الأخبار

تضارب المواقف الرسمية يكشف ارتباك السلطات

 

111

 

عتبر محللون أن تضارب تصريحات وزارة الخارجية السودانية حول اطلاق سراح السيدة التي حكم عليها بالاعدام بتهمة الردة عن الاسلام، يكشف ارتباك السلطات السودانية ازاء هذه المسألة.

ولم يستبعد المحللون وجود ضغوط من جماعات دينية متشددة دفعت وزارة الخارجية الى التراجع عن تصريحات وكيلها. وكان وكيل وزارة الخارجية عبدالله الازرق قال لوكالة فرانس برس واجهزة اعلام دولية اخرى السبت الماضي انه “سيتم الافراج عن السيدة خلال الايام المقبلة عبر اجراءات قانونية من خلال السلطة القضائية ووزارة العدل”.

لكن الوزارة عادت ونفت الاحد حديث وكيلها عبر بيان صدر من المتحدث باسمها، وارسل الى اجهزة الاعلام الدولية والمحلية. جاء في بيان الخارجية “تداولت وسائل إعلامية خارجية وداخلية تصريحاً منسوبًا إلى السيد وكيل وزارة الخارجية السفير عبدالله حمد الأزرق، مفاده أنه سيتم إطلاق سراح المواطنة السودانية المدانة بالردة خلال الأيام القليلة المقبلة. وترجو وزارة الخارجية أن توضح أن السيد الوكيل لم يدل بتصريح كهذا”.

يذكر ان محكمة في منطقة الحاج يوسف شرق العاصمة الخرطوم ادانت مريم ابراهيم اسحق بالردة عن الإسلام وفقا لقوانين الشريعة الاسلامية التي يطبقها السودان منذ العام 1983.  واصدرت المحكمة قرارا بالاعدام شنقاً حتى الموت بحق اسحق، اضافة إلى الجلد مئة جلدة بتهمة ممارسة الزنا جراء زواجها من رجل مسيحي في ظل القوانين الاسلامية في السودان، التي تحظر على المرأة المسلمة الزواج بغير المسلم.

ووجّه الحكم بموجة واسعة من الادانات على المستوى الدولي، ووصفه رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون بانه “همجي”.وبحسب المحلل السياسي خالد التجاني النور، فان اضطراب مواقف الخارجية السودانية يعود بالاساس إلى اضطراب سياسات الدولة بالكامل. ولم يستبعد ان تحاول الخارجية ارضاء اطراف داخلية لا تؤيدها في مواقفها.

وقال النور ان “الخارجية السودانية مثل الذي يسير في حقل الغام، تحاول استرضاء اطراف كثيرة، ونتيجة للسير في حقل الالغام هذا تحدث ارتدادات تظهر في تغيرها لبعض المواقف”. واضاف النور “قطعا هناك مجموعات دينية متشددة تضغط على الحكومة في موضوع مريم اسحق”.

وتابع “في الوقت عينه هناك ضغط خارجي اكبر مظاهره ما صدر من رئيس الحكومة البريطانية، ومع ازدياد هذا الضغط الخارجي، لا استبعد ان تكون الحكومة ارادت حل الموضوع، واطلاق سراح السيدة، وعلى اثر ذلك صدر تصريح وكيل الوزارة”.

واتفق مصدر حكومي مع المحلل السياسي بانه كانت لدى الحكومة نية لاطلاق سراح مريم وطيّ صفحة تلك القضية. وقال المصدر، الذي شدد على عدم ذكر اسمه، “كانت هناك مبادرة من جهات في الحكومة لحل القضية بعد صدور تصريحات من جهات دولية  تستهجن الامر، لكن ما قاله الوكيل ادى إلى تسرب المبادرة لاجهزة الاعلام، الامر الذي اظهر الحكومة كانها تتدخل في احكام القضاء”.

واضاف انه لذلك “حاولت الخارجية تدارك الامر”، مشيرا الى انه “قطعا هناك جهات داخلية لم يرضها حديث وكيل الخارجية”.
لكن دبلوماسيا سابقا في الخارجية السودانية فرّق بين الموظفين الدبلوماسيين الذين يستجيبون لضغوط جهات خارج الوزارة وآخرين لا يرضخون لتلك الضغوط، التي لم يستبعد وجودها.

وقال الرشيد ابو شامه، الدبلوماسي السابق في الخارجية، “لا اعتقد ان الدبلوماسيين المحترفين يمكن ان يستجيبوا لضغوط من جهات خارج اطار الوزارة لتغيير مواقف تم التعبير عنها”. ولفت الى ان “الذين يستجيبون هم الذين تعينوا على اساس سياسي في وظائف دبلوماسية، وهؤلاء انطلاقا من تسييسهم يعتقدون انهم خارج الاطر وفوقها، ولذلك تصدر منهم التصريحات التي تعبّر عن الاضطراب في المواقف”.

واضاف ابو شامه ان “الاضطراب في المواقف يعود اجمالًا إلى اضطراب في الدولة ومواقفها، وهذا يؤيد الى صدور الكثير من التصريحات العشوائية، حتى ان البعض يعبر عن قضايا ليست من اختصاصه”. وتابع “حسب علمي ان وكيل الخارجية هذا موجود خارج البلاد في اجازة مرضية، فكيف يتحدث في امر قانوني تفصل فيه المحكمة”.

وكان احد محامي مريم اكد لفرانس برس السبت انه لا يحق لاي جهة الغاء قرار المحكمة بحسب القانون السوداني، معللا ذلك بان مريم حكم عليها وفقا لجريمة ردة يمنع القانون السوداني اي جهة بالعفو عن مرتكبها سوى بقرار من محكمة اعلى.  واضاف المحامي مهند مصطفى انه “ولا حتى رئيس الجمهورية يحق له الغاء قرار المحكمة لانها ادينت بارتكاب جريمة حدية”، مؤكدا ان ملف القضية اصبح لدى محكمة الاستئناف التي لا يعرف احد متى سيصدر قرارها.

وانجبت مريم الثلاثاء الماضي طفلة في سجن النساء في ام درمان المدينة التؤام للعاصمة الخرطوم. ونشر الدبلوماسي والمتحدث السابق باسم الخارجية السودانية جمال محمد ابراهيم في صحيفة الرأي العام القريبة من الحزب الحاكم مقالا جاء فيه ان “تصريحات وزارة الخارجية تخرج في شكل بيانات مكتوبة، وتاتي كرد فعل على ما سبق ان اثير في الاعلام الداخلي او الخارجي. وذلك لا يساعد على اعطاء المصداقية للصوت الرسمي المعبّر عن سياسة الدولة

 

 

 

 

أيلاف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى