الأخبار

تبحث عن سر «جنون أسعار السيارات»

فى ظاهرة غير مسبوقة بمصر، تسجل أسعار السيارات خلال الفترة الأخيرة زيادات متتالية بصفة دورية، بدأت بشكل شهرى قبل أن تتسارع الوتيرة، لتقرر شركات السيارات رفع أسعارها بشكل أسبوعى، وهى ارتفاعات لا تحدث تقريبا فى جميع السلع المحلية والمستوردة باستثناء السيارات.

(الشروق) فتحت ملف أسعار السيارات مع التجار والوكلاء وحتى المصنعين، للتعرف على مدى منطقية تلك الارتفاعات، وتفسيرهم للأسباب التى دفعتهم لاتباع تلك السياسة مع سلعة أصبحت من الضروريات بمصر فى ظل الحالة المتردية لوسائل النقل العام، وعدم قدرة الأغلبية على تحمل مصاريف التنقل بسيارات الأجرة «التاكسى».

خالد سعد، نائب رئيس المجلس المصرى للسيارات، وعضو رابطة مصنعى السيارات، ومدير عام شركة بريليانس البافارية للسيارات، اعترف بأن الزيادات الأسبوعية فى أسعار السيارات غير منطقية نظريا، لكن هناك من الأسباب ما يبررها عمليا.

«السبب الرئيسى هو الارتفاع المتتالى لأسعار الدولار فى السوق السوداء»، قال سعد، موضحا أن وكلاء شركات السيارات يقسطون مبالغ الشحنات التى يحصلون عليها من الشركات الأم ويدفعونها بالدولار، وبالتالى «قد تدفع الشركة قسطا بالدولار يقابله قيمة معينة بالجنيه، لكن فى القسط الثانى بعد فترة معينة يرتفع الدولار فتزيد القيمة المدفوعة بالجنيه.. الوكيل يؤمن نفسه برفع السعر كل أسبوع للحفاظ على متوسط هامش الربح المستهدف وتأمين احتياجاته من رأس المال لمواصلة الاستيراد».

وأضاف سعد أن الوكلاء يعتمدون بشكل كامل على السوق السوداء لتدبير احتياجاتهم من العملة الصعبة، فى ظل عدم قدرة البنوك على توفير المبالغ المطلوبة.

ويرى مدير بريليانس البافارية، أن تثبيت أسعار السيارات المستوردة قد يحدث حال تعويم الجنيه، بينما تساعد استراتيجية صناعة السيارات فى مصر على تثبيت أسعار السيارات المجمعة محليا.

«لدينا فى مصر 18 مصنعا تابعا لشركات خاصة تجمع السيارات، بينها 8 مصانع تنتج بشكل مستقر، التنافس بينها كفيل بضبط الأسعار»، أوضح سعد.

كان طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، قد أعلن أن الحكومة وافقت على استراتيجية صناعة السيارات وتم إرسالها إلى مجلس النواب تمهيدا لإقرارها، مشيرا إلى أن الاستراتيجية مدتها 8 سنوات وتستهدف تعميق صناعة السيارات ووضع مصر على خريطة صناعة السيارات العالمية من خلال رفع نسب المكون المحلى فى السيارات من 45.5% حاليا إلى 60%، وزيادة صادرات السيارات المصرية للأسواق العالمية، فضلا عن التوسع فى الصناعات المغذية.

وأضاف الوزير أن الحكومة تعتزم تشكيل لجنة تضم ممثلين من غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات ورابطة صناعة السيارات وهيئة المواصفات والجودة لوضع وتحديث المواصفات القياسية الخاصة بصناعة السيارات فى مصر، لتتوافق مع نظيراتها الدولية مع وضع الإطار الزمنى المقترح لبدء تطبيق المواصفات على المنتجات المحلية والمستوردة أيضا.

«أتوقع إقرار الاستراتيجية خلال الربع الأول من العام المقبل بحد أقصى»، يقول سعد.
من جهته، قال عمر بلبع، رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية خلال تصريحات تلفزيونية، إن ارتفاع أسعار السيارات فى دول المنشأ يأتى ضمن أسباب الزيادات فى مصر، فضلا عن ارتفاع تكاليف مكونات السيارات المستوردة.

«هامش ربح تجار السيارات لم يختلف كثيرا خلال الفترة الأخيرة، جميعهم تأثروا بارتفاع التكلفة وسعر الدولار وانخفاض كميات السيارات المستوردة»، تابع بلبع.

ويؤيده، علاء السبع رئيس مجلس إدارة «السبع أوتوموتيف» للسيارات، وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة، مضيفا أن رأسمال التاجر هو عدد السيارات التى يستوردها «الهدف الأساسى للتاجر أو المستورد هو توفير المبلغ الكافى للحفاظ على حصته التى يتلقاها من الشركات الأم».

«نتعامل فى سوق تحتم علينا التحوط لارتفاعات الدولار وركود المبيعات فى ذات الوقت»، أضاف السبع، مفسرا اختلاف الأسعار بشكل أسبوعى، وأكد أن العاملين فى السوق يستهدفون الحفاظ على متوسط ربح معين عند نفاد كل كمية لديهم.

وأوضح أن شركات السيارات التى تواصل البيع بعد رفع أسعار سياراتها «تبيع بسعر اجتهادى»، ويرى أن نسبة ارتفاع أسعار السيارات لاتزال أقل من الارتفاع الذى شهده الدولار فى السوق السوداء الذى قفز بنحو 40% خلال الأسابيع القليلة الماضية.

ويرى رئيس مجلس إدارة «السبع أوتوموتيف» أن استراتيجية صناعة السيارات فى مصر ستواجه عدة معوقات، أبرزها عدم قدرة السيارات المحلية على منافسة نظيرتها المستوردة، خاصة بعد الحديث عن توجه الدولة إلى فرض ضريبة بنسبة 10% فقط على أى سيارة مستوردة، بينما ستفرض ضريبة نسبتها 30% واسمها «ضريبة التنمية الصناعية» على كل مصنع محلى ينتج أقل من 60 سيارة سنويا أو لا يستخدم منتجات محلية فى التصنيع بنسب تتراوح بين 45 و60% خلال 8 سنوات، أو لا يصدر 25% من إنتاجه.

«كل هذه الشروط يصعب تطبيقها على أرض الواقع.. إنتاج 60 ألف سيارة سنويا يكلف نحو 40 مليون دولار شهريا.. مين معاه الفلوس دى»، أوضح السبع، متسائلا: «وكيف سنصدر كل هذه الكميات المطلوبة بينما السوق المحلية مازالت غير مشبعة فضلا عن عدم تأهل المصانع للمنافسة عالميا؟».

حسن سليمان، رئيس رابطة مصنعى السيارات، وصاحب شركة الأمل لتجارة السيارات، قال: حتى قطع غيار السيارات المحلية ارتفعت أسعارها لأنها تعتمد على مدخلات إنتاج مستوردة.

«انظر إلى أسعار الشكمانات والبطاريات والكراسى وضفائر الكهرباء.. جميعها ارتفعت، فضلا عن المكونات الأساسية لتجميع السيارات»، تابع سليمان.

وأضاف أن الموردين يرفعون أسعار المكملات بنسب تتراوح بين 20 و30% لأنهم يستوردون المواد الخام من الخارج، وهذا يستلزم عملة صعبة.

«لابد من توسيع نطاق التعاون بين الحكومة ومصنعى السيارات لرفع معدلات نمو قطاع صناعة السيارات فى مصر وتسهيل إجراءات التأجير التمويلى فضلا عن تسهيل إجراءات القروض البنكية»، يقول رئيس رابطة مصنعى السيارات.

أما رءوف غبور، رئيس شركة «جى بى أوتو»، فقد شدد على أهمية التنسيق بين وزارة التجارة والصناعة وبين المنتجين فيما يتعلق بتطوير منظومة صناعة السيارات ومكوناتها محليا.

«القطاع حيوى ويستوعب استثمارات ضخمة ولابد من إيجاد حلول عاجلة لتدبير العملة الأجنبية اللازمة لتسيير عجلة الإنتاج بما يتناسب مع حجم أعمال شركات السيارات»، أضاف غبور.

من جهته، طالب حسن مصطفى المدير التنفيذى لرابطة مصنعى السيارات، بضرورة قيام الحكومة بوضع مخطط متكامل لإنشاء منطقة صناعية للسيارات ومكوناتها بمنطقة محور تنمية قناة السويس مع وضع جميع الحوافز الممكنة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى