الأخبار

بالصور.. ذكريات «رامي وثومة» مهددة بالانهيار

 

 

1403

هنا «الصب فضحته عيونه» وهنا دمعت العين عشقا لها وحزنا على فراقها. في شرفة العقار رقم (4) بشارع الشهيد محمد نبيل السباعي الكائن بحي حدائق القبة، كانت تجلس «ثومة» تدندن بكلمات أحمد رامي لتطربه، وأهالي الحي أحيانا.

مرت عشرات السنوات، ورحلت أم كلثوم وبعدها لحق بها «رامي» الذي كتب لها ما يقرب من نصف أغانيها، ولكن ظل هذا العقار شاهدا على حكايتهما وعالمهما.

في زيارة إلى المنزل الذي كان يقطن به الشاعر يوم 13 مايو عام 2009، وجد المرصد الحضاري التابع للجهاز القومي للتنسيق الحضاري أن منزل أحمد رامي “ذو طابع عمراني متميز” يستحق الحماية والحفاظ عليه من الهدم، فتم إدراجه ضمن قوائم الحصر للمبانى المتميزة معماريا التابعة لمحافظة القاهرة ومنعت هدمه بأمر القانون، ولكن كان لمالكه رأي آخر.

موقع «الجهاز القومي للتنسيق الحضاري»

مريم رياض، الطفلة التي تفتحت عيناها على «رامي» وعالمه، هي نفسها السيدة التي أصبحت لا ترى من هذا العالم سوى ذكرى مهددة بالانهيار.

تقيم مريم في العقار رقم (6) المجاور لمقر سكن أحمد رامي، منذ طفولتها، وبحسب ما ذكرته لـ«بوابة الشروق»، فإن الشاعر كان مستأجرا لهذا العقار من إحدى العائلات، حتى باعه المالك الأصلي إلى آخر أراد هدمه، ولكن كانت العقبة الوحيدة أمامه هو تسجيل العقار ضمن المباني ذات القيمة المعمارية والتي تمنع هدمه بأمر القانون.

مالك العقار، لم تعرف جارة رامي من هو تحديدا، “فعلي مدخل العمارة معلق لافتة عليها اسم «وجدي عزيز المحامي»، بينما هذا الاسم معرّف في الأوراق والدعاوي المقامة ضدنا من الملاك بأنه وكيل عن المالك وليس المالك نفسه”، حسب قولها.

عام 2011، لجأ المالك إلى تقديم تظلم بهيئة التنسيق الحضاري لرفعه من قائمة حصر الممتلكات القيمة، ولكن قوبل هذا التظلم بالرفض، اعتمادا على القانون رقم 144 لسنة 2006 بشأن الحفاظ على المبانى ذات الطراز المعمارى المتميز وحظر هدمها، “إضافة إلى ارتباطه بشخصية تاريخية مثل أحمد رامي”، بحسب ما ذكر على موقع الجهاز، فلم يجد صاحب المنزل وسيلة سوى “تعمد تخريبه”.

أوصى رئيس الجهاز سمير غريب، محافظة القاهرة بسرعة وضرورة ترميم المبنى إنشائيا لحمايته من السقوط، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد مالك العقار لمحاولته تخريب المبنى متعمداً بعد صدور قرار اللجنة برفض التظلم وإبلاغ النيابة العامة للتحقيق مع صاحب العقار امتثالاً للقانون.

وأشار الخبر المنشور على موقع جهاز التنسيق الحضاري إلى أن بلاغا ورد إلى الجهاز من أحد الجيران، في إشارة إلى مريم رياض في أبريل 2011، بأنهم اشتموا رائحة حريق داخل العقار وسماع أصوات انهيار داخلية، “وكان السبب وجود شيشة وبنزين بغرض تدمير العقار، ولم تستطع لجنة الحصر من الدخول للمنزل لغلق الباب بالجنزير وعدم وجود حارس للعقار”.

مريم رياض، كانت أكثر حظا من كثيرين برؤيتها أحمد رامي والمقربين من عالمه، وإن كانت صغيرة السن في ذلك الوقت لكنها لم تنس تفاصيل كثيرة.

تقول مريم، في رسالة أرسلتها إلى الكاتب الراحل أنيس منصور عام 2007، ونشرها في عموده «مواقف» بصحيفة الأهرام:
“كنا نسكن إلى جوار العظيم أحمد رامي في حدائق القبة حين كانت مثالا للجمال. وزارته الست أم كلثوم كثيرا في المساء وسمعنا صوتها ترانيم ليل بدون موسيقي، وأشهد برغم صغر سني آنذاك أني ما سمعت ابدع من ذلك حتي منها هي شخصيا، وكان رحمه الله دمث الخلق رقيق الحس وكان في سنواته الأخيرة يجلس في الشرفة الخلفية لبيته ليحظى ببعض الدفء والتامل والهدوء. سلام على بيت أحمد رامي الذي يهدم أمام عيني ولا أعرف ماذا أفعل، وهو من طراز جميل ويصلح أن يكون مقرا ثقافيا أو ورشة عمل للأطفال، مكتبة أو معرضا للرسم”.

وأشارت إلى أنها لاحظت تعمد واضح لتخريب المبنى، من بعد رفض تظلم المالك، حتى يخرج من قوائم العقارات المميزة، ومن ضمن ملاحظاتها “ترك ماء المواسير وأعمال حفر تحت البلكونات وخلع لحديد بعض البلكونات والسور الأمامي للعقار وبناء سور من الطوب لإخفاء أعمال الحفر”.

للهدم بقية..
تستطرد «مريم» حديثها عن أعمال الهدم، مشيرة إلى أنه في صباح 19 مايو الماضي وصل إلى سمعهم أصوات انهيارات، مضيفة: “قبلها كان هناك حوالي 15 كلب تم تربيتهم داخل المبنى، ونسمع نباحهم طول الليل لفترة طويلة، ومازلنا نسمع أصوات هدم وشنيور في المساء”، فحررت جارة شاعر الشباب محضرا بالقسم برقم 4471 لسنة 2015 إداري حدائق القبة، “وطلبنا فيه إيقاف أعمال الهدم وسرعة تعيين لجنة هندسية، وهو ما لم يتم حتى الآن”، على حد قولها.

34 عاما مرت على رحيل الشاعر أحمد رامي، ورغم أن منزله لم يكن مزارا أو مقصدا لمحبيه خلال تلك السنوات، ولكن لا تُعرف قيمة الأشياء إلا بعد فقدها.

«صور هدم منزل أحمد رامي»

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى