الأخبار

صور “الجثث المفزعة”

142

أشلاء محترقة، عيون خارج محاجرها، وأجساد لم تعد كذلك، ومن حولها وجوه ضاحكة لمواطنين يلتقطون صور «سيلفى الجثة» مستبشرين بعمليات الثأر الواسعة التى نفذتها القوات المسلحة ضد الإرهابيين ومطالبين بالمزيد، هى ذاتها الوجوه التى بكت قبل أيام لمشاهد مماثلة، لكن الضحايا كانوا مختلفين، فتارة كانوا ينتمون للقضاء وتارة للجيش والشرطة، اختلفت الجثث وطريقة التعامل معها، وظلت «الصور المفزعة» للقتلى والمصابين تطارد المصريين عبر كل شاشة يقابلونها.

«عمرى فى حياتى ما نشرت أو نظرت لصور جثث، طول عمرى ضد ثقافة العنف اللى بتصدر القتل والجثث والدم، واعتبرها دايرة مفرغة، لكن لأول مرة فى حياتى أبص بتمعن فى صور جثث اللى قتلوا عيالنا امبارح»، هكذا كان الحال بالنسبة لفاطمة قنديل، لم يكن الأمر شماتة برأيها أو مجرد فضول أعمى: «بصيت فى عنيهم الميتة، اللى اتنزع منها الحياة، عشان لولا رجالنا اللى ماتوا، ماكنتش هقدر أبص كده فى عينيهم، وكانت عنينا هتنكسر وهما بياخدونا أنا وبناتى سبايا».

حالة من الراحة على المدى القريب، لكنها لا تستمر طويلاً بحسب أساتذة الطب النفسى، «تتسبب مثل تلك الصور فى تأثيرات شديدة على الجهاز العصبى والنفسى لمن يشاهدها»، يتحدث الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، مؤكداً أن صور القتلى والجرحى لا تمر على العيون مرور الكرام: «البعض ممن لديهم حساسية زائدة يصابون بحالة تدعى (كرب ما بعد الصدمة)، ربما تطاردهم فى الأحلام وتصنع نوعاً من الذاكرة المرضية ويحدث نوع من الاستعادة لهذه الصور من وقت لآخر مع شعور بالفزع والألم».

«المهدى» أشار إلى نوعية أخرى من المتلقين يتعاملون بشىء من اللامبالاة لدرجة تصل لالتقاط الصور مع الجثث: «هذا الفريق يعتاد الدم، ولم يعد شىء يؤثر فيه، يصبح العنف حدثاً معتاداً وهذا النوع تكمن خطورته فى حالة التبلد التى تصيبه فتصبح إراقة الدماء بالنسبة إليه عادية قد يمارسونها هم أنفسهم»، تحذير يؤكده الدكتور محمود أبوالعزائم، استشارى الطب النفسى، قائلاً: «صور القتلى تصنع قتلة، فى مجتمع يتابع جرائم القتل باستمرار ويتمعن فى صور الجثث، يصبح ارتكاب الجرائم بدم بارد لأتفه الأسباب أمراً معتاداً».

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى