الأخبار

دفع مصروفات الجامعات بـ«الإسترلينى»

 

69

استقبلت مصر أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين بسبب الحرب الأهلية المشتعلة منذ ٤ سنوات، كانت نتيجتها دفع آلاف الأسر السورية إلى الخروج من وطنهم، متجهين إلى دول مجاورة وقريبة من بينها مصر. من حلب السورية جاءت عائلة «كوثر حسين»، ٣٠ عاماً، إلى مصر، واتخذت من مدينة الإسكندرية سكناً لها.

كان هدف كوثر وزوجها عند الوصول إلى مصر عام ٢٠١٣، هو ضمان الأمان لأطفالهما، ووجدت كوثر فرصة سانحة لتحقيق حلمها فى الحصول على الدكتوراه فى الأدب العربى، لتكون «جاهزة لبناء مستقبل جديد فى سوريا» عقب انتهاء الصراع الدائر. حصلت كوثر على ليسانس الآداب من قسم اللغة العربية بجامعة حلب، وتقدمت لاستكمال الدراسات العليا بكلية الآداب جامعة الإسكندرية قسم اللغة العربية. شجعها على ذلك ما أكدته لها إدارة الكلية بوجود قرار صادر من الرئيس السابق، عدلى منصور، ينص على معاملة الطلاب السوريين معاملة المصريين فى مرحلتى الليسانس والدراسات العليا للعام الدراسى ٢٠١٣- ٢٠١٤.

حالة كوثر تنطبق على ٤٠١ طالب سورى على الأقل، مسجلين بالدراسات العليا بجميع الكليات والجامعات المصرية، طبقا لبيانات إدارة الوافدين بوزارة التعليم العالى. سجلوا جميعهم للدراسات العليا فى ظل قرار عدلى منصور، المجدد لقرار الرئيس الأسبق محمد مرسى بمعاملة السوريين كالمصريين فى مرحلتى الدراسة الجامعية والدراسات العليا. وجميعهم فوجئوا بقرار جامعاتهم بإيقاف العمل بالقرار الرئاسى وبدء تحصيل المصروفات الدراسية منهم بالجنيه الإسترلينى. بعد قرار من المجلس الأعلى للجامعات بمعاملتهم معاملة الطلاب الوافدين. بالإضافة إلى ذلك قررت كل جامعة أن تضع لنفسها منهجاً خاصاً فى تفسير قرار الأعلى للجامعات وتنفيذه.

استطاعت الباحثة السورية كوثر حسين خلال أشهر من أن تنتهى من معادلة درجة الليسانس وإنهاء السنة التمهيدية للماجستير، وخلال ذلك طُبّق عليها قرار الرئيس السابق، وجرت معاملتها معاملة الطالب المصرى فى كل شىء، بما فى ذلك المصروفات الدراسية. «دفعت ٢٠٠٠ جنيه مصاريف التمهيدى مثل الطالب المصرى، وقبلها سددت مصاريف معادلة الشهادة الجامعية بموجب ٢٠٠ جنيه لكل مادة. وسجلت بعد دفع مصاريف العام الأول من الماجستير، بعد الموافقة على خطة البحث، مثل أى طالب مصرى، وسجلت فى نظام الساعات المعتمدة وتمكنت من إنهاء بحثى منذ شهر. وبدأت بالفعل فى إجراءات تشكيل لجنة للمناقشة، لكنى فوجئت بعد تشكيل اللجنة بأن إدارة الكلية لن تسمح لى بمناقشة الماجستير إلا بعد سداد ٢٢٠٠ جنيه إسترلينى كمصاريف الماجستير، وهذا المبلغ كبير جداً ولا أمتلكه».

أضافت كوثر «حاولت أن أنهى البحث فى عام واحد حتى أنتهى من الدراسة وأُكمل الدكتوراه، وكنت متفائلة جدًا بقرار مساواتنا بالطلاب المصريين، إلا أنى فوجئت بأن إدارة الكلية تطالبنى بدفع المصروفات كوافدة، وأكدوا أننى إن لم أسدد المصروفات التى طلبوها بالإسترلينى، فلن أتمكن من مناقشة الماجستير وسيذهب مجهودى هباءً».

توضح أنها حاولت معرفة وضع طلاب الدراسات العليا السوريين من إدارة الجامعة، إلا أنها فوجئت بأن الإداريين أنفسهم فوجئوا بقرار المجلس الأعلى للجامعات بمعاملة طلاب الدراسات العليا السوريين معاملة الوافدين فى المصروفات، حتى أولئك الذين سجلوا فى عام ٢٠١٣- ٢٠١٤ الصادر فيه قرار الرئيس السابق عدلى منصور. تقول: «هناك فوضى فى القرارات المتعلقة بدراسة الطلاب السوريين المسجلين، ففى البداية يتم السماح لنا بالدراسة مثل المصريين، وفى منتصف العام يقررون تحويلنا إلى طلاب وافدين فى المعاملات الإدارية والمالية».

مثل كوثر حسين رفض ماجد محمد، الطالب السورى المسجل بمرحلة الدراسات العليا بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، نشر صورة له، وقال: «محدش عارف قرار واضح بخصوص حالتنا. كمان إحنا صعب ندفع بالإسترلينى، مصر عملت جميل معانا فنريد أن تكمله للآخر. إحنا طلاب علم عايزين نكمل الدراسة ونرجع نبنى سوريا».

جاء ماجد إلى مصر فى ٢٠١١، وفى ٢٠١٢ سجل للدراسات العليا فى ظل قرار الرئيس الأسبق محمد مرسى بمعاملة الطالب السورى مثل المصرى فى المصاريف. وبالفعل أنهى الماجستير وتقدم لإنهاء رسالة الدكتوراه فى ظل قرار الرئيس السابق عدلى منصور المجدد للعمل بقرار مرسى. إلا أنه بعد أن سداد مبلغ ٢٤٠٠ جنيه مصرى هى قيمة مصروفات التسجيل للفصل الأول، فوجئ بإدارة الدراسات العليا بالكلية تطالبه بتسديد مصاريف الفصل الدراسى الثانى بالجنيه الإسترلينى: «فوجئت أنى مطالب أدفع ٢٠٠٠ إسترلينى وهذا مبلغ كبير جدا، خاصة أن وضع السوريين سيئ جدا، وأيضا فى حال عدم تسديد المصاريف لن أتمكن من تجديد كارنيه الجامعة، ومن ثم لم أجدد الإقامة التى تنتهى فى آخر ديسمبر الحالى، مما يهدد وجودى فى مصر وهذا حال الكثير من السوريين الذين يعتمدون فى تجديد الإقامات على كونهم طلاب». وأضاف أن الطلاب السوريين لا يريدون إعفاءهم من المصاريف بشكل كامل، بل نريد أن ندفع إما مصاريف الطالب المصرى أو حتى مضاعفة المصاريف بالجنيه المصرى بقدر يتناسب مع وضع السوريين».

مع بداية العام الدراسى ٢٠١٣- ٢٠١٤ أعلن المجلس الأعلى للجامعات تفسيره للقرار الرئاسى بأنه لا يشمل طلبة الدراسات العليا. رغم أن القرار الرئاسى تحدث عن جميع الطلبة السوريين فى كافة مراحل الدراسة.

حصلت «المصرى اليوم» على خطابات صادرة من إدارة الشؤون الثقافية والبعثات بوزارة التعليم العالى، موجهة إلى جامعتى عين شمس والقاهرة، تفيد بأن تتم معاملة الطلاب السوريين بمرحلة الدراسات العليا نفس معاملة الطلاب المصريين فى المصاريف، وفى المقابل حصلت «المصرى اليوم» أيضاً على خطابات صادرة من الجهة نفسها تفيد بأن قرار المساواة لا يسرى فى العام الجامعى ٢٠١٣ -٢٠١٤. فى نفس الوقت إيصال سداد لأحد الطلاب السوريين صادر فى العام الدراسى الجارى، يفيد بأنه سدد المصروفات بالجنيه المصرى، فى ظل وجود قرار يلزمه بسداد المصروفات بالإسترلينى.

تعليقاً على هذا التضارب وهذه المخالفات، يؤكد الدكتور «أشرف حاتم»، الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات: «أنه لا يوجد قرار يقضى بمعاملة الطالب السورى معاملة الطالب المصرى فى مرحلة الدراسات العليا. وأن القرار السارى حالياً يقضى بمعاملتهم معاملة الطالب الوافد فى مرحلة الدراسات العليا».

يوضح حاتم أن الطالب المصرى يدفع مقابل الدراسات العليا، فمن غير المعقول إعفاء الطالب الوافد من المصاريف أو مساواته بالطالب المصرى، وأن هناك لائحة تقضى بألا تجرى معاملة أى طالب غير حامل للجنسية المصرية بمعاملة الطالب المصرى إلا بناء على اتفاقية موقعة بين مصر والبلد الذى يحمل جنسيته، بالإضافة إلى ذلك فالأماكن المتاحة للدراسات العليا فى الجامعات المصرية قليلة والأولوية للطلاب المصريين ثم الوافدين.

المصرى اليوم

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى