الأخبار

رحلة “آمال”

 

41

 

حين هاجمها العسكري، يطيح بقدميه “رصة” أعدتها بعناية لتقتات منها، صرخت في وجهه، ارتمت على الأرض، رفضت المغادرة، وكادت تجسد مشهد سحل محمد أبوسويلم في فيلم “الأرض”، فهنا إلى جوار الشجرة، عاشت وعملت طيلة 33 سنة، أنجبت صغارها الستة، ومن هنا أيضا استطاعت أن تربيهم وتزوجهم، قبل أن يزيحها أحدهم عن المكان بحجة تطهيره من الباعة الجائلين مشوهي المظهر الحضاري.

البائعة: “هرجع تاني ومش هسيب أكل عيشي ورزق عيالي”

كانت المرة الاولى التي تسمع فيها جملة “مظهر حضاري”، اندهشت وكادت تصرخ في وجه محدثها “حلوان ومظهر حضاري، طب إزاي؟ ده سوق المحطة وأكل عيشنا، من امتي حكاية المظهر دي في المنطقة؟”، لم يعرها أحدهم انتباهه، ظلت كمن يعوي في سماء فارغة، تنظر من آن لآخر إلى حطام زملائها الباعة، تضرب كفا بكف وهي تقول “نابهم إيه من البهدلة دي، يعني لا موفرين لينا لقمة عيش وكمان بيحاربونا في عيشنا”.

تصنف قوات الأمن “آمال” بائعة ورق العنب باعتبارها إشغالات، وتصنف هي جلستها باعتبارها “على باب الله”، أراد لها المولى رزقها في المكان ويسره لها طيلة السنوات الماضية، فلماذا تحاربها الحكومة؟، تتساءل آمال: “بيقولوا إننا بنخالف القانون، رغم اني قدمت من سنتين عشان اتنقل السوق الجديدة، وروحنا عشان نستلم لقينا ناس مش من حلوان خالص، التجار الكبار العتاولة هما اللي أخدو نمرة واتنين في السوق لكن مش الغلابة، نروح فين ونعيش إزاي؟”.

لم تستوقف دموعها أحد، عدا “الوطن”، تتبعت قصتها مع اللواء إبراهيم عوض، مدير شرطة المرافق في حلوان، الذي اكتفي بنفي تسكين أي باعة جائلين من خارج المنطقة، والتأكيد أن الباعة الجائلين تم نقلهم من منطقة المحطة إلى سوقي توشكى وعين حلوان، الأول يستوعب 515 بائعا، فيما يتسع الثاني لـ450 “باكية”، يضاف إليها 200 أخرى، ليصبح إجمالي أماكن الباعة الجائلين المنقولين 1160 بائعا.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى