الأخبار

«الجنيه» يضغط على فرص الـ

55

بعد فرض روسيا عقوبات اقتصادية على تركيا، تشمل حظراً على الواردات، بدءاً من الشهر المقبل، جراء إسقاط أنقرة طائرة حربية روسية على الحدود السورية قبل نحو 3 أسابيع. استطلعت «المال» أراء عدد من المصرفيين حول فرص استفادة مصر من تلك الأزمة، ومدى تأثير قيمة الجنيه، على تنافسية الصادرات المصرية، وقدرتها على اقتناص أكبر حصة ممكنة من الصادرات لموسكو.

اتفق مصرفيون على أن ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار، والعملات الأجنبية الأخرى، سيضغط على تنافسية الصادرات المصرية، باعتبارها مرتفعة التكلفة، مقارنة بالأسواق الأخرى، التى توسعت مؤخراً فى خفض قيمة عملتها لتعزيز صادراتها، مشيرين إلى أن السلع المصرية تعتبر مرتفعة السعر، مقارنة بنظيرتها التركية، التى كانت تعتبر شريك تجارى رئيسى للكرملين.

ولفتوا إلى فقد الروبل الروسى خلال العام ونصف الماضيين، أكثر من نصف قيمته أمام الدولار، فى حين تماسك الجنيه المصرى بصورة أكبر أمام العملة الخضراء ليتراجع بوتيرة أقل تصل إلى %9.5، وهو ما يرفع من تكلفة الصادرات المصرية لروسيا.

يشار إلى أن الروبل الروسى تراجع خلال الـ12 شهراً الماضية، بأكثر من %45.6 أمام الدولار، كما انخفضت الليرة التركية بنسبة %28.44 خلال نفس الفترة، فيما فقد الجنيه المصرى نحو %9.5 فقط من قيمته أمام العملة الأمريكية.

ورفع البنك المركزى المصرى فى خطوة مفاجئة سعر الجنيه مقابل الدولار بواقع 20 قرشا فى التعاملات البنكية٬ لينخفض سعر الدولار إلى 7.83 جنيه منذ بداية نوفمبر الماضى، فيما يتم تداوله بقيم تتراوح بين 8.40 و8.50 جنيه بالسوق الموازية.

وفى ذات الوقت يؤكد عدد من المصدرين إمكانية تجاوز أزمة إرتفاع الجنيه، عبر توقيع إتفاقيات سياسية بين البلدين، لتتمكن الحكومة من تحقيق مستهدفها فى زيادة الصادرات، خاصة مع ارتفاع جودة المنتجات الزراعية، وقرب المسافة مع روسيا مقارنة بدول أخرى، وهى من أبرز الميزات التنافسية.

وأوضحوا أن العلاقات السياسية بين البلدين، ستلعب دوراً رئيسياً وحاسماً فى استبدال السلع التركية بالمصرية.

وتوقعت تركيا الأسبوع الماضى، أن تؤثر العقوبات الروسية على صادراتها الغذائية بقيمة 764 مليون دولار سنويا، فيما تصل قيمة الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية لموسكو نحو 310 ملايين دولار، وفقا لبيانات وزارة التجارة المصرية.

وارتفع حجم التبادل التجارى بين «مصر وروسيا» خلال 2014 بنسبة %86 ليصل إلى 5.4 مليار دولار، كما ارتفعت الصادرات المصرية خلال نفس الفترة بنسبة %22.3 لتصل إلى 540 مليون دولار، وذلك حسب أحدث تقرير صادر عن جهاز التمثيل التجارى بوزارة الصناعة والتجارة.

تتمثل أهم الصادرات المصرية لروسيا، فى البطاطس والخضروات المجمدة والبرتقال والأجهزة الكهربائية، فى حين يستحوذ القمح والبترول على النصيب الأكبر من الواردات المصرية من روسيا.

يشار إلى أن حصيلة الصادرات السلعية المصرية تراجعت بنحو %15.5 لتقتصر على نحو 22.1 مليار دولار خلال العام المالى الماضى، وذلك إثر انخفاض حصيلة الصادرات البترولية بنحو 3.7 مليار دولار، وتراجع حصيلة الصادرات السلعية غير البترولية بنحو 300 مليون دولار.

واستبعد مصرفيون إمكانية اللجوء لإجراء مقايضة تقضى بدفع قيمة السلع المصدرة بالروبل، على أن تقوم مصر باستخدام الحصيلة فى سداد قيمة الواردات الروسية، مشيرين إلى صعوبة وضع ضوابط للمقايضة، خاصة وأن الروبل ليست عملة متداولة عالمية، كما أن الفكرة لم يتم الإتفاق عليها فى تنشيط السياحة الروسية، رغم مناقشتها منذ أكثر من عام.

كانت وزارة السياحة قد قامت فى ديسمبر الماضى، بدراسة إجراء مقايضة يتم من خلاله سداد السياح الروس قيمة الرسوم بالروبل، على أن تستخدم مصر الحصيلة فى سداد تكاليف وارداتها من روسيا، فى محاولة منها لتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية الروسية على تدفق الوفود السياحية إلى مصر.

من جانبه قال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، إن العديد من العوامل تحدد مدى قدرة مصر على زيادة صادرتها لروسيا، بعد خلافها مع تركيا التى كانت تعتمد عليها فى سد نحو %66 من احتياجاتها من السلع الغذائية، ومن أبرز تلك العوامل ارتفاع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى، الأمر الذى يجعل السلع المصرية مرتفعة التكلفة و”غالية ” مقارنة بالأسواق الأخرى التى خفضت عملتها بنسبة تجاوزت %20.

وأضاف أن الروبل فقد نحو %50 من قيمته خلال الشهور الماضية، بالإضافة إلى تراجع الليرة التركية خلال نفس الفترة بأكثر من %25، فيما تراجع الجنيه أمام الدولار بنحو %9 فقط.

ولفت إلى أن تراجع قيمة العملات فى الأسواق الناشئة، تزيد من قدرتها على اختراق السوق الروسى، وتقلل من فرص زيادة الصادارات المصرية، مشيراً إلى أن التكلفة عامل أساسى تعول عليه الدول فى تحديد جهة واردتها، لاسيما وأن روسيا تعانى من أزمة اقتصادية نتيجة للعقوبات الأوربية منذ أزمة أوكرانيا.

وعن إمكانية إجراء مقايضة” Swap “مع الجانب الروسى، استبعد رئيس قطاع الخزانة، الإعتماد على تلك الآلية لصعوبة تطبيقها، وتطلبها الكثير من الشروط، أبرزها توازن التبادل التجارى بين البلدين، وأشار إلى أن مصر تستورد بمليارات الدولارات من روسيا، فيما لا تتعدى قيمة صادراتها نحو 500 مليون دولار.

وأضاف أن وزارة السياحة كانت تآمل فى إجراء مقايضة لتنشيط السياحة الروسية، إلا أن المفاوضات توقفت.

وتابع: هناك العديد من العوامل الأخرى التى يجب توافرها، لزيادة الصادرات إلى ” موسكو”، أبرزها توافر فائض من المنتجات والسلع التى يحتاجها السوق الروسى كبديل عن السلع التركية، مع أهمية سد احتياجات السوق المحلى أولاً، فضلا عن تكلفة النقل والشحن والتأمين على البضائع التى قد ترتفع عن نظيرتها التركية.

ولفت إلى أهمية دراسة الفرص السانحة لزيادة الصادرات المصرية للسوق الروسى، مع التركيز على السلع التى تتمتع بميزة تنافسية عن الأسواق الأخرى، كالموالح وبعض السلع الغذائية.

وقال هيثم عبد الفتاح، مدير قطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية والعمال، إن قيمة الجنيه تلعب دوراً رئيسياً فى تحديد أسعار السلع المصرية المصدرة، وبالتالى فان ارتفاع قيمته أمام العملات الأجنبية، يجعل أسعارها مرتفعة مقارنة بالأسواق الأخرى التى قامت بتخفيض عملتها.

وأضاف: يمكن تجاوز ارتفاع تكلفة السلع المصرية من خلال عقد اتفاقات سياسية، خاصة وأن الصراع السياسى بين تركيا وروسيا، يغير أولويات الدب الروسى.

وأضاف أن موسكو قد تتغاضى عن ارتفاع تكلفة السلع المصرية، فى سبيل تنفيذ العقوبات على أنقرة.

ويعتقد «عبد الفتاح» أن عنصر ارتفاع التكلفة لن يؤثر على زيادة الصادرات المصرية لموسكو، فى ظل وجود تعاملات تجارية نشطة، واستبعد فى الوقت ذاته اللجوء لإجراء مقايضة، مؤكداً أن العلاقات السياسية بين مصر وروسيا، ستعلب دوراً رئيسياً فى حسم زيادة الصادرات الفترة المقبلة.

وشدد على ضرورة زيادة فوائض المنتجات التصديرية، بما يسمح بزيادة نشاط الصادرات دون ضغط على السوق المحلى.

ورغم تلك التحديات يتوقع عدد من مصدرى الحاصلات الزراعية، زيادة حجم فرص التوسع أمام صادرات مصر من الحاصلات الزراعية للسوق الروسى، متوقعين زيادة حجم الصادرات بما يتراوح بين 10 – %15، وطالبوا بإستغلال الحكومة للتوترات الحالية بين روسيا وتركيا لتوقيع عقود تصدير زراعية جديدة لموسكو.

وأكدوا أن الطفرة المرتقبة فى الصادرات الزراعية لروسيا مضمونة بسبب جودة المنتجات الزراعية المصرية، وقرب المسافة مقارنة بدول أخرى، لكن ذلك مرهون بتطوير وتحسين شبكة النقل البحرى، ويمكن إيجاد بدائل عاجلة لتجاوز مشكلة فروق العملة.

تشير بيانات المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، إلى أن حجم الصادرات الزراعية إلى روسيا بلغ 630 ألف طن، لتستحوذ على نحو %18 من إجمالى الصادرات الزراعية خلال العام الجارى، ويأتى البرتقال والبطاطس والموالح على رأس قائمة تلك الصادرات.

وأشار المصدرين إلى أن الهند وباكستان والمغرب، من أهم الدول المنافسة لمصر فى التصدير الى روسيا.

من جانبه أكد عدلى حسين، رئيس إتحاد مصدرى الحاصلات البستانية التابع لوزارة الزراعة، أن القرار الروسى بالتوجه نحو حظر الصادرات التركية الزراعية، فرصة للصادرات المصرية، وخطوة تجاه زيادة التبادل التجارى معها.

وأوضح أن الصادرات المصرية إلى السوق الروسية تتركز فى البرتقال والبطاطس والبصل الأخضر، ويمكن زيادة كمياتهم.

وأشار إلى أن المغرب منافس قوى لمصر، نتيجة توافر عدة عوامل تساهم فى زيادة تنافسيتها، منها توافر الخدمات اللوجيستية، التى تسهم فى سرعة نقل منتجاتها إلى أوروبا، ومنها إلى روسيا، لكن جودة المنتجات المصرية تعد الحاكم الرئيسى فى تلك العملية.

وطالب بتطوير منظومة النقل والبنية التحتية حتى يتم نقل المنتجات الزراعية التى لا تتحمل ساعات النقل الطويلة، مشيرا إلى أن البرتقال والبطاطس يتم نقلهما بالسفن، لكن هناك منتجات أخرى تتطلب الاستعانة بالنقل البرى أو الجوى.

 كان المهندس طارق قابيل، وزير  الصناعة والتجارة، قد أكد على  اهتمام مصر بسد احتياجات السوق الروسى خاصة من المنتجات التى كان يتم إستيرادها من تركيا “، ومن أبرزها الخضروات والفاكهة بنسبة %66 يليها الملابس والجلود.

 من جانبه أكد محسن البلتاجى، رئيس جمعية ” هيا ” الزراعية على ضرورة العمل على سرعة إستغلال الظروف الحالية والتوترات القائمة فى توقيع تعاقدات تصديرية زراعية جديدة مع روسيا، موضحا أن الزراعة من أجل التصدير تتم طبقا لاشتراطات محددة، وهو ما يجب توفيره فى المنتج الزراعى لضمان دخول الأسواق الخارجية.

ودعا إلى سرعة حل مشاكل الأراضى، وإتاحة المزيد منها للنشاط الزراعى، فضلا عن حل مشاكل تقنين أراضى الطرق الصحراوية.

وأوضح أن إرتفاع قيمة الجنيه أمام باقى العملات، أمر يمكن تجاوزه عبر الاتفاقات السياسية، التى ستسهل من عملية نفاذ الصادرات المصرية للسوق الروسى.

 من جانبه أكد عادل الغندور، مستثمر ومصدر زراعى أن وقف الصادرات التركية إلى روسيا، فرصة أمام الصادرات المصرية، مضيفا أن وقف الصادرات الأوروبية إلى روسيا العام الماضى، أدى إلى دخول عدد كبير من المصدرين من إفريقيا وأسيا اليها واشتدت المنافسة.

 كانت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، قد نشرت تقريراً من الإدارة المركزية للحجر الزراعى، أشار الى أن اجمالى صادرات الإنتاج الزراعى إلى دول العالم بلغت 4.8 مليون طن، تشمل جميع الأصناف من الخضر والفاكهة والموالح فى الفترة من   منذ 2015/1/1 حتى 2015/11/26.

وذكر التقرير أن إجمالى الصادرات المصرية من الفاكهة هذا العام بلغت مليون و436 ألف طن، محتلة المركز الأول، تليها الموالح بإجمالى مليون و398 ألف طن، والخضار بإجمالى مليون 36 ألف طن، والبطاطس بإجمالى 634 ألف طن، والبصل بإجمالى 186 ألف طن، والعنب 88 ألف طن، والفروالة 38 ألف طن.

وأكد التقرير أن واردات مصر من الخضار بلغت نحو 1509 طن، وبلغ إجمالى كميات الفاكهة التى تم استيرادها 553 ألف طن.

وأوضح الغندور، أن السوق الروسية تحتاج إلى دراسة فعلية عن حجم احتياجاتها، والدول المنافسة الأقرب إليها، ليكون الدخول بها بناء على معلومات، مشيرا إلى أن باكستان على سبيل المثال لديها كميات كبيرة من البطاطس والبرتقال، يمكن توجيهها للسوق الروسية، ما يقلل من فرص الصادرات المصرية.

وأوضح أن الهند والمغرب كانا من أقوى المنافسين للصادرات المصرية، ويجب وضعهما فى الاعتبار عند التوسع فى السوق الروسية.

المال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى