حيلة الحكومة للهروب من المسؤولية..
لا يختلف أحد على أن جماعة الإخوان تنظيم يكيد الحقد ورغبة الانتقام من النظام المصري، فضلًا عن كونه يسعى فسادًا هنا وهناك بعمليات ومخططات دولية، لكن الأمر غير المبرر أن تكون الجماعة هي المتهم الرئيسي في أي أزمة تواجه الحكومة، أو سقطة يقع فيها مسؤول، حتى أصبحت “شماعة” الحكومة للهروب من المسؤولية.
”سقطة ماسبيرو”
الفضيحة الكُبرى التي وقع فيها، أمس الثلاثاء، مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو)، بإذاعة حوار قديم للرئيس عبدالفتاح السيسي على أنه أجراه خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، ومشاركته في الدورة الـ 17 بالجمعية العامة للأمم المتحدة، أرجع البعض السبب فيها لجماعة الإخوان بدعوى انتشار قياداتها في مفاصل الدولة.
”نظفوا ماسبيرو من الإخوان” هاشتاج دشنه رواد مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” وصَعد في قائمة الأكثر تداولًا سريعًا، اتهموا فيه جماعة الإخوان بتدبير الواقعة، بانتشارهم في مفاصل الدولة، واصفين إياهم بـ”أهل الشر” مثلما وصفهم قبل سابق الرئيس عبدالفتاح السيسي، رغم تصريح مصطفى شحاتة رئيس قطاع الأخبار المُقال بنفسه بإن الخطأ ليس ألا فني بحدوث مشكلة في الأقمار الصناعية الناقلة.
لترد الجهة المقابلة بهاشتاج آخر بعنوان: “شماعة الإخوان”، حذر فيه النشطاء من تكرار توجيه الاتهامات إلى جماعة الإخوان، وهروب المسؤولين من المحاسبة، مطالبين بإقالة ومحاسبة جميع المتسببين في هذه الفضيحة التي أساءت لسمعة مصر.
وهو نفس الملجأ الذي تهرب إليه إعلاميو ماسبيرو من المسؤولية بتعليقهم على الواقعة عبر بيان دشنته رابطة إعلاميو ماسبيرو على “فيس بوك”، أكدوا فيه أن السقطة تكشف تغلغل الإخوان في مفاصل الدولة، وهو أيضًا نفس المسار الذي دار فيه تعليق إعلاميون برامج التوك شو على الفضائيات أمثال مصطفى بكري وأحمد موسى.
”انخفاض الجنيه”
سياسة تعليق الفشل على الإخوان ليست بجديدة على الحكومة، فقد سبق وعلقت عجزها عن السيطرة على السوق السوداء للدولار وخفض قيمة الجنيه أمامه، بسبب محاولات الإخوان من خلال تجميع العملات الأجنبية وتهريبها خارج البلاد والعمل على تصعيد حالة عدم استقرار سعر صرف الدولار لإجهاض الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وبالفعل ألقت وقتها وألقت الشرطة القبض على رجل الأعمال حسن مالك، القيادي بجماعة الإخوان بتهمة استغلال بعض شركات الصرافة التابعة للتنظيم في تهريب الأموال خارج البلاد، وذكر أنه تمت مصادرة مليارات الدولارات بحوزته، وبالرغم من ذلك لازالت الأزمة مستمرة.
”غرق المحافظات”
وحين وقعت محافظات مصر فريسة للأمطار والسيول وغرقت محافظات الإسكندرية ودمياط والبحيرة، خرجت وزارة الداخلية لتتهم الإخوان بإنهم قاموا بسد بلوعات الصرف الصحي، وأكد هاني المسيري محافظ الإسكندرية وقتها أنه يواجه مخطط إخواني ضخم.
”تسريب الامتحانات”
وأمام الفشل الذريع الذي وقعت فيه وزارة التربية والتعليم خلال أزمة تسريب الامتحانات وانتصار صفحات الغش عليها، أكد وقتها الدكتور بشير حسين المتحدث باسم الوزارة أن التسريب تم من داخل الوزارة على يد جماعة الإخوان التي تسعى لتشوية صورة الدولة واختراقها لوزارة التعليم.
”تسمم الشرقية”
”لا نستبعد أن يكون للإخوان يد في حادث التسمم وأن يضعوا لنا شيئًا في اللقمة اللي نأكلها، دول كفرة”.. تلك الكلمات جاءت على لسان محافظ الشرقية السابق في معرض تعليقه على حادث تسمم 13 من أهالي المحافظة خلال إحد الأفراح، وهو ما آثار السخرية منه على مواقع التواصل الاجتماعي.
”شماعة الجماعة”
وتأكيدًا على ما ذكرناه سالفًا، فإن جماعة الإخوان بالفعل تكيد المكائد لمصر، إلا أن سياسة تعليق كل أزمة وفشل عليها يضعف عملية المحاسبة للمسؤولين ويدفع الجميع للاستسهال والهروب عبر منفذ ”الإخوان السبب”، فضلًا عن أن التغلغل الإخواني في أي مؤسسة أو وزارة هو فشل للوزير ومسؤولية تقع على عاتقه في حد ذاتها.. وفقًا لرؤية مراقبون في تصريحات خاصة لـ”الدستور”.
”غياب المحاسبة”
يقول الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، “بالرغم من أن جماعة الإخوان بالفعل تحاول إثارة القلائل في البلاد وتدبير الأزمات وافتعالها لاسقاط الدولة والانتقام من النظام الحالي، إلا أن فكرة شماعة الإخوان باتت غير مفهومة وتعلق عليها كل أخطاء الحكومة”.
ووفقًا له فأصبحت الجماعة هي الحيلة الوحيدة للحكومة من أجل الهروب من مسؤوليتها أمام الرأي العام، لتظهر كأنها ليس في استطاعتها شيء وهي تواجه سيناريو الخراب الإخواني، ويضيف: “بتلك الطريقة انتقل الفشل من المسؤولين في عملية إدارة البلاد إلى جماعة الإخوان التي تم فصل الكثير منهم داخل قطاعات الدولة والبعض الآخر يقبع في السجون”.
ويشير إلى أن تلك السياسة تجعل عملية المُحاسبة صعبة للغاية، فالجماعة أشبه باللهو الخفي الذي يدبر الأزمات ولا يظهر، والمسؤولين يلقون باللوم عليها ويتهربون من المحاسبة، وبالتالي فلا يوجد جهة ظاهرة يتم محاسبتها قضائيًا وأمام الرأي العام.
ولفت إلى أنه حتى لو الإخوان هم المتسببون في أزمة “ماسبيرو” فإن الحكومة هي المسؤولة عن محاربتهم ومحاسبتهم وليس اتهامهم فقط الوقوف بدور المتفرج عليهم، مشيرًا إلى أن تغلغل قيادات الإخوان في ماسبيرو كما قال البعض فهي مسؤولية اتحاد الإذاعة والتلفزيون.
”اسم تجاري”
ويرى ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن جماعة الإخوان أصبحت اسم تجاري لتبرير الفشل وسوء الإدارة، فأصابع الإخوان القادرة على التغلغل في مفاصل الدولة وافتعال الأزمات هو فشل في حد ذاته للحكومة والوزارت في التصدي للعناصر الإخوانية.
وشدد على ضرورة التعامل بجدية مع الأزمات ومحاسبة المقصرين ومن يعلق فشله على الإخوان لا بد من محاسبته على ذلك الاختراق، حتى لا تضيع الحلول والمحاسبة بين قيل وقال، ويصبح المتهم بمثابة لهو خفي غير موجود للرأي العام.
الدستور