الأخبار

مئات الأدوية اختفت بعد ارتفاع الدولار

5

حذر الأمين العام لنقابة الصيادلة، الدكتور أحمد فاروق، من تراجع حصة الشركات الحكومية فى السوق المصرية للدواء، واصفا الأمر بأنه كارثة وطنية تهدّد الأمن الدوائى المصرى، وأوضح أن السوق المصرية للدواء وصلت فى عام 2015 إلى 31 مليارا و705 ملايين جنيه، تمثل الدولة من خلال شركات قطاع الأعمال الحكومية فيه نحو 4 % فقط.

وقال فاروق فى حواره مع جريدة «الشروق» إن الحديث عن تحريك أسعار الأدوية لا يعنى زيادتها بصورة كبيرة، ولكننا اقترحنا أن تزيد الأدوية التى يقل ثمنها عن دولارين بنسبة تتراوح بين 15 و20 %، لافتا إلى أن هذه الأدوية تم تسعيرها، عندما كان الدولار يعادل أربعة أو خمسة جنيهات، أى أن سعرها ثابت منذ سنين، فيما وصل سعر الدولار الآن إلى الضعف تقريبا، وإلى نص الحوار:

• كيف أثر ارتفاع سعر الدولار فى الفترة الأخيرة على سوق الأدوية المصرية؟
ــ سوق الدواء المصرية كبيرة، ولكنها تفتقر إلى هيئة جامعة تضبط حركة الدواء وتضمن فاعلية وأمان كل علبة دواء تصل إلى المريض المصرى.، وللأسف الدواء المصرى حتى الآن يبحث له عن «أب شرعى»، واجتهدنا خلال عامين كاملين مع وزارة الصحة ورئاسة الوزراء لإنشاء الهيئة المصرية للدواء، واجتمعنا مع كل الأطراف المعنية سواء غرفة صناعة الدواء أو رابطة الموزعين أو قطاع المستلزمات والمستحضرات الطبية أو الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، واستطعنا أن نصل إلى مسودة نهائية للهيئة العليا للدواء أتمنى أن تحوز ثقة مجلس النواب ويتم إقرارها قريبا.

أمّا عن سوق الدواء، فقد وصل فى عام 2015 لـ31 مليار و705 ملايين جنيه، اعتمادا على 12 ألفا و326 منتجا دوائيا متداولا فى السوق المصرية.

• وما نسبة تمثيل شركات قطاع الأعمال المملوكة للدولة فى سوق الأدوية؟
ــ تمثيل الدولة فى سوق الأدوية المصرية الآن انكمش وتقلص إلى حد كبير، فبعد أن كانت شركات قطاع الأعمال تمثل 60% من حجم سوق الأدوية فى مصر، وصلت فى عام 2015 إلى أدنى تمثيل بنسبة 4% فقط من حجم الدواء، وهى كارثة وطنية تهدّد الأمن الدوائى المصرى. خصوصا أنه بالتزامن مع تقلص نسبة الحكومة، ارتفع تمثيل الشركات الأجنبية ليصل إلى 56 %، فيما حازت الشركات الاستثمارية على 40 % من السوق.

• أثار الحديث عن «تحريك الأسعار» لبعض الأدوية مخاوف من زيادتها وعدم قدرة المريض.. على تحملها ما رأيك؟
ــ حين نتكلم عن تحريك الأسعار لا نقول إنها ستزيد بصور كبيرة، ولكننا اقترحنا أن تزيد الأدوية التى يقل ثمنها عن دولارين بنسبة تتراوح بين 15 و20 %، أيضا هذه الأدوية تم تسعيرها والدولار كان يعادل أربعة أو خمسة جنيهات، أى أن سعرها ثابت منذ أكثر من ثلاثين عاما، فى الوقت الذى ارتفع فيه سعر الدولار الآن إلى الضعف وبلغ ما يقرب من عشرة جنيهات.

فمثلا متوسط علبة الدواء فى شركات قطاع الأعمال التابعة للحكومة خمس جنيهات أى بما يعادل نصف دولار ويصل فى الشركات الاستثمارية إلى دولار أى عشرة جنيهات، فى حين يصل فى الشركات الأجنبية إلى عشرة دولارات، وبنفس المادة الفعالة، الأمر الذى يظهر حاجتنا إلى وجود منظومة جديدة للتسعير واتخاذ إجراءات فورية وسريعة، لإنقاذ منظومة الدواء المصرية وتوفير علبة الدواء رخيصة الثمن للمريض المصرى.

ثانيا لدينا 2170 دواء فى السوق سعر كل منها أقل من خمسة جنيهات، ولدينا أكثر من 7 آلاف صنف دوائى أقل من دولارين، وهذه الأسعار لا يوجد لها مثيل فى أى دولة فى العالم.

نحن أمام لحظات مصرية قد تبدو مؤلمة فى ظاهرها ولكنها ضرورية لإنقاذ صناعة الدواء وتوفير الدواء للمريض المصرى.

• هل يمكنك تقدير خسائر شركات قطاع الأعمال نتيجة لما وصفته بثبات سعر الأدوية منذ ثلاثين عاما؟
ــ هناك ثمانى شركات قطاع أعمال تكبّدت ما يزيد على 180 مليون جنيه خلال عام 2015، وإذا لم يتم تحريك الأسعار بصورة بسيطة ستتكبّد هذه الشركات أضعاف هذه الخسائر.

نحن الآن لا نريد أن تصنع هذه الشركات الأدوية وتحصل على مكاسب، وإنما فقط نريد أن نوقف خسائرها ولا نضاعفها.

• هل لديك إحصائية بعدد الأدوية التى اختفت عقب ارتفاع سعر الدولار؟
ــ لدينا مئات الأدوية التى اختفت من الأسواق نتيجة لارتفاع سعر الدولار، ولعدم قدرة الشركات الحكومية على إنتاج أدوية بتكلفة تقل عن ثلث دولار، ما يحدث لا يمكن أن يستوعبه عاقل، والأزمة تشتد يوما بعد يوم، وتزداد الأدوية الناقصة يوميا.

نحن أمام كارثة حقيقية تتزايد ويجب التحرك فورا، فنحن نعانى الآن من نقص أدوية حيوية أبرزها؛ أمصال التيتانوس والمحاليل وأدوية الكبد والكورتيزون وأدوية الضغط والسكر.

• وإلى أين انتهيتم فى مشروع الهيئة المصرية للدواء؟
ــ انتهينا من مسودة مشروع الهيئة المصرية للدواء بعد أكثر من عشر اجتماعات مع الجهات المعنية بإنتاج الدواء والمستحضرات الطبية، وعقدنا اجتماعا تحضيريا، دعونا فيه اكثر من 120 نائب برلمانى، عرضنا عليهم مسودة القانون، ووافق أغلبيتهم عليها، ووعدونا بالموافقة عليه حينما يعرض على البرلمان.

وحاليا نواصل تحركاتنا مع رئاسة الوزراء لتقديم المشروع بصفة رسمية إلى البرلمان، فالأمن الدوائى القومى يحتاج إلى إنشاء هذه الهيئة بأسرع وقت، ومن المقرر أن تضبط الهيئة عمليات البحث والتسجيل والتسعير، وجودة الإنتاج والتخزين والتوزيع وكل المشكلات التى تتعلق بإنتاج الأدوية.

• ما الأولويات التى حددتها النقابة للمناقشة على أجندة الاحتفال باليوبيل الماسى لاتحاد الصيادلة العرب؟
ــ عضويتنا فى اتحاد الصيادلة العرب مجمّدة منذ 16 عاما، ولكننا كمجلس جديد مصممون على استعادة دورنا فى الاتحاد بقوة ونسعى أيضا لرئاسة الدورة القادمة للاتحاد، لذا قررنا أن نرعى مؤتمرا كبيرا فى شرم الشيخ، يبدأ فى أول إبريل وتشارك به أكثر من 20 دولة.

ونحن حريصون على استضافة اتحاد الصيادلة العرب، ونسعى لتوحيد جميع أسواق الأدوية فى البلاد العربية، وتطوير صناعة الأدوية فى المنطقة العربية بأكملها لتحقيق اكتفاء ذاتى من الدواء فى المستقبل. وسنبحث خلال المؤتمر إنشاء مصانع مشتركة لإنتاج المواد الخام، وسنعرض تجربتنا فى إدارة الصيدليات الأهلية كما سنستعرض سبق مصر فى تطبيق الصيدلة الإكلينيكية فى مستشفياتنا.

وفى المقابل سنضطلع على آخر تطورات هيئة الدواء المنشأة فى البلدان العربية مثل اليمن والسعودية لتطوير آدائنا فى إنشاء الهيئة المصرية للدواء.

• كم يبلغ عدد الصيادلة المشاركين حتى الآن فى حملة «صيادلة بدون فيروس سى»؟
ــ بدأنا الحملة بعلاج الصيادلة من فيروس سى لتمتد بعد ذلك لعلاج أسرهم ثم لعلاج كل الشعب المصرى، وحتى الآن شارك أكثر من 10 آلاف صيدلى فى الحملة ولا تزال أبوابنا مفتوحة لكل من يريد العلاج.

• ما أهم مشروعات القوانين التى تتطلع نقابة الصيادلة إلى عرضها على البرلمان؟
ــ انتهينا من إعداد أربعة مشروعات قوانين؛ يختص أولها بمزاولة المهنة؛ حيث إن القانون الموجود الآن موضوع منذ عام 1955، وقد عقدنا اجتماعات باللجنة التشريعية بالنقابة واجتماعات مع مستشارين بمجلس الدولة وأيضا جلسات استماع للمجتمع الصيدلى فى كل النقابات الفرعية من أجل صياغة هذاالقانون، فضلا عن مشروعات قوانين: الهيئة المصرية للدواء، مشروع قانون التحاليل الطبية، ومشروع قانون التأمين الصحى.

• نقابة الأطباء أصدرت بيانا برفضها توزيع 2 مليون جنيه حصيلة 2015 على أعضاء الاتحاد، فما تعقيبك؟
ــ هذا البيان «عار تماما من الصحة، قبل عام 2012 كانت هذه الأرباح تئول إلى ممثلى الشركات فى الاتحاد، ومن 2012 إلى 2015 أصبحت هذه الأموال تئول إلى صندوق المعاشات باتحاد المهن الطبية، ولكننا رأينا هذا العام أن تئول هذه الأموال إلى صناديق الميزانيات، لأن ميزانيات النقابات الأربعة ضعيفة باستثناء نقابة الصيادلة التى تبلغ ميزانياتها 77 مليون جنيه، فرأينا أن ندعم ميزانية النقابات. باختصار رأينا أن تذهب هذه الأموال لتصب فى مظلات كثيرة صغيرة، بدلا من أن تصب فى مظلة واحدة، ولم يحصل شخص من الاتحاد على تلك الأموال.

• ما آخر ما توصلت إليه اتفاقية «سحب الأدوية منتهية الصلاحية من السوق المصرى»؟
ــ منذ ثلاث سنوات ونحن نكافح لسحب الأدوية منتهية الصلاحية من السوق المصرية للدواء، بعد أن تسبّبت له فى سمعة سيئة على المستويين الإقليمى والدولى. وسلكنا جميع السبل، من مفاوضات مع الأطراف المعنية بوزارة الصحة والشركات، وغرفة صناعة الدواء، قبل أن ننتهى إلى اتفاقية الـ««ووش أوت» التى كنا نراها مجدية وفعالة لحماية المريض المصرى، وحماية الأمن القومى للدواء، ولكننا فوجئنا بعدم الالتزام بها من قبل شركات التوزيع.

لذا أناشد مساعد وزير الصحة لشئون الصيدلة بالتدخل لإلزام هذه الشركات بسحب أدويتها منتهية الصلاحية من الأسواق، ونحن مصرون على الاستمرار فى تنفيذ تلك الاتفاقية وإن لم نستطع أن نفعل ذلك فسوف نعلن فشل تلك الاتفاقية وسنتخذ مسارات جديدة لإجبار الشركات على سحب أدويتها الفاسدة.

• فى رأيك.. كيف يمكن حل أزمة نقص لبن الأطفال والارتفاع المستمر لسعره؟
ــ لبن الأطفال مسألة أمن قومى يجب أن تحميه الدولة وتوفره بصورة جيدة. فى السنوات السابقة كانت الدولة تعطيه بالمناقصة المباشرة للشركة المصرية لتوزيع الدواء، وهى تابعة لوزارة الاستثمار أى تتبع الدولة مباشرة، ومن ثم كان دعم الألبان يذهب من وزارة المالية إلى وزارة الصحة ثم إلى وزارة الاستثمار.

ولكن الفترة الأخيرة شهدت محاولات من بعض الشركات الخاصة التى تمثل مافيا كبيرة فى سوق الدواء للاستيلاء على الدعم المقدم من أموال الشعب لدعم الألبان، ليس ذلك فقط، بل أنشأت سوقا موازيا لبيع الألبان المهربة، غير المسجلة فى وزارة الصحة والآتية من دول أجنبية، دون الخضوع لأية معايير رقابية، وبالتالى فهى خطر على صحة الأطفال.

لذا أستغيث بالاجهزة الرقابية للتصدى لمافيا الدواء المصرى التى دمرت كل محاولاتنا لتأمين الدواء القومى.

أيضا فى عام 2005 كان هناك مصنع جيد لصناعة الألبان المحلية لكن تم غلقه بصورة مشبوهة ولم تصدر أى بيانات رسمية توضح أسباب إغلاق هذا المصنع، والآن الدولة لا تحتاج فقط إلى توفير المزيد من الدعم للألبان، بل إلى وضع خطة استراتيجية من خلال إنشاء مصنع للألبان المصرية وأعتقد ان هناك مشروعات جادة لإنشاء هذا المصنع فى أقرب وقت.

• هل تمتلك أرقاما تعكس طبيعة أزمة نقص الألبان فى مصر ؟
ــ نعم؛ نحن فى أزمة حقيقية، فبعد أن كنا نستورد 23 مليون علبة لبن خلال الأعوام الماضية، انخفض الرقم ليصل إلى 18 مليون علبة فقط خلال عام 2015، أى أن نسبة العجز تصل إلى نحو 5 ملايين علبة.

• وما حقيقة حصول شركات خاصة على مناقصة توريد الألبان المدعمة إلى مصر؟
لقد تصدينا لهذا المخطط، ووقفنا بجوار الشركة المصرية للدواء وهى شركة وطنية، حتى حصلت على حقها فى المناقصة، وحاولت العديد من الشركات الاستثمارية الحصول على جزء من الدعم لكنها فشلت.

• إذًا.. ما الحلول التى تقترحها النقابة لتقديم حلول سريعة للأزمة؟
ــ نحن أمام طبقة فقيرة لا تستطيع الآن شراء الدواء، وهناك طبقة متوسطة لا تستطيع شراء الألبان التى يتم المبالغة فى تسعيرها يوميا، وبالتالى اتجهت الطبقة المتوسطة إلى شراء الألبان المدعمة التى كانت تكفى الطبقة الفقيرة فقط. متوسط سعر العلبة وصل إلى 55 جنيها بعد أن كانت 30 جنيها فقط، ونحتاج الآن إلى وضع تسعيرة جبرية لكل الألبان حتى تعود تلك الطبقة قادرة على شراء الألبان ولا تتجه إلى الألبان المدعمة.

مستوردو الألبان يعيثون فى الأرض فسادا ويستغلون حاجة الناس ويضغطون على الطبقة المتوسطة، وأؤكد أن أعلى لبن غير مدعم لن يتعدى سعره 25 جنيها وإذا حصل على 100% أرباحا فسوف يصل سعر العبوة إلى نحو 45 جنيها وليس بهذا السعر الذى نراه الآن، ومن ثم يجب إعادة ضبط الأسعار وأن يكون معدل الربح للمستوردين معقول.

 الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى