الأخبار

المراحل الكاملة لإنتاج «فرد خرطوش»

159

فى مكان بعيد عن الأعين، وحملات رجال الشرطة، يستقر أحد صناع «فرد الخرطوش» فى مأمن، داخل ورشته الصغيرة التى أسسها فى بيت مهجور.

«الوطن» رصدت هذه الورشة الصغيرة لتصنيع السلاح، وطريقة صنع «فرد الخرطوش» فى إحدى «العزب» الصغيرة التابعة لمركز مدينة كفر الدوار، وقضت ليلة كاملة انتهت بصناعة قطعتين من السلاح المميت. خيوط العنكبوت تشابكت على باب خشبى عتيق فى مكان بإحدى المناطق المهجورة، السقف عبارة عن ألواح خشبية رثة، وطاولة صغيرة مثبت عليها بعض المعدات والمستلزمات المخصصة لتصنيع السلاح المحلى، قطع من الصاج وبعض من السوست، ومواسير، وأسياخ حديدية مرنة وكافة المعدات المستخدمة فى تصنيع وتشكيل الحديد.

«الساقية» فرد خرطوش يضرب 6 طلقات متتالية.. و«تاجر»: «دلوقتى فيه حرص شديد فى البيع علشان الحكومة شادة شوية»

يبدأ الصانع الذى تحتفظ «الوطن» باسمه فى رسم شكل وتصميم قطعة السلاح حتى يجرى تقطيع وتحديد أبعادها، يستخدم آلة تقطيع الحديد «الصاروخ» فى تجهيز المكونات، يبدأ فى استخدام قلم ملون لوضع بعض العلامات على الصاج ويشرع فى تقطيع أجزائه، يستخدم «صنايعى» الخرطوش عدداً من طلقات الخرطوش مختلفة المقاسات بين عيار 12 وعيار 16. يقول صاحب الورشة: «أهم جزء فى فرد الخرطوش هو ضبط ماسورة على مقاس الطلقة، وأول ما بتظبط الماسورة، خلاص الفرد يبقى ناقص تقفيل سريع». يستخدم «صانع آلة الموت» قطعاً من أسياخ حديد مرنة لصنع هيكل المسدس أو «الشاسيه» الأساسى، حسب المقاسات التى رسمها، ينتهى الصانع من تقطيع مستلزمات السلاح، ويبدأ فى مرحلة اللحام عن طريق ماكينة صغيرة، لتثبيت القطع الحديدية التى صنعها ببعضها، ثم يثبت الماسورة بماسك يتيح تحريكها لوضع طلقات الخرطوش، ويلحم بشكل دقيق قطعاً من الصاج فى مقدمة المسدس، ليظهر فى النهاية بشكل شبه مكتمل، ويقول الصانع: أصنع قطعة سلاح الفرد الواحد اللى هى بروح واحدة، يعنى فيها ماسورة واحدة وبتضرب طلقة واحدة فى ساعة، ويتبقى شغل التشطيب الأخير، وهو عبارة عن صناعة «المعلقة» اللى بتنطر ماسورة الطلقة عشان يعمرها أو يشيل الطلقة اللى اتضربت، كمان بيكون فيه سوست الزينات والشاكوش والفتحة الصغيرة اللى بتضرب سوستة طلقة الخرطوشة، كل اللمسات الصغيرة دى بعملها بمزاج وبطريقة فيها فن عشان السلاح، دا لو حبيته وفهمته هتعرف تطور فيه وتصنع منه جديد كل يوم». ويضيف قائلاً عن تكلفة صناعة الفرد ومستلزماته: «ممكن بـ20 جنيهاً أشترى مكونات فرد الخرطوش وأصنعه لأن المكونات موجودة فى أى محل بيبيع حديد، بشترى مستلزمات السلاح الصاج المتر الطولى بـ8 جنيهات «10 سنتيمترات فى متر طول»، وأشترى أسياخ حديد، الكيلو بـ7 جنيه، وأشترى سوست الواحدة بـ50 قرشاً. ويستكمل: «حتة السلاح الواحدة اللى بروح واحدة أبيعها بـ500 جنيه أو 600 جنيه للتاجر اللى بتعامل معاه، لكن فيه أنواع تانية أغلى من الفرد اللى بروح واحدة زى الساقية، ودى بتبقى عايزة شغل أكبر ومجهود أكبر وسعرها بيكون أكبر». حالة من الركود ضربت هذه التجارة بعد ثورة 30 يونيو، بسبب عودة الحملات الشرطية بصورة جزئية على بعض الورش، وضبط كميات من الأسلحة الخرطوش مع بعض المتظاهرين أو الخارجين على القانون. أشهر أماكن فيها تجارة السلاح المحلى «فرد الخرطوش» تكون فى المناطق الشعبية، حيث ازدهرت هذه التجارة بصورة كبيرة مع بداية ثورة 25 يناير واستخدمها المسجلون الخطر خلال فترة الانفلات الأمنى، كما استخدمت فى المظاهرات، وكانت تنقلها عدسات كاميرات التليفزيون فى الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، هذا السلاح دائماً كان يظهر فى دور الطرف الثالث فى الاشتباكات، لكن مؤخراً وبعد ثورة 30 يونيو وبداية عودة الشرطة جزئياً إلى الشارع، انحصرت إلى حد كبير هذه التجارة غير المشروعة لسلاح «الخرطوش» فى المناطق الشعبية، لاستخدامها فى الاشتباكات والمنازعات التى كانت تقع بين الأهالى فى المناطق الشعبية أو فى عمليات السطو أو البلطجة أو «التثبيت» من قبل الخارجين على القانون. «الفرد سوقه نام على الآخر بسبب الحكومة» بهذه الكلمات يبدأ أحد تجار سلاح الخرطوش المحلى، الذى نحتفظ باسمه حديثه، وأضاف: «بعد ثورة يناير كان السلاح شغال تمام كل يوم كنت أبيع أكثر من 10 قطع سلاح، وكان المكسب كويس وسريع، لكن دلوقتى السوق نام، لأن الحكومة رجعت تانى تحاربنا وبتمسك اللى بيظهر مننا».

ويشير التاجر الذى يزاول نشاطه فى إحدى المناطق الشعبية التى تتبع محافظة الجيزة، إلى أن تجارة سلاح الخرطوش قبل ثورة 25 يناير كانت محدودة جداً، ولم يكن هناك سوى عدد قليل يحمل فرد الخرطوش، ومن كان يحمله كان «بوب» على حسب تعبيره، مؤكداً أن سعر القطعة المصنوعة محلياً فى ذلك الوقت الذى كان يطلق طلقة واحدة فى المرة بـ«روح واحدة» ولا يتعدى ثمنه 200 جنيه، لكن تزايدت الأسعار فى عام 2011، حتى وصل سعر هذا الفرد «أبو روح واحدة» إلى 1500 جنيه، وقال: «غياب الشرطة فى الثورة خلّى الناس تُفجر، كل واحد عايز يشيل سلاح عشان يحمى نفسه أو يبلطج على غيره، والحكومة كانت فى الضياع، ومحدش كان بيسأل حد، وبعد ما كانت الخناقات بالمطاوى والخناجر والسنج بقينا نشيل الفرد الخرطوش». ويضيف: «سعر الفرد أبوروح واحدة صناعة ورش الخراطة من غير ما يتم تنكيله كان السنة اللى فاتت بـ1500 جنيه، وصل سعره من 800 جنيه إلى 1000 جنيه، وسعر السلاح الفرد أبوروحين المحلى بقى من 1200 إلى 1400، أما سلاح الخرطوش الساقية، ودا سلاح بيضرب 6 طلقات خرطوش ورا بعض بقى من 2000 جنيه إلى 2500.

يشير تاجر السلاح المحظور إلى أن سعر الفرد انخفض، بينما أسعار طلقات الخرطوش ما زالت مرتفعة، ووصل سعرها إلى 25 جنيهاً، الطلقة عيار 12، ويضيف مؤكداً أن قوات الشرطة تقوم بعمل مداهمات لبعض الورش التى تشتهر بتصنيع الفرد خرطوش، ويقول: «الحكومة شادة اليومين دول عشان كدا فيه حرص فى البيع، والسلاح مش بيطلع لأى حد».

 

 

 

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى