الأخبار

«زهقنا» من «التطبيل»

72

 

 

لعبت القنوات الفضائية وبرامجها الحوارية دوراً مهماً فى تشكيل الوعى المصرى فى السنوات الأخيرة، وفيما يرى البعض أن هذا الدور إيجابى ومهم ويرفع من درجة هذا الوعى، يرى آخرون أن وسائل الإعلام فقدت مصداقيتها، ولم تعد تقدم مضموناً محايداً أو موضوعياً، وانصرفت إلى «تلميع» شخص بعينه، أو «التطبيل» له، أو ربما لعب دور التشويه لشخصيات أو كيانات أخرى لخدمة أهداف بعينها، فيما طالبوا وسائل الإعلام المختلفة بالشفافية والوضوح والتعبير الصادق عن الواقع. استطلعت «الوطن» آراء مواطنين فى الشارع حول الإعلام ودوره فى مرحلة حرجة ومهمة من عمر الوطن، وكانت النماذج كالتالى: قال عهدى عجيب «مهندس» إنه لم يعد يشاهد القنوات الفضائية أو برامجها، مضيفاً «ما فيش حقيقة بنسمعها، البرامج أساساً بتقوم على مصالح معينة، تطبل لشخص فى فترة معينة، أو عاوزة تظهر شخص تانى إنه فاشل». وأوضح «عجيب» أن البرنامج الوحيد، الذى كان حريصا على متابعته كان «البرنامج» للإعلامى باسم يوسف قائلاً «بالرغم أن طبيعة البرنامج ساخرة وكوميدية، فإنه يعبر عن الحقيقة وينتقد أشخاصاً بصرف النظر عن الفترة السياسية التى نمر بها، أو الرئيس الذى يحكم». وقالت عزة عبدالمنعم، «ربة منزل» إن البرامج صارت تصيبها بالضيق والغضب، مضيفة «باقفل التليفزيون بسبب البلبلة اللى بتعملها البرامج وهى بتناقش القضايا، وفى الآخر مش بطلع بمعلومة مفيدة»، واصفة هذه البرامج بأنها «سبوبة بياكل الإعلاميين منها عيش، يجيبوا ضيوف تتخانق مع بعضها، وتتر البرنامج ينزل، وهما لسه بيتخانقوا، وفى الآخر مش فاهمين القضية أو الموضوع اللى بيتناقشوا فيه خلص على إيه».

«أحمد»: البلد خربت.. و«رمضان»: الناس كلها بقت نشطاء سياسيين ومحللين رياضيين

وتقاطعها أختها «عقيلة» فى الحديث، التى تعمل موظفة بجامعة القاهرة قائلة «زهقت من البرامج السياسية، أحسن حاجة دلوقتى إنى أدور على برامج دينية، شيخ أثق فى آرائه وبحب أتفرج عليه، بلا سياسية بلا وجع دماغ». وتضيف «عقيلة» بسخرية، «فيه قنوات فعلاً لما بشوفها ببقى نفسى أكسر التليفزيون، زى القناة الأولى، شغالة ليل نهار تطبيل للحكومة وإنجازاتها، بالرغم إننا لسه ماشفناش أى حاجة».

بينما نسرين صلاح، 30 عاماً، ترى أن مشاهدة البرامج صارت مضيعة للوقت، حيث لا تقدم أى جديد، قائلة «ألاقى كل البرامج ماسكة فى قضية معينة، بنفس الضيوف اللى شايفاهم على قناة، بشوفهم على القناة التانية». بينما يقول رمضان الأسيوطى، مهندس معمارى «إحنا مش عاوزين غير الحقيقة وبس، إحنا زهقنا من التطبيل، والإعلاميين والناس اللى بتتغير حسب الظروف السياسية اللى بنمر بيها، نلاقى شوية مع الإخوان لما كانوا ماسكين البلد، وشوية يقطعوا فى فروتهم لما سابوها».

ويضيف الأسيوطى «عاوزين وضوح وشفافية وموضوعية فى المشاكل والقضايا اللى بيقدموها، ميخلوش إما الدنيا سودة فى عنينا، أو الدنيا وردى»، ضارباً مثالاً بمشروع تنمية قناة السويس، وأضاف متسائلاً «حسسونا إن مشروع قناة السويس مش هييجى من بعده مشروع، معقول ما فيش أى سلبيات خالص للمشروع؟!!».

ويضيف ساخراً «60% من الشعب المصرى بقوا نشطاء سياسيين، أو محللين رياضيين، يا ريت محدش يقعد قدام الكاميرا ويقول رأيه إلا إذا كان حد فاهم بجد اللى بيحصل». ويتفق معه فى الرأى أحمد الخولى، خمسينى العمر، سائق بإحدى الشركات الخاصة، قائلاً «الإعلام شاطر بس يعمل إعلانات بالملايين لمساعدة أطفال الشوارع، بس فى الآخر مش بنلاقى حل فعلى أو المشكلة تم حلها بجد، ونلاقى ناس فى الشوارع شكلها يصعب على الكافر». ويتساءل مستنكراً «إيه فايدة الفلوس اللى بتدفع فى الإعلانات وفى الآخر المشكلات مش بتتحل بجد؟». سحر كمال، ربة منزل، أصبحت لا تكترث بمشاهدة التلفاز لاعتراضها على المحتوى الذى يقدمه، قائلة «البرامج السياسية بالنسبة لى نكد، مابقتش بصدق أى حد، لا مذيعين ولا السياسيين اللى بيستضيفوهم»، وتضيف منتقدة المسلسلات «حتى المسلسلات بتقدم محتوى ليس له علاقة بقيم المجتمع، بسبب الألفاظ الخارجة». وتضيف أن نوعية القضايا التى تعالجها المسلسلات كلها تدور حول قضايا قتل وعنف، «بيكون لها تأثير سلبى على المجتمع، بتنمى العنف وكل ما هو سلبى فى المجتمع». أما مؤمن عرفة، السائق الخاص بإحدى الشركات، فقال فيما انهمك فى تنظيف زجاج سيارته «أنا كنت زمان بتابع كل البرامج وبحب أتفرج عليها علشان أفهم اللى بيحصل فى البلد، وفى الآخر طلعنا مش فاهمين حاجة، لأن الإعلام بيفهمنا اللى عاوز هو يفهمه لينا». ويضيف متنهداً «أنا باشتغل 12 ساعة فى اليوم، مش بعد ده كله هضيع وقتى فى كلام زى ده، الأولى أقعد مع ولادى». فى المقابل، يرى سامى حنا، عامل دليفرى بأحد المطاعم، أن كل ما تقدمه وسائل الإعلام من مضمون يجعله يفهم أوضاع البلد على نحو جيد».

وبجوار عربة الفول بأحد الشوارع الجانبية لشارع مصدق بالدقى، يتكئ أحمد عبدالرحمن متناولاً الفول، «أنا زهقت من وسائل الإعلام ومابقتش حتى عاوز أتكلم عنه وأقول رأيى فيه، البلد خربت بسبب الإعلام والإعلاميين»، ويضيف «لو عاوزين يعملوا شخص معين بطل بيعملوه، ولو عاوزين يسقطوا حد بيعملوا كده، ربنا يرحم البلد دى من الإعلاميين واللى بيقدموه».

رمضان الأسيوطى
الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى