اخبار عالمية

مصر المفتاح الكبير لبناء مجتمع “صيني – إفريقي” مشترك

 

دخلت العلاقات بين الصين وإفريقيا، مرحلة جديدة من التعاون المشترك من خلال مبادرة الحزام والطريق التي تجمع بكين مع مختلف دول القارة وفي مقدمتها مصر، وذلك بعد افتتاح المعهد الصيني الإفريقي في بكين صباح اليوم الثلاثاء، وقد أرسل شي جين بينج رئيس البلاد والأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي رسالة تهنئة بهذه المناسبة

وقال شي جين بـينج في خطاب أرسله إلى مسئولي المركز، إن العالم الحالي يمر بتغييرات جذرية، وفي ظل الظروف الجديدة ، تحتاج الصين وإفريقيا ، كأكبر دولة نامية وقارة تضم معظم البلدان النامية ، إلى تعزيز التعلم المتبادل بين الحضارات ، الذي لن يفيد الشعوب في الصين وإفريقيا فحسب ، بل سيسهم أيضًا وأضاف السلام العالمي والتنمية.

وأكد شي أن الصين والدول الإفريقية قررت تنفيذ ثماني مبادرات رئيسية، واتفقا على بناء مجتمع صيني – إفريقي أقوى يتمتع بمستقبل مشترك في قمة بكين لعام 2018، لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي “فوكاك”، معربًا عن أمله فى أن يقدم المعهد إسهامات كبيرة للعلاقات الصينية – الإفريقية.

مصر بوابة الصين نحو إفريقيا
ولعله من حسن الطالع، أنه بينما كان الصينيون يحتلفون بأعياد الربيع مطلع شهر فبراير الماضي، تولت مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي، بعد أن عادت القارة السمراء إلى محور اهتمام السياسة المصرية، وهو الأمر الذي جعل الصين تتخذ من مصر البوابة الكبرى للدخول إلى القارة السمراء ليس فقط بسبب ترأسها الاتحاد في دورته الحالية، ولكن لارتباطها بعدة اتفاقيات تجارية مع دول القارة تسهل مرور البضائع الصينية بدون جمارك مرهقة.

وكان ذلك واضحًا في حديث المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانج، الذي قال فى الرابع من يناير 2019، إن الصين مستعدة لتعزيز التواصل والتنسيق الثنائى والمتعدد الأطراف مع مصر التى ترأس الاتحاد الإفريقى فى العام الحالي، لدفع قضية السلام والتنمية فى إفريقيا بشكل مشترك.

كما أنه فى الفترة من الثانى إلى السادس من يناير 2019، قام وزير خارجية الصين وانج يى بزيارة أربع دول إفريقية هى إثيوبيا وبوركينا فاسو وجامبيا والسنغال، إضافة إلى مقر المفوضية الإفريقية فى أديس أبابا، وخلال جولته الإفريقية، بحث وانج مع القادة الأفارقة سبل تعزيز تنفيذ خطة العمل التى تبنّتها قمة منتدى التعاون الصيني- الإفريقي “فوكاك”، التى عقدت فى بكين فى سبتمبر 2018، فضلا عن إصرار بكين على توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور منتدى طريق الحرير للتعاون الدولي المقررعقده نهاية الشهر الحالي، سلمها له نائب الرئيس الصيني وقت زيارته القاهرة مطلع فبراير الماضي، ضمن دعوات قليلة وجهتها بكين إلى رؤساء وزعماء دول العالم.

علاقات تاريخية
جدير بالذكر أن العلاقات الصينية – الإفريقية، ليست وليدة اللحظة بل لها جذور ممتدة وضاربة في التاريخ القديم والحديث فضلا عن المعاصر، إلاّ أنّ هذه العلاقات كانت تمر بمراحل وبمحطات مختلفة تحدّد نوعيتها وطبيعتها.

وتذكر المصادر أن العلاقات بين الصين وإفريقيا ازدهرت في مرحلة محاربة الاستعمار الأوروربي الّذي أذاق الطرفين الأمرّين، إلاّ أن هذه العلاقات أخذت الشكل الّذي هي عليه اليوم ابتداء من عام 2000م وذلك عندما تمت انطلاقة منتدى التعاون الصيني الإفريقي لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين والبلدان الإفريقية، وبذلك أصبحت الصين أكبر شريك تجاري مع إفريقيا منذ 2009م وحتّى الآن.

أكبر شريك تجاري مع إفريقيا
فيما قال وانج يي وزير خارجية الصين في تصريحات سابقة، إن الصين وإفريقيا حققتا المزيد من المكاسب نتيجة تعاونهما المربح للجانبين، مشيرا إلى أن الصين حافظت على موقعها كأكبر شريك تجارى لإفريقيا لتسع سنوات متتالية باستثمارات إجمالية تجاوزت 110 مليارات دولار فى القارة الإفريقية، مشيرًا إلى أن الجانبين يعملان باستمرار على تحسين نوعية وكفاءة التعاون التجاري والاقتصادي الثنائي من خلال تحويل تعاونهما من تعاون مدعوم وموجه من الحكومات إلى تعاون مرتبط بالسوق.

ولفت وانج يى إلى أنه فى السنوات الثلاث الماضية، قدمت الصين أكثر من 20 ألف منحة دراسية حكومية فضلا عن أنه فى كل عام كان هناك أكثر من مليون سائح صينى يزورون إفريقيا، حيث توجد 30 دولة إفريقية على قائمة الوجهات الخارجية للسياح الصينيين.

ونوه بأن إفريقيا والصين عززتا التعاون الأمني، وأن بكين تدعم الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقى لمعالجة مختلف القضايا بشكل مستقل، وتؤيد أيضا إنشاء قوة إفريقية للاستجابة الفورية للأزمات فضلا عن أن الصين تعد حاليا أكبر مساهم فى قوات حفظ السلام فى إفريقيا بين الأعضاء الخمسة الدائمين فى مجلس الأمن الدولى حيث يوجد أكثر من 2000 من قوات حفظ السلام الصينية فى مناطق الصراع عبر القارة.

وأكد لي تشنغ ون أن العلاقات الصينية الإفريقية ستدخل مرحلة جديدة بفضل قوة الدفع التي وفرتها القمة، وقال :”ستتشابك أيدي الشعب الصيني والشعوب الإفريقية بقوة أكبر وستتقارب قلوبهم أكثر”.

تحركات السيسي متوافقة مع توجهات بكين
وقال حسين إسماعيل الباحث الخبير فى الشئون الصينية، إن الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه السلطة فى مصر عام 2014 حتى نهاية عام 2018 زار 21 دولة إفريقية، وفى نفس الفترة، زار الصين خمس مرات، كان آخرها خلال مشاركته فى قمة منتدى التعاون الصيني- الإفريقى فى بكين فى سبتمبر 2018.

وأضاف أنه مما لا شك فيه أن مصر تمثل مكونا هاما فى بناء مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، كونها تعد نقطة الالتقاء بين طريق الحرير البحرى وطريق الحرير البري، ومن هنا فإن المشروعات التى تم تنفيذها أو يجرى العمل فيها، ومنها قناة السويس الجديدة والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وميناء سوميد ومدينة الجلالة، وغيرها، عناصر مكملة وأساسية للمبادرة الصينية.

مصر والصين تحترمان رغبات الأفارقة
ولفت حسين إسماعيل، إلى أن مصر والصين تؤمنان بضرورة احترام اختيارات الأفارقة لنهج التنمية الملائم لهم، من دون فرض رؤى معينة، وأنه على مدار سنوات عديدة أرسلت الدولتان فرقا طبية لمساعدة الإفارقة فى مكافحة الأوبئة وخبراء فى الزراعة والري، وقدمتا الدعم المالى والفنى فى تطوير البنى التحتية الإفريقية.

60 مليار دولار
وأشار إلى أن الصين نفذت ما وعدت به من التزامات، حيث أنفقت 60 مليار دولار منذ عام 2015 حتى الآن على تطوير البنية التحتية بالدول الإفريقية، من خلال برامج التعاون العشرة بمد شبكات الطرق السريعة وخطوط السكك الحديدية وبناء المطارات والموانى البحرية والمجمّعات الصناعية فى شتى أنحاء إفريقيا.

تعاون مصري – صيني في إفريقيا
وأكد أن الفرق الطبية الصينية والمراكز الثقافية ومعاهد كونفوشيوس، تعمل كمنصات رئيسية للتواصل من أجل تعزيز التفاهم بين الصين وإفريقيا، كما ينهض الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا بمهمة مشابهة، مشيرًا إلى أن هذا الصندوق الذى يعد الأداة الحكومية المصرية لتنسيق المساعدات الحكومية المصرية للتنمية وبرامج التعاون التنموية مع الدول الإفريقية، والذي تأسس فى عام 1980، ويعمل وفق صيغة تعاون الجنوب- الجنوب ويهدف إلى مساعدة دول القارة على تحقيق التنمية المستدامة عبر برامج التعاون الفنى والبرامج التدريبية لبناء قدرات الكوادر الإفريقية التى يقدمها لدول القارة فى مختلف المجالات، وفى مقدمتها الزراعة والصحة والتعليم والأمن والدبلوماسية والقضاء والإعلام، وكذلك المنح المالية خاصة فى مجالى الصحة والزراعة.

ولفت إلى أنه منذ نشأته، أوفد الصندوق أكثر من ثمانية آلاف وخمسمائة خبير للدول الإفريقية فى المجالات المختلفة، كما قام بتدريب نحو عشرة آلاف من الكوادر الإفريقية فى مصر، إلى جانب تقديم المنح المالية والمساعدات الإنسانية خاصة فى مواجهة الكوارث الطبيعية، فضلا عن إيفاد العديد من القوافل الطبية للدول الإفريقية.

وتزداد أهمية وجود مصر هذا العام، بسبب رئاستها للاتحاد الإفريقي فى أعقاب قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني- الإفريقي 2018، والتى أعلن فيها الرئيس شى جين بينج أن الشعب الصينى فى علاقته مع الدول الإفريقية، يلتزم بـ«خمسة لاءات»، وهي: لا يتدخل فى جهود الدول الإفريقية لاستكشاف الطرق التنموية التى تتناسب مع ظروفها الوطنية، ولا يتدخل فى الشئـون الداخلية الإفريقية، ولا يفرض إرادته على الآخرين؛ ولا يربط المساعدات لإفريقيا بأى شرط سياسي، ولا يسعى لكسب مصلحة سياسية لنفسه خلال الاستثمار والتمويل فى إفريقيا.

وختم الباحث في الشئون الصينية حديثه، قائلا إنه فى منتدى «إفريقيا 2018»، الذى عقد فى مدينة شرم الشيخ المصرية، أعلن الرئيس السيسى أن مصر ستنشئ صندوق تأمين ضد المخاطر لتشجيع رجال الأعمال المصريين للاستثمار فى بلدان إفريقية أخرى، وقالإنه سيكون تحسين البنية التحتية الإفريقية والتركيز الواضح على التنمية محور جدول الأعمال خلال رئاسة مصر الاتحاد الإفريقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى