الرزق يحب «الطعمية»
20 عاماً تعملان فى المهنة نفسها لم تغيراها.. «كريمة» و«حنان» شقيقتان تعلمتا صنع سندويتشات الطعمية والباذنجان والبطاطس من أمهما، تقفان فى الشارع منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس، لا حديث لهما سوى عن أمهما «سعاد حميدة»، بائعة الطعمية فى شبرا الخيمة، قبل وفاة الأم كانت «كريمة» و«حنان» تنزلان معها، علمتهما سر الصنعة ورحلت تاركة لهما ما ينفقان منه على نفسيهما دون حاجة لسؤال الآخرين.
فى شارع «أبو الخير»، تقف «كريمة» و«حنان» بمفردهما، تسترجعان ذكريات الأم التى أخذت بيدهما حتى شقتا طريقهما فى سوق العمل. «كانت الضهر والسند، وكل حاجة لينا، تعبنا من بعدها وماليش حد غير أختى دلوقتى»، قالتها «كريمة»، الشقيقة الصغرى، أثناء وقوفها أمام الباجور وهى تصنع أقراص الطعمية، تعمل بنفس طريقة أمها وتقف نفس وقفتها، وهو ما يلاحظه الزبائن، فيبتسمون.
20 عاماً فى شارع «أبو الخير» لم يتغير شىء إلا غياب الأم، «الشارع شايفاه زى ما كانت عينى شايفاه وأنا صغيرة، مفيش حاجة اتغيرت غير أمى اللى ماتت»، قالتها «حنان» التى تعتبر شقيقتها «كريمة» أختاً وصديقة وعمة وخالة أيضاً: «أنا وهى ملناش غير بعض، أختى الصغيرة كريمة اتخطبت من فترة، وكان ده الحاجة الوحيدة اللى فرحتنا من بعد ما ماتت أمى، ومع ذلك مش راضية تقلع اللبس الأسود».
لا أب ولا أم ولا خال ولا عم، الكل رحل وبقيت الأختان بمفردهما، لكنهما لا يشعران بالوحدة وسط أهل المنطقة الذين تربتا بينهم: «هنا أهلنا وناسنا وأصحابنا لو مشينا ووقعنا فى شارع نلاقى الناس واقفة معانا، الناس شيلانا». لم تسلم الأختان من انتقادات البعض: «الناس الوحشة يا ريت يسيبونا فى حالنا، مالقوش فى الورد عيب قالوا حنان وكريمة».
تعانى «كريمة» من انزلاق غضروفى و«دوالى» فى القدم، بسبب الوقوف لساعات طويلة، وتعانى «حنان» من كهرباء زائدة بالمخ، والاثنتان يهونان على بعضهما طوال الليل والنهار، «تعبنا وبنصرف فلوسنا كلها على العلاج، بس الحمد لله عمرنا ما احتاجنا حاجة من حد، أصل أمى علمتنا كده»، قالتها «حنان»، التى حصلت على دبلوم تجارة بمجموع كبير، وجاءها خطاب تعيين من القوى العاملة منذ سنوات، لكنها رفضت لتساعد أمها فى بيع الطعمية: «كنت بحب الشغل مع أمى أوى، وحبيت الناس عشان هى كانت بتحبهم، وأحب أشيل قفص العيش على راسى، وكرتونة البيض والبطاطس، مانجبش حد يشيل معانا حاجة، بحلم بالخير يكون على الصفين، والناس كلها تكون حلوة».
الوطن
