الأخبار

محمد سلماوي يكتب: هيبة الدولة

18

من الغريب أن أكثر من يتحدثون عن هيبة الدولة هم أكثرهم انتهاكاً لهذه الهيبة المزعومة، فهل يصح أن تصدر أعلى سلطة سياسية فى البلاد ـ وهى رئاسة الجمهورية ـ قراراً خطيراً بإعلان حالة الطوارئ فى منطقة قناة السويس وبفرض حظر التجوال فى مدنها الثلاث من 9م حتى 6 ص، ثم فى اليوم التالى تفوض الرئاسة المحافظين فى تعديل مواعيد هذا الحظر أو إلغائه تماما؟!

إن مثل هذا التراجع المهين إنما يشير إلى أن القرار الذى أعلنه رئيس الجمهورية لم يحظ بالدراسة الواجبة قبل إصداره، فما إن صدر حتى ألغى أو يكاد يلغى بعد 48 ساعة، وليس أدل على أن القرار لم يكن مدروساً من أنه استحال تنفيذه منذ الساعات الأولى لسريانه، فهل لم تكن الرئاسة تعرف ذلك أو تتوقعه كما توقعناه جميعاً؟ وإذا كانت الرئاسة مغيبة فى ذلك الأمر، فهل راجعت المحافظين المعنيين الذين فوضتهم بعد 48 ساعة فقط فى إلغاء القرار؟ ألم يكن من الواجب أن تتشاور الرئاسة مع محافظى منطقة القناة ومع جهاز الشرطة أو على الأقل أن تطلعهم على ما تفكر فيه قبل إعلانه؟ إنها لو فعلت ذلك لأخطروها جميعاً باستحالة تنفيذ هذا القرار الرئاسى غير المدروس الذى لوحت به الأصابع وأنذر الخطاب الرئاسى بالمزيد منه.

ألم يقم أحد من مستشارى الرئيس بواجبه، فأخطره بأن منطقة القناة كلها فى حالة استنفار بسبب ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية، وأن مثل هذا القرار الذى لا نعلم من الذى طلب من الرئيس إصداره سيكون الفرصة السانحة لأهالى المدن الثلاث لتحدى السلطة التى لم تراع حرمة موتاهم، ووضعت العراقيل فى طريق جنازتهم المشهودة قبل إصدار هذا القرار بساعات؟

ثم كيف يصدر الإخوان ـ وهم فى الحكم ـ القرار نفسه الذى وقفوا ضده وهم فى المعارضة، حيث أقاموا مظاهرة فعلية داخل مجلس الشعب عام 2005 بأوشحة لبسوها على صدورهم تقول: «لا لحالة الطوارئ» وسقط أحدهم مغشياً عليه من شدة الصدمة حين صوّت المجلس بتمديد حالة الطوارئ.

إن هيبة الدولة لا تكون بتكميم الأفواه وبرفع الدعاوى القضائية ضد من يتهمون بإهانة الرئيس، وإنما تكون باحترام مؤسسة الرئاسة، عن طريق دراسة القرارات قبل إصدارها وعدم تناقضها مع المواقف السابقة.

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى