أخبار مصورة

ميدان رمسيس.. سوق لـ«التجارة الحرام»

 

 

سرقة، مخدرات، دعارة.. جرائم لا نعتاد عليها إلا في العشوائيات، أو الأماكن المقطوعة، التي تخلو من السكان، لكن الآن نراها في أشهر ميادين القاهرة، بميدان رمسيس، تمارس نهاراً جهاراً علي مرئى ومسمع من الجميع، دون استحياء، أو خوف، بائعي المخدرات، لم يجدوا ما يمنعهم، أو يردعهم من ترويج ممنوعاتهم في الميدان،وكذلك السرقة بالإكراه أصبحت وكأنها من المهن المشروعة، أما الأعمال المنافية للآداب، فحدث ولا حرج.

رصدت « بوابة أخبار اليوم»، في جولة لها داخل الميدان بؤر توزيع المخدرات، والأعمال المنافية للأداب، إذ كانت البداية في تمام الساعة الحادية عشرة  مساء، المشهد عبارة عن تجمعات مشبوهة لشباب، وبنات سيدات تربطهم علاقة ببعضهم، لا يفهمها الكثير من المواطنين المتواجدين في الميدان ملابسهم وهيئاتهم تكشف حقيقتهم.

علي بعُد خطوات قليلة يجلس شاب علي احدي المقاعد المخصصة في الميدان وبجواره شنطة بلاستيكية سوداء اخرج منها بعض المأكولات وبدء بتناولها، وبعد فترة اقترب من احد المتواجدين بالميدان، وطلب منه شراء بعض الحبوب المخدرة، وأنبول ثم أخرج من الحقيبة سرنجة “حقنة” وحصل على الجرعة، وسط المارة دون الشعور بالقلق أو الخوف ثم بدء يتجول داخل الميدان ويتفحص وجوه المارة بنظرات حادة ، في هذه اللحظة سمعنا أصوات “خناقات” شاب لا يرتدي ألا بنطالون وباقي جسده عاريا وفي يده اليمني “مطواه”، وعلي جسده جروح قديمة، تكاد تغطي جميع جسده،يلتف حوله مجموعه أخري يحاولون السيطرة عليه، لكن دون جدوى بدء بمهاجمتهم وضربهم، ظل الأمر لأكثر من نصف ساعة يردد كلمات تشير إلى أنهم يعرفون بعض، منها :”انتو لو فاكرين هتضحكو علي أنا هاخد حقي منكم وهتدفعوا  اللي عليكم” وبدء بالسباب بألفاظ نابية والوعيد لهم بالقتل حتى جاء إليه احدهم وجلس معه واخرج من جيبه شئ لا نعلم ما هو وأعطاه له فبدء بإرتداء ملابسه ووضع “المطواه” في جيبه وقام بتناول كوب من الشاي قائلا لهم بصوت علي “الله يخرب بيتكم ضيعتوا الدماغ اللي أنا عملتها” .

بعد فترة ذهب وجلس بجوار سيدة كبيرة  في السن بعدما سلم عليها وبدأ يخرج من جيبه الشئ الذي أعطاه إياه الشباب عندما كان يتشاجر معهم وأعطاه لها، ثم جاء إليها باقي الشباب وتعاتبوا قليلا ..بلغ عددهم 8 جلسوا مع بعضهم لمدة قصيرة ثم قام احدهم واتجه نحو سيدة تضع بجوارها  حقيبة يبدوا  عليها أنها مسافرة وتنتظر موعد القطار نائمة هي وابنها الصغير الذي يبلغ من العمر 12عاما وعندما جلس بجوارها، قالت السيدة العجوز الذي كان يجلس معها يا بكار ” دي ست غلبانة ومش معاها حاجة شوف حد غيرها”لتكشف عن سر عملهم فهم عبارة عن عصابة يسرقون المواطنين الجالسين في الميدان، وهذه هي كبيرتهم التي تبيع  لهم حوائجهم.

ما حدث جعل الأسئلة تقفز إلى الأذهان، وتحديدا أين تخبئ هذه العصابة مسروقاتها؟، رصدنا تحركات أفراد العصابة من بعيد حتي لا ينكشف أمرنا، دقت عقارب الساعة الواحدة  صباحا وحالات السرقة متكررة.

 رجل يقترب من العقد الرابع، يبحث عن تليفونه الجوال يطلب من المارة في الطريق، الاتصال به، ليأتيه الرد سريعا”عفوا الرقم قد يكون مغلقا أو خارج الخدمة”.

بنبرات حزن واسي قال الرجل “انا مسافر في ظرف طارئ و كدا مش هعرف أتواصل مع أسرتي حسبي الله ونعم الوكيل، الأرقام كلها علي التليفون”.

حادث سرقة تليفون الرجل الأربعينى، لم تثنينا عن مراقبة تحركات أفراد العصابة، تابعنا جلسنا علي الجانب الآخر من الحديقة أمام مسجد الفتح حيث يتواجد هؤلاء الشباب الذي اقترب احدهم من بعض الجالسين بينما كان الذي يراقب له الأجواء والثالث يشاغل الجالسين حتى يحدث حالة من التمويه والتغطية للشخص الذي ينوي السرقة في هذه اللحظات شعر احد الجلوس وهو شيخ مسن يلبس جلباب ابيض ذو لحية كثيفة بيضاء يضع علي رأسه عمامة بحالة السرقة فقام بتنبيه المسروق وقال له “خد بالك من حاجتك انت بتتسرق”، فجاء إليه احدهم وقال له لا تتدخل فيما لا يعنيك وعندما اخبره هذا الشيخ بأن ما يفعله خطأ قام بضربه هو وصاحبه وتهديده بالقتل بعدما “سحبو عليه الأسلحة البيضاء وطعنه احدهما بها طعنة خفيفة قائلا له “المرة اللي جايه هشقك نصين”وسط سكوت من الجالسين فلا احد يستطيع أن يتدخل خوفا من القتل وخلافه، بعدما انصرفوا  اقتربنا من هذا الشيخ وتحدثنا معه عن سبب الخلاف فقال لاحظت احدهم يقترب من هذا الشاب النائم وبدأ يمد يده في حقيبته وعندما نبهت هذا الشاب قاموا بضربي متابعا أنا اعرفهم جيدا فانا دائما ما أسافر واجلس هنا وأشاهدهم وهم ويسرقون المواطنين ولا احد يتدخل ومن يتحدث يمكن ان يقتلوه او يسببو له عاهة مستديمة ..تركنا هذا الشيخ وذهبنا الي الست العجوز التي يتجمعون عندها كل مرة، الساعة تقترب من الثانية مساء وجاء احدهم بفتاة وسلم علي زملائه الذين

بدأو الحديث قائلين “هتروح بيها علي فين” فقال لهم سوف نتتظركم لا تتأخروا   في هذه اللحظات ابتعدنا عنهم كي لا يشعرون بنا فيصبنا بطشهم وينكشف أمرنا.

استمر الحديث بينهم لدقائق، لا نعلم عما يتحدثون ثم انصرف هذا الشاب مع الفتاة فنادت عليه السيدة العجوز قائله له “الله يسهلو بتفكرني بأيام ما كنت صغيرة”.. بعد دئقائق أخرى جاءت فتاة وهي تنادي من بعيد يااا “بصلة.. ياااا بصله”يرضيك اللي عمله بكار ياخد الحاجة بتاعتي فقال لها “مش بكار دا جيزة”،فقالت له لا بكار وهنا ذهبا معا  الي إحد أعمدة الإنارة المتواجد داخل الحديقة، واخرج منه بعض المتعلقات “المسروقات” الخاصة بهم،ونادوا علي بكار وجيزة وجاء معهم زملائهم ، وبدأوا يتقاسمون مسروقاتهم.

وبعد تقسيم الغنائم، انصرفوا نحو مبنى الهيئة العامة لإدارة وتشغيل المترو حيث يوجد “ممر مظلم “يحتوي بداخله علي مخلفات وقمامة وعلي جانبيه سور يفصله عن الطريق العام.

اقتربنا من إحدى جوانب السور المهدمة، شاهدناهم  يخرجون بعض متعلقاتهم من خلف بعض الصناديق الملقاه، وبدأوا في تعاطي “الحشيش والسجائر والبانجو والبرشام،لنكتشف أن هذا المكان الثاني الذي يخبئون فيه المسروقات، غير أن المشهد الأصعب استغلالهم المكان للأعمال المنافية للآداب.

اخبار اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى