الأخبار

شيخ شيوخ المربين وقدوة المعلم

 

107

 

شيخ شيوخ المربين وقدوة المعلمين بلا منازع في دار العلوم والقضاء الشرعي ومدرسة الحقوق ومدرستي التجارة العليا والمتوسطة ومدرستى المعلمين العليا العلمية والأدبية ثم معهد التربية العالي، إنه أحمد فهمي العمروسي.

ولد العمروسى عام 1869 في عهد الخديو إسماعيل، نال شهادة البكالوريا عام 1888 ثم التحق بمدرسة التوفيقية حتى تخرج فيها أول الناجحين في الدبلوم عام 1891، ليعين بعدها مباشرة مدرسا بنفس المدرسة تخرج فيها.

في عام 1894 اختارته وزارة المعارف عضوًا لبعثتها لدراسة العلوم الرياضية والطبيعية في مدرسة «سانكلو» بفرنسا، ليحصل على شهادتها في 1897، وعند عودته إلى مصر عين مباشرة مدرسا للقسم العالي من مدرسة المعلمين التوفيقية.

العمروسي لم يكتف بما حصل عليه من شهادات علمية، بل توجه لدراسة الحقوق في الفترة من 1901 وحتى 1903 حيث حصل على ليسانس الحقوق من كلية باريس، وفي 1904 عرض عليه عبدالخالق ثروت باشا منصبًا رفيعًا في القضاء إلا أن وزارة المعارف تمسكت به، ليعتذر عن المنصب مبررًا ذلك خلال حديث له نشرته مجلة «الهلال» في عدد مايو 1930، قال فيه: “لقد تعلمت أن أكون أمينا على العلم، صادقًا في صناعة التدريس والتعليم، التي أعدت نفسى لها، وما أزال مغتبطا بها مفضلا لها على ما عداها”.

في عام 1908 اختاره الزعيم سعد زغلول باشا، وكان وقتها ناظرًا للمعارف، مفتشا بالنظارة مع القيام بأعمال السكرتير الفني له، وكان في نفس الوقت يدرس التاريخ الطبيعي والكيمياء والطبيعة في مدرستي القضاء الشرعي ودار العلوم.

وعام 1908 تم نقله من مدرسة دار العلوم ليترك ذلك أثرا محزنا في نفوس زملائه وطلابه، ففي 16 إبريل 1909 نشرت صحيفة «دار العلوم» في عددها الأول الخطاب الذي وجهه إليه أساتذة دار العلوم، جاء من بين فقراته: “حضرة المفضال: لقد كان للمعروف أثر في امتلاك القلوب، وللإحسان سبيل إلى استحقاق الشكر، لقد منا إلينا ما جعل قلوبنا طوع محبتك ورهن مودتك، ومنك إلى الطلبة ما جعلهم في أعينهم نتائج صنعك وصنائع فضلك، وفي أعين الملأ صحائف لتخليد الثناء عليك ونماذج لأياديك البيضاء في خدمة العلم وأهله”.

بعد ذلك، عين العمروسي وكيلا لدار العلوم عام 1909 ثم ناظرا لمدرستي المحاسبة والتجارة العليا والمتوسطة، فمفتشا للبعثة العلمية المصرية في فرنسا ليكون مديرًا لها فيما بعد، ثم عضوا في مجلس النواب الأول، وبعد ذلك أعيد للخدمة فكان مديرًا للمكتب الفني بوزارة المعارف، ثم ناظرًا لمدرسة المعلمين العليا العلمية والأدبية، ثم مديرًا لمعهد التربية.

• كتبه ورسائله:
العمروسى كان أول مبعوث مصري عاد من بعثته، فتولى ترجمة كتب الطبيعة والكيمياء والتاريخ الطبيعي وبعض كتب الرياضة المقررة على المعاهد العليا والمدارس الثانوية، وبذل في ذلك مجهودًا جبارًا للدفع بالنهضة العلمية في مصر إلى الأمام، ويعتبر من القلائل الذين استطاعوا المزج بين الثقافة الغربية والعربية في نقل الأفكار العلمية توجيها قويما.

ونرى أثر ذلك بينا في كتبه المدرسية التى نقلها الى العربية، وهي بالعشرات، منها: (التربية والتعليم عند العرب، الفنون الجميلة عند العرب، أثر الأشغال اليدوية في التربية والتعليم، الغرض من التربية والتعليم في القرن العشرين، التربية والتعليم في إنجلترا وموازنتها بفرنسا، التربية والتعليم في أمريكا، تربية الذوق السليم، العقل وكيف يتكون، علاقة العلم بالأخلاق).

وبعد إحالته على المعاش تم جمع الكثير من محاضراته لوضعها في كتاب «محاضرات في التربية والتعليم»، وآخر كتبه هو «رسالة المعلم.

من أقوال العمروسي، إنه “لا شيء ينفذ إلى قلوب النشء وينمي فيهم الأخلاق العالية وللفضائل السامية، مثل أن يعدل المربي في حكمه على حوادث بلاده وتاريخ كبار رجال أمته، وأن يجهر بالحقائق ممحصة مجردة من شوائب الهوى وأدناس الغرض، فبذلك وحدة تنبت بذور الأنظمة والأخلاق، و تنمو جذورها في الأمم”.

وفي ليلة الخامس عشر من إبريل 1959، انتقلت إلى الرفيق الأعلى روح شيخ شيوخ المربين كافة الأستاذ أحمد فهمي العمروسي بك عن عمر يناهز الـ90 عامًا.

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى