الأخبار

ماذا يعنى اتهام الـ«CNN» لقائد الطائرة المنكوبة بالانتحار؟

 

70

لم يكن الأمر غريباً، ولم تكن تلك هى المرة الأولى، فقد داومت العديد من وسائل الإعلام الغربية وغيرها على تزوير الحقائق، وتبنى الشائعات الممنهجة، والهدف هو الإساءة لمصر، والتحريض ضدها، وتشويه سمعة مؤسساتها المختلفة.

وقد وجد البعض منها فى حادث سقوط الطائرة المصرية رقم «804» المقبلة من باريس، فجر الخميس الماضى، فرصة للنفاذ إلى الجسد المصرى، وتحويل المجنى عليه إلى جانٍ، ولفت الأنظار بعيداً عن الأسباب الحقيقية التى أدت إلى سقوط طائرة مصر للطيران.

زعمت الشبكة الأمريكية أن من أحد أهم أسباب سقوط الطائرة ربما يكون انتحار قائد الطائرة نفسه، حيث استندت الـ«CNN» فى تقريرها إلى واقعة طائرة «البطوطى» التى سقطت عام 1999 خلال رحلتها من ولاية نيويورك الأمريكية حيث أشارت التحقيقات فى هذا الوقت إلى انتحار قائدها فقط لمجرد أنه قال «توكلت على الله».

منذ البداية نسبت الـ«CNN» الأمريكية إلى مسئولين أمريكيين توقعاتهم بأن يكون سقوط الطائرة المصرية قد تم عبر تفجيرها بقنبلة كانت على متن الطائرة التى انطلقت من مطار «شارل ديجول» بالعاصمة الفرنسية، وهنا تركت الـ«CNN» الباب مفتوحاً، وكان الهدف هو الإرباك حتى قبيل أن تبدأ التحقيقات.

ساعتها قال البعض إن الهدف من وراء هذه الشائعة هو «ضرب العلاقات المصرية الفرنسية» وإشعال نيران التصريحات المعادية بين البلدين، خاصة أن واشنطن وعواصم أوروبية عديدة ليست راضية عن نمو هذه العلاقات فى كافة المجالات والعسكرية منها تحديداً، خاصة صفقتى طائرات الرافال، وحاملة الطائرات «جمال عبدالناصر».

غير أن الـ«CNN» فاجأتنا بتحليل جديد بعد ساعات قليلة من نشرها للأقوال المرسلة لعدد من المسئولين الأمريكيين وإذاعة تقرير يتحدث عن أربعة سيناريوهات زعمت فيه أن أحدها يفسر الأسباب الحقيقية لسقوط الطائرة المصرية.

وزعمت الشبكة الأمريكية أن من أحد أهم أسباب سقوط الطائرة ربما يكون انتحار قائد الطائرة نفسه، حيث استندت الـ«CNN» فى تقريرها إلى واقعة طائرة «البطوطى» التى سقطت عام 1999 خلال رحلتها من ولاية نيويورك الأمريكية، حيث أشارت التحقيقات فى هذا الوقت إلى انتحار قائدها، فقط لمجرد أنه قال «توكلت على الله».

ورغم أن كافة الروايات اللاحقة أكدت كذب الادعاءات الأمريكية فإن الـ«CNN» استندت إلى هذه الرواية لتشير إلى أن الطائرة المصرية المقبلة من باريس ربما تكون سقطت عن عمد بسبب انتحار قائدها محمد شقير.

لم يكن لدى الـ«CNN» أى أدلة أو أسانيد لهذا الادعاء الكاذب، لكنها أرادت أن تلقى بالكرة فى الملعب المصرى لأسباب معروفة.

صحيح أن المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبوزيد قام بالرد سريعاً على الرواية الكاذبة من خلال تغريدة كتبها باللغة الانجليزية قال فيها «إن إعطاء شبكة الـ«CNN» الأمريكية إيحاءات بأن قائد الطائرة المصرية انتحر فى وقت لا تزال فيه الأسر بحالة حداد أمر لا يبعث على الاحترام»، إلا أن هناك دلائل حقيقية تكذب الرواية الأمريكية جملة وتفصيلاً.

لقد اتصل بى أمس النائب عمرو الجوهرى، عضو مجلس النواب المصرى، وقال لى إن رجل الأعمال أحمد حمزة، صاحب شركة تسويق عقارى، لديه الرد القاطع على هذه الأكذوبة.

وتواصلت على الفور مع أحمد حمزة الذى حكى لى القصة وأرسل إلىّ العديد من المستندات التى تثبت صحة كلامه.

لقد قال لى: إن قائد الطائرة المنكوبة «محمد شقير» كان رجلاً محباً للحياة، وإنه التقاه عدة مرات بهدف شراء قطعة أرض لإقامة مسكن خاص عليها فى مشروع «الغرود» بجمعية أحمد عرابى على طريق مصر الإسماعيلية.

وقال: «لقد تعرفت عليه عن طريق رانى النبراوى الذى اتصل بى وقال إن لى صديقاً يعمل طياراً ويرغب فى شراء قطعة أرض لإقامة مسكن خاص عليها والإقامة فيه، وعلى الفور قمت بالاتصال بالسيد وائل السحار الذى يمتلك قطعة أرض فى المنطقة ذاتها وبجوار نادى آمون الذى يمتلكه رجل الأعمال المعروف ثروت باسيلى».

وقال: «إن قطعة الأرض تبلغ مساحتها 2079 متراً بقيمة مالية تبلغ 2 مليون جنيه و650 ألفاً من الجنيهات وتم الاتفاق على أن يقوم بدفع مليون جنيه عند التوقيع على العقد كدفعة أولى وبعد ذلك يقوم بسداد 400 ألف جنيه يوم 24/5/2016».

وقال: «اتفقنا على أن تكون قيمة العقد الابتدائى 1.400.000 جنيه على أن يسدد بقية المبالغ 1.250.000 جنيه بعد ستة أشهر».

وقال: «لقد التقينا فى جمعية أحمد عرابى، وتمت معاينة الأرض».. وقال: لقد جلسنا معاً وكان سعيداً بقطعة الأرض، وطلب منى أشوف له عروسه، لأنه بلغ من العمر حوالى 36 عاماً، وجرى التوقيع على العقد الابتدائى بينه وبين وائل السحار، وهو أحد أحفاد الكاتب الكبير جودة السحار، وقال: «لقد دفع قيمة القسط الأول ولم ينقص منه سوى 150 ألف جنيه، واتفقنا على سداد باقى القيمة يوم الجمعة الماضى، الساعة الواحدة بعد صلاة الجمعة، وقال لى إنه استطاع أن يجمع مائة ألف جنيه وسيتبقى خمسون ألفاً بعد ذلك».

وقال: «لقد فوجئنا بحادث الطائرة فجر الخميس واستشهاد جميع ركابها وطاقمها، فاتصلت بالكابتن رانى صديقه وطلبت منه أن يذهب معى إلى منزل والد الطيار الشهيد لنرد المبلغ المالى إلى والده».

كان أحمد حمزة متأثراً للغاية وهو يحكى القصة، وقال كيف لقناة أمريكية بوزن الـ«CNN» أن تدعى كذباً وبهتاناً أن قائد الطائرة ربما يكون قد أقدم على الانتحار؟! وما هى أدلتها على ذلك، وكيف لشخص أن ينتحر وهو قد قدم حصيلة أمواله لشراء قطعة أرض لبناء مسكن والزواج فيه، كيف ينتحر وهو على موعد لإنهاء القسط الأول يوم الجمعة، أى كان يفترض أن يتم ذلك بعد وصوله من رحلة باريس المنكوبة فجر يوم الخميس؟

تلك رواية ترد على كافة الأكاذيب وتنفى مثل هذه الادعاءات الرخيصة التى يعرف الجميع هدفها ومرماها.

لقد عادت الـ«CNN» بعد هذه الرواية المختلقة بساعات لتبث رواية أخرى تكذّب هذا الادعاء الرخيص، عندما نشرت صباح السبت الماضى تسجيلاً لاتصال جرى بين قائد الطائرة المنكوبة مع المراقبة الجوية فى سويسرا أثناء عبور الأجواء السويسرية خلال الرحلة وقبل سقوط الطائرة، ليجرى بعد ذلك تحويل اتصالات قائد الطائرة إلى مركز المراقبة الجوية فى إيطاليا.

وقد ظهر قائد الطائرة المنكوبة فى كل هذه الاتصالات إنساناً طبيعياً واثقاً من عمله وأدائه، ولم يظهر عليه أى تردد أو أمور يُشتم منها أى فعل غير طبيعى.

صحيح أن الوقائع تكذّب هذا الادعاء، وصحيح أن العالم فى دهشة من قيام الـ«CNN» باستباق الأحداث وإطلاق جوقة من الشائعات والأكاذيب، ولكن العالم تعوّد أيضاً من هذه القناة وغيرها تبنّى أجندات سياسية لا علاقة لها بالمهنية أو الحقيقة.

لقد تعاملت الإدارة المصرية بحكمة وذكاء أشاد بهما العالم، ورغم الجرح ورغم الألم فإن مصر أعطت المثل والقدوة فى احترام جهات التحقيق، فهى وحدها صاحبة القول الفصل، وساعتها لكل حدث حديث.

بقيت كلمة واحدة.. من حقنا أن نفخر بطيارينا وأطقم طائراتنا.. ومن حقنا أن نتباهى بهذه الشركة العريقة «مصر للطيران».. رحم الله شهداءنا الأبرار وألهم أسرهم وزملاءهم وشعبنا الصبر والسلوان.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى