الأخبار

بوروندي قد تعيش انقلابا جديدا

109

إنقلاب جديد أكثر دموية من ذاك الذي كاد أن يدكّ، في 13 مايو أيار الماضي، حكم الرئيس البوروندي، بيير نكورونزيزا، قد يهز البلاد من جديد، رغم المراقبة المكثّفة المسلّطة على العسكريين، باعتبارهم قادة الإنقلاب الأول.. هذا ما توقّعه مدير مكتب “انترناشيونال كريزيس غروب”  لوسط افريقيا، تييري فيركولون.

وفي 13 مايو أيار الماضي، اهتزّ النظام البوروندي على وقع محاولة انقلاب فاشلة، قادها رئيس المخابرات السابق، الجنرال غودفراود نيومباري، وأسفرت عن سقوط العشرات من القتلى، لاسيما في صفوف العسكريين المنقلبين على النظام، غير أنّ الشق العسكري الموالي لنكورونزيزا تمكن من إجهاضها. محاولة جاءت كمرحلة بدت منتظرة باعتبار السياق الحارق الذي تشهده البلاد، منذ 26 أبريل نيسان الماضي، تاريخ الإعلان الرسمي عن ترشح نكورونزيزا لولاية رئاسية ثالثة.

فيركولون، الخبير بمنظمة الأزمات الدولية (غير حكومية)، والتي تهدف إلى توفير تحليل للنزاعات القائمة في العالم استنادًا إلى البحوث الميدانية، رأى، في مقابلة مع الأناضول، أنّ الانتخابات الرئاسية التي جرت في بوروندي، الثلاثاء الماضي، تبدو بعيدة عن تخفيف حدّة التوتر في البلاد، بل إن فوز نكورونزيزا الذي أعلنته لجنة الانتخابات بأكثر من 69 % من الأصوات (نتائج أولية)، من شأنه أن يغذي حالة التململ التي تغشى الأوضاع. والأسوأ من كل ذلك هو أن حتى بعثة المراقبين التابعة لمجموعة دول شرق افريقيا، طعنت هي الأخرى، في تقرير أصدرته مساء الجمعة الماضي، في مصداقية العملية الانتخابية.

فتدهور الوضع الأمني، وتواتر أعمال العنف، يتابع الخبير، على خلفية الإعلان عن نتائج ترفضها معظم أطياف المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في البلاد، يدفع بفرضية حدوث انقلاب جديد إلى الواجهة، لافتا إلى أنّ رفض المعارضة المشاركة في حكومة وحدة وطنية يقودها نكورونزيزا، سيزيد من تعقيد وضع هو في الأصل على شفا الانفجار. حالة من التوتر أكّد فيركولون إنها ستدفع حتما نحو المزيد من الانقسامات والانشقاقات صلب المؤسّسات الأمنية والعسكرية، ما سيؤدي – على الأرجح- في النهاية إلى انقلاب جديد، لكنه سيكون هذه المرة “أكثر عنفا” من سابقه، و”ستراق خلاله الكثير من الدماء”.

أمّا بخصوص الوساطة الأوغندية التي اضطلع بها الرئيس يوري موسيفيني، فأشار الخبير إلى أنّها قد تشهد النهاية نفسها التي عرفتها الوساطات السابقة في الأزمة البوروندية، نظرا لتوقيتها والسياق الأمني الحالي الذي تشهده البلاد، في إشارة إلى وسيطيْ الأمم المتحدة (الجزائري سعيد جنيت والسنغالي عبد الله باتيلي)، واللذين لقيا رفضا من قبل المعارضة والنظام البورونديين على حد السواء.

وعلاوة على ذلك، اعتبر فيركولون إن الأزمة البوروندية قائمة أو تتوقّف على 3 قضايا محورية، وهي استقرار المنطقة، ومسألة الولاية الثالثة المحظورة من قبل الدستور، إضافة إلى قدرة مجموعة دول شرق افريقيا على إدارة هذه الأزمة. ثلاثية لا تخلو من تعقيد صارخ، يجعل من إمكانية التوصّل إلى حل وشيك للأزمة أمرا بالغ الصعوبة، ويدعم، في المقابل، إمكانية حدوث سيناريوهات عديدة.

وإلى ما تقدّم، تضاف مواقف دول الجوار، على غرار رواندا، إلى جانب الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة وغيرها، بخصوص مصداقية وشفافية الانتخابات، علاوة على توجّه كل من ألمانيا وبلجيكا (باعتبارهما القوى الاستعمارية السابقة لبوروندي)، نحو إعادة النظر في علاقات التعاون التي تربطهما ببوروندي.. مواقف تعتبر داعمة للمعارضة والمجتمع المدني المتشبّثين بمواصلة الاحتجاجات ضدّ نكورونزيزا، بكل الوسائل “القانونية”، بحسب الباحث.

أما العامل الأخير الذي يدعم أيضا أطروحة الإنقلاب المرجح، فهو فرار الضباط المتمردين على نكورونزيزا، والذين قادوا الانقلاب ضده، إلى رواندا المجاورة، ما يمنحهم إمكانية المناورة عن بعد، وقيادة الاحتجاجات بشكل يزيد من توتر الوضع، ويمهّد لانفجار غالبا ما يفسح المجال لإنقلاب على النظام الحاكم.

والجمعة الماضية، أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات نكورونزيزا فائزا بولاية رئاسية ثالثة مثيرة للجدل، ومحظورة من قبل الدستور واتفاق أروشا الموقع في أغسطس آب من عام 2000، لوضع حد للحرب الأهلية التي هزت البلاد بين عامي 1993 و2005 (بين عرقيتي التوتسي والهوتو)، وأسفرت عن مقتل المئات بحسب الأمم المتحدة.

ومن جانبه، يعتبر نكورونزيزا أن الدستور يحد الولايات الرئاسية عن طريق الاقتراع المباشر باثنتين، غير أن ولايته الأولى التي تلت الحرب الأهلية (2005)، كانت بتزكية من البرلمان أي عن طريق الاقتراع غير المباشر، ما يعني أن ولايته الأولى التي حصل عليها عبر الاقتراع الحر والمباشر (من قبل الشعب) كانت في 2010.

وتعيش بوروندي منذ 3 أشهر على وقع احتجاجات دامية، تنديدا بترشح نكورونزيزا لولاية ثالثة. غضب شعبي تحرّكه قيادات سياسية في المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة واعتقال المئات الآخرين بجروح، وأجبر طيفا واسعا من السكان والمعارضين السياسيين على اللجوء إلى رواندا المجاورة، وفقًا لإحصاء صادر عن “منظمة الدفاع عن حقوق الانسان والمحتجزين”(غير حكومية) في البلاد.

 

وكالة الاناضول للانباء

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى