الأخبار

تحرير نقابة المهندسين

 

301

 

فى أعقاب ثورة يناير2011 سارع الإخوان بالمطالبة بإجراء  الانتخابات النقابية فى مختلف النقابات المهنية طبقاً لقوانينها القديمة دون تريث أو انتظار للمطالب المرتفعة بتغيير الشكل التنظيمى للنقابات المهنية بما يستجيب لمصالح أبناء المهنة وصالح العمل النقابى فى إطار أن الشكل القانونى للنقابات المهنية منقول من النظم النازية والسوفيتية التى تستخدم التنظيم النقابى كأداء لخدمة النظام السياسى، ولكن اللهفة على الاستحواذ كانت قد تمكنت من الكيان الإخوانى وفى إطار رحلة شهر العسل القائم بين الجماعة والمجلس العسكرى السابق تم تمرير العديد من الكوارث، فكان إجراء الانتخابات بنقابة المهندسين وبغض النظر عن توقف أجهزة الحاسب الآلى وتعطيل عملية التصويت المقصود حتى أنه قد أنفق الناخبون الساعات الطوال انتظاراً للتصويت دون جدوى مما حدا بالكثيرين على الانصراف فضلاً عن سوء عملية فرز الأصوات.. وهكذا أصبح الإخوان أغلبية فى مجلس النقابة بالإضافة لمقعد النقيب…

< وقد حول النقيب الحالى ومجلسه النقابة الى فرع من فروع مكتب الإرشاد وتبنى كافة سياسات جماعة الإخوان.. فمن مقرات النقابة انطلقت حملات الدعاية لحزب الحرية والعدالة فى معارك مجلس الشعب والشورى الانتخابية… وعقدت مؤتمرات تأييد الدستور الإخوانى وأصدر النقيب البيانات الشاجبة لثورة 30 يونيه ووصفها بالانقلاب وأقامت عائلة الرئيس المعزول مرسى مؤتمرها الصحفي العالمى للدفاع عن الرئيس المعزول.. وتوجيه أموال النقابة لإغاثة غزة فى رحلات مكوكية وكأن مصر خالية من العشوائيات وهى التى يئن أهلها وشعبها من تكاثر العشوائيات حول كافة عواصم المحافظات حتى تجاوزت الـ1300 عشوائية!!
وهكذا تم تسيس العمل النقابى وتحويل المهنية الى صراعات سياسية لحساب فصيل بعينه وتم تجاهل ما علمه رواد العمل النقابى من ضرورة  خلع الرداء الحزبى على أبواب النقابة..
< وعلى كل تنعقد الجمعية العمومية غير العادية للمهندسين يوم الجمعة القادم 17/1 فى أعقاب انتهاء الاستفتاء على مشروع الدستور المعدل الجديد لسحب الثقة من النقيب ومجلس النقابة وذلك استجابة لطلب تقدم به أكثر من مائة مهندس ـ طبقاً لقانون النقابة ـ الى مجلس النقابة الحالى فلما تجاهل الطلب ولم يقم بالرد تم تحويل الطلب الى وزارة الرى للدعوة لعقد الجمعية العمومية غير العادية وليس هذا التفافاً حكومياً ولكن هذا الإجراء طبقاً لنص المادة 15 من قانون النقابة والمادة 26من نظامها الداخلى.. نذكر هذا رداً على الشائعات الكاذبة التى أطلقها تيار الإخوان حول فرض وصاية وزير الرى وأن النقابة فى طريقها للحراسة…هذا أيضاً أكذوبة أخرى لأن المادة «77» من مشروع الدستور المعروض للاستفتاء يمنع وضع النقابات تحت الحراسة.. وهكذا سلاسل من الأكاذيب اعتادوا نشرها.. فالإخوان هم التلاميذ النجباء على طريق النازية ووزير دعايتها جوبلز.. صاحب المقولة الشهيرة، اكذب ثم اكذب ثم اكذب.. تصبح الكذبة حقيقية»..
< نقابة المهندسين من أكبر النقابات المهنية تأسست فى عام 1946 وخضعت كما خضع غيرها من النقابات المهنية لتعسف النظام الشمولى فى أعقاب حركة 23يوليو التى أرادت استخدام النقابات أدوات لتأييد النظام السياسى سيراً على خطى هتلر فى استخدام الروابط والاتحادات… بل اشترط قانون النقابة لعضويتها أن يكون المهندس عضواً بالاتحاد الاشتراكى، وهكذا أصبحت عضوية الاتحاد الاشتراكى مثلها مثل الحصول على درجة البكالوريوس فى الهندسة من إحدى الجامعات المصرية..!!
وبالتأكيد فإن نقابة تضم ما يقرب من نصف مليون عضو ليس معقولاً أن ينتخبوا معاً أعضاء مجلس النقابة على امتداد مصر من أسوان للإسكندرية.. ومعلوم أن التنظيم النقابى درجة مباشرة للتطبيق الديمقراطى بمعنى أن تكون هناك معرفة متبادلة بين الأعضاء والمرشحين حتى يمكن اختيار من يعبر عن انحيازه لمصالح الأعضاء والمهنة وهذا ما لا يتوافر مع اتساع قاعدة الناخبين فضلاً عن تضارب مصالحهم.. فالعضوية تشمل المهندسين العاملين فى الشركات والهيئات وأيضاً تضم أصحاب الشركات ورؤساء الهيئات… وقد كان عثمان أحمد عثمان فى وقت من الأوقات نقيباً للمهندسين وهو أيضاً رئيس المقاولون العرب فإذا حدث اشتباك بين أحد مهندسى المقاولون العرب والإدارة بشركته فإنه يلجأ للنقابة يشكو تعسف رؤسائه وهكذا يذهب الضحية ليشكو للجانى على طريقة أشكو منك إليك!!..
< ومن هنا كانت المطالبات بتجانس مصالح التنظيم النقابى والمطالبة بنقابة للعاملين فى الشركات والمكاتب والهيئات الهندسية وأن تكون هناك رابطة لأصحاب الشركات والمكاتب… فضلاً عن مطالبات بأن تكون هناك نقابة لمهندسى المدنى والعمارة طبقاً لتجانس النشاط وأخرى لمهندسى الميكانيكا والكهرباء.. وهكذا فى مواجهة التنظيم الواحد العملاق القمعى الذى يهدف لخدمة النظام السياسى لا خدمة أعضاء النقابة والارتقاء بالمهنة.. ولعلنا بهذا نكون قد ألقينا الضوء على معنى سرقة الثورة الذى حدث فى 2011 طبقاً لتقديم لجنة التعديلات الدستورية للانتخابات أولاً قبل الدستور، وتم تجاهل كافة الدعوات للنقاش حول تقسيم الدوائر الانتخابية والمحليات وتنظيمها والنقابات وإعادة تنظيمها بما يحدث جدية وحيوية حقيقية لها.. ولكن الإخوان أصروا على استلام تركة الاستبداد من إسلافهم الشموليين أصحاب الحزب البائد ليستمر التداول الشمولى بعيداً عن مطالبات الثورة بإعادة بناء وطن ديمقراطى يقتسمه الجميع…
< خاض المهندسون صراعاً مريراً لتحرير نقابتهم من الشمولية وهيمنة النظم الاستبدادية بداية بنضال د. عبدالمحسن حمودة الذى نجح فى إلغاء شرط عضوية الاتحاد الاشتراكى طبقاً للأحكام القضائية التى أحرزها وصولاً لتيارات «مهندسون ضد الحراسة». وأخيراً تيار «الاستقلال» الذى يخوض معركة تحرير النقابة من قبضة الفاشية وتحريراً للعمل النقابى من كارثة التسييس التى يرتكبها النقيب الحالى ومجلسه فضلاً عن إخفاء الميزانية عن عين المركزى للمحاسبات وعدم الشفافية فى كشف حساب شركات النقابة والأصول المالية لها بل توجيهها لصالح التابعين للفصيل المسيطر على النقابة.
يوم 17 يناير القادم سوف يكون فاصلاً فى تاريخ الحركة النقابية المصرية وتحرير نقابة المهندسين واستعادتها منبراً للعمل النقابى والارتقاء المهنى بعيداً عن أوحال السياسة وفى ظل شفافية كاملة وتوجيه لأصول وأموال وطاقات نقابة المهندسين المصرية لصالح أعضائها ولصالح الأمة المصرية وشعبها..

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى