الأخبار

هل يختار مبارك «المنوفي» الخدمة في قسم الشرطة

 

32

 

لم يعد بمقدور الرئيس السابق حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال، سوى الاختيار ما بين أربعة أمور لا خامس لهم في مسألة مطالبته بدفع ورد الغرامات والأموال المطلوبة منه قضائياً، في أعقاب الحكم الصادر بتأييد سجنهم 3 سنوات ودفع 125 مليونًا و779 ألف جنيه، قيمة الغرامة الموقعة عليهم من محكمة الجنايات، وكذلك إلزامهم برد مبلغ وقدره 21 مليوناً و197 ألف جنيه، في قضية الاستيلاء على مخصصات القصور الرئاسية.

شهادة رسمية

الخيار الأول أمام مبارك ونجليه هو دفع تلك الأموال مباشرة من حساباتهم الشخصية، وثاني تلك الخيارات هو أن تقوم الأجهزة القضائية المختصة بالحجز على ممتلكاته ومصادرتها بموجب شهادة رسمية من المحكمة تفيد بالعقوبة المقررة عليه بدفع قيمة مخصصات القصور الرئاسية.

إن لم يدفع مبارك وولديه الأموال المطلوبة منه، يتبق أمامهم باقى خيارين اثنين، وهما إما أن يخدم في قسم الشرطة التابع له وهو ما يعرف بإسم “مصاريف القسم”، أو يتم حبسهم لمدة 90 يوماً نظير عدم سدادهم تلك المبالغ.

تخيل لو مبارك دخل القسم عشان يشتغل

“التحرير” تطرح عبر السطور المقبلة تقريراً تخيلياً يستعرض حال الرئيس السابق مبارك ونجليه ومواقفهم إذا ما اضطرتهم الظروف للخدمة في قسم الشرطة حال تعثرهم أو رفضهم لسداد المبالغ المستحة عليهم، فمن المعروف أن خدمة السجين فى قسم الشرطة تكون بمسح أرضياته وتنظيف غرفه بالإضافة إلى حجز القسم.

“أنا الريس يا بني ولا نسيت”

في العاشرة مساءً يأتي الضابط قائد الخدمة المكلف بتأمين مبارك، إلى غرفة مبارك، يدخل عليه هامساً في أذنيه “إنت اتعشيت يا ريس ولا لسة؟”، فيجيبه الأخير “لأ لسة مكلتش”، يجلس بعدها الضابط إلى جوار الرئيس حتى يتناول وجبة العشاء، ثم يهمس فى أذنه بكلمات صغيرة، ينظر بعدها مبارك ويحملق في عيني الضابط، وينهض مسرعاً من مقعده “إنت بتقول إيه؟ إنت شكلك اتجننت”، يحاول بعدها الضابط أن يهدأ من ورع الرئيس الذى ظل يردد: “أنا أروح أخدم في الأقسام.. أنا رئيس الجمهورية يا بني.. ولا نسيت”.

“مش هدفع فلوس يوروني هيعملوا إيه”

يحاول جاهداً الضابط أن يهدأ ثانيةً من نفسية الرئيس حتى يتقبل الأمر شارحاً له حقيقته وملابساته: “أنا هقول لسيادتك يا ريس الموضوع أن جالي إشارة على الجهاز وبعدها جالي موظف كبير من المحكمة بيقولي أن المفورض الريس يبدأ ينفذ مصاريف المحكمة فى قسم الشرطة، لأنه رفض دفع الأموال وغرامة القضية اللي كانوا بيتهموا سيادتك فيها”، ويكمل ضابط التأمين: “القضية يا ريس اللي مسمينها القصور الرئاسية دي.. بعد ما كل القضايا اللي عملوها لحضرتك باظت”، يصمت الرئيس برهة ويعاود حديثه “وهما عايزين إيه دلوقتى؟.. مش هدفع فلوس.. يوروني هيعملوا إيه؟”.

مبارك لم ينم سوى دقائق

مجدداً يحاول الضابط جاهداً أن يقنع الرئيس بالتعليمات التي وردت إليه، ويدور بينهما حوار خافت غير مسموع لمن بالغرفة، يهدأ مبارك ويجلس من جديد في سريره ويقضي ليلته حيران قلقاً لما سيدور معه فى الصباح الباكر، لم تغفل فيها عينه سوى بضع دقائق معدودة.

الرئيس السابق وقائد تأمينه

الساعة تشير إلى السابعة صباحاً.. قائد الخدمة المكلف بتأمين يدخل على الرئيس مبارك ويصطحبه إلى ديوان القسم التابع له والرئيس السابق يتلهف بشدة ويترقب ما ستسفر عنه ساعة أن تطأ قدماه ديوان قسم الشرطة.

المأمور: يا رب عدى اليومين دول على خير

يدخل مبارك إلى قسم الشرطة، ويستقبله مأمور القسم وعدد كبير من الضباط، ولسان حال المأمور يقول: “يا رب عدى اليومين الجايين دول على خير”، وينبه على الضباط والأمناء والأفراد بالقسم عدم مضايقة الرئيس وتأمينه بشكل كاف بجانب الخدمة المكلفة بتأمين حتى داخل القسم، تجنباً لأية مسائلات قانونية حال وقوع حالات شجار معه أو اعتداء أي من المحبوسين عليه، “لا قدر الله” .

الريس هنا في القسم

يسير الرئيس السابق مبارك في الطرقة المؤدية إلى نوبتجية القسم، ونظرات كل من يقابله من الضباط والعاملين بالقسم أو حتى من الجمهور العادي، لا تصدق حقيقة ما تراه أمامه، “يآآآآآه الريس مبارك هنا في القسم”.

يمهل ولا يهمل

يتلاسن بعض من الجمهور في أحاديثهم حول “مبارك”، قائلين: “سبحان الله يمهل ولا يهمل” ويتجمع المواطنون المتواجدون على وجه الصدفة داخل أروقة القسم فى حلقات نقاشية للحديث حول مشاهدتهم لـ”مبارك”، الرجل الذى حكم البلاد طيلة 30 عاماً لم يكون بمقدورهم حتى أن يمروا فقط خلالها من أمام القصر الجمهوري، الرجل الذي انهار عرشه وسقط في 18 يوماً خلال ثورة شعبية أطاحت بكل أحلام الرئيس وأفراد أسرته.

إيه اللي بيحصل هنا بالظبط

ضابط شرطة يدخل القسم ويستعد لاستلام خدمته ينظر حوله فيجد الرئيس مبارك أمامه فيعظم له “تمام يا فندم”، وبعدها يجد الأمور غير طبيعية داخل القسم شكلاً ومضموناً، خدمة مكثفة بالقسم حول شخص الرئيس السابق وناس متجمعين على غير العادة داخل القسم، ينظر الضابط فيجمع أفكاره من جديد ويخاطب نفسه: هو إيه اللي بيحصل بالظبط حد يفهمنى؟.. هو الريس بيعمل هنا إيه ؟، لحظات ويجد مأمور القسم بنفسه يسير إلى جانب ضباط يرتدون بدلاً فاخمة إلى جوار الرئيس السابق مبارك، يدرك الضابط أن الحادث جَلل، حتى يسأل أصدقائه الضباط: يا جماعة هو في إيه؟، فيجيبوه: “هو أنت متعرفش؟”، فيعادوا سؤاله مجدداً: لأ هو في إيه ومبارك بيعمل إيه هنا؟”، فيخبره أصدقائه بصوت خافت: “جاء يخدم في القسم عندنا عشان مدفعش الفلوس اللي عليه بتاعة قضية القصور الرئاسية”.

مبارك: يحمدوا ربنا لغاية كدة أوى

يجلس مبارك في منتصف القسم ويخاطب من حوله: “أنا خلاص جيت القسم زي ما هما عايزين لكن مش همسك مقشة ولا هعمل حاجة خاااالص.. يحمدوا ربنا لغاية كده أوي”، يتدارك حينها المحبوسين بالقسم أن الرئيس السابق محمد حسني مبارك، “جاء للقسم كي يخدم فيه”، ويردد المحابيس: “حتى الريس كان جاي يشتغل في القسم زينا.. يآآآآه.. الدنيا ضيقة أوي يا جماعة”، ويعلق محبوس ثاني” فعلاً ده كده فعلاً صغيرة أوي أوي”.

الجمهور: يعز من يشاء ويذل من يشاء

أقاويل وأحاديث يرددها الحضور بالقسم من الجمهور العادي، الذي لا يعرف معنى الخدمة في أقسام الشرطة، يسألوا فيعرفوا الحقيقة فيعلقون في نفس واحد “سبحان الله.. يعز من يشاء ويزل من يشاء.. صدق المولى عز وجل”.

مبارك لضباطه: أتأخرت على الجاكوزي.. وضابط: آسفين يا ريس

السيناريو الذي تطرحه “التحرير” يتوقف عند هذا الحد، إذ يرفض مبارك أن يفعل ما هو متبع أثناء خدمته بقسم الشرطة، وهو ما يعرف باسم “مصاريف القسم”، وينصرف الرئيس السابق حسني مبارك، إلى حيث أتى، مستشفى المعادي العسكري: “أنا أتأخرت على معاد الجاكوزي بتاعي”، فيرد الضباط عليه: “إحنا آسفين يا ريس.. غصب عننا دي تعليمات”.

وكانت حالة من الجدل قد أثيرت حول طريقة تسديد الغرامة الموقعة على الرئيس السابق محمد حسني بموجب حكم محكمة النقض الصادر أمس، الأحد، واختلفت الرؤى حول الطريقة التي سيسدد بها مبارك الأموال المطلوبة منه إلى الدولة.

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى