الأخبار

5 حكايات من تاريخ حارة اليهود:

 

 

176

في مقهي «لانسيانو»، تجمَع الزبائن حولّ الصحفى «ألبرت مزراحي»، يناقشون صحة إشاعة تقول بأنّ «ليلى مراد» قد اعتنقت الإسلام، وأصبح بعض الزبائن غاضبين عندّما علموا أنّ الإشاعة صحيحة، وكان أكثرهم إنزعاجًا الخواجة «لانسيانو»، صاحب المقهى، فقامَ بغلق المذياع عندما أعلن المُذيع عن تقديم أغنية لليلي مراد، كمّا أمر بإزالة صورتها من على حائط المقهى.

وفي الصباح التالي، كان الحيّ يضج بقصة مفادها أنّ «ليلى مراد» قامت سرًا بزيارة، معبد «موسى بن ميمون» في الحارة في مُنتصف الليل، وطلبت من خادم المعبد أن يُصلي لروح والدها «زكي مُراد»، وقد شعر الناس بإرتياح جرّاء سماع ذلك. وفي المقهى اختار «لانسيانو» تسجيلاً لليلى مُراد لإسماعه لزبائن المقهى، كمّا أعاد وضع صورتها على الحائط مرةً أُخرى.

كانت تلك هيّ أخر الحكايات التي تذّكرّها، موريس شمّاس، أحد الكُتَّاب اليهود، عن الليالي التي قضَاها في حارة اليهود، فهو عاشَ طفولته وصِباه بين أهالي الحارة، وعندّما انتقلَ إلى القُدس، ظلّت ذكريات «حارة اليهود» تُلاحقُه، فكتبَ عن ذكرياتُه  وسجّلها في كتاب يحمل إسم «الشيخ شابتاي وحكايات حارة اليهود».

رُبمّا رحلَ أغلب اليهود المصريين عن مصر، فلم يتبقَ منهُم سوى 10 أشخاص تضُمهم الطائفة اليهودية في مصر، ولكن تظلّ هُناك حكايات عن التُراث اليهودي المصري، تحديدًا وقت أنّ كان لحمًا ودمًا في حارة اليهود، بحي الموسكي.

«المصري لايت» تسردُ لكُم 5 حكايات عن «حارة اليهود» في القاهرة:

5. حارة اليهود – المُتفرعة من حيّ الموسكي

753-5020travel_photo_images_1360731781_941

رُبمّا تظُن من إسم «حارة اليهود» أنها حارة ضيقة وصغيرة الحجم، لكنها لم تُكن كذلك، فهيّ بالأصل حارة تُشبه «المتاهة»، وتضُم حوالي 360 زُقاق وحارة. فيُمكنك أن تدخُل إلى مُنعطفاتها عبّر 6 مداخل مُختلفة، لتجِد الأبواب المُزينة بنجمة داوود، مُنذ أن أُنشأت الحارة مع بداية إنشاء حي الموسكي، عام 1848، حسبّ كتاب، يهود مصر من الإزدهار للشتات، لصاحبُه الدكتور، محمد أبو الغار.

لم تكُن «حارة اليهود» حارة بالمعنى الحرفي، فهي في الحقيقة حي كامل بهِ شوارع وحواري كثيرة متصلة ببعضها البعض، وفقًا لكلمات محمود عبد الظاهر، في كتاب يهود مصر من الإزدهار للشتات، نظرًا لموقعها الجُغرافي المُميز، فتقع الحارة في وسط القاهرة، بين القاهرة الإسلامية والقاهرة الخديوية. ويسكُنها أعداد من المُسلمين والأقباط، وكان سُكانها من اليهود مُرتبطين بأمرين؛ أولهما الدخل المحدود، والآخر القُرب من مصادر الرزق بالنسبة للحرفيين في الصاغة وغيرها.

أما من تحسنت أحواله المادية فقد كان يهجر الحارة، ويذهب إلى عابدين أو باب اللوق أو باب الشعرية أو الجمالية أو الأزبكية أو الدرب الأحمر، ومن ترتفع أحواله المادية أكثر، كان ينتقل إلى العباسية ومصر الجديدة، أما من انضم إلى الأغنياء فكان سكنه الزمالك أو جاردن سيتي، ولم تكن الحارة –كما هو واضح ـ مكانًا إجباريًا ملزمًا لسكن اليهود في أي زمان من التاريخ الحديث لمصر، لذا فإنها لم تكن جيتو يهوديًا مماثلاً للجيتو في أوروبا الشرقية الذي ألزم اليهود بالسكن فيه، وفي الإسكندرية عاش اليهود في مختلف الأحياء حسب وضعهم الاقتصادي، إلا أن فقراءهم كانوا يسكنون ما يعرف باسم سوق السمك.

4. سُكان الحارة – مُسلمين ومسيحين ويهود

4

تشاركَ اليهود في الحياة المصرية مع المُسلمين والمسيحين في حارة اليهود، فلم تكُن أبواب الحارة تُقفل ليلاً على اليهود فقط. بلّ على المصريين جميعًا، ولكن احتفظ اليهود بطقوسهم الدينية كمّا هيّ في تلك الحارة، فزُينَت الأبواب بنجمة داوود. وانتظم اليهود في أعمالهم التي تُناسب الطبقة المتواضعة التي كانت تسكُن بالحارة، فعُرفَ الصُناع اليهود، بصناعات وحِرف تنوعت ما بين؛ الذهب، الألومنيوم، والأقمشة، أما النساء اليهوديات فكانوا يعملنّ في صُنع الحلويات، ويقطرنّ الزهر، بالإضافة إلى مهنة الحياكة.

كمّا كفلت الحارة لليهود مُمارسة شعائرهُم الدينية في هدوء، حيثُ ضمت الحارة 13 معبدًا يهودًيا لم يتبق منها سوى ثلاثة معابد، وفقًا لكتاب، شتات اليهود المصريين، للكاتب «جوئل بينين»، فالمعابد المُتبقية داخل أسوار الحارة هيّ؛  «معبد موسى بن ميمون»، أما المعبد الثاني «بار يوحاي» ويقع في شارع الصقالية، بينما الثالث في درب نصير وهو معبد «أبو حاييم كابوسي».

3. طقوس سُكان الحارة -نُسخة كربونية من ابن البلد

6

«نُسخة كربونية من ابن البلد»، فهُم  يلبسون القفطان والجلابية، ويأكلون الفول والملوخية والقلقاس، هكذا وصفَ موريس شمّاس، سُكان الحارة، في كتاب «شتات اليهود المصريين»، للكاتب جوئل بينين، فلم يختلف يهود الحارة عن باقي أهلها، وكان ملبسهم ومأكلهم ومشربهم مُشابهًا لبقية المصريين، باستثناء أنهم كانوا محافظين على استمرار الجالية اليهودية نسيجًا منفصلاً في مصر.

فعلى حائط كُل شقة يهودية، كانت تُعلق «النتيجة» التي تحفظ التقويم والأعياد بالشهور اليهودية، وفقًا لطقوس وتقاليد اليهود الشرقيين، حيثُ كانت تختلف تقاليدهم الدينية عن اليهود الذي تغربوا مع الأوروبيين، فكانوا يحتفلون بليلة التوحيد في أول نيسان في المعبد، فتأتي البداية مع قراءة الآيات الدينية، ويصلون، فيما كانت الغناء يصدح بالمزامير اليهودية على أنغام الموسيقى الشرقية، وكان الشعر يُقرأ ويُغنَى بالعربية مترجمًا، وفي منتصف الليل يقرأ أكبر الموجودين سدر التوحيد لعبادة االله بالعربية.

وفي عادات الصيام الأسبوعية، كانَ يصوم المسلمون يومي الأثنين والخميس، تقرُبًا لله، واليهود أيضًا في الحارة كانوا يصومون صيام «شوبايين»، وهو صيام يومي الاثنين والخميس لمدة ستة أسابيع، وفي السنة الكبيسة تزداد مدة الصيام إلى ثمانية أسابيع. ويعلن بدء الصيام ونهايته في المعبد اليهودي القديم في حارة اليهود، وتتم قراءة خمسة عشر جزءًا من كتاب ديني مرتين حتى يقتلوا الشيطان. وبعد الصلوات يتم ذبح عجل –تشتريه الجماعة اليهودية ـ داخل المعبد، ثم تتم قراءة بعض كلمات موسى.

2. معابد حارة اليهود

get_im

يحكي كتاب، يهود مصر من الإزدهار للشتات، للكاتب محمد أبو الغار، عن تاريخ 13 معبدًا يهوديًا في ضمتّهم حارة اليهود، ولم يتبقَ منهم سوى 3 معابد؛ معبد «موسى بن ميمون»، أما المعبد الثاني «بار يوحاي» ويقع في شارع الصقالية، بينما الثالث في درب نصير وهو معبد «أبو حاييم كابوسي».

ولعلّ أشهرهم، معبد موسى بن ميمون، الذي يقع في 15 شارع، درب محمود، من حارة اليهود بالقاهرة؛ والمعبد مُسجَل كأثر بقرار وزير الثقافة؛ وذلك لأهميته الدينية والتاريخية والمعمارية، ويرجع تاريخ إنشاء المبنى الحالى للمعبد إلى نهاية القرن 19م.

ترجع حكاية المعبد إلى عالم الدين اليهودي، القُرطبى موسى بن ميمون، الذي ولد فى شهر مارس عام 1135م فى قرطبة بالأندلس، وأقام فى مصر وتوفى بها فى 13 من شهر ديسمبر عام 1204م، حيثُ دُفنَ بمدفن خاص، بجوار المعبد حتى نُقلت رفاته إلى طبرية بفلسطين.

وكان موسى بن ميمون عالما بارعا فى العلوم الدينية اليهودية وعلوم الطب والرياضة والفلسفة، ويُذكر أنه عملَ كطبيب للأمير نور الدين على، أكبر أبناء صلاح الدين الأيوبى، وألّف كتبا فى الطب والهندسة وعلوم اللاهوت أثناء إقامته فى مصر.

1. خروج اليهود من الحارة

5

3 معابد، بيوت زُينت بنجمة داوود، بعضٌ من حكايات الأطفال عن جيرانهم اليهود، وطقوس يوم السبت، حيثُ توزع الحلوى على الأطفال. ذلك هو كُل ما تبقى من ذكريات عن اليهود في حارة اليهود. بعدّ أنّ رحلَ اليهود عنها مُنذ 1948 وحتى بعد ثورة يوليو 1952.

فكان لقيام دولة إسرائيل عام، 1984، واندلاع الحرب بين اليهود والعرب أثره في تحديد دور طائفة اليهود في مصر، وفقًا لكتاب شتات اليهود المصريين، وبعد قيام ثورة يوليو، زادَ الموقف اضطرابًا، بعد أنّ تغيرت موازين القوى بين العائلات اليهودية والسُلطة الحاكمة في مصر، فقام مُعظمهم بتصفية أعماله وأملاكه. وهاجرَ الكثير منهم إلى أوروبا، أمريكا، إسرائيل.

 

 

 

 

 

 

 

المصرى اليوم لايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى