشارك نصر الله في بعض النقاط التي طرحها في خطابه ونختلف معه في البعض الآخر».

والى جانب تيار عون، بدا موقف رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يعد أبرز حليف شيعي لحزب الله، متمايزًا عن مواقف حزب الله، إذ كرر بري، منذ بداية «عاصفة الحزم»، تأكيده على أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية، مواصلاً الانفتاح على جميع الأطراف، إذ استقبل قبل أيام قليلة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري، وعرض معه آخر المستجدات في المنطقة.

وكان بري دعا إلى إجراء حوار عربي من أجل الحل السياسي في اليمن، وقال أمام زواره الأربعاء الماضي: «إذا لم يتم في مسقط فليكن في الجزائر ومستعد لتسهيل إجرائه في لبنان». وفيما لم تصدر انتقادات من شخصيات حليفة لحزب الله، على خلفية مواقفه تجاه الأزمة اليمنية، تواصلت ردود قوى «14 آذار» على تصريحات نصر الله. وبعد رد رئيس الحكومة الأسبق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي توجه فيه إلى نصر الله بالقول: «لماذا كل هذا الجنون في الكلام؟ إنها عاصفة الحزم يا عزيزي»، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد كبارة، في بيان، أن نصر الله «أصيب بالهذيان، فصار يقول الشيء ونقيضه، يطالب بعدم نقل صراع اليمن إلى لبنان فيما لا ينقله أحد سواه من خلال السباب والشتائم وتزويرا وتلفيقا».

وشدد عضو اللقاء الديمقراطي النائب نعمة طعمة إلى أن الحملات السياسية والمدانة التي تستهدف المملكة العربية السعودية والمستنكَرة من كل اللبنانيين على حدٍّ سواء، لا تعبّر عن التاريخ الناصع في علاقة لبنان بالمملكة.

وقال طعمة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الحملات «لن تُعطي ثمارها، أو تصلَ إلى أي نتيجة، لأن ما يربط لبنان بالسعودية أعمق بكثير، وأكبر من حملات تعبّر عن وجهات نظر وتبعية لقوى مرتبطة عضويًّا وعقائديًّا بمحاور إقليمية تكنّ الأحقاد الدفينة للسعودية، التي تخوض معركة حزم الكرامة العربية والدفاع عن الحق العربي أمام هذا المدّ التوسّعي لقضم المدن والعواصم العربية»، متمنّيًا على من يقود هذه الحملات أن يعي ويُدرك أنّ المملكة لم تدخل يومًا في الزواريب الضيّقة للسياسات اللبنانية أو أنّها كانت مع هذا الطرف وذاك، وإنما احتضنت ورعت كل اللبنانيين ومن كل الطوائف والمذاهب وسعت لإطفاء حريق الحرب اللبنانية ولم تقدّم سلاحًا لحزب أو تيار سياسي، بل دخلت لبنان من باب الإعمار والإنماء والودائع المالية والسعي للمّ شمل كل اللبنانيين وأيضا لتسليح الجيش اللبناني دون سواه، وهذا ما تبدّى من مكرمة الأربعة مليارات دولار للمؤسسة العسكرية.

النائب طعمة أكد أنّ مواقف السفير السعودي علي عواض عسيري أضاءت على ما تكنّه المملكة للبنان من محبّة وتقدير، إضافة إلى أنّ هذه المواقف التصعيدية من قبل ناكري الجميل لمكارم المملكة تجاه لبنان لا تعبّر عن الشريحة الكبرى التي لا تضمر إلاّ الخير للسعودية، داعيًا أولئك الذين يهاجمونها اليوم إلى الكفّ عن تلك الخطابات التي لا تجلب إلا الشرّ للبنان الذي يعاني الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية، ناهيك بهجرة الشباب المتخرّجين في الجامعات إلى رحاب دول الخليج كافة، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية، مذكِّرًا بما يحمله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والقيادة السعودية من مودّة ومعزّة وذكريات عن لبنان، هي أرفع وأسمى من حملات جائرة سرعان ما ستتبخّر وتذوب أمام عمق هذه الوشائج والروابط الوثيقة بين لبنان والرياض».

بدوره، تساءل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، عن «المصلحة اللبنانية العليا في مواقف السيد نصر الله الأخيرة؟». وشدد، في حديث تلفزيوني، على أن مواقف السعودية لم تكن إلا لمصلحة لبنان دائمًا، متسائلاً: «أين مصلحة الشيعة في مواقف أمين عام حزب الله، وأين هي مصلحة الإسلام والمسلمين في نبش القبور؟»، معتبرًا أن {كل الذي يحصل خراب بخراب».

ورأى جعجع أن ما حصل في اليمن تحرك عسكري ضد الشرعية، لافتًا إلى أن السعودية تدخلت لمنع السيطرة على اليمن وعلى الشرعية هناك، مشيرًا إلى أن أي استخدام للقوة من المفترض أن يرد عليه بهذه الطريقة. وشدد جعجع على أن الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور جاء إلى الرئاسة بانتخابات تشريعية، لافتًا إلى أن موضوع إعادته إلى السلطة ليس موقفًا سياسيًا، ومعتبرًا أن منصور هو حتى إشعار آخر الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب.

وكان الحريري رأى في رده مساء الجمعة – السبت، أن نصر الله يسير على خطى خامنئي لجهة «الإبداع في التلفيق وحياكة التحريف والتضليل وعروض الاستقواء والتعبئة المذهبية». وأكد أن «التوتر السياسي لن ينجح في تشويه صورة السعودية ودورها ومكانتها»، ملاحظًا أن «المشهد الذي يقدمه حزب الله مستورد من إيران وبعيد عن مصلحة لبنان ابتعاد إبليس عن الجنة».

وأشار إلى أن «حزب الله لا يفوت أي مناسبة ليعلن من خلالها أنه قادر على وضع طائفة بكاملها في السلة الإيرانية»، وقال: «لكن الشيعة العرب ليسوا جاليات إيرانية في بلدانهم. هم في أساس الأمة وحياة بلدانها، والمشروع الإيراني الذي يريدهم مجرد أدوات مصيره السقوط».

ويعد موقف لبنان الرسمي مؤيدًا لـ«عاصفة الحزم»، وكان عبر عنها رئيس الحكومة تمام سلام في القمة العربية، إذ أعلن أن «لبنان، وانطلاقًا من حِرصه على دعم الشرعية الدستورية في اليمن، وعلى الإجماع العربي ووحدة كلّ البلدان العربية واستقرارها، يعلن تأييده أي موقف عربي يحفَظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وتماسكَ نسيجه الاجتماعي». كما دعا إلى «تحييد لبنان عن كلّ النزاعات الإقليمية التي قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني».

الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى