الأخبار

عبقرية تطفيش الأصوات

 

32

 

لم أجد وصفًا يليق بذكاء المسؤولين بوزارة الخارجية المصرية، لأننى حقيقة لا أفهم مغزى إصرارها على إلزام المصريين بكندا وأمريكا على التصويت الشخصى داخل السفارة، الموجودة فى العاصمة فقط، أو الولايات التى توجد بها قنصلية! هل هو قرار لحجب أصوات المسيحيين، لأنهم أغلبية؟ أم لتوفير تكاليف إرسال موظفين للولايات عالية الكثافة؟ أم أن الوزارة تؤكد اختراقها، مثل كل وزارات وأجهزة مصر، خصوصا السيادية؟ فما زال فلول الإخوان يرتعون فى الإعلام وفى الداخلية وفى الخارجية وفى القضاء رغم مرور ستة أشهر على عزل مرسى.. والأدلة لا تحتاج إلى تجميع. مساعد وزير الخارجية لشؤون المصريين بالخارج، السيد على العشرى صرح بكل فخر بأن اللجنة العليا للانتخابات قامت بتسهيل تصويت المصريين بالخارج على الدستور فألغت التصويت الإلكترونى، وجعلته بالاقتراع السرى المباشر.. وهكذا مسحت أخطاء وتزوير الماضى! يا صلاة العيد على رأى «الكبير أوى» الكوميديان أحمد مكى. يعنى أكتر من مليون مصرى فى ولايات جرسى ونيوجرسى وسان فرانسيسكو الأمريكية عليهم السفر، إما لنيويورك، أو لأقرب قنصلية للإدلاء بأصواتهم.. ومثلهم عدد كبير فى ولاية تورنتو الكندية، كل هؤلاء يفصلهم عن مكان السفارة أوالقنصلية ساعات سفر طويلة وشاقة وتستدعى مصاريف إضافية وإجازة يومين من العمل للسفر والمبيت! وكأن الخارجية المصرية تعمل على تنشيط السياحة الداخلية لبلاد المهجر، مكافأة لها على استقطاب أنبغ أولادنا وحرماننا منهم!

وأضاف لهذا الشرط الإقصائى التعجيزى، شروطا لضمان التطفيش من التصويت، أهمها أن يكون المواطن- الطفشان أساسًا من الإقصاء فى وطنه- مسجلًا كناخب فى موقع اللجنة العليا للانتخابات.. وصرح بأنه عارف عدد المسجلين، وهو 681 ألفا، حافظهم «نفر نفر»! دون خجل من فقدان عشرات الآلاف من أصوات المهاجرين، يتجنب هو مشقة اجتذابهم للتصويت!

ثم وضع شرطا مريبا لا أدرى لتسهيل ماذا! وهو إعفاء الناخب من شرط تقديم رخصة القيادة أو أى مستند لتحديد أو إثبات مكان إقامته فى الخارج! مع أن أغلبية المواطنين يحملون هذا المستند دون مشقة!

ثم أكد ضرورة التقديم الشخصى لجواز السفر المصرى الأصلى المميكن، أو بطاقة الرقم القومى المصرى! سواء لتسجيل البيانات كناخب، أو للإدلاء بالصوت لاحقا..

وأسأل السادة «المسهلين» بوزارة الخارجية، ماذا عن المهاجرين الذين لم يجدوا باسبوراتهم، ولا بطاقاتهم الشخصية هربا من تبديد وقت إجازاتهم القصيرة لمصر؟! وهم كثيرون جدا جدا لهم حق الاستفتاء على دستور وطنهم الأم، وعلى المشاركة فى اختيار رئيس الجمهورية، وهو حق يكفله لهم الدستور القديم والجديد.. ولم يجرؤ أغلبهم على العودة لمصر لتجديد أوراقهم سنة حكم مرسى، لما تبعها حتى اليوم من إرهاب يومى وحالات خطف وسرقة وقتل وترويع.. وكان من الواجب على وزارة الخارجية المصرية أن تسهل للمصريين الحصول على هذا الحق.. بدلا من مضاعفة عذابهم وإقصائهم.

وما يذهلنى هنا هو عبقرية المسؤولين المصريين فى التعذيب، وتوهانهم، ثم إبداعهم كلما اجتمعوا للتفكير! فيضعون المتاريس أولا، وداخل الأبواب وليس خارجها! يضعون العربة أمام الحمار، أو السواق فى آخر عربية فى القطر!

ولضمان الشفافية، وهى كلمة أصبحت سيئة السمعة ومشبوهة.. أعلن المسؤول عن وزارة الخارجية، أن أربع جهات دولية وإقليمية ستتابع عملية الاستفتاء.. منها بعثة خبراء الاتحاد الأوروبى، وبعثة جامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقى، والسفارات الأجنبية، مع منظمات المجتمع المدنى المصرية.. فهل هذه الحشود هاتشتغل مجانا حبًّا وعشقًا لمصر! أم الأهم أن أصِل أنا للمصريين فى ولاياتهم لأجمع أصواتهم وآراءهم بدون تعجيز ولا تطفيش ولا تكاليف قد لا يحتملونها!

الحال يؤكد أن حكم مرسى ما زال يرتع.. وأتباعه تغلغلوا وثبتوا فى مواقعهم.. بعضهم حلق اللحية ومحا الزبيبة.. والبعض الآخر مشغول بتكسير الأرصفة وحدف الطوب.. والطرف التالت الأخطر، الذى لم يكشف وجهه، موجود ويعمل بهدوء ويضرب فى العمق.. لكن ما زالت هناك فرصة لتغيير قواعد التصويت.. فالهدف هو تجميع أصوات المصريين المهاجرين وليس مضاعفة إقصائهم.. لأننا سنحاسبكم قريبا على كل صوت يضيع.

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى