الأخبار

حقاً.. العاهرة أكثر الناس حديثاً عن الشرف

 

47

طارق الغزالي حرب

للأديب والفيلسوف الأيرلندى الساخر جورج برناردشو الذى وُلد أواخر القرن التاسع عشر ومات فى القرن العشرين قول مشهور نصه «المرأة العاهرة أكثر الناس حديثاً عن الشرف».. هذا القول يتردد فى ذهنى مرات كثيرة منذ سنوات طويلة، وعبر عهود الرؤساء المقتول والمخلوع والمعزول والمجلس العسكرى والإخوان وحتى الآن. لا أعتقد أن أحداً قد نسى مثلاً تكرار حديث أزهى عصور الديمقراطية أيام مبارك الغبراء، ولا حديث أن الشعب هو الرقيب والمُحاسب، ولا الكلمات النارية المتكررة لزكريا عزمى عن محاربة الفساد الذى وصل لركب، إلى آخر هذا الهُراء الذى ظللنا نسمعه عقوداً ونحن غارقون فى مُستنقع آسن ليس له قرار! المهم أننا حتى الآن مازال هذا القول المأثور، أجد تطبيقاً له يومياً وأنا أتابع الفضائيات المتعددة وبرامجها الحوارية..

 

 

الموضة المُتفشية هذه الأيام هى المُتاجرة بمصر والادعاء بحبها من أدعياء كثيرين، بلغ بهم الغباء مبلغاً جعلهم يتخيلون أن أداءهم التمثيلى وكلماتهم الجوفاء يمكن أن تخدع عوام الشعب المصرى، الذين هم فى الحقيقة أذكى بكثير مما يتصور هؤلاء الأغبياء. الأمثلة على ما أقول عديدة وأكثر من أن تُحصى.. فبسم مصر وحبها والولاء لها يقترف الفاسدون الملوثون المتلونون والأفاقون المتاجرون بكل القيم والمبادئ، والراشون والمرتشون من أصحاب المصالح الخاصة، يرتكب هؤلاء جميعاً كل ليلة على الفضائيات العديد من الجرائم التى – وياللعجب – يتقاضون ثمناً لها مبالغ طائلة! فمنهم من يُشهر بالناس ويُفاخر بالتجسس والتنصت على عباد الله وتجريسهم بإذاعة هذا الإفك على الهواء بدون أن يتأكد أحد من مدى صدق ودقة ما يذيعه، مبرراً تلك الوضاعة الأخلاقية بحب مصر والخوف عليها! ثمة آخرون يتحدثون وهم جالسون على «الكنبة» إلى العامة من الناس أحاديث كذب وافتراء وادعاء عن ثورة يناير العظمى وعن رموزها الشرفاء وشبابها الشجعان، ويتسترون وراء الادعاء بحب مصر والخوف عليها، ولا تمل ألسنتهم من تكرار الحديث عن مصر التى يعشقونها ويخشون عليها من تهور الثوار وزئير الأحرار!

 

 

وآخرون لا يكلون من تكرار تأليب الأجهزة الأمنية ودفعها دفعاً إلى التنكيل بأى معارض، والتهليل لأى تجاوز من هذه الأجهزه للقانون باعتبار ذلك لمصلحة مصر التى يعشقونها ويخافون عليها! وهناك أيضاً من يزور التاريخ ويروج لسانه لأكاذيب تخاطب الجهلة والأميين بأحاديث مصاطب فارغة يظن أنها تصنع منه زعيماً شعبياً من طينة مصر التى يذوب فيها حباً وعشقاً! فى يوم من الأيام لفت ابنى نظرى لهذه المسألة وهو يشاهد أحد هؤلاء وهو محامٍ معروف ببذاءة لسانه وافتراءاته على شرفاء الناس، وقد انتفخت أوداجه واحمرت عيناه وهو يصرخ «إلا مصر، روحى ودمى فداكى يا مصر!» فإذا به يسألنى: «لماذا يا أبى لا نحب نحن مصر كما يحبها الأفاقون والمُرتشون والفاسدون والمنافقون؟

 

 

إنهم يكررون حديثهم السمج هذا كلما يتكلمون» فأجبته بقولة برناردشو التى عنونت بها هذا المقال، ونصحته بأن يُغير القناة التى يشاهدها إذا ظهر على شاشتها أمثال هؤلاء الشياطين الذين يتشدقون باسم مصر وحبها.. وقلت له لتعلم يا بنى أن الغالبية العظمى من أمثال من شاهدته وغيره ممن لا تكف ألسنتهم عن الحديث عن مصر وحبها بالإضافة إلى العديد من قيادات الدولة ومسؤوليها ونجوم المجتمع والفن فيها، لا يحرصون على شىء قدر حرصهم على الحصول على جنسية أخرى بالإضافة لجنسيتهم المصرية لأنفسهم وأولادهم، ويبذلون الغالى والنفيس من أجل ذلك! إن مصر بالنسبة لهم بقرة حلوب يستنزفونها إلى آخر قطرة خير فيها.. تباً لهم من بشر!

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى