الأخبار

رحلة مثيرة في بلورة مستقبل الاتصالات حتى 2040

2013-634982708648766514-876_6110

كتب: أبوالحجاج محمد بشير [email protected]

في الوقت الذي أصبحنا فيه قادرين على استخدام محادثات الفيديو على هواتفنا المحمولة ومشاهدة بث التليفزيون ثلاثي الأبعاد والانضمام إلى الشبكات الاجتماعية التي تحيط بالكوكب، من السهل أن ننسى كيف بدأ الأمر كله من الأبجدية الفينيقية والكتابة السومارية بين 3500 و2900 قبل الميلاد إلى أول خدمة بريدية في الصين 900 سنة قبل الميلاد أو حتى استخدام الحمام الزاجل 776 قبل الميلاد.

حتى أفضل التطورات في تقنية الاتصالات قد تطورت بسرعة وبشكل أفضل وأكثر كفاءة، في أقل من قرن من الزمان، فمطبعة جوتنبرج في عام 1455 وشفرة مورس في 1835 وهاتف جراهام بيل في 1876 وأول إشارة تليفزيونية في 1927 أو حتى ميلاد شبكة أربانيت أول شبكة إنترنت في عام 1969، كل هذه الإنجازات مهدت الطريق لأجهزة الاتصالات الحديثة في وقتنا هذا.

خلال 50 أو 60 عاما من الآن، ربما ننظر إلى حساب الآيباد ونعتبره جهازا جذابا “بدائيا” بدأ ثورة في الحاسبات اللوحية الشخصية، أو ربما ننظر إلى التليفزيون ثلاثي الأبعاد كخطوة صغيرة تجاه ألعاب الفيديو الهولوجرافية المنتشرة. نحاول استقرار المعالم التاريخية للتوقعات المستقبلية لصناعة الاتصالات، وقد يختلف الكثيرون على هذه التوقعات أكثر من المتفقين، لكن في النهاية لا شك في أن النمو الهائل للتكنولوجيا سيفوق كل التوقعات. ولمن يريد رؤية بعض التوقعات التي سنذكرها رأي العين يمكنه مشاهدة فيلم “تقرير الأقلية Minority Report” للممثل توم كروز الذي تصور مشاهده العديد من هذه التوقعات.

2012

من المتوقع أن تتأثر صناعة السفر والسياحة من آثار الشركات التي تستخدم مؤتمرات الفيديو عالي التحديد بصورة متزايدة بدلا من السفر لعقد الاجتماعات وجهًا لوجه. يقول المحللون في شركة الأبحاث جارتنر أن تغني الاجتماعات المرئية عن 2.1 مليون تذكرة طيران في السنة، كما أن دردشة الفيديو أصبحت شهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك (الذي سيتجاوز مليار مشترك في 2012) وجوجل بلس.

من المتوقع أن تتجاوز مبيعات الهواتف الذكية في العالم 450 مليون وحدة، وهو رقم يتجاوز مبيعات الحاسبات الشخصية لأول مرة. بعض المحللين يرون أن 2012 هو العام الذي ستتجاوز فيه أقراص البلوراي أقراص الدي في دي في المبيعات، ولكن هناك وسيط آخر للتخزين هو القرص المتنوع الهولوجرافي من المتوقع أن يتجاوز أقراص البلوراي في عام 2016. وفي مجال ألعاب الفيديو، من المتوقع أن تصبح 50% من الألعاب بصيغة ثلاثية الأبعاد في 2012، الأمر الذي سيحرك الإقبال على التليفزيون ثلاثي الأبعاد.

2013

في عام 2013 من المتوقع أن يكون الجيل الرابع هو الجيل السائد في الاتصالات اللاسلكية المحمولة، حيث سيحسن من سرعة نقل البيانات والتجوال بين الأجهزة الثابتة والنقالة. في هذا العام من المتوقع أن تظهر أولى الأجهزة التي تستخدم الذاكرة الذرية التي تعمل على مستوى الذرة والتي ستساعد على إنتاج حاسبات أسرع وأصغر وأكثر ترشيدا في استهلاك الطاقة، وبخلاف ذاكرة الحاسب التقليدية، ستساعد هذه الذاكرة الذرية الحاسبات على التشغيل الفوري، يعني بمجرد الضغط على زر التشغيل ستجد شاشة سطح المكتب أمامك دون مرحلة إقلاع وتحضير، وسيسهم ذلك في تمكين الهواتف الذكية من التفوق على الحاسبات الشخصية لأنه يستخدم بصورة شائعة في الوصول للإنترنت. في عام 2013 ستتطور تقنية الأبعاد الثلاثية (دون الحاجة إلى نظارات مخصوصة) أكثر وأكثر وسيكون لها تأثير كبير على الإنترنت والتليفزيون والبث والهواتف الذكية.

2014

في العالم المتقدم، سيستطيع المزيد من الناس الوصول للأخبار وغيرها من المعلومات على الإنترنت بدلا من البث التليفزيوني وستزيد التحسينات في سرعة النقل والوسائط الاجتماعية والتقنيات المحمولة من معدل حدوث ذلك. وقد تحل الحاسبات اللوحة في ذلك العام محل الحاسبات المحمولة والحاسبات الشخصية باعتبارها النظام المفضل لأغلب المستهلكين.

كما سيتجه إلى الإنترنت أغلب المكالمات الهاتفية لسكان العالم، وذلك بالاستناد إلى نظم نقل الصوت عبر بروتوكول الإنترنت المنخفضة التكلفة مثل سكايب أو برنامج FaceTimeللدردشة المرئية على هاتفات آيفون وآيباد. وسيسهل ذلك نقل البيانات الرقمية أو الملفات أو الوسائط المتعددة خلال المكالمات الهاتفية. ستستفيد الحاسبات الشخصية من بطاقات الذاكرة SDالتي تبلغ سعتها تيرابايت والتي سيمكنها تخزين 1000 فيلم عالي الجودة.

2015

ستستخدم الهواتف الذكية والحاسبات المحمولة وأجهزة التليفزيون وغيرها من الأجهزة شاشات عرض تستخدم الصمامات العضوية المشعة للضوء قبل 2015، التي تستهلك طاقة أقل وستؤدي إلى إنتاج شاشات عرض أكثر نقاء وصفاء بدون إضافة خلفية.

ستزيد قوة المعالجات كثيرا عندما تطرح إنتل معالجات وشرائح إلكترونية بأبعاد 10 نانومتر فقط، حيث سيحتوي المعالج المصنع بهذه الأبعاد على 10 مليار ترانزستور. وستشغل هذه المعالجات الكاميرات الهولوجرافية الدقيقة في الهواتف الذكية، التي ستساعد بدورها على إجراء مكالمات الفيديو ثلاثية الأبعاد. أما الحوسبة السحابية بكل ما تقدمه من مزايا التكلفة المنخفضة وسهولة الوصول إلي تخزين البيانات المشترك وسهولة الإدارة فستحظى بإقبال الشركات أكثر من الخوادم التقليدية.

ومن المتوقع أن تنتقل الطباعة ثلاثية الأبعاد من عالم صناعة النماذج الأولية إلى السوق الاستهلاكية، حيث تقوم الآلات بتحويل النيولون المذاب إلى أي شكل يمكن تخيله بدءا من المجوهرات إلى المسامير إلى أدوات التثبيت والتركيب، وستكون أقرب إلى إنتاج المكونات الإلكترونية بالطريقة نفسها.

2016-2020

سيحل القرص الهولوجرافي متعدد الاستخدامات (الذي يستوعب ضعف ما يستوعبه 200 قرص دي في دي) محل أقراص البلوراي كمعيار التخزين الرئيسي للأفلام والألعاب، كما أن الأقراص الصلبة الميكانيكية ستصبح عتيقة وستحل محلها وحدات التخزين الفلاشية المصمتة.

وفي عام 2017 سنشهد الانتشار الواسع للورق الإلكتروني والأجهزة المرنة بسمك 0.3 ملم، وعندما يكتسب هذا الورق الإلكتروني إمكانية عرض الفيديو، فإن ذلك سيحدث ثورة هائلة في سوقي النشر والتصنيع، وستنتشر الصحف التفاعلية وتصبح المعيار السائد بحلول 2019. وإذا كانت الثلاجات في الوقت الحالي تطلب الطعام عن طريق الإنترنت، ففي عام 2018 ستصبح كل أجهزة المنزل الكهربائية والإلكترونية تقريبا متصلة بالإنترنت.

في عام 2019، ستتخطى الحاسبات “حاجز الإيكسافلوب”، مما يمكنها من تنفيذ مليون تريليون عملية حسابية في الثانية، وستصبح الحاسبات الشخصية صغيرة وخفيفة، بينما ستصبح تطبيقات الويب أكثر قوة وكفاءة، وستصبح محركات البحث أكثر تقدما بفضل إمكانيات الذكاء الصناعي.

2020

تلوح في هذا العقد عدة نقاط تحول حيث يتوقع المحللون وصول عدد مستخدمي الإنترنت عن طريق الأجهزة الرخيصة والصغيرة إلى 5 مليار شخص حول العالم (مقارنة برقم 1.7 مليار شخص في 2010)، وسيصبح بإمكان بعض الهواتف المحمولة القدرة على تحويل الأفكار إلى نصوص مكتوبة، حيث ستحول سماعة أذن  مزودة بمجس متطور موجات دماغ المستخدم إلى إشارات رقمية.

سيكون كل بث التليفزيون بالتحديد الفائق، بجودة أعلى 16 مرة من التليفزيون عالي التحديد الحالي. ومن الممكن أن يتم تقديم التليفزيون المجسم كخيار ترفيهي قبل 2020، على شاشات صغيرة غالية الثمن.

وفي شاشات رادار المرور ستكون تكنولوجيا التعرف على الوجه والفحص الحيوي أمرا عاديا، وستستطيع السيارات قادرة على قيادة نفسها ذاتيا بدون تصادمات من خلال شبكات اتصالات متقدمة، وستملك أجهزة الكمبيوتر بسعر ألف دولار قوة معالجة تعادل العقل البشري، وستصبح إمكانيات الترجمة المتقدمة في كل جهاز اتصال محمول.

2021-2030

سيصبح العمل عن بعد أمرا عاديا بفضل تقنية الاتصالات ومؤتمرات الفيديو المتقدمة التي ستلغي حاجة الموظفين إلى التواجد في الغرفة نفسها. وقد تتجاوز سعة التخزين بيتابايت (مليون جيجابايت، ولتقريب التعريف يمكن القول بأن محتوى كل المكتبات البحثية الأكاديمية الأمريكية لن يستغرق أكثر من 2 بيتابايت)،وسيعزز ذلك من الإعلانات الذكية حيث تستطيع الرقائق الصغيرة في الملصقات والبوسترات تحديد المارة وعرض الإعلانات المخصصة لكل واحد منهم.

وسيتم تشغيل العديد من الأجهزة بواسطة الكهرباء اللاسلكية، حيث يتم توصيل الهوائيات بأقطاب الطاقة القريبة، كما ستصبح الإلكترونيات المطبوعة مثل شاشات التليفزيون المرنة والجيل الجديد من الصحف التفاعلية منتشرة في كل مكان.

بحلول عام 2029، سيتجاوز الكمبيوتر “اختيار تيورينج” حيث لن يستطيع البشر تحديد ما إذا كانوا يستطيعون الكلام مع آلة أو مع إنسان آخر، وفي السينما لن يصبح بالإمكان التمييز بين وجوه الناس التي يشكلها الكمبيوتر من الناس الحقيقيين.

2031-2040

سيشهد هذا العقد حلول الجيل الرابع من الويب Web 4.0، وستستخدم البرامج الذكاء الصناعي في العمل للشركات والمستهلكين بسرعة البرق، وبدقة فائقة، حيث تجمع البيانات من أجهزة الاتصالات الشائعة عالية التقنية.

ستكون المنازل متصلة بالإنترنت بسرعة تصل إلى تيرابايت في الثانية قبل 2032، حيث ستصبح كل الأجهزة الشخصية الصغيرة متصلة كلها بالإنترنت، ومن المتوقع أن تصل وحدات التخزين في الحاسبات الشخصية إلى إكسابايت بحلول 2034 (كل الكلمات التي نطقها كل البشر لن تشغل أكثر من 5 إكسابايت).

ستستخدم الحكومات والشركات الكبيرة حاسبات الكوانتم قبل عام 2037، الذي سيكون أسرع تريليونات الأضعاف من حاسبات اليوم، وهذه القدرة الفائقة على المعالجة ستفعل الواقع الافتراضي بالانغماس الكامل حيث سيدخل لاعبو ألعاب الفيديو اللعبة أو ربما يلتقي الزملاء في مكتب افتراضي من كل الجنسيات حيث سيتواصلون بلغاتهم الأصلية بفضل الترجمة الآلية المتطورة للغاية آنذاك.

ما بعد 2040

يتوقع علماء المستقبل التواصل مع الأجهزة باستخدام نقل الأفكار أو حتى التخاطر الصناعي (فأجهزة الروبوت بالمزايا البشرية) سينتشرون في المنازل وأماكن العمل، حيث ستمكنهم تقنيات الذكاء الصناعي المتقدمة من تنفيذ المهام التي كانت يفضل تركها للبشر للقيام بها.

ومن المتوقع أن تصبح صناعة الإعلام التقليدية مفتتة ومتنوعة قبل عام 2055. ويتوقع البعض اختفاء الصحف التقليدية بشكلها الحالي، حيث ستحل محلها شبكة من الأخبار المأخوذة من ملايين المدونين الأفراد والمواطنين الصحفيين وفرق الاتصالات الأصغر، وسيستهلك المستخدمون مسارات البيانات المخصصة مما يلغي الحاجة إلى البث الجماهيري الشامل. وجمح بعض المتفائلين بخيالهم وتوقعوا أن تملك الحاسبات المكتبية في نهاية الخمسينات قوة معالجة تعادل كل العقول البشرية التي وجدت على الإطلاق.

بوابة الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى