الأخبار

غموض حول حريق محكمة باب الخلق

57

الحريق يدمر أوراق قضايا قتل المتظاهرين.. ووزير الداخلية «تعب» من الدخان فغادر المكان بعد دقيقتين فقط

محكمة جنوب القاهرة بباب الخلق شهدت، أمس، حريقا مروعا، أتت فيه النيران على محتويات نيابات وسط القاهرة الكلية، وبولاق أبو العلا، وباب الشعرية، وقلم الحفظ بالمحكمة، وهى النيابات التى تنظر قضايا قتل المتظاهرين الذين استشهدوا فى أثناء مشاركتهم فى ثورة يناير، بالإضافة إلى قضايا أحداث شارعى محمد محمود ومجلس الوزراء.

النيران تسببت فى تدمير محتويات الدور الثالث بالكامل، قبل أن تمتد إلى أجزاء من الدور الثانى، وذلك بسبب تأخر عمليات الإطفاء رغم وقوع المبنى بجوار مبنى مديرية أمن القاهرة الموجود فيه عدد من سيارات الإطفاء لحمايتها، وتأخر وصول قوات الإطفاء وهو ما ساعد على انتشار النيران فى كل أرجاء المبنى الأثرى.

الحريق -حسب شهود عيان- وقع فى الساعة السابعة صباحا فى نيابة بولاق أبو العلا، بمبنى محكمة جنوب القاهرة، واستمر ساعة كاملة قبل أن تحضر سيارات الإطفاء، رغم أن مبنى المحكمة ملاصق لمبنى مديرية أمن القاهرة، وانتقلت النيران بسرعة كبيرة إلى نيابة باب الشعرية بعد أن آتت على كل محتويات نيابة بولاق أبو العلا، وأحرقت النيران كل ملفات القضايا الموجودة بهذه النيابة، بالإضافة إلى احتراق صور قرارات النيابة، ومتعلقات خاصة بالأعضاء داخل مكاتبهم، وأثاث المكاتب، قبل أن تنتقل النيران إلى نيابة وسط القاهرة الكلية وتأتى على محتوياتها هى الأخرى، وتلتهم معاها ملفات القضايا والسجلات والأرشيف.

انتقلت قوات الحماية المدنية إلى مكان الحريق بعد اندلاع النيران بأكثر من 45 دقيقة، قامت بالتعامل مع النيران من الداخل والخارج، واستعانت قوات الحماية المدنية بأكثر من 30 سيارة إطفاء و4 سلم هيدوليكى، وقام العشرات من ضباط وأمناء الشرطة بالحماية المدنية بالاستعانة بأسطوانات الأكسجين والدخول إلى مبنى المحكمة والصعود إلى أعلى والتعامل مع النيران، فى محاولة للسيطرة على الحريق، خصوصا مع وجود عدد كبير من الخشب بالمبنى ساعد فى انتشار النيران، وصعّب المهمة على رجال الشرطة.

وقال الشهود إن الحريق لن يكون سببه ماس كهربائى، لكنه متعمد وهو ما ستثبته التحقيقات، وأرجعوا ذلك إلى أن المحكمة تكون مغلقة طوال الليل ويتم فتحها والعمل فيها منذ الصباح، وقال على عثمان، صاحب منزل مجاور للمحكمة، إنه فوجئ بألسنة اللهب تتصاعد فى الصباح من المحكمة وتجمع عشرات المارة بشارع مديرية الأمن لمتابعة النيران، قبل أن تنتقل سيارات الإطفاء التى تأخرت كثيرا عن الحضور.

فى السياق ذاته، حرص اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، على الحضور إلى موقع الحريق بنفسه، وبمجرد أن حاول إبراهيم أن يفرض سيطرته على كل الموجودين، انتابته حالة من السعال الحاد جعلته لا يتحمل الدخان أكثر من دقيقتين، فابتعد ودخل إلى استراحة مديرية أمن القاهرة. من جانبه، انتقل المستشار طارق أبو زيد، المحامى العام لنيابات جنوب القاهرة، ومحمد البدينى رئيس نيابة بولاق أبو العلا، ومصطفى نايل، مدير نيابة باب الشعرية، وأحمد سليمان، مدير نيابة منشأة ناصر، إلى مكان الحريق وقاموا بالصعود أعلى عمارة مجاورة للمحكمة لمتابعة عمليات الإطفاء، بصحبة عدد كبير من وكلاء النيابة العامة الذين لم يحضروا إلى مكاتبهم، وأمرت النيابة بانتداب المعمل الجنائى لفحص أسباب الحريق وتشكيل لجنة لجرد وتقدير الخسائر، وقالت إن المؤشرات الأولية تؤكد أن الحريق ربما يكون بفعل فاعل، وسيثبت هذا تقرير المعمل الجنائى الذى يُجرى إعداده لمعرفة سبب الحريق.

من ناحيته، علق المستشار هانى عباس، رئيس محكمة جنوب القاهرة، على ما حدث بقوله إن الحريق يعيد إلى الأذهان صورة حريق مجلس الشورى وفشل النظام السابق فى السيطرة على النيران، وأضاف عباس أن جهل ضباط الإطفاء ساعد على زيادة الخسائر، والقضايا التى لم تأكلها النيران دمرتها المياه. وتسببت عمليات السيطرة على الحريق الذى اندلع بمبنى محكمة باب الخلق، فى سقوط أمين الشرطة أمين عبد المنجى، بإدارة الحماية المدنية، من أعلى السلم الهيدروليكى فى أثناء قيامه بواجبه لإطفاء الحريق، مما تسبب فى إصابته بكسور وجروح وكدمات، قبل أن تقوم سيارات الإسعاف الموجودة بجوار الحريق بنقله إلى المستشفى فى حالة خطرة، لإصابته بكسور متفرقة فى الجسد.

المعاينة الأولية: النيران التهمت 90% من ملفات قضايا «الإخوان»

كشفت المعاينة التى أجراها فريق من نيابة الدرب الأحمر، برئاسة حاتم أيوب، وإشراف المستشار طارق أبو زيد المحامى العام الأول لنيابات جنوب القاهرة، بشأن حريق محكمة جنوب القاهرة بباب الخلق، أن النيران التهمت أكثر من 90% من الملفات الموجودة داخل المحكمة.

وأشار مصدر قضائى -رفض ذكر اسمه- إلى أن الملفات لم تضع إلى الأبد، لأن هناك نسخة منها فى الميكروفيلم الخاص بالمحكمة، وأكد المصدر أن الدور الثالث الذى قضت عليه النيران، يتضمن قضايا سياسية مهمة للإخوان المسلمين وأحداث المقطم الأخيرة، بالإضافة إلى قضية لخيرت الشاطر، وبعض رموز النظام السابق التى ما زال التحقيق فيها جاريا، مثل يوسف والى، وأنس الفقى، وآخرين، وأشار المصدر إلى أن الأحداث بدأت بإخطار بنشوب الحريق الذى شب بالطابق الثالث فى مقر نيابات محكمة جنوب القاهرة بباب الخلق، واستعانت الحماية المدنية بـ4 سيارات إطفاء إضافية وصلت إلى المكان، فى محاولة للسيطرة على النيران التى اشتعلت مرة أخرى، بعدما تم إخمادها، وانتقلت 30 سيارة مطافئ إلى مقر المحكمة صباح أمس (الخميس)، لإخماد الحريق، قبل أن يمتد إلى باقى الطوابق الأخرى، وذلك دون خسائر بشرية.

وشهد محيط مبنى محكمة جنوب القاهرة والمجاور لمبنى مديرية أمن القاهرة حالة من الهدوء الحذر، بينما لا تزال أجهزة التحقيق تواصل بحث أسباب الحريق، لترى ما إذا كان وراءه قصد جنائى، أم لا.

.. ومصدر بالمحكمة: خراطيم المياه أتلفت القضايا

علاء عبد الفتاح: دلوقتى يقولوا ملفى بتاع «المقطم» اتحرق

أكد مصدر داخل محكمة باب الخلق أن القضايا التى تم حرقها بنيابة غرب هى قضايا دائرة منشية ناصر والجلسات المستأنف بغرب، وبعض القضايا التى أتلفت بنيابة غرب «أتلفت» بسبب مياه المطافى فقط.

وأضاف المصدر أن القضايا هى: قضية أبو إسلام وأحداث مجزرة العباسية وواقعة سرقة الأبحاث العلمية بجامعة عين شمس.

ومن جانبه علق الناشط السياسى علاء عبد الفتاح، على حريق محكمة باب الخلق وسط القاهرة، قائلا فى تغريدة له عبر حسابه الشخصى «تويتر»: «يعنى دلوقتى لما أطلب الاطلاع على ملف قضية المقطم اللى بيتحقق معايا فيها هيتقالى اتحرق؟».

وأضاف الناشط السياسى: «لو قالوا لى الملف محروق مش هنبسط، الملف فيه أدلة على تزوير النائب العام وارتكابه مخالفات مهنية جسيمة، هاتولى الملف».

جدير بالذكر أن أجهزة الأمن قد تلقت صباح أمس إخطارا من الخدمات الأمنية الموجودة فى محيط المحكمة باندلاع حريق هائل بالطابق الثالث بالمحكمة، على الفور هرعت 35 سيارة إطفاء وظلوا يكافحون ألسنة النيران قرابة الـ5 ساعات.

وكانت سحر سعيد، موظفة بقلم المطالبة بنيابة غرب القاهرة، قد سمعت أصواتا غريبة بالطابق الثالث من المحكمة، فهرعت لتفاجأ بتصاعد ألسنة النيران بنيابة بولاق أبو العلا، فأبلغت مشرف إدارة المحكمة بالحريق، وتم فصل التيار الكهربائى، وقاموا بإبلاغ رجال الإطفاء الذين حضروا على الفور، وتمكنوا من السيطرة على الحريق قبل أن يمتد إلى الطابقين الأول والثانى.

أكد مصدر قضائى -رفض ذكر اسمه- إن هناك شبهة جنائية وراء الحريق الذى شب بمبنى محكمة باب الخلق، مؤكدا أن النيران التهمت الطابق الأخير الخاص بنيابة وسط القاهرة، الذى يحوى القضايا الخاصة بأحداث محمد محمود وميدان التحرير.

وحاول 4 من وكلاء نيابة وسط القاهرة أصروا على الصعود إلى الطابق الأخير، فى محاولة منهم لإنقاذ ما تبقى من أوراق قضايا قتل المتظاهرين، إلا أن قوات الأمن منعتهم فى البداية، ومع إصرارهم، اضطرت قوات الحماية المدنية إلى أن تصعد معهم عبر السلالم الخلفية للمبنى.

من ناحيته، صرح المستشار هانى عباس، رئيس محكمة جنوب القاهرة، أن الجلسات المقرر انعقادها فى مبنى باب الخلق تم نقلها إلى محكمة زينهم، بسبب الحريق الذى شب فى المحكمة وأتى على جزء كبير من محتوياتها.

وقال عباس إنه قام بإخطار نقابة المحامين بالواقعة ونقل الجلسات، وإنه سوف يتم عقد الجلسات بالمتابعة داخل الجلسات وتخصيص عدد من الجلسات المسائية، مؤكدا أن النيران أتت على قضايا جنائية ومدنى وتجارى وقضايا الأموال العامة وقتل المتظاهرين، وأشار إلى أن القضايا المتداولة فى المحكمة لا يوجد صور منها، باستثناء القضايا المحكوم فيها، يُوجد نسخة منها على أرشيف المحكمة الإلكترونى.

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى