الأخبار

أول ورقة للإصلاح الإدارى بعد التعديل الوزارى

ينفرد موقع “مبتدا” بنشر ورقة بحثية تتبناها وزارة التخطيط، بهدف الإصلاح الإدارى للهياكل الإدارية للمحليات فى المحافظات، وقد يتناسى البعض أن وزارة التخطيط هى أحد الوزارات المعنية بهذا الدور، فالاسم الرسمى للوزارة هو وزارة التخطيط والإصلاح الادارى.

لذلك صدر خطاب تكليف الدكتورة هالة السعيد وزيرة للتخطيط والإصلاح الإدارى، وكذلك تم تكليف الدكتور صلاح عبد الرحمن أحمد، نائباً لوزيرة التخطيط للإصلاح الإدارى.

ولا يخفى على أحد محاولة الحكومة المستمرة فى مواجهة الفساد والإصلاح الإدارى للهياكل الحكومية التى أصبح بعضها عبئاً على الدولة فى تحقيق خطط التنمية وزيادة معدلات الإنتاج، لمواجهة التحديات الاقتصادية نتيجة الزيادة السكانية المستمرة.

لذلك تتبنى وزارة التخطيط والإصلاح الإدارى، تصوراً جديداً يعتبر ثورة فى الإصلاح الإدارى فى تاريخ مصر، مبنىا على مبدأ أن رضا المواطن يبدأ من المحليات، وتم اختيار الإصلاح المباشر لمنظومة المحليات، لأنها الجهات الإدارية المسؤولة عن التعامل بشكل مباشر مع المواطن.

حيث يعتبر الموظف الذى يقدم الخدمة للمواطن هو ممثل الحكومة بجميع أجهزتها أمام المواطن، ولذلك يبنى المواطن البسيط انطباعاته عن نجاح أو فشل أى إدارة حكومية من خلال تعامله المباشر مع المواطن، والمحليات مليئة بكثير من التجاوزات التى تحدث يومياً بداية من تعطيل الدورة المستندية سواء بقصد أو عن جهل، ومحاولات ابتزاز المواطنين لإنهاء إجراءاتهم بشكل أسهل، والتحجج بالروتين والبيروقراطية التى تعطل أبسط مصالح للمواطنين، خصوصاً الراغبين فى الحصول على مستندات حكومية، من جميع الإدارات المحلية.

وتتسبب الإدارات المحلية الخدمية مثل مديريات الإسكان والزراعة والتموين وغيرها من الإدارات خصوصا الخدمية، فى إعطاء انطباع سيئ عن أداء الحكومة بشكل عام، بسبب غياب الرقابة المباشرة على أداء الموظفين وتقييمهم بشكل صحيح.

وكثيرا ما يستسلم المواطن لابتزاز الموظف الفساد أو الكسول، لأنه لا يعرف آلية واضحة يستطيع من خلالها التظلم من أداء الموظف الذى قد يتعمد تعطيل مصالحة أو يقوم بابتزازه أو يطلب مستندات مبالغا فيها وليست فى اختصاصه من باب التعقيد وفقط وبحجة الحفاظ على دولاب العمل.

وتعتمد الدراسة القانونية التى تبنتها وزارة التخطيط على تفعيل دور النيابة الإدارية من خلال محورين، الأول يعتمد على إصدار كل إدارة محلية قائمة واضحة ومحددة بكل المستندات والخطوات التى يجب اتباعها من قبل المواطنين للحصول على أى مستند حكومى أو خدمة، وأن يتم إعلان هذه القائمة للمواطنين، وفى المقابل يكون هناك مكتب خاص للنيابة الإدارية داخل الإدارات المحلية، يكون دور هذا المكتب تلقى شكاوى المواطن فى حالة تعرضه لأى تعطيل أو ابتزاز من قبل الموظفين المعنيين بتقديم الخدمة.

وتقوم هذه المكاتب التابعة للنيابة الإدارية بممارسة اختصاصها وصلاحياتها فى تقييم الشكاوى المقدمة لها، والتحقيق فيما يحتاج للتحقيق منها، وتقوم النيابة الإدارية بتقديم تقارير تقييم أداء للموظفين، سواء بأن الموظف تدور حوله شبهة فساد، أو أنه ضعيف إداريا ويحتاج للتدريب والمتابعة، أو كسول ومتراخ فى القيام بالمهام المسندة إليه.

وتقدم هذه التقارير لقيادات الإدارات المحلية لمساعدتهم اختصاصاتهم وهو تقييم الموظفين، وتحدى الأكفأ والأقدر للحصول على مكافآت مالية أو ترقيات، وتنقية الجهاز الإدارى للمحليات من الموظفين الذين يسيئون لها، وتعيين الموظفين الأقدر على إنهاء مصالح المواطنين، بشكل يشعر المواطن بالرضا عن أداء الحكومة.

«نص الدراسة القانونية»

الإدارة المحلية فى الدستور

أفرد الدستور الجديد لمصر لنظام الإدارة المحلية فصلا كاملا هو الفصل الرابع من الدستور ضم عشر مواد تتعلق جميعها بنظام الإدارة المحلية على عكس الدساتير السابقة.

وظلت الإدارة المحلية خلال العقود الماضية لا تقدم الخدمات المنوطة بها إلى المواطنين الراغبين فى هذه الخدمة بوصفها أكثر الجهات احتكاكا بهم فجميع المواطنين لا بد وأن يكون لهم احتكاك مباشر أو غير مباشر بالإدارة المحلية لأداء مصالحهم وجميعها مصالح ضرورية مما دفع الكثير ممن يتعامل معها إلى تحقيق مصالحهم بطرق غير قانونية مما رسخ فى اعتقاد الناس أن المحليات هى أكثر الجهات فسادًا.

مواجهة المركزية

والحقيقة أن تجارب الدول الناهضة تعلمنا أن اللامركزية اليوم أصبحت ضرورة تنموية وسياسية لأنها طريق تعبئة الموارد المحلية كما أنها طريق توسيع المشاركة المحلية وتدعم ممارسة الديمقراطية، وأن من شأن هذا رفع كفاءة الأجهزة الحكومية وتحسين علاقتها بالمواطن، مما يجعل الحكومة أكثر استجابة لمشاكلهم ولا نبالغ فى القول إن عدم تطبيق اللامركزية فى مصر هى أحد الأسباب الرئيسية لأحداث 25 يناير.

فالمواطن لا يبغى من علاقته بالإدارة المحلية سوى أداء الخدمة له فى سهولة ويسر حتى يتولد لديه الشعور بالرضا مما ينعكس أثره عن رضائه عن أداء الحكومة أما إذا تبدد لديه هذا الشعور ينعكس على عدم الرضا عن أداء الحكومة وهو ما يدفعه إلى البحث عن طرق أخرى لأداء مصالحه وهو ما يولد لديه الاعتقاد بفساد الإدارة المحلية.

إن هدف الإدارة المحلية الأساسى فى جميع دول العالم هو الرضا الشعبى من المتعاملين معها فإذا ما غاب هذا الرضا فإن عملها يوصم بالفساد وهى مشكلة يعانى فيها السواد الأعظم من المتعاملين مع الإدارة المحلية فكيف إذن يحقق الرضا الشعبى من عمل الإدارة المحلية وفى ذات الوقت نكافح الفساد فى الإدارة المحلية؟

محاولات سابقة للإصلاح

هذا وقد باءت جميع هذه المحاولات بالفشل نظرا لتشبث الحكومة بسلطتها المركزية وإن كانت هناك محاولة أخيرة بعد 25 يناير سنة 2011 فى شكل تعديل لقانون الإدارة المحلية بمرسوم صادر من المجلس العسكرى يتضمن إنشاء إدارة مركزية لمكافحة الفساد فى الوحدات المحلية وكان العنوان كفيلا بفشلها لا سيما وأنها تتبع السلطة المركزية وقد عقدت حولها ورش عمل من كافة المتخصصين لتقديم رؤيتهم لمثل هذه اللجنة أو الإدارة والهيكل التنظيمى لها واختصاصاتها ولم تصل إلى شىء وانتهت إلى ما انتهت عليه سابقتها.

صلاحيات النيابة الإدارية فى مواجهة الفساد

والحقيقة أن الذى يستطيع القيام بهذا الدور هو هيئة النيابة الإدارية بوصفها هيئة قضائية مستقلة حسبما ينص على ذلك فى الدستور الجديد فهذه الهيئة هى المنوط بها مكافحة الفساد الإدارى والمحافظة على هيبة ووقار الوظيفة العامة.

وعلى الرغم من أن دور هيئة النيابة الإدارية قد اقتصر على التحقيق فى المخالفات الإدارية بعد وقوعها دون أدنى دور قبل وقوع المخالفة إلا أن الدور الجديد فى ظل الجمهورية الثانية ودستورها الجديد يجب تطويره بحيث يستوعب مكافحة الجريمة الإدارية قبل وقوعها وهو ما اسميه بالنيابة الإدارية الوقائية.

آليات مواجهة الفساد فى المحليات

آلية قيام هذه المنظومة فى مجال الإدارة المحلية لا تكلف الدولة آى أعباء مادية حيث يقوم وزير الإدارة المحلية بمخاطبة المحافظين بتوفير الأماكن المناسبة فى كل وحدة محلية لتكون مكانًا مناسبًا لأعضاء النيابة الإدارية وذلك بعد التنسيق مع المستشار رئيس هيئة النيابة الإدارية والذى يبدأ دوره فى هذه المنظومة بإصدار قرار بتوزيع أعضاء النيابة الإدارية على هذه الأماكن شريطة ألا تقل درجته عن وكيل نيابة وأن يكون ذا خبرة فى مجال الإدارة المحلية.

ويحدد القرار عدد الأعضاء حسب الكثافة السكانية فى الوحدة المحلية وضرورة أن يشمل القرار الصادر من رئيس هيئة النيابة الإدارية تحديد الاختصاصات وآلية العمل التى تتضمن قيد الشكاوى فى سجل خاص يتضمن اسم الشاكى واسم الموظف المشكو فى حقه والإدارة التى يعمل بها وموضوعًا ملخصًا عن سبب الشكوى وتدون هذه البيانات بواسطة سكرتير النيابة الذى يقوم بمجرد قيدها بعرضها على وكيل النيابة واستدعاء الموظف المشكو فى حقه لسؤاله شفويا فى موضوع الشكوى فإذا كان الشاكى محقا فى شكواه يُجاب إلى طلبه فورا وتؤدى له الخدمة وأما إذا كان غير محق فى طلبه لأسباب تتعلق به أى الشاكى بأن كانت الأوراق غير مستوفاة مثلا يقوم بإخطار المواطن بذلك ومن هنا يتولد لدى المواطن الشعور بالرضا لأن الإجابة جاءته من عضو هيئة قضائية يقف على الحياد بين هذا وذاك.

آليات متابعة وتقييم أداء الموظفين

يجب أن يتضمن القرار بأن تختص النيابة الإدارية الوقائية بكتابة تقرير شهرى يوضح فيه عدد الشكاوى التى وردت فى حق كل إدارة من الإدارات واسم الموظف المشكو فى حقه وبيان ما إذا كانت الشكوى موضوعية أو كيدية بحيث يكون هذا التقرير مرآة لسير العمل فى كل إدارة من إدارات الوحدة محلية بحيث يسير خط الرضاء الشعبى من إدارة المحليات متوازيا مع خط مكافحة الفساد ويرسل هذا التقرير إلى محافظ الإقليم.

ولن تقتصر الفوائد من تفعيل النيابة الإدارية الوقائية على الرضا الشعبى ومكافحة فحسب فإن دورها سيقلل القضايا المرفوعة على الدولة بنسبة 80% من الجرائم الإدارية قليلة القيمة، فضلا عن توفير الوقت والجهد على الموظف الذى يذهب إلى النيابة الإدارية فى شكاوى كيدية والتخفيف عن كاهل القضاء.

 

مبتدا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى